الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صبغ اللحية بالسواد بين المانعين والمجيزين عرض ونقد على منهج المحدثين
المؤلف/ المشرف:
خليل بن عثمان الجبور السبيعي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار أطلس الخضراء - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1424هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
لباس وزينة - زينة الشعر
خلاصة البحث والرأي الراجح
يصعب على المرء وخصوصاً إذا كانت مسألة اختلف السلف والخلف فيها، وكل أدلى بحجة وبرهان – يعصب عليه – أن يختار أياً على الأخر وليس اختيار الرأي الأخر معناه ضعف الرأي الأول، لا .. بل قد يكون من باب صواب وأصوب، وقوي، وأقوى، وراجح، وأرجح.
وقد مر في هذا البحث:
الكلام على حديث جابر ? وفيه "جنبوه السواد" وهو عند مسلم وبينت أن هناك ثقتان ثبتان لم يذكرا هذه الزيادة وهما: أبو خيثمة زهير ابن معاوية، وروايته أخرجها مسلم وغيره، وبينت اتفاق سبعة من الرواة الثقات الأثبات على رواية زهير وأنه حفظها ولم يهم فيها.
وتصريح ثلاثة من الثقات الأثبات (شبابة، الحسن بن موسى، وأحمد بن عبدالملك) أن زهيراً سأل أبا الزبير، أقال جابر "وجنبوه السواد؟ " قال: لا.
مما يدل على ضبط زهير لروايته، دون ابن جريج الراوي للزيادة.
وذكرت أن عزره بن ثابت وهو ثقة، ثبت لم يرو هذه الزيادة عن أبي الزبير، وأن إسنادها صحيح.
وذكرت بعد ذلك الذين رووا الزيادة وهم: (أحمد القهستاني) من طريق أيوب، وبيان من أخرج روايته: وأنها رواية منكرة باطلة لا تصح فهي من رواية مجهول وصاحب مناكير).
ومن الذين رووا الزيادة: ليث بن أبي سليم وبينت أنه ضعيف جداً وأن مخالفته تعد منكرة كما صرح بذلك أئمة الحديث. وذكرت من أخرج هذه الزيادة.
وأثناء ذلك: بينت وهماً وقع للمباركفوري، والألباني وغيرهم. وأن ليثاً المذكور هو ابن سعد: رددت على ذلك من ثلاثة أوجه.
ومن الذين روو الزيادة: شريك القاضي عن الأجلح وبينت نكارتها. وكلام أهل العلم فيها.
وممن ذكر الزيادة: داود بن الزبرقان عن مطر الوراق وليث ابن أبي سليم عن أبي الزبير، وبينت أن هذا الطريق ضعيف جداً غير صالح؛ لحال المذكورين الثلاثة فهم ضعفاء جداً. بل داود: كذبه بعض أهل العلم ومن كان هذا حاله فلا تقبل روايته فضلاً عن مخالفته.
ثم رواية ابن جريج عن أبي الزبير وهو في صحيح مسلم وغيره، ولم أجد تصريحاً لابن جريج في روايته عن أبي الزبير، ولا أبا الزبير كذلك – مع أنهما من الطبقة الثالثة من المدلسين. وقد بين الحافظ ابن حجر حالهم.
وأعقب ذلك الروايات عن أبي الزبير وأنها على ثلاثة أقسام.
بعد ذلك: ذكرت قواعد مهمة في علم المصطلح لأئمة هذا الفن في بيان: الشاذ، والمنكر، وزيادة الثقة، وانفراد الراوي بنقولات عزيزة عن ابن رجب، وابن حجر، والنووي، والذهبي، وغيرهم.
ثم القول الفصل في أيهما أولى بالصواب أو أيهما أرجح؟
الذين ذكروا الزيادة، أو الذين لم يذكروها، بعد عرض للأدلة ومناقشتي لها تبين لي:
أنها مدرجة، ومع ذلك فهي شاذة لمخالفة ابن جريج ثقتان اثنان أحدهما: أخرج روايته مسلم في صحيحه، وبينت رد هذه الزيادة بخمسة أدلة علمية وهي – باختصار:
الأول: اتفاق ثلاثة من الثقات: أن زهيراً سأل أبا الزبير: أقال: "وجنبوه السواد؟ " قال: لا.
الثاني: اتفاق سبعة في روايتهم على أبي خيثمة بلفظ حديث مسلم، مما يدل على ضبطه، وحفظه دون ابن جريج. فالحمل متعين عليه.
الثالث: إذا لم نقل بالإدراج: فقد خالف ابن جريج ثقتان اثنان أحد هؤلاء أخرج روايته مسلم في صحيحه، فماذا يسمى المحدثون هذا؟.
الرابع: نقل عزيز جداً عن الإمام الحافظ أبو الحسن بن القطان وتضعيفه لهذا الحديث بهذه الزيادة من أجل ابن جريج وتدليسه، وكذا أبا الزبير، وأعقبته بكلام أئمة الجرح والتعديل في تدليس أبي الزبير.
الخامس: وهو قرينة لرواية خيثمة وعزرة. حديث أسماء – رضي الله عنها – ومن خرجه وأنه حسن لذاته.
فهذه خمسة أدلة: لرد هذه الزيادة.
وذكر إجابات عدة على فرض الثبوت – عن هذه الزيادة -.
وذكرت الحديث الثاني: حديث ابن عباس وصحته، والرد على ابن الجوزي في إدخاله في الموضوعات، وإجابات أهل العلم عنه. وأنه ليس صريحاً في الدلالة.
وسقت الأدلة على التحريم بعد ذلك (أربعة عشرة حديثاً) وهي ما بين موضوع وضعيف جداً ومنكر لا يصح بعضها أن يشد بعضاً. وذكرت خلاصتها.
ومن هم القائلون بالنهي من الصحابة فمن بعدهم حتى عصرنا الحاضر مع تخريج آثار الصحابة، وأن القائل بالنهي من الصحابة هو: أبو هريرة فقط. مع أن السند لا يصح إليه، وأما التابعون فبلغوا (خمسة) وهم قلة، ورأي أصحاب المذاهب الأربعة، وأن الجمهور على جوازه، وقلة منهم قال بالتحريم، وأن من مواطن الاتفاق: المجاهد، ومن صبغ للغش والخداع. فالأول: جائز. والثاني: محرم.
وما عدا هاتين الحالتين: هي التي وقع فيها الخلاف.
بعد ذلك سقت أدلة القائلين بالجواز، وأوجه استدلالهم وبلغت (عشر أحاديث) كلها صحيحة عدا (السابع والعاشر) وذكرت أن المانعين أجابوا بجوابين: النسخ، وقد رد هذا القول، والتقييد أو الخصوص.
وذكرت من قال بالجواز من الصحابة فبلغوا (عشرة) صح منها (سبعة).
وتوقفت في الحكم على أثر (عمر وعثمان – رضي الله عنهما) لعدم اطلاعي على رجال إسنادهما.
وذكرت (ثلاثة وثلاثين) من التابعين فمن بعدهم إلى وقتنا الحاضر، فمن قال بالجواز. ومن ألف في جواز ذلك.
وبعد هذا العرض الموجز: الذي أدى إليه اجتهادي في هذه المسألة، بعد عرض أدلة الطرفين: أن الخضاب بالسواد جائز لا شيء فيه، وأن هذا ما دل عليه الدليل، وعضده أقوال الصحابة فمن بعدهم، غير أن الشيخ الكبير رأى – وهو مجرد رأي – أن لا يتصابى عملاً بقول ابن شهاب المتقدم، والقول بالتحريم صعب جداً. إذ التحريم أشد من التحليل، فالإباحة لا تحتاج إلى دليل في أمور المعاملات والعادات ونحوها، بخلاف التحريم.
ولا يقولن قائل: الخروج من الخلاف أو الأحوط هو المنع.
فهذه القاعدة ليست على إطلاقها، وليس كل من طلب العلم جاز له الفتوى بها والعمل، أو التلفظ، لا يقولها: إلا من أدرج السنة بين عينيه وأحاط بأقوال العلماء وأدلتهم، ومنزعهم في كل دليل.
والأحوط والواجب في دين الله: ألا يقول أحد هذا حرام إلا بدليل صريح صحيح، غير معارض، وإلا فأين نحن من قوله:( .. وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون).
سقت هذا الكلام لأن بعضاً من طلبة العلم: يسوقون القول الآنف الذكر، أو القاعدة على أنه دليل قطعي، قاطع للنزاع، دون ذكر الدليل من الكتاب أو السنة، أو أقوال الصحابة أو التابعين، في أي مسألة كانت.
أخي الكريم:
هذا ما خطه القلم، وكتبته اليد، وإني لأرجو الله أن ينفع به من نالته يده، وإني لأسأل الله أن يغفر ما زل به القلم، أو طغى به الفكر، إنه حسبي نعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.