المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌عقوبة الإعدام   ‌ ‌المؤلف/ المشرف: محمد بن سعد الغامدي ‌ ‌المحقق/ المترجم: بدون ‌ ‌الناشر: مكتبة دار السلام ̈بدون ‌ ‌سنة - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجامع في أصول الربا

- ‌الجنسية والتجنس وأحكامهما في الفقه الإسلامي

- ‌الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته

- ‌الجوهر في عدد درجات المنبر

- ‌الحجاب

- ‌الحدود في الإسلام ومقارنتها بالقوانين الوضعية

- ‌الحصانات الدبلوماسية والقنصلية والمعاهدات في الفقه الإسلامي والقانون الدولي - دراسة مقارنة

- ‌الحقوق المتعلقة بمتعة المطلقة

- ‌الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌الحيض والنفاس رواية ودراية دراسة حديثة فقهية مقارنة

- ‌الخط المشير إلى الحجر الاسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته

- ‌الخلاف بين أبي حنيفة وأصحابه وموقف الأئمة الآخرين من هذا الخلاف

- ‌الخلاف في حكم تارك الصلاة

- ‌الدبلوماسية بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي

- ‌الدعاء في خطبة الجمعة - حكمه وصوره

- ‌الدعاء وأحكامه الفقهية

- ‌الدفع بالتقسيط عن طريق البطاقات الائتمانية دراسة فقهية مقارنة

- ‌الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها والتأمين التعاوني عليها

- ‌الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية

- ‌الرسالة الفاصلة في تقدير غالب الموازين والمكاييل

- ‌الرضاع المحرم وبنك اللبن

- ‌الرهن في الفقه الإسلامي

- ‌الزواج بنية الطلاق

- ‌الزواج بنية الطلاق حقيقته وحكمه وآثاره

- ‌الزينة مفهومها وأحكامها الدنيوية في القرآن

- ‌السفر الذي يثبت به القصر

- ‌الشروط في النكاح

- ‌الشريعة الإسلامية والفنون (التصوير - الموسيقى 000)

- ‌الشك في عدد الركعات في الصلاة حكمه - أسبابه - علاجه

- ‌الضوابط التي تحكم عقد صيانة الأعيان المؤجرة وتبعية ذلك على المؤجر والمستاجر (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌الطهارة لقراءة القرآن الكريم والطواف بالبيت الحرام

- ‌الطهر في أداء فرض الظهر

- ‌التأخير وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌الترجيح في مسائل الصوم والزكاة

- ‌الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة

- ‌الظروف المشددة المحققة في عقوبة التعزير في الفقه الإسلامي

- ‌التسبيح في الكتاب والسنة والرد على المفاهيم الخاطئة فيه

- ‌التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي

- ‌التعبير عن الرأي – ضوابطه ومجالاته في الشريعة الإسلامية

- ‌التعزية حقيقتها والمسائل المتعلقة بها

- ‌التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌التعويض عن تفويت منفعة انعقد سبب وجودها

- ‌التقويم في الفقه الإسلامي

- ‌التمثيل حقيقته - تاريخه - حكمه

- ‌العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة

- ‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي

- ‌العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي

- ‌العمولات المصرفية حقيقتها وأحكامها الفقهية

- ‌العولمة وخصائص دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة

- ‌الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين

- ‌القديم والجديد في فقه الشافعي

- ‌القضاء ونظامه في الكتاب والسنة

- ‌القمار حقيقته وأحكامه

- ‌القول الأخير في الحج والعمرة عن الغير

- ‌القول الصائب في حكم صلاة الغائب

- ‌القول المعتبر في جمع الصلاتين للمطر

- ‌القول المنعوت بتفصيل البسملة والقنوت

- ‌اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية

- ‌المال المأخوذ ظلماً وما يجب فيه في الفقه الإسلامي

- ‌المحاماة تاريخها في النظم وموقف الشريعة الإسلامية

- ‌المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية

- ‌المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس

- ‌المذهب عند الشافعية وذكر بعض علمائهم وكتبهم واصطلاحاتهم

- ‌المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة

- ‌المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية - دراسة فقهية أصولية

- ‌المساجد السبعة تاريخاً وأحكاماً

- ‌المساجد بين الاتباع والابتداع

- ‌المسعى وحكم زياداته الشرعية

- ‌المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي

- ‌المغامرة بالنفس في القتال وحكمها في الإسلام (العمليات الاستشهادية)

- ‌المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي – واقعها والمأمول لها

- ‌المنفعة في القرض دراسة تأصيلية تطبيقية

- ‌الموسوعة الشاملة في أعمال المصارف

- ‌النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته - دراسة فقهية تحليلية

- ‌النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية

- ‌النوازل في الحج

- ‌النيابة في العبادات

- ‌النية وأثرها في الأحكام الشرعية

- ‌الهجرة إلى بلاد غير المسلمين حكمها، ضوابطها وتطبيقاتها

- ‌الوساطة التجارية في المعاملات المالية

- ‌الوفاة وعلاماتها بين الفقهاء والأطباء

- ‌اليمين المشروعة واليمين الممنوعة

- ‌اليمين والآثار المترتبة عليه

- ‌انتفاع الأموات من سعي الأحياء

- ‌بدع القبور أنواعها وأحكامها

- ‌بدل الخلو (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌بطاقة التخفيض حقيقتها التجارية وأحكامها الشرعية

- ‌بعض الأحكام المتعلقة بالحياة الزوجية

- ‌بهجة الأسماع في أحكام السماع في الفقه الإسلامي

- ‌بيان الحجة في حكم استعمال الذهب والفضة

- ‌بيع التقسيط تحليل فقهي واقتصادي

- ‌بيع التقسيط وأحكامه

- ‌بيع العينة أو (الأنموذج) في الشريعة والقانون

- ‌بيع العينة مع دراسة مداينات الأسواق

- ‌بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين)

- ‌بيع المرابحة للواعد الملزم بالشراء والدور التنموي

- ‌بيع المزاد

- ‌بيع المزايدة المزاد العلني أحكامه وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية معاصرة

- ‌ثلاث مسائل فقهية في الصلاة

- ‌جامع المسائل في أحكام قنوت النوازل

- ‌جدة داخل المواقيت ولن تكون ميقاتا لغير أهلها

- ‌جزء في مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء

- ‌جمع الدرر في أحكام التصوير والصور

- ‌جمعية الموظفين (القرض التعاوني)

- ‌حجر الكعبة المشرفة – تاريخه – فضائله – أحكامه الفقهية

- ‌حجية القرائن في الشريعة الإسلامية -البصمات / القيافة

- ‌حد الإقامة الذي تنتهي به أحكام السفر

- ‌حدود الصفا والمروة (التوسعة الحديثة) دراسة تاريخية فقهية

- ‌حقيقة الجندر وموقف الإسلام منه

- ‌حكم الأرجل في الوضوء

- ‌حكم الإضراب عن الطعام في الفقه الإسلامي

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد الإسلامي

- ‌حكم البسملة في الصلاة

- ‌حكم الشرع في لعب الورق "الشدة

- ‌حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين

- ‌حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية

- ‌حكم التسعير في الإسلام (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌حكم التعاقد عبر أجهزة الاتصال الحديثة في الشريعة الإسلامية

- ‌حكم التعزير بأخذ المال في الإسلام

- ‌حكم التمثيل في الدعوة إلى الله

- ‌حكم التنفل إذا أقيمت الصلاة

- ‌حكم العربون في الإسلام

- ‌حكم الكلام وما شابهه في الصلاة دراسة فقهية مقارنة

- ‌حكم بيع الذهب القديم بالذهب الجديد وحكم بيع العملة الورقية بعملة أخرى

- ‌حكم دخول غير المسلمين للمساجد في ضوء الآيات التي تحدثت عن ذلك

- ‌حكم رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة

- ‌حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء

- ‌حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية دراسة فقهية موازنة

- ‌خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية

- ‌دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة

- ‌ذبائح المسلمين والكتابيين بين الشك واليقين

- ‌رسائل فقهية

- ‌رسالة في حكم تقديم السعي على الطواف

- ‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام

- ‌زكاة الأسهم والسندات

- ‌زكاة الحقوق المعنوية (ندوات قضايا الزكاة المعاصرة)

- ‌زكاة النقود الورقية المعاصرة

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زواج المسيار دراسة فقهية واجتماعية نقدية

- ‌سجود السهو (رسائل فقهية)

- ‌سلطة ولي الأمر في فرض وظائف مالية (الضرائب) دراسة فقهية مقارنة

- ‌سلم الأماني في إجابة من يقول بالحجاب بقول الألباني: جواب عن حكم حجاب أجيب به عمن جرى في وجوههن ماء الشباب

- ‌سندات الإجارة والأعيان المؤجرة

- ‌شرح الصدور ببيان بدع الجنائز والقبور

- ‌صبغ اللحية بالسواد بين المانعين والمجيزين عرض ونقد على منهج المحدثين

- ‌صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين

- ‌صكوك الإجارة – دراسة فقهية تأصيلية تطبيقية

- ‌صناعة الصورة باليد مع بيان أحكام التصوير الفتوغرافي

- ‌صوم الشيوخ المسنين

- ‌ضمان المنافع دارسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون المدني

- ‌ضوابط العقد في الفقه الإسلامي

- ‌تحقيق الصنعة في بيان أحكام القرعة

- ‌تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

- ‌تحقيق وقت ساعة الإجابة من يوم الجمعة

- ‌تذكرة الأنام في النهي عن القيام

- ‌ترتيب الموضوعات الفقهية ومناسباته في المذاهب الأربعة

- ‌تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

- ‌تسليم المطلوبين بين الدول وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌تعريف أهل الإسلام بأن نقل العضو حرام

- ‌تنبيه أهل العصر بما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر

- ‌تنبيه الصحب إلى مشروعية تسوية الصف بالمنكب والكعب

- ‌تنبيهات على محظورات - كرة القدم بين المصالح والمفاسد

- ‌تنظيم النسل وموقف الشريعة الإسلامية منه

- ‌توسيع وقت رمي الجمرات ضرورة شرعية معاصرة

- ‌توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال

- ‌توضيح الرؤية القاصرة - زكاة الأثمان على النقدين بالعلة القاصرة

- ‌تيسير العليم في أخذ الأجرة على القرآن والتعليم

- ‌عقوبة الإعدام

- ‌عقود المناقصات في الفقه الإسلامي

- ‌عمل المرأة ضوابطه - أحكامه - ثمراته دراسة فقهية مقارنة

- ‌غزو البحار فضله وأحكامه، وأشهر قادته المسلمين في القرن الهجري الأول

- ‌فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب

- ‌فضائل الجمعة أحكامها - خصائصها دراسة فقهية مقارنة في المذاهب الأربعة

- ‌فقه الاعتكاف

- ‌فقه الشورى دراسة تأصيلية نقدية

- ‌فقه الطفولة - أحكام النفس دراسة مقارنة

- ‌قصر الصلاة للمغتربين

- ‌قضاء العبادات والنيابة فيها

- ‌قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية والضوابط الشرعية

- ‌قطف الزهو في أحكام سجود السهو

- ‌قنوت النوازل

- ‌كشف الالتباس عن أحكام النفاس

- ‌كشف الستور عن قطع المرأة للصلاة بالمرور

- ‌كشف المبهم عن حكم سفر المرأة بدون زوج أو محرم

- ‌كتمان السر وإفشاؤه في الفقه الإسلامي

- ‌لباب النقول في طهارة العطور الممزوجة بالكحول

- ‌لباس الرجل أحكامه وضوابطه

- ‌مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي

- ‌مشكل المناسك – دراسة سبع عشرة مسألة من مسائل المناسك التي حصل فيها إشكال بين المعاصرين

- ‌مشكل لباس الإحرام – دراسة ست مسائل من أحكام لباس الإحرام مع تخريج الأحاديث والتعريف بأسماء الألبسة

- ‌مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام

- ‌مصارف الزكاة وتمليكها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام والكتب والآراء والترجيحات

- ‌مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هل يجوز تأخيره عن موضعه عند الحاجة لتوسيع المطاف

- ‌مكانة الكتب وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌من تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة - صلاة التراويح

- ‌موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من الرقص

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من خلو الرجل (أو الفروغية)

- ‌نقض الأحكام القضائية في الفقه

- ‌نهاية المطاف في تحقيق أحكام الطواف

- ‌نوازل الزكاة

- ‌هداية الحيران إلى حكم ليلة النصف من شعبان

- ‌هل للقاضي الحكم على الغائب

- ‌ولاية المرأة في الفقه الإسلامي

- ‌فكر إسلامي أو عربي

- ‌الأمة الإسلامية بين عوامل السقوط وعوامل الارتقاء (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا ظلال الثورة الصامتة

- ‌التغريب الثقافي في الإعلان التجاري

- ‌العصبية القبلية من المنظور الإسلامي الناس كلهم من آدم وآدم من تراب

- ‌العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب

- ‌العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو التطرف

- ‌الليبرالية في السعودية والخليج - دراسة وصفية نقدية

- ‌ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر – دراسة نقدية إسلامية

- ‌من معالم المنهجية الإسلامية للدراسات المستقبلية

- ‌فلسفة ومنطق وعلم نفس

- ‌التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية - البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي

- ‌فهارس

- ‌فهارس كتب الحديث المطبوعة والآلية

- ‌لغة عربية

- ‌أل الزائدة اللازمة مواضعها وأحكامها

- ‌إنكار المجاز عند ابن تيمية بين الدرس البلاغي واللغوي

- ‌القرارات النحوية والتصريفية لمجمع اللغة العربية بالقاهرة جمعاً ودراسة وتقويماً

- ‌مجاميع

- ‌وحي القلم

- ‌مخطوطات

- ‌أنماط التوثيق بين المخطوط العربي في القرن التاسع الهجري

- ‌متفرقات

- ‌ظاهرة الصراع في الفكر الغربي بين الفردية والجماعية

- ‌معاجم وموسوعات

- ‌المعجم الصوفي

- ‌نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد

الفصل: ‌ ‌عقوبة الإعدام   ‌ ‌المؤلف/ المشرف: محمد بن سعد الغامدي ‌ ‌المحقق/ المترجم: بدون ‌ ‌الناشر: مكتبة دار السلام ̈بدون ‌ ‌سنة

‌عقوبة الإعدام

‌المؤلف/ المشرف:

محمد بن سعد الغامدي

‌المحقق/ المترجم:

بدون

‌الناشر:

مكتبة دار السلام ̈بدون

‌سنة الطبع:

1413هـ

‌تصنيف رئيس:

فقه

‌تصنيف فرعي:

حدود وعقوبات

الخاتمة

وفيها خلاصة بأهم نتائج البحث، وحكم التشريع إجمالا والرد على الشبه التي تثار حول العقوبة بالقتل

بعد هذا العرض لآراء الفقهاء وأدلتهم في العقوبة بالقتل في الشريعة الإسلامية وبيان موجباتها، والأصل في ثبوت هذه العقوبة، وكيفية تنفيذها، وموانع التنفيذ

إلى غير ذلك من المباحث التي ذكرت فيها آراء الفقهاء وأدلتهم، وبينت الرأي المختار في القضايا الخلافية مؤيدا بالدليل، أود أن أشير في هذه الخاتمة إلى أهم نتائج البحث بعيدا عن الدخول في التفصيلات التي سبق إيضاحها، ثم أبين بعد ذلك زيف الحجج الواهية التي يرددها بعض الناس – ومنهم بعض أبناء المسلمين الذين تأثروا بالثقافة والفكر الغربي – محاولين الطعن في العقوبة بالقتل، وصرف الناس عن تطبيقها فأقول وبالله التوفيق:

1 -

بالإطلاع على النظام الجنائي الإسلامي وتفصيلاته يظهر جليا أن هذا النظام وضع في الاعتبار أن أي مجتمع إنساني لابد أن يظهر فيه بعض الصور والتصرفات الشاذة من السلوك الإنساني، وأن هذه التصرفات سيستفحل أمرها، ويستشري خطرها إذا لم توجد الوسائل الوقائية، والإجراءات العقابية لمكافحتها حتى لا تنتشر في المجتمع شيئا فشيئا، ويصبح مرتعا خصبا للشر والجريمة ولذلك وجد في الشريعة الإسلامية من الوسائل الوقائية من الجريمة والإجراءات العقابية ما هو كفيل بحماية المجتمع من شرور تلك التصرفات والأعمال الإجرامية، ومن الإجراءات العقابية قتل مرتكبي الجرائم الخطيرة، كجريمة القتل العمد العدوان، وجريمة الحرابة في بعض صورها وجريمة الزنى من المحصن .. الخ.

2 -

ارتبط النظام الجنائي الإسلامي ارتباطا وثيقا بالمقاصد الرئيسة للشريعة الإسلامية، وسعى إلى حفظ الضروريات الخمس التي جاءت الشرائع جميعها بالمحافظة عليها، وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وجعل عقوبة الجرائم التي تخل بهذه الضروريات الخمس عقوبة رادعة تناسب مع فداحة الجريمة وبشاعتها، وقد تصل أحيانا إلى حد قتل المجرم.

3 -

وضح أن العقوبة في الإسلام ذات نوعين رئيسين:

أ -عقوبة أخروية، يعاقب بها المرء في الآخرة، على ما اقترفته يداه.

ب -عقوبة دنيوية، يقيمها الحاكم المسلم تنفيذا لأمر الله، وأن المرء إن قدر له أن يفلت من العقوبة الدنيوية، فإنه سيسأل عما اقترفه من الذنوب والآثام في يوم لا ينفعه فيه مال ولا بنون. {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَاّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} وسيكون العقاب الأخروي بيد علام الغيوب، وبهذا وضع السياج القويم الذي به تحفظ الحقوق الظاهرة والباطنة، ويجعل من الإنسان رقيبا على نفسه وتصرفاته لعلمه بأنه محاسب عليها صغيرة وكبيرة.

4 -

إن الغرض الرئيس من العقاب الدنيوي ليس مجرد إنزال الجزاء الأليم بالمجرم بعد ارتكابه للجريمة، وإنما هو في المقام الأول الحيلولة دون وقوع الجريمة مرة أخرى من المجرم أو من غيره، وكلما كان العقاب فعالا في تحقيق هذا الغرض كان ناجحا في مكافحة الإجرام، وهذا هو ما يبرر التشديد في العقاب كلما ازداد خطر الجريمة واستفحل أذاها حتى تكون شدة العقاب مانعة وحائلة من وقوع الجرائم بقدر الإمكان.

ص: 359

5 -

وضح أن عقوبة القتل واحدة من أشد العقوبات التي عرفتها البشرية قسوة، وأن هذه العقوبة تارة تكون قصاصا كما في جريمة القتل العمد العدوان، وتارة تكون حدا كما في جريمة الحرابة والزنى من المحصن والردة، وتارة تكون تعزيرا كما في قتل الجاسوس، ومن تكرر منه شر الخمر على الرأي المختار من أقوال الفقهاء، وهي في كل ذلك إنما شرعت لمواجهة جرائم اتسمت بالخطورة البالغة على الفرد والأسرة والمجتمع والأمة بأسرها، مهددة الأمن والاستقرار، وقصد بتشريعها حماية الناس من الفوضى والاضطراب والتمزق، والحفاظ على وحدة الأمة وأمنها.

ولقد أثبتت العقوبة بالقتل – قصاصا وحدا وتعزيرا – فاعليتها في مقاومة الجرائم الخطيرة المستنكرة، والحيلولة دون وقوعها، فإذا علم من يفكر في قتل النفس المعصومة ظلما وعدوانا أن جريمته سوف ترتد عليه وأنه سوف يقتل قصاصا إذا قتل، وأنه سييتم أولاده كما أيتم أولاد المجني عليه وسيرمل زوجه كما أرمل زوج المجني عليه إن هو أقدم على هذه الجريمة فإنه سيحسب ألف حساب قبل أن يقدم عليها، وبذلك تكون الرهبة من القصاص من أكبر وسائل الردع من الجريمة.

ومثله المحصن إذا علم أنه سيرجم إذا ارتكب جريمة الزنى وبذلك يحرم من الحياة في سبيل قضاء لذة زائلة فإنه سيبتعد عن ارتكاب هذه الجريمة خوفا من العقاب الذي ينتظر من ارتكب جريمة الزنى وهكذا بقية الجرائم التي يعاقب عليها بالقتل، هذه العقوبة التي تعتبر سيفا مصلتا ترتعد لهوله فرائص المجرمين. وهذا بدوره يؤدي إلى عدم توقيع العقوبة بالقتل أو الرجم – لعدم وجود من يستحقها – إلا في حالات استثنائية نادرة، لأن الخوف من العقاب يمنع المرء من الإقدام على الجريمة.

6 -

بين الشارع الحكيم الحكمة من تشريع القصاص في جريمة القتل العمد العدوان في عبارة هي غاية الإيجاز والإعجاز: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أي إن في تشريع القصاص ما يقي المجتمع من العدوان على حياة أفراده، فيكون في تشريع هذه العقوبة استمرار الحياة الهادئة المطمئنة لأفراد الأمة، فيكون القصاص بهذا عقوبة عادلة رادعة تنتظر المجرم الذي أزهق نفسا بريئة بغير حق وروع بجريمته أولياء المجني عليه، بل والمجتمع الذي يعيش فيه.

7 -

وضح أن القصاص ليس تشريعا خاصا بهذه الأمة، ولكنه كان مشروعا في الديانات السابقة على بعض الأمم:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} وأن هذه العقوبة ثابتة ومقررة في الشريعة الإسلامية، وقد دل على ثبوتها الكتاب والسنة والإجماع، فهي من شرع الله المحكم الواجب التطبيق في كل جريمة اعتداء عمدي عدواني على النفس البشرية متى توفرت أركانها وشروطها، وانتفت الموانع.

على أن هناك بعض الحالات التي اختلف الفقهاء في وجوب القصاص فيها بناء على اختلافهم في فهم المراد من النصوص الشرعية الواردة فيها، واختلافهم في صحة تلك النصوص أو عدم صحتها، وكونها محكمة أو منسوخة، وقد استعرضت تلك الحالات مبينا آراء الفقهاء وأدلتهم والرأي المختار في كل مسألة بما يغني عن إعادته هنا.

ص: 360

8 -

لا صحة لما يطعن به البعض في عقوبة القصاص من أن الغرض منها الانتقام من الجاني، بل إن الغرض الأساسي منها كما سبق بيانه هو المحافظة على استمرار البقاء والحياة على وجه البسيطة، وشتان ما بين شريعة القصاص وبين الانتقام، فالانتقام يدفع إليه الحقد، والبغض والكراهية، والقصاص يدفع إليه طلبا لعدل، والسعي إلى تحقيق الأمن، والانتقام يتولاه المعتدى عليه أو أقرب الناس إليه طلبا للثأر، والقصاص يتولاه الحاكم، ولا يكون إلا بإذنه، والانتقام يقوم على الشبه والظنون في كثير من حالاته، والقصاص لا يكون إلا بعد ثبوت الجريمة بالدليل الخالي من الشبه، والانتقام قد يكون فيه إسراف ومجازاة غير الجاني من أهله وذويه، والقصاص يلتزم فيه مبدأ العدل والإنصاف، وعدم الإسراف، والبعد عن معاقبة غير الجاني، فشتان ما بين الأمرين، أمر شرعه خالق الأرض والسماء، وأمر تدفع إليه الكراهية والحقد والبغضاء.

9 -

اتضح من ثنايا البحث مدى تكريم الإسلام للإنسان، وإعلائه من شأنه وتشديده النكير على من يتعدى على حياته بغير حق، فقد جعل الله عز وجل قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعا، وإحياءها بمثابة إحياء الناس جميعا، قال تعالى:{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} .

وتوعد من اعتدى على النفس البشرية بغير حق بوعيد هو غاية الشدة، فلقد توعده بالخلود في نار جهنم، والغضب واللعن، والعذاب العظيم {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} حتى لقد ذهب بعض الفقهاء إلا أنه لا توبة لقاتل بناء على هذا الوعيد بالخلود في النار، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم كرامة المرء المسلم ورفعة شأنه عند الله سبحانه وتعالى بقوله:(لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم).

وقوله: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار).

10 -

اتضح من البحث أن الشريعة الإسلامية أعطت أولياء الدم، وهم ورثة المجني عليه أو عصبته الذكور وأقرباؤه عموما الوارثون منهم وغير الوارثين – على خلاف بين الفقهاء في ذلك سبق بيانه – الحق في طلب القصاص من الجاني أو العفو عنه مقابل الدية أو بلا مقابل، وفي إعطائهم هذا الحق إطفاء لغيظهم، وإزالة لآثار الحقد من قلوبهم، وتهدئة لثائرتهم، وانتزاع لعوامل الشر من نفوسهم، وبإعطائهم هذا الحق يكون لهم الخيار في طلب إيقاع العقوبة على الجاني جزاء له، أو العفو عنه، والعفو أفضل لقوله تعالى:{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {40} وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} وقوله تعالى: {فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ} ولما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو.

فإذا ما عفوا عن طواعية واختيار كان لذلك أثره البالغ في عودة الصفاء والوئام والمحبة بين الطرفين – الجاني وأولياء الدم -.

ص: 361

ولعفو أولياء الدم أثر بالغ على نفسية الجاني، ولا يمكن مقارنة هذا الأثر بالأثر الذي يحدثه حكم القضاء بالبراءة، أو حكمه بتخفيف العقوبة على الجاني لبعض الظروف، وذلك لأن تخفيف الحكم أو الحكم بالبراءة يصدر من سلطة لا علاقة للمجني عليه ولا لأوليائه بها، وقد يدفع ذلك الجاني إلى الشماتة بأولياء الدم، فإنه – رغم اعتدائه على المجني عليه وسفكه لدمه – لا يزال حرا طليقا يسرح ويمرح كيفما شاء وليس ذلك في حالة عفو أولياء الدم، فإنه لا مجال للشماتة بهم، وهم أرباب نعمته، حياته كانت بأيديهم وهم وهبوها له، بل إن ذلك يدعوه إلى الاعتراف بفضلهم ومودتهم، والتقرب إليهم.

11 -

فإذا انتقلنا إلى جريمة الحرابة رأينا أن الأصل في مشروعية العقوبة على هذه الجريمة هو قول الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {33} إِلَاّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

وقد رجحت قول من قال: إن العقوبات التي تضمنتها هذه الآية على التخيير وليست على التعيين، فللإمام أن يوقع على المحارب أيها شاء، ووجهت ذلك فيما مضى، وبذلك تكون هذه العقوبة أكثر في الردع والزجر، ولأن من أراد أن يقدم على فعل المحاربة لا يعلم ما سوف يلحقه من العقاب، فقد يكون القتل أو القطع، أو القتل والصلب أو غير ذلك، وعندئذ يتصور أن ينفذ فيه أقسى هذه العقوبات فيرتدع عن الإقدام على هذه الجريمة بكافة صورها.

وقد شرعت هذه العقوبة لحماية الأنفس، وحماية نظام الملكية من شر قطاع الطرق، ومغتصبي أموال الناس بقوة السلاح، ومن المخادعين المراوغين الذين يتحايلون على الأفراد، فيخلون بهم، وتحت وطأة السلاح يسلبون أموالهم، ويسفكون دماءهم، وبتطبيقها يضمن للناس أسباب المعيشة واستمرارها، وتعم أحكام الدين، ويقطع دابر العصابات المسلحة التي تهدد أمن المجتمعات، وتنشر الذعر في أطراف الديار.

12 -

وتبين من البحث أن حد الردة ثبت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، وأنه لا حجة معتبرة لمن أنكر وجوب قتل المرتد، بل إن قوله مخالف للسنة والإجماع، ذكر ذلك ابن قدامة رحمه الله تعالى.

وقد عرضت وجهة نظر المشككين في ثبوت هذه العقوبة وفندتها أثناء الحديث عن الردة، ثم بينت أن عقوبة الردة لا تتنافى مع حرية العقيدة التي أقرها الإسلام، والتي دل عليها قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} وقوله تعالى: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} وذلك لأن الآيتين وردتا لبيان عدم جواز إكراه الناس على الدخول في الدين الإسلامي إذا لم يكن مقتنعا به وبتعاليمه، وهذا يتمشى مع مقتضيات الطبيعة البشرية، فإن العقيدة أمر قلبي، لا يمكن إكراه الإنسان عليه، وإجباره على اعتقاد صحته، ولذلك أعطي الإنسان ابتداء الحرية في اعتقاد هذا الدين أو عدم اعتقاده.

أما بعد أن يعتنق المرء هذا الدين عن طواعية واختيار فليس له أن يتراجع عنه ويتخذه لعبا وهزوا، فإن صدر منه شيء من ذلك استحق العقاب، حماية للدين والنظام الاجتماعي الذي يقوم على أساس الدين، إذ لا يستقيم أمر الجماعة الإسلامية إذا ترك لكل من ينتسب إليها أن يطعن في دينها ودستور حياتها بما شاء من المطاعن بعد أن آمن به مختارا والتزم باحترامه والعمل به.

ص: 362

13 -

وفيما يتعلق بقتال البغاة بينت أن الأصل في مشروعيته قول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {9} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

وإنما يقاتلون إذا ارتكبوا أمرا من أمور خمسة وهي:

أولا: إذا تعرضوا لحريم أهل العدل.

ثانيا: إذا كانوا سببا في عدم رفع راية الجهاد.

ثالثا: إذا أخذوا من بيت مال المسلمين ما ليس لهم.

رابعا: إذا امتنعوا من دفع ما وجب عليهم.

خامسا: إذا تظاهروا على خلع الإمام الذي انعقدت له البيعة.

ويخالف قتالهم قتال المشركين من أوجه متعددة منها:

أولا: أن القصد من قتالهم ردعهم لا قتلهم، فإن لم يرتدعوا إلا بالقتل قتلوا.

ثانيا: يجب الكف عن مدبرهم.

ثالثا: لا يجهز على حريمهم.

رابعا: لا يقتل أسيرهم.

خامسا: لا تغنم أموالهم.

سادسا: لا يوادعون على مال.

وإنما شرع قتالهم لحماية الدين، ولحماية نظام الحكم القائم على أساس الدين، وللحفاظ على وحدة المسلمين التي بها عزهم وسؤددهم، ولوقاية الأمة من ويلات التفرق والتمزق والاقتتال، الذي ينهك اقتصادها ويزعزع أمنها، ويربك أفرادها، ويعطل مصالحهم، وبالتالي يؤدي إلى تعطيل شعائر الدين، ويجعل الأمة مرتعا خصبا للأفكار الهدامة والمبادئ الدخيلة.

14 -

وفيما يتعلق بمحافظة الإسلام على النسل شرعت عقوبة القتل في حق الزاني المحصن رجما بالحجارة حتى الموت، وشرعت عقوبة الموت أيضا في حق الفاعل والمفعول به في جريمة اللواط، وفي حق من أتى بهيمة.

وفي هذا الباب عرضت شبهة من أنكر عقوبة الرجم من الخوارج، وممن نحا نحوهم، وفندتها واحدة تلو الأخرى.

وإنما شرعت العقوبة بالقتل في حق هؤلاء – الزاني المحصن، والفاعل والمفعول به في جريمة اللواط، ومن أتى بهيمة – حماية لنظام الأسرة ومحافظة على طهارة الأنساب، ومنعا للإباحية الجنسية، وما تجره على الأفراد والأسر والمجتمعات من فادح النكبات، فعن طريقها تنتشر الأمراض بين أفراد الأمة، وتنقطع الصلات، وتعم البغضاء والشحناء، وقد تؤدي هذه الأمور جميعا إلى الخصام والاقتتال.

إن النظام الجنائي الإسلامي هو النظام الوحيد بين النظم المعروفة في العالم المعاصر الذي يسعى إلى المنع من الإباحية الجنسية، ويعاقب على الزنى واللواط مجردا من أي اعتبار آخر من إكراه أو اغتصاب وما أشبه ذلك، ولا يجعل لرضا الطرفين في هذه العلاقة المحرمة أي اعتبار، وذلك لأنه نظام قائم على أساس أخلاقي، يزن أعمال المرء وأقواله بميزان الأخلاق والقيم، فما كان منها منافيا للأخلاق الفاضلة فهو أمر سيء، لا ينبغي حدوثه ولا تقبله، ولذلك شرع العقاب على التصرفات المنافية للأخلاق ولو صدرت هذه التصرفات برضا المعنيين بها، فشرع عقاب الزانيين وإن كانا راضيين، وشرع عقاب الفاعل والمفعول به في جريمة اللواط وإن كانا راضيين، حماية للأخلاق، وصيانة للأمة من كل ما يؤدي إلى تدهورها وانحطاطها في أخلاقها واقتصادها، وصحة أفرادها.

ص: 363

15 -

وشرعت عقوبة الساحر حماية للعقيدة من أدران الشرك، وحفاظا على الدين الذي هو أساس فلاح الأمة، وصيانة للعقل البشري من الخرافات والخزعبلات التي ما انتشرت في أمة من الأمم إلا دب بها الوهن والخوف والوجل بسبب اعتقادها حصول النفع والضرر من الجمادات وتلمسها أسباب الحياة من النجوم والكواكب والشياطين، وتقاعسها عنه .. السعي في الأرض، وعدم اتباعها الوسائل المشروعة والأسباب المعقولة التي جعلها الله علة لمسبباتها، وطريقا لعمارة الأرض وتحقيق معنى الخلافة فيها.

16 -

ثم بينت بعد ذلك أهمية الصلاة في الإسلام وأنها عمود الدين، وهي الصلة بين العبد وربه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.

وقد شرعت عقوبة تاركها عمدا، ورجحت قول من قال بأنه يقتل حدا لا كفرا، فباب التكفير باب خطير، وبينت أن الأحاديث والآثار التي دلت على كفر تارك الصلاة مراد بها كفر العمل لا كفر الاعتقاد، وذلك للجمع بين الأدلة الواردة في هذه المسألة.

17 -

وكانت نهاية المطاف عقوبة من اعتاد شرب الخمر، وقد رجحت قول من قال بجواز قتل من اعتاد شرب الخمر في المرة الرابعة تعزيرا. للنصوص الواردة في ذلك.

وإنما شرعت هذه العقوبة في حقه وجعلت من باب التعزير حماية لعقل الإنسان، الذي يعتبر أشرف ما ميز الله به الإنسان عن غيره من المخلوقات الأرضية، وبدونه تنحط مرتبته، ويصبح كالحيوان البهيم بل أقل شأنا، ولوقاية الفرد والأمة من مخاطر الخمر الفادحة، ومنها إيقاع العداوة والبغضاء بين أفراد الأمة وصرفهم عن ذكر الله وعن الصلاة، {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} فقد دلت الآية على أن شرب الخمر سبب من أسباب الفساد الديني وذلك لأنها تصد عن ذكر الله وعن إقام الصلاة، وسبب من أسباب الفساد الاجتماعي، وذلك لأنها تؤدي إلى العداوة والبغضاء.

أضف إلى ذلك تأثيرها السيء على صحة شاربها العقلية والنفسية والجسدية، بسبب تأثيرها السام على الجسم، ثم هي أيضا سبب من أسباب انتشار الظاهرة الإجرامية، فقد تبين من بعض الإحصائيات التي قام بها المختصون في علم الإجرام أن الإدمان على الخمر تعزى إليه ما نسبته 66% من جنايات الاعتداء على الأشخاص، 6ر56% من الجنايات المخلة بالآداب، وأن نسبة المدمنين من مجرمي العنف 82%.

كما تبين من بعض الإحصائيات الفرنسية أن الصلة وثيقة بين إدمان شرب الخمر وبين القتل والضرب والجرح والجرائم الجنسية والحرائق.

وجاء في بيان تحذيري صادر عن منظمة الصحة العالمية أن الخمرة هي أصل كل الشرور حيث أن نحو 28% إلى 86% من حوادث القتل في العالم تعزى إليها، كما يعزى إليها من 24% إلى 72% من الجروح، ومن 13% إلى 50% من حوادث العنف والاغتصاب.

وبناء عليه فإن عقاب معتادي الشرب بالقتل تعزيرا أو بغيره من أنواع العقاب الرادع يؤدي إلى التقليل من حدوث الجرائم في المجتمع، لما هو معروف من أن العقوبة الرادعة تمنع من الإقدام على الجريمة.

ص: 364

18 -

إن الشارع الحكيم حينما شرع عقوبة القتل على الجرائم السابقة مراعاة لمصلحة الفرد والمجتمع لم يهمل مصلحة المتهم نفسه، فلقد وازن شدة العقوبة بالاحتياط في وسائل وطرق إثبات الجريمة، حتى يضمن ألا توقع العقوبة إلا حيث ثبت على وجه اليقين أو قريب منه ارتكاب الجاني للجريمة، ولذلك اشترط في الإقرار أن يكون صريحا لا شبهة فيه، واشترط في الشهادة على جريمة القتل أن تكون من شاهدين عدلين ذكرين غير متهمين في شهادتهما، وشرط في الشهادة على الزاني أن تكون من أربعة شهود تتوفر فيهم شروط خاصة مع وجودها تنتفي الشبهة والتهمة عن شهادتهم، وهذه الشروط وغيرها من الشروط التي قررها الشارع الحكيم كفيلة باستبعاد كل ادعاء أو خطأ يكون المتهم ضحية له، فهي إنما اشترطت مراعاة من الشارع الحكيم لحال المتهم، وضمانا له من أن يعاقب على جريمة هو بريء منها.

ولم يكتف الإسلام بهذا الاحتياط في وسائل الإثبات، ولكنه فتح الباب لدرء العقوبة فقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة).

وبهذا تتحقق العدالة فلم تراع مصلحة المجتمع وتهمل مصلحة المتهم، ولم يكن العكس، بل نظر إلى المصلحتين جميعا بعين الاعتبار بما يحقق العدالة والأمن والاستقرار.

19 -

بإمعان النظر في الحالات التي قرر الفقهاء استحقاقها عقوبة القتل تنفيذا لشرع الله، والنتائج التي تحققت بسبب تطبيق هذه العقوبة على تلك الجرائم ندرك:

أولا: أن الحالات الموجبة لهذه العقوبة حالات قليلة جدا إذا قورنت بما كانت عليه بعض القوانين الوضعية التي كانت تحكم بالإعدام على جرائم عدة تتجاوز مائة جريمة، كالقانون الإنجليزي الذي كان حتى أواخر القرن الثامن عشر يعاقب بعقوبة الإعدام على مائتي جريمة، والقانون الفرنسي الذي كان يعاقب على ما يقارب مائة وخمس عشرة جريمة بعقوبة الإعدام.

ثانيا: أن الجرائم الموجبة للعقوبة بالقتل في الشريعة الإسلامية جرائم خطرة، ذات أثر كبير على الفرد وعلى المجتمع وعلى الأمة بأسرها.

ثالثا: أن الخوف من العقاب يدفع النفوس إلى الابتعاد عن الإجرام، ولذلك تحقق للأمة الإسلامية عبر التاريخ الأمن والاستقرار، بسبب تطبيقها لشرع الله، ونشأ عن ذلك وجود أفضل مجتمع عرفته البشرية عبر تاريخها الطويل، مجتمع قائم على العدل والرحمة والإخاء.

ولقد أثبتت التجارب في العصر الحديث نجاح هذا التشريع في إقامة العدل وصيانة الأخلاق، والمنع من الجريمة. ولنأخذ مثلا على ذلك حال الجزيرة العربية قبيل دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب، وقيام الدولة السعودية، فلقد كانت مرتعا خصبا للفتن والقلاقل وتناحر القبائل.

كانت القبيلة تغير على الأخرى، فتقتل الرجال، وتسبي النساء، وتستولي على الأموال، هذا في الفيافي والقفار، فأما في المدن والقرى، فقد تفشت فيها السرقات والغش والخيانة، والجرائم الخلقية بشتى صورها وأشكالها، وخيم الجهل على العقول والبصائر، انتشرت الخرافات وأعمال السحر والكهانة، وسادت شريعة الغاب، فأكل القوي الضعيف، ولم يعد المرء يأمن على نفسه أو ماله أو عرضه.

وباختصار فلقد كان الفوضى الشاملة تهدد حياة المقيمين في هذه الجزيرة، بل والوافدين إليها من الحجاج والتجار وغيرهم، وكان الأمن يزداد اضطرابا في مواسم الحج فيرتفع معدل الجريمة من قتل ونهب وسرقة إذ تغير القبائل التي بعدت عن تعاليم الدين على قوافل الحجيج، فتقتل منهم من تقتل، وينهبون ما معهم من زاد ونقود ومؤونة، مع أمن المعتدي من العقاب، فلا سلطة تردعه، ولا وازع من دين أو ضمير يؤنبه.

ص: 365

هكذا كانت الحالة قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى – وقيام الدولة السعودية، ولكنها تغيرت كثيرا بعد الدعوة، فاستقرت الأحوال الاجتماعية، واستتب الأمن حتى إن الرجل لينتقل من طرف البلاد إلى طرفها الآخر – مع اتساع رقعتها – دون أن يعترضه أحد.

وحينما حصل بعض التساهل في تطبيق أحكام الشرع نتيجة لبعض الظروف التي مرت بها الجزيرة العربية في فترة متأخرة من ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – عادت الفوضى وعم الفساد إلى أن تولى المغفور له الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – أمر هذه البلاد فأخذها على الجادة، وحكم فيها شرع الله، فاستقرت الأحوال مرة أخرى، واستتب الأمن، وعم الرخاء، وأمن الحجاج على أرواحهم وأموالهم في طريقهم إلى مكة، وأثناء أدائهم مناسك الحج، فلا قطاع طرق، ولا نهب، ولا سلب، وما ذلك إلا بفضل الله، ثم بفضل تطبيق الشريعة الإسلامية، قولا وعملا واعتقادا، حتى أصبحت هذه البلاد مضرب الأمثال في الأمن والاستقرار، وهكذا فإن تطبيق شريعة الله هو الحل الأمثل والطريق الأسلم، بل والوحيد لتحقيق الأمن في المجتمعات، وتقليص الجرائم والحد منها.

20 -

ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أصوات الشعوب الإسلامية – في البلدان التي سيطر عليها الاستعمار، وفرض عليها القوانين الوضعية – بدأت تنادي مطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وتنفيذ أحكام الله في المجرمين بعد أن أثبت الواقع فشل القوانين الوضعية في الحد من الظاهرة الإجرامية، ونشر الأمن والاستقرار في ربوع تلك الديار إلا أن طائفة ممن تأثروا بالفكر الغربي، وكان لهم تأثير على مجريات الأمور في البلدان أيدوا بعض الشبه والتعليلات للإبقاء على القوانين الوضعية سارية في تلك البلدان، وهم بذلك يرددون ما أثاره ويثيره أسيادهم في الغرب من شبه يؤيدون بها إلغاء عقوبة الإعدام في بلدانهم، وقد صب هؤلاء المقلدون والمتأثرون بالثقافة الغربية جام غضبهم على عقوبة القتل، واعتبروا تطبيقها أو التفكير فيها ارتكاسا وعودة إلى الوحشية، ورغم أن تلك الشبه التي أوردوها لا تنطبق على المجتمعات الإسلامية إلا أنني أذكرها هنا لبيان زيفها وفسادها فمن تلك الشبه:

أولا: أن المجتمع لم يهب الفرد الحياة حتى يملك الحق في حرمانه منها عقابا له على جريمة ارتكبها.

وهذه شبهة واهية، لا ترد على العقوبة بالقتل في الشريعة الإسلامية، وذلك لأن المشرع في الدين الإسلامي هو الله وحده وليس المجتمع – كما ذكر في هذه الشبهة – فالله عز وجل هو الذي خلق الإنسان ومنحه السمع والبصر والحياة والعقل، وهو سبحانه العالم بما يصلحه، وقد شرع عقوبة القتل على جرائم خاصة، تحقيقا لمصلحة هذا الإنسان، ومحافظة على عمران هذا الكون، وما على المرء إلا الامتثال لأمر الله عز وجل، واهب الحياة لمن أراد، ومشرع هذه العقوبات، ومنها عقوبة القصاص، لما فيها من حياة بني الإنسان، وصدق الله العظيم إذ يقول:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

ثانيا: أن هذه العقوبة عقوبة قاسية، وقد يحكم بها خطأ فتنفذ في شخص بريء خطأ، فلا يكون هناك سبيل إلى إصلاح هذا الخطأ وإزالة آثاره، وحينئذ تكون العقوبة جريمة، وبدلا من أن يقف الحاكم للمنع من وقوع الجريمة، يقف منفذا لها، وآمرا بها، وذلك أمر لا يستساغ، وضربوا على ذلك مثلا بأنه قد وجد في لاوس بين عام 1889 وعام 1927 أن خمسين شخصا من أربعمائة وستة أشخاص – ممن أرسلوا إلى سجن (سنج سنج) محكوما عليهم بالإعدام – تبين عند إعادة النظر في قضاياهم أنه قد حكم عليهم بالإعدام خطأ فلو نفذ الحكم في هؤلاء لما أمكن إصلاح الخطأ الذي ارتكب في حقهم.

ص: 366

وهذه الشبهة ليست أفضل من سابقتها، ذلك لأنه ليس هناك أي عمل يقوم به بنو الإنسان إلا وهو محتمل للخطأ ولذلك ورد في الأثر:(كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون).

وبناء عليه فلا يعتبر احتمال الخطأ مبررا للمطالبة بالإلغاء، ولو اعتبرنا الخطأ مبررا للمطالبة بإلغاء عقوبة القتل لاعتبرناه أيضا مبررا للمطالبة بإلغاء غيرها من العقوبات البدنية كالسجن والجلد والتكليف بالقيام بالأعمال الشاقة، لاحتمال وقوع الخطأ فيها، مع عدم إمكانية تلافيه، ولم يقل أحد بذلك.

على أن العقوبة بالقتل قد أحيطت بضمانات كثيرة تهدف إلى الحرص على ألا تنفذ هذه العقوبة إلا فيمن استحقها فعلا.

ثالثا: أن هذه العقوبة غير مجدية فلم يقم دليل على أن تطبيقها يقلل من ارتكاب الجرائم في البلدان التي تنفذها.

وهذه الشبهة مجرد دعوى خالية عن الدليل، والواقع يرفضها، فقد قرر كثير من المشتغلين بالقضاء والمحاماة أن الجناة لا يخشون أي عقوبة خشيتهم من الإعدام، ولذلك فهي عقوبة رادعة عن ارتكاب الجرائم بشهادة هؤلاء، ورحبت بعض المراجع القضائية الأمريكية بزيادة تنفيذ عقوبة الإعدام في الآونة الأخيرة في المجرمين الخطرين، لأنه ثبت في نظر المسؤولين أنه من شأن الجدية في تنفيذ عقوبة الإعدام أن تؤدي إلى تخفيف الجرائم، وإن كان المدعي العام في أطلنطا (مايكل باوز) يقول: إنه لا يستطيع أن يثبت هذا القول، ولكنه يصدقه على كل حال.

وقد نشرت جريدة الرياض في عددها (5579) الصادر يوم الأحد 25 ذي الحجة عام 1403هـ تحت عنوان (بعد ازدياد معدل جرائم القتل، الفرنسيون يفضلون إعادة تطبيق عقوبة الإعدام) – نقلا عن وكالة رويتر – أن معظم الشعب الفرنسي يرغب إعادة المقصلة، ويعتقد الكثير منهم أن معدل جرائم القتل ارتفع بصورة مضطردة منذ إلغاء عقوبة الإعدام في فرنسا منذ عامين.

رابعا: أن هذه العقوبة تتسبب في بطء وتأخر الفصل في الجرائم التي تستوجبها، لأن القضاة يتحرجون من الحكم بها، لفظاعة هذه العقوبة وقسوتها، ويتيحون بذلك الفرصة أمام الدفاع للأخذ والرد، والتحايل على الأنظمة والقوانين بشتى الوسائل والطرق، مع وجود الأذن الصاغية لما يقولون، رغبة في توصلهم إلى ما يبرئ المتهم ولو بدون حق، وذلك يؤدي إلى تعطيل سير العدالة، والتقليل من هيبة المحاكم والقضاة.

وللإجابة على هذه الشبهة أقول بأن قيام القاضي بالتثبت والتأكد من استحقاق المتهم للعقاب أمر مطلوب في كافة الجرائم، ويتأكد ذلك في الجرائم التي يعاقب عليها بالقتل، ولا يعتبر ذلك عيبا في العقوبة، ولا مسوغا للمطالبة بإلغائها، وقيام القاضي بالتثبت أمر له حدود، فإذا بان له وجه الحق في القضية وجب عليه الحكم، ولم يجز له التأخير رأفة بالجاني على حساب مصلحة المجتمع، وعندئذ لا يكون هناك تأخير في الفصل وإصدار الأحكام لا في الجرائم الموجبة للقتل، ولا في غيرها من الجرائم.

وبعد، فإن هذه الشبه جميعا لا ترد إطلاقا على العقوبة بالقتل في الشريعة الإسلامية، وذلك لأنه إذا وجد الدليل الصحيح الصريح على وجوب قتل شخص ما لارتكابه جريمة ورد الشرع الحنيف مرتبا العقوبة بالقتل على ارتكابها وجب التسليم والانقياد، وتطبيق ما ورد به الدليل، واعتباره جزءا من الدين، لا ينبغي للمسلم المراء ولا الجدال فيه، وإلا كان مخالفا لأمر الله ولشرعه، لقوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} وكان المخالف لمقتضى الدليل مستحقا للوعيد الذي ورد ذكره في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

والحمد لله أولا وآخرا والصلاة على خير خلقه نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 367