الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعجم الصوفي
المؤلف/ المشرف:
محمود عبدالرازق
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار ماجد عسيري - جدة ̈الأولى
سنة الطبع:
1425هـ
تصنيف رئيس:
معاجم وموسوعات
تصنيف فرعي:
تصوف - صوفية
نتائج البحث وأهم التوصيات
أولا: نتائج البحث.
من خلال ما ورد في هذه الرسالة بجانبيها النظري والمعجمي يمكن أن نصل إلى بعض النتائج الآتية:
1 -
تبين لنا من خلال الدراسة الإحصائية التطبيقية للمصطلحات الصوفية أن الجانب الأصيل من حيث النسبة إلى القرآن والسنة أكبر بكثير من الجوانب الأخرى التي لحقت بالتصوف ولا أصل لها، فقد بلغ مجموع الاصطلاحات الصوفية ذات الأصول القرآنية والنبوية في هذه الرسالة مائة وأربعة وعشرين مصطلحا، من مصطلح الأبد إلى مصطلح اليقين، لها جميعها أصول قرآنية أو نبوية تؤيد المعنى الصوفي في مرحلته الأولى وجانبا من الثانية، كما بلغ عدد هذه المصطلحات مع مداخلها الفرعية والعامة ثلاثمائة وتسعة وثلاثين مصطلحا، في حين بلغ مجموع الاصطلاحات الصوفية ذات الألفاظ القرآنية والنبوية في هذه الرسالة من مصطلح الإحرام إلى مصطلح يوم الجمعة تسعة وتسعين مصطلحا، لهم أصول قرآنية أو نبوية من جهة اللفظ دون المعنى، كما بلغ عدد هذه المصطلحات مع مداخلها الفرعية والعامة مائة وثلاثة وستين مصطلحا، وهذا يعني أن جملة الاصطلاحات الصوفية التي وردت في هذه الرسالة وعلى منهج الإحصاء المتبع في المعاجم الأخرى، بالإضافة إلى مصطلح التصوف ذاته أربع مصطلحات وخمسمائة
2 -
بلغ عدد الشواهد القرآنية في القسم المعجمي ما يقارب ثلاثة آلاف شاهد قرآني، كما بلغ عدد الشواهد الحديثية أكثر من ألفي حديث نبوي محكوم على درجتهم من حيث الصحة أو الضعف على منهج أهل الحديث، وهذا العدد يعتبر الأكبر عند المقارنة بالمعاجم القديمة والحديثة التي ظهرت حتى الآن.
3 -
من النتائج الهامة أن السراج الطوسي يعتبر أول من نسب التصوف إلى الصوف، وعلل ذلك بأنه دأب الأنبياء والصديقين، وشعار المساكين المتنسكين، وقد تبين من البحث في الأصول النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرغب في لبس الصوف، ولا يفضله، وأنه كان يلبسه عند الضرورة، وكان أحب الثياب إليه صلى الله عليه وسلم القطن، ولما أصل السراج الطوسي هذه النسبة وأظهر رأيه فيها بجرأة، تتابع المؤلفون من معاصريه ولاحقيه يوافقون رأيه أو يخالفون، يدققون ويبحثون عن اللوازم المترتبة على رد التصوف إلى الصوف، إما بإظهار نسبة أخرى تتآزر مع السابقة أو تنفرد دونها، فالقول بأن نسبة التصوف إلى الصوف فقط تركيز على المظهر دون الجوهر، والظاهر دون الباطن، ودعوتهم في حقيقتها تنصب على الباطن، وتدعو إلى النظر في أعماق الأمور وبلوغ الحقيقة، ومن ثم حاول الكلاباذي أن يستقصي كل الوجوه الممكنة، ثم تابعه الهجويري والقشيري، ثم الغزالي والسهروردي، وغيرهم من مؤرخي التصوف، فكانت أبرز الوجوه التي يرد إليها التصوف غير الصوف: القول بأنه من الصفاء أو الصفة أو الصف الأول، وهي مبررات لا تشهد لها سلامة الاشتقاقات اللغوية، وفضلا عن هذا فإن فيها نظرا، فالصفاء ليس وصفا للصوفية وحدهم، والصفة كانت منزلا مؤقتا وضروريا للفقراء من المهاجرين حتى يتأهلوا لحياتهم الخاصة.
أما نسبة التصوف إلى الصف الأول فيكفي في ردها قول السراج الطوسي في وصف آداب الصوفية: (ومن آدابهم أيضا أنهم يكرهون الإمامة والصلاة في الصف الأول بمكة وغيرها.)
وعلى ذلك فالرأي المعتبر هو ما ذكره القشيري (ت: 465هـ) حيث يقول: (ثم هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة، فيقال: رجل صوفي، وللجماعة صوفية، ومن يتوصل إلى ذلك يقال له: متصوف، وللجماعة متصوفة.)
ثم علل ذلك بأنه لا يشهد للتسمية من حيث العربية قياس ولا اشتقاق، فالأظهر أنه كاللقب، فالذين قالوا: إنه من الصوف ولبسه، فذلك وجه، ولكنهم لا يختصون بلبس الصوف، والذين قالوا: يرد إلى الصفة التي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنسبة إلى الصفة لا تجيء على نحو الصوفي، ومن قال: إنه من الصف الأول، بعيد أيضا في مقتضى اللغة.
4 -
دلت دراسة الأصول القرآنية للمصطلحات الصوفية على أن التصوف من حيث مبدأ الزهد أصيل المنشأ في البيئة الإسلامية، فلا مؤثرات أجنبية ملحوظة حتى منتصف القرن الثالث الهجري على الأقل، ومن الطبيعي أن الأمر طالما أنه اجتهاد لخدمة الدين وتطبيقه من الجانب العملي، وتجسيد لمذاقات العبودية في صورة نظرية، فمن المعقول أن يختلف الأمر من شخص إلى آخر، ومن مذاق إلى آخر، ومن ثم فسوف يؤخذ منه ويرد، وسوف يخضع لعوامل التطور واحتمال الخطأ والصواب، والنقد والمخالفة.
5 -
إن التوحيد الصوفي عند أغلب أوائل الصوفية لا يجافي التوحيد السني، بل يتآزران في التعبير عن عقيدة الكتاب والسنة، فالتوحيد الصوفي لأوائل الصوفية شدد على ضرورة التخلص من خفايا الشرك والرياء والكبر وعبودية الدرهم والدينار، والنفس والشيطان. وجميع المصطلحات ذات الأصول القرآنية تشهد لذلك، ولم يثبت من خلالها جواز الأفعال التي تنسب إلى التصوف في هذا العصر، من عكوف على قبور الصالحين، ودعاء الأموات، وإقامة الموالد لهم، والاستعانة بهم، والتوكل عليهم، والنذر لهم أو شد الرحال إليهم، بل مصطلحاتهم في توحيد العبادة تدل على السمو في تحقيق الإيمان وتجسيده.
6 -
إن بعض السلبيات الصوفية التي وجدت عند الأوائل وأثرت على الزيادة في زاوية الانحراف عبر القرون تتمثل في الغلو في الطاعة، والالتزام بما ليس بلازم من الأحكام، فكثير منهم نزل المندوب منزلة الوجوب، وشق على نفسه في كثير من النواحي التي جعل الشرع فيها مندوحة واسعة، فأصبحت هذه الالتزامات سنة عند المتأخرين لا يسعهم الخروج عنها، وكل طريقة شددت على المريدين في الالتزام بمنهجها الخاص، وإن لم ينسجم مع السنة في كثير من النواحي، مما فتح الباب للاجتهاد في التصور الخاطئ لعلاقة الحب بين العبد وربه، فظهرت آراء شاذة ألصقها الناس في أذهانهم بعامة الصوفية دون بعضهم، فآراء الحلاج، وشطحات أبي يزيد البسطامي والشبلي والنوري وغيرهم، جعلت الناس يرفعونها على حساب التصوف من ناحية، وإهمال الموقف الإيجابي للمشايخ في التبرؤ منها وتقبيحها من ناحية أخرى، ومما زاد في إلصاق هذه الأفكار بهم أنها وجدت فلسفة أخرى عند ابن عربي وابن الفارض وغيرهما، ساعدت على إظهار المزيد من التجاوزات، فأثمرت هذه الآراء علقما وحنظلا، تتجرع الأمة الإسلامية مرارته.
7 -
الاستغلال السيئ لبعض المصطلحات الصوفية من قبل المرتسمين بالتصوف أو المعادين له أو للإسلام بصفة عامة، فمن خلال عرض أوائل الصوفية لأقوال المخطئين في فهم هذه المصطلحات، أو النظرة العامة للتطور الدلالي لكل مصطلح صوفي عبر مراحل التصوف المختلفة، يستطيع الباحث أن يرى مدى الجهد المبذول لكشف المقصود في استعمال المصطلح المعين من ناحية، وفهم الأثر السيئ لهذه المصطلحات والجهد المطلوب لرده من ناحية أخرى.