الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشروط في النكاح
المؤلف/ المشرف:
صالح بن غانم السدلان
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار معاذ ̈الثانية
سنة الطبع:
1409هـ
تصنيف رئيس:
فقه
تصنيف فرعي:
نكاح - شروط النكاح
الخاتمة
حيث أن الحديث عن الشروط في النكاح وما يتعلق بها من أبحاث فمن المناسب أن نختم البحث ببيان بعض الحقوق الزوجية لأن الشروط إما أن ترجع إلى ما يتعلق بحق الزوج أو بحق الزوجة أو بحق مشترك بينهما. والحديث مهما يتناول أموراً ثلاثة:
1 -
حقوق الزوج على زوجته.
2 -
حقوق الزوجة على زوجها.
3 -
الحقوق المشتركة بين الزوجين.
فصل: في حقوق الزوج على زوجته:
الأصل الذي بنيت عليه حقوق الزوج على زوجته هو قوله تعالى في سورة النساء: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} أثبتت الآية للرجال حق القوامية على نسائهم بسبب ما فضل الله بعضهم على بعض وبسبب ما أنفقوا من أموالهم. ومن أبرز هذه الحقوق الطاعة: إذا أعد الزوج لزوجته السكن الشرعي المستكمل لحاجات معيشتها الذي تأمن فيه على نفسها ومالها يجب عليها أن تسلم نفسها إليه وأن تقيم معه في هذا المسكن، وعليها أن تمتثل أمره إلا فيما نهى الله عنه.
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ويلزمها القرار في بيته وألا تخرج إلا بإذنه.
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} في هذه الآية يأمر الله تعالى النساء أن يلزمن بيوتهن صيانة لهن وحفظاً لحق أزواجهن.
ويلزمها المحافظة على نفسها ومالها وألا تأذن لأحد يكره دخوله في منزله إلا بإذنه {وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} .
ولا يجوز للمرأة أن تهجر فراش زوجها وعليها أن تمتثل أمره إذا دعاها لحاجته. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشها فأبت قلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وعليها أن تؤمن بوجوب حق زوجها عليها وأن له من الحق أعظم من ما لها عليه.
{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} .
وعن قيس بن سعد في حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق). إن المرأة إذا أقامت هذه الحقوق وغيرها مما لم تذكر لكفيل بأن تعيش في أكناف زوجها عيشة هادئة كريمة ملؤها المحبة والوئام.
فصل في حقوق الزوجة على زوجها:
الأصل في حق الزوجة على زوجها قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وحقوق الزوجة على زوجها كثيرة ومتعددة فمن هذه الحقوق: الصداق {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} . {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} .
وإذا دخل الرجل بالمرأة استحقت عليه المهر كاملاً. وإن فارقها بعد العقد وقيل الدخول وكان قد سمي مهراً استحقت نصفه {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلَاّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} .
وإن لم يسم شيء فلها على زوجها المتعة {لَاّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} .
2 -
نفقة الزوجة وهي ما تحتاج إليه من طعام وكسوة ومسكن وفرش وخدمة وكل ما يلزم لمعيشتها حسب المعروف وهي حق لها على زوجها لقوله تعالى {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَاّ وُسْعَهَا} {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} . وروى مسلم في صحيحه اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
3 -
عدم الإضرار بالزوجة ومن حقوق الزوجة على زوجها أن لا يضارها بقول أو فعل أو خلق {فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} روى أبو داود في سننه عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال قلت يا رسول الله "ما حق زوجة أحدنا عليه" قال (تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت) وإذا قصر في شيء من نفقتها أو نالها منه أذى لها حق المطالبة بحقها والدفاع عن نفسها وإذا كان للزوج أكثر من زوجة وجب عليه العدل بينهن والتسوية في كل ما يملك بذله لهن. فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.
وقالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
الحقوق المشتركة: هناك حقوق مشتركة بين الزوجين تجب لكل من الزوجين بسبب عقد الزواج فمنها: حل الاستمتاع إذا تم عقد النكاح بين الزوجين وتوفرت الشروط من تسليم زوجته وتأمين المسكن ونفقة. وانتفت الموانع من الحرام ونحوها أبيح الاستمتاع لكل من الزوجين بالآخر على الوجه الشرعي الذي قصد منه عقد النكاح {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} والمرأة سكن لزوجها وهو كذلك سكن لها.
ومن هذه الحقوق أيضاً ثبوت التوارث بين الزوجين إذا تم عقد الزواج ثم مات أحد الزوجين قبل صاحبه ثبت حق التوارث بينهما ما لم يمنع من ذلك مانع.
ومنها المعاشرة بالمعروف على كل من الزوجين أن يعاشر زوجه بالمعروف كما أمر الله تعالى وعاشروهن بالمعروف. ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف.
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم حجة الوداع: ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم لن تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيل، ألا إن لكم إلى نسائكم هذا ولنسائكم عليكم حقاً فلكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن).
نتبين من هذه النصوص مشروعية المعاشرة بين الزوجين بالمعروف وأن لكل زوج على زوجه حقاً فعلى المرأة أن تقوم بالحقوق التي تناسبها وكذلك على الزوج أن يقوم بالحقوق التي تناسبه.
ومن هذه الحقوق أيضاً ثبوت حرمة المصاهرة بين الزوجين فيحرم على الزوج نكاح أم زوجته وإن علت وبنتها كذلك يحرم عليه أن يجمع بين المرأة وأختها وعمتها وبين المرأة وخالتها ويحرم عليها هي نكاح أبي الزوج وابنه وإن نزل.
هذه بعض الحقوق المشتركة التي تثبت لكل من الزوجين على الآخر بعقد الزواج وليس المقصود حصر جميع الحقوق التي من هذا النوع وإنما المراد بيان جنسها.
فصل:
وملاك الحقوق الزوجية والقيام بها الإيمان بالله وتتبع ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من أقوال وأفعال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى في حسن الأخلاق وخاصة ما يتعلق بالمعاملات الزوجية عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). وعنها أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: (فسابقته على رجلي فسبقته فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. قال هذه بتلك السبقة). رواه أبو داود وهذا منه صلى الله عليه وسلم يدل على عظيم خلقه وتواضعه وهو القدوة لأمته {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
السنة الثابتة مستفيضة ببيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من حسن المعاشرة الزوجية. فما عرف أنه ضرب امرأة ولا عبداً بل حذر من ذلك أشد التحذير وهذا يوجب على كل مسلم أن يقتدي برسول الله عليه الصلاة والسلام فيما كل ما من شأنه الاقتداء به.
مراتب الحقوق الزوجية:
وما يتعامل به الزوجان واجب ومندوب كالمعاشرة الزوجية مثلا فإن منها الواجب والمندوب.
والواجب في حد ذاته مراتب متفاوتة فبعض الواجبات آكد من بعض وألزم فتأمين النفقة الضرورية مثلا يختلف في وجوبه عن تأمين نفقة الكفاية. وكذلك المندوب مراتب يختلف بعضها عن بعض وهذا بين يتضح من استقراء الأوامر الشرعية في الحقوق الزوجية وغيرها.
فصل:
وما نهى أن يتعامل به الزوجان محرم ومكروه. والمحرم مراتب بعضها أشد من بعض فمنها ما يستوجب التأثيم مع العقوبة في الدنيا ومنها ما يستوجب التأثيم فقط والمكروه مراتب كذلك فمنه ما يستحق فاعله اللوم والعتاب ومنها ما يستحق لوماً دون ذلك فالإصرار على فعل المكروه والاستمرار عليه قد يصل إلى درجة التحريم فالذي يتخذ بذاءة اللسان خلقا له مع زوجته مع علمه بالنهي عن ذلك، فليس كمن تحصل منه البذاءة على فترات مختلفة.
وبعد فهذا ما تيسر لي كتابته فإن كان صواباً فمن الله وإن كان غير ذلك فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.