المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الجامع في أصول الربا

- ‌الجنسية والتجنس وأحكامهما في الفقه الإسلامي

- ‌الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته

- ‌الجوهر في عدد درجات المنبر

- ‌الحجاب

- ‌الحدود في الإسلام ومقارنتها بالقوانين الوضعية

- ‌الحصانات الدبلوماسية والقنصلية والمعاهدات في الفقه الإسلامي والقانون الدولي - دراسة مقارنة

- ‌الحقوق المتعلقة بمتعة المطلقة

- ‌الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌الحيض والنفاس رواية ودراية دراسة حديثة فقهية مقارنة

- ‌الخط المشير إلى الحجر الاسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته

- ‌الخلاف بين أبي حنيفة وأصحابه وموقف الأئمة الآخرين من هذا الخلاف

- ‌الخلاف في حكم تارك الصلاة

- ‌الدبلوماسية بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي

- ‌الدعاء في خطبة الجمعة - حكمه وصوره

- ‌الدعاء وأحكامه الفقهية

- ‌الدفع بالتقسيط عن طريق البطاقات الائتمانية دراسة فقهية مقارنة

- ‌الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها والتأمين التعاوني عليها

- ‌الربا والمعاملات المصرفية في نظر الشريعة الإسلامية

- ‌الرسالة الفاصلة في تقدير غالب الموازين والمكاييل

- ‌الرضاع المحرم وبنك اللبن

- ‌الرهن في الفقه الإسلامي

- ‌الزواج بنية الطلاق

- ‌الزواج بنية الطلاق حقيقته وحكمه وآثاره

- ‌الزينة مفهومها وأحكامها الدنيوية في القرآن

- ‌السفر الذي يثبت به القصر

- ‌الشروط في النكاح

- ‌الشريعة الإسلامية والفنون (التصوير - الموسيقى 000)

- ‌الشك في عدد الركعات في الصلاة حكمه - أسبابه - علاجه

- ‌الضوابط التي تحكم عقد صيانة الأعيان المؤجرة وتبعية ذلك على المؤجر والمستاجر (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌الطهارة لقراءة القرآن الكريم والطواف بالبيت الحرام

- ‌الطهر في أداء فرض الظهر

- ‌التأخير وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌الترجيح في مسائل الصوم والزكاة

- ‌الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة

- ‌الظروف المشددة المحققة في عقوبة التعزير في الفقه الإسلامي

- ‌التسبيح في الكتاب والسنة والرد على المفاهيم الخاطئة فيه

- ‌التشبه المنهي عنه في الفقه الإسلامي

- ‌التعبير عن الرأي – ضوابطه ومجالاته في الشريعة الإسلامية

- ‌التعزية حقيقتها والمسائل المتعلقة بها

- ‌التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌التعويض عن تفويت منفعة انعقد سبب وجودها

- ‌التقويم في الفقه الإسلامي

- ‌التمثيل حقيقته - تاريخه - حكمه

- ‌العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة

- ‌العمل بالاحتياط في الفقه الإسلامي

- ‌العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي

- ‌العمولات المصرفية حقيقتها وأحكامها الفقهية

- ‌العولمة وخصائص دار الإسلام ودار الكفر

- ‌الغرر وأثره في العقود في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة

- ‌الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين

- ‌القديم والجديد في فقه الشافعي

- ‌القضاء ونظامه في الكتاب والسنة

- ‌القمار حقيقته وأحكامه

- ‌القول الأخير في الحج والعمرة عن الغير

- ‌القول الصائب في حكم صلاة الغائب

- ‌القول المعتبر في جمع الصلاتين للمطر

- ‌القول المنعوت بتفصيل البسملة والقنوت

- ‌اللباس والزينة في الشريعة الإسلامية

- ‌المال المأخوذ ظلماً وما يجب فيه في الفقه الإسلامي

- ‌المحاماة تاريخها في النظم وموقف الشريعة الإسلامية

- ‌المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهية

- ‌المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس

- ‌المذهب عند الشافعية وذكر بعض علمائهم وكتبهم واصطلاحاتهم

- ‌المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة

- ‌المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية - دراسة فقهية أصولية

- ‌المساجد السبعة تاريخاً وأحكاماً

- ‌المساجد بين الاتباع والابتداع

- ‌المسعى وحكم زياداته الشرعية

- ‌المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي

- ‌المغامرة بالنفس في القتال وحكمها في الإسلام (العمليات الاستشهادية)

- ‌المقاطعة الاقتصادية تأصيلها الشرعي – واقعها والمأمول لها

- ‌المنفعة في القرض دراسة تأصيلية تطبيقية

- ‌الموسوعة الشاملة في أعمال المصارف

- ‌النجاسات وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌النسب ومدى تأثير المستجدات العلمية في إثباته - دراسة فقهية تحليلية

- ‌النقود وظائفها الأساسية وأحكامها الشرعية

- ‌النوازل في الحج

- ‌النيابة في العبادات

- ‌النية وأثرها في الأحكام الشرعية

- ‌الهجرة إلى بلاد غير المسلمين حكمها، ضوابطها وتطبيقاتها

- ‌الوساطة التجارية في المعاملات المالية

- ‌الوفاة وعلاماتها بين الفقهاء والأطباء

- ‌اليمين المشروعة واليمين الممنوعة

- ‌اليمين والآثار المترتبة عليه

- ‌انتفاع الأموات من سعي الأحياء

- ‌بدع القبور أنواعها وأحكامها

- ‌بدل الخلو (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌بطاقة التخفيض حقيقتها التجارية وأحكامها الشرعية

- ‌بعض الأحكام المتعلقة بالحياة الزوجية

- ‌بهجة الأسماع في أحكام السماع في الفقه الإسلامي

- ‌بيان الحجة في حكم استعمال الذهب والفضة

- ‌بيع التقسيط تحليل فقهي واقتصادي

- ‌بيع التقسيط وأحكامه

- ‌بيع العينة أو (الأنموذج) في الشريعة والقانون

- ‌بيع العينة مع دراسة مداينات الأسواق

- ‌بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين)

- ‌بيع المرابحة للواعد الملزم بالشراء والدور التنموي

- ‌بيع المزاد

- ‌بيع المزايدة المزاد العلني أحكامه وتطبيقاته المعاصرة دراسة فقهية معاصرة

- ‌ثلاث مسائل فقهية في الصلاة

- ‌جامع المسائل في أحكام قنوت النوازل

- ‌جدة داخل المواقيت ولن تكون ميقاتا لغير أهلها

- ‌جزء في مسح الوجه باليدين بعد رفعهما للدعاء

- ‌جمع الدرر في أحكام التصوير والصور

- ‌جمعية الموظفين (القرض التعاوني)

- ‌حجر الكعبة المشرفة – تاريخه – فضائله – أحكامه الفقهية

- ‌حجية القرائن في الشريعة الإسلامية -البصمات / القيافة

- ‌حد الإقامة الذي تنتهي به أحكام السفر

- ‌حدود الصفا والمروة (التوسعة الحديثة) دراسة تاريخية فقهية

- ‌حقيقة الجندر وموقف الإسلام منه

- ‌حكم الأرجل في الوضوء

- ‌حكم الإضراب عن الطعام في الفقه الإسلامي

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد

- ‌حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد الإسلامي

- ‌حكم البسملة في الصلاة

- ‌حكم الشرع في لعب الورق "الشدة

- ‌حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين

- ‌حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية

- ‌حكم التسعير في الإسلام (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌حكم التعاقد عبر أجهزة الاتصال الحديثة في الشريعة الإسلامية

- ‌حكم التعزير بأخذ المال في الإسلام

- ‌حكم التمثيل في الدعوة إلى الله

- ‌حكم التنفل إذا أقيمت الصلاة

- ‌حكم العربون في الإسلام

- ‌حكم الكلام وما شابهه في الصلاة دراسة فقهية مقارنة

- ‌حكم بيع الذهب القديم بالذهب الجديد وحكم بيع العملة الورقية بعملة أخرى

- ‌حكم دخول غير المسلمين للمساجد في ضوء الآيات التي تحدثت عن ذلك

- ‌حكم رفع اليدين مع تكبيرات الجنازة

- ‌حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء

- ‌حكم ممارسة الفن في الشريعة الإسلامية دراسة فقهية موازنة

- ‌خطبة الجمعة وأحكامها الفقهية

- ‌دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة

- ‌ذبائح المسلمين والكتابيين بين الشك واليقين

- ‌رسائل فقهية

- ‌رسالة في حكم تقديم السعي على الطواف

- ‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام

- ‌زكاة الأسهم والسندات

- ‌زكاة الحقوق المعنوية (ندوات قضايا الزكاة المعاصرة)

- ‌زكاة النقود الورقية المعاصرة

- ‌زكاة عروض التجارة

- ‌زواج المسيار دراسة فقهية واجتماعية نقدية

- ‌سجود السهو (رسائل فقهية)

- ‌سلطة ولي الأمر في فرض وظائف مالية (الضرائب) دراسة فقهية مقارنة

- ‌سلم الأماني في إجابة من يقول بالحجاب بقول الألباني: جواب عن حكم حجاب أجيب به عمن جرى في وجوههن ماء الشباب

- ‌سندات الإجارة والأعيان المؤجرة

- ‌شرح الصدور ببيان بدع الجنائز والقبور

- ‌صبغ اللحية بالسواد بين المانعين والمجيزين عرض ونقد على منهج المحدثين

- ‌صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين

- ‌صكوك الإجارة – دراسة فقهية تأصيلية تطبيقية

- ‌صناعة الصورة باليد مع بيان أحكام التصوير الفتوغرافي

- ‌صوم الشيوخ المسنين

- ‌ضمان المنافع دارسة مقارنة في الفقه الإسلامي والقانون المدني

- ‌ضوابط العقد في الفقه الإسلامي

- ‌تحقيق الصنعة في بيان أحكام القرعة

- ‌تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

- ‌تحقيق وقت ساعة الإجابة من يوم الجمعة

- ‌تذكرة الأنام في النهي عن القيام

- ‌ترتيب الموضوعات الفقهية ومناسباته في المذاهب الأربعة

- ‌تسليح الشجعان بحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

- ‌تسليم المطلوبين بين الدول وأحكامه في الفقه الإسلامي

- ‌تعريف أهل الإسلام بأن نقل العضو حرام

- ‌تنبيه أهل العصر بما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر

- ‌تنبيه الصحب إلى مشروعية تسوية الصف بالمنكب والكعب

- ‌تنبيهات على محظورات - كرة القدم بين المصالح والمفاسد

- ‌تنظيم النسل وموقف الشريعة الإسلامية منه

- ‌توسيع وقت رمي الجمرات ضرورة شرعية معاصرة

- ‌توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال

- ‌توضيح الرؤية القاصرة - زكاة الأثمان على النقدين بالعلة القاصرة

- ‌تيسير العليم في أخذ الأجرة على القرآن والتعليم

- ‌عقوبة الإعدام

- ‌عقود المناقصات في الفقه الإسلامي

- ‌عمل المرأة ضوابطه - أحكامه - ثمراته دراسة فقهية مقارنة

- ‌غزو البحار فضله وأحكامه، وأشهر قادته المسلمين في القرن الهجري الأول

- ‌فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب

- ‌فضائل الجمعة أحكامها - خصائصها دراسة فقهية مقارنة في المذاهب الأربعة

- ‌فقه الاعتكاف

- ‌فقه الشورى دراسة تأصيلية نقدية

- ‌فقه الطفولة - أحكام النفس دراسة مقارنة

- ‌قصر الصلاة للمغتربين

- ‌قضاء العبادات والنيابة فيها

- ‌قضايا اللهو والترفيه بين الحاجة النفسية والضوابط الشرعية

- ‌قطف الزهو في أحكام سجود السهو

- ‌قنوت النوازل

- ‌كشف الالتباس عن أحكام النفاس

- ‌كشف الستور عن قطع المرأة للصلاة بالمرور

- ‌كشف المبهم عن حكم سفر المرأة بدون زوج أو محرم

- ‌كتمان السر وإفشاؤه في الفقه الإسلامي

- ‌لباب النقول في طهارة العطور الممزوجة بالكحول

- ‌لباس الرجل أحكامه وضوابطه

- ‌مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط في الفقه الإسلامي

- ‌مشكل المناسك – دراسة سبع عشرة مسألة من مسائل المناسك التي حصل فيها إشكال بين المعاصرين

- ‌مشكل لباس الإحرام – دراسة ست مسائل من أحكام لباس الإحرام مع تخريج الأحاديث والتعريف بأسماء الألبسة

- ‌مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام

- ‌مصارف الزكاة وتمليكها في ضوء الكتاب والسنة

- ‌مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز في الأعلام والكتب والآراء والترجيحات

- ‌مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام هل يجوز تأخيره عن موضعه عند الحاجة لتوسيع المطاف

- ‌مكانة الكتب وأحكامها في الفقه الإسلامي

- ‌من تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة - صلاة التراويح

- ‌موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من الرقص

- ‌موقف الشريعة الإسلامية من خلو الرجل (أو الفروغية)

- ‌نقض الأحكام القضائية في الفقه

- ‌نهاية المطاف في تحقيق أحكام الطواف

- ‌نوازل الزكاة

- ‌هداية الحيران إلى حكم ليلة النصف من شعبان

- ‌هل للقاضي الحكم على الغائب

- ‌ولاية المرأة في الفقه الإسلامي

- ‌فكر إسلامي أو عربي

- ‌الأمة الإسلامية بين عوامل السقوط وعوامل الارتقاء (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌الإسلاميون الجدد والعلمانية الأصولية في تركيا ظلال الثورة الصامتة

- ‌التغريب الثقافي في الإعلان التجاري

- ‌العصبية القبلية من المنظور الإسلامي الناس كلهم من آدم وآدم من تراب

- ‌العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب

- ‌العلاقة بين العمليات الإرهابية والغلو التطرف

- ‌الليبرالية في السعودية والخليج - دراسة وصفية نقدية

- ‌ظاهرة التأويل الحديثة في الفكر العربي المعاصر – دراسة نقدية إسلامية

- ‌من معالم المنهجية الإسلامية للدراسات المستقبلية

- ‌فلسفة ومنطق وعلم نفس

- ‌التأصيل الإسلامي للدراسات النفسية - البحث في النفس الإنسانية والمنظور الإسلامي

- ‌فهارس

- ‌فهارس كتب الحديث المطبوعة والآلية

- ‌لغة عربية

- ‌أل الزائدة اللازمة مواضعها وأحكامها

- ‌إنكار المجاز عند ابن تيمية بين الدرس البلاغي واللغوي

- ‌القرارات النحوية والتصريفية لمجمع اللغة العربية بالقاهرة جمعاً ودراسة وتقويماً

- ‌مجاميع

- ‌وحي القلم

- ‌مخطوطات

- ‌أنماط التوثيق بين المخطوط العربي في القرن التاسع الهجري

- ‌متفرقات

- ‌ظاهرة الصراع في الفكر الغربي بين الفردية والجماعية

- ‌معاجم وموسوعات

- ‌المعجم الصوفي

- ‌نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد

الفصل: ‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام

‌رفع العتاب والملام عمن قال: "العمل بالحديث الضعيف اختيارا حرام

"

‌المؤلف/ المشرف:

محمد بن قاسم الفاسي

‌المحقق/ المترجم:

محمد المعتصم بالله البغدادي

‌الناشر:

دار الكتاب العربي - بيروت ̈الأولى

‌سنة الطبع:

1406هـ

‌تصنيف رئيس:

فقه

‌تصنيف فرعي:

العمل بالحديث الضعيف

الخاتمة

ختم الله لنا بالحسنى ومتعنا بالنظر لوجهه الكريم الذي لا يفنى

اعلم أني لما وقفت على كلام سيدي عبدالرحمن الفاسي في تحفة الأكابر المتقدم بعضه في الفصل الثالث وكان متضمناً لما حاصله أنه يجب العمل بأحد القولين الذي هو أقوى من مقابله كما أنه يخير في العمل بأحد القولين المتساويين أردت أن أبسط ذلك بذكر الصور اللائقة بالمقام على جهة التفصيل والتمام وحاصل هذه الصور أنها عشرة: ستة فيها أحد القولين أقوى من مقابله فيجب العمل به ويحرم العمل بمقابله وأربعة القولان فيها متساويان في ترجيح كل منهما أو في عدم ترجيح كل واحد منهما.

فالستة الأولى هي أن يكون أحد القولين مشهوراً ومقابله شاذ أو أحد القولين راجحاً ومقابله ضعيفاً أو أحد القولين راجحاً ومقابله مشهوراً أو أحد القولين مشهوراً أو راجحاً ومقابله شاذا أو ضعيفاً أو أحد القولين مشهوراً وراجحاً والآخر راجحاً فقط أو أحد القولين مشهوراً وراجحاً والآخر مشهوراً فقط فهذه ست صور يجب فيها العمل بالأقوى ويحرم العمل بمقابله إلا في الضرورة والقوة حصلت في الصورة الأولى بالمشهورية وفي الثانية بالراجحية وفي الثالثة بالراجحية أيضاً فإنها أقوى من المشهور كما تقدم ذلك عن الهلالي في الفصل الثاني وفي الرابعة باجتماع المشهورية والراجحية وفي الخامسة باجتماع ذلك أيضاً فإن اجتماع ذلك أقوى من انفراد الراجحية وفي السادسة باجتماع ذلك أيضاً فإن اجتماع ذلك أقوى من انفراد المشهورية وإلى القول الأقوى المذكور في هذه الست صور أشار خليل بقوله مبيناً لما به الفتوى أي مقتصراً على القول القوي الذي يجب الحكم والفتوى والعمل به في هذا المختصر غالباً وهو ما كان راجحاً ومشهوراً أو راجحاً فقط أو مشهوراً فقط.

والصور الأربع الباقية التي فيها القولان متساويان تنقسم على قسمين الأول أن يكون القولان متساويين في التقوية وفيه ثلاث صور.

أحدها أن يكون القولان مشهورين معاً.

ثانيها أن يكون القولان راجحين معاً.

ثالثها أن يكون كل من القولين راجحاً ومشهوراً بأن يكون كل منهما قالت به جماعة وكل منهما له دليل قوي وإلى هذه الصور الثلاث أشار خليل بقوله وحيث قلت خلاف فذلك للاختلاف في التشهير لأن مراده باختلاف التشهير الاختلاف في التقوية عبر المختلفون في ذلك بلفظ التشهير أو الترجيح كما يفيده الحطاب في الكلام على النص المذكور ونصه وسواء كان اختلافهم بلفظ التشهير أو بما يدل عليه كقولهم المذهب كذا أو الظاهر أو الراجح أو المفتي به كذا أو العمل على كذا أو نحو ذلك اهـ نقله بناني عند قول خليل في الظهار وهل هو العزم على الوطء الخ وسلمه وكذا نقله الرهوني ثمة وسلمه.

والثاني من المتساويين أن يكون لا ترجيح في واحد من القولين وفيه صورة فقط وإلى هذه الصورة أشار خليل بقوله وحيث ذكرت قولين أو أقوالاً الخ وحكم هذه الصور الأربعة أن المكلف مخير فيما يعمل به من القولين كما نص عليه سيدي عبدالرحمن الفاسي وما ذكرناه عن سيدي عبدالرحمن الفاسي من أنه يعمل بالقولين في الست صور ويخير في الأربعة يؤخذ من كلام سيدي محمد الرهوني في غير ما موضع من حاشيته.

ص: 279

مثال الصورة الأولى وهي ما إذا كان أحد القولين مشهوراً والآخر شإذا كراء الأرض بما يخرج منها فإن المذهب أي المشهور كما قال الشيخ التاودي على التحفة المنع تبعاً لناظمها قال ابن رشد في المقدمات، مذهب مالك وأكثر أصحابه أنه يجوز كراؤها بالدنانير والدراهم والعروض والثياب والحيوان ما عدا كراءها بالطعام وإن لم تنبته كالسمن والزيت وبما تنبته ولو غير طعام كالقطن والكتان اهـ " وقال سحنون من اكترى أرضاً بما يخرج منها فذلك جرحة في حقه وتأوّله أبو محمد بما إذا كان عالماً بالمنع وهو مذهبه أو قلد مذهب المانع وإلا فلا على قول مالك وأكثر أصحابه عول خليل إذ قال عاطفاً على المنع ما نصه وكراء الأرض بطعام أو بما تنبته إلا كخشب الخ وقد سلم كلامه كل من شرحه أو حشي عليه والمقابل وهو الليث يقول بالجواز فلا يحل لعالم أن يفتي به لأحد وإنما يجوز له أن يعمل به في نفسه عند الضرورة فإن وقع ذلك الكراء المحرم على المشهور فإن اطلع عليه قبل حرثها فالفسخ ليس إلا وإلا فالزرع أو المقتاة كله للمكتري وعليه لربها كراء المثل عيناً هذا إن اكتراها لِسَنة واحدة فإن اكتراها بجزء مما تخرجه سنين واطلع على ذلك في أثنائها فالأعوام الباقية تفسخ فيها الكراء وما مضى يكون فيه كراء المثل.

وكذا من ذبح ذبيحة وجعل الكرجمة كلها لجهة البدن فالمذهب أي المشهور أنها لا تؤكل وهو قول مالك وابن القاسم وأشهب وأصبغ وابن مزين قال التلمساني وهو المشهور وقال في الشامل ولو حاز الجوزة للبدن من غير قطع فمشهورها المنع وقال ابن الحرب لا تؤكل مطلقاً أي لا يأكلها غني ولا فقير وممن صرح بحرمتها السيوري، وكلامه محمول على عدم الصعوبة في الدين وكذا ذكر ابن رشد أن المشهور منع أكلها فعلى هذا القول وهو حرمتها على الفقير والغني لا بيع فيها ولا صدقة وإنما ترمى للكلاب قال ابن ناجي ويضمن الجزار قبعتها إن فرط كثقب اللؤلؤة ومن استؤجر على نقل زجاج فكسره أو أذن له في تقليب فخّار فكسره والبيطار في حال علاجه للدابّة والطبيب في حال طبه والمؤدب إذا ضرب ضرباً لا يجوز له أمّا ما يجوز له ونشأ منه فساد فلا شيء عليه والقاضي إذا حد حداً ونشأ منه فساد فلا ضمان عليه والمقابل القائل بجواز الأكل وهو ابن وهب، ومن تبعه وإن كان قوياً في نفسه فهو شاذ بالنسبة للقول بالحرمة.

ص: 280

وكذا من خشي باشتغاله بالوضوء أو بالغسل من الحدث الأكبر خروج الوقت فالمشهور أنه يتيمم مطلقاً كان يداوم على الصلاة في الوقت أم لا وهو قول مالك الذي رواه الأبهري عنه وهو مذهب ابن القصار وعبدالوهاب وغيرهما من العراقيين وهو الذي اختاره التونسي وابن يونس وصاحب التوضيح وأقامه اللخمي وعياض من المدونة وصرح ابن الحاجب بتشهيره والمراد بالوقت الذي هو فيه اختيارياً أو ضرورياً كما يؤخذ من سيدي محمد الرهوني والشاذ يقول أنه يتوضأ أو يغتسل ولو أدى ذلك للصلاة خارج الوقت ولم يطلع خليل على أن هذا الثاني شاذ بالنسبة إلى الأول فأشار إلى تشهيرهما معاً بقوله وهل إن خاف فواته باستعماله خلاف وكذا إزالة النجاسة عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه فالمشهور فيها الوجوب والشاذ يقول بالاستحباب وقد صرح بشذوذ القول بالاستحباب شيخ الشيوخ سيدي عبدالقادر الفاسي في نوازله الكبرى قال ولا يعمل بهذا القول الشاذ إلا عند الضرورة وقد اعترض العارف بالله مولاي أحمد التجاني القول بالسنية ولم يَرْتض ِ إلا القول بالوجوب مستدلاً بقوله تعالى وثيابك فطهر قال لأن الأمر للوجوب حقيقة وإذا أبطل رضي الله عنه القول بالسنية فكيف يرتضي القول بالاستحباب ثم أن ما للحطاب وصدر به الزرقاني واختاره المسناوي فإنه قال والنفس لما يقوله الحطاب أميل نقل ذلك تلميذه جسوس في شرح الفقهية وكذا اختاره الشيخ بناني وسلمه الرهوني بسكوته عنه وكذا سلمه شيخنا في اختصاره من أن الخلاف بين السنية والوجوب لفظي هو الصواب خلافاً لمن جعله من الشراح حقيقياً كالشيخ الإمام أبي سالم العياشي، في ترجمة حكيم الإسلام الروداني فقد رد عليه العلامة الشريف الحسني سيدي أبو عبدالله محمد بن عبدالسلام القادري رحمه الله ورضي عنه في كتابه " نشر المثاني " في ترجمة حكيم الإسلام المذكور بأن كون الخلاف حقيقياً يفيد أنه على السنية تكون الإعادة وقتية مع أن الصواب أن الإعادة على السنية أبدية.

فإن قلت: كيف تجعل الخلاف لفظياً وتجعل الإعادة على السنية أبدية وهم نسبوا لمالك وجميع أصحابه إلا ابن وهب وأبا الفرج أن الإعادة على القول بالسنية وقتية فقط قلت: مرادهم بجميع أصحابه من أدركه فقط لا كل من تمذهب بمذهبه ومعلوم أن أصحابه الذين لم يدركوه هم أكثر ممن أدركه وكلهم اختاروا أن الخلاف لفظي وانظر الحطاب وبهذا التحقيق تعلم ما وقع للشيخ سيدي علي الأجهوري في النظم الذي نسب إليه ونصه.

فرضٌ إزالة ُ النجاسةِ وقيل ندب وقيل سنة خذ يا نبيل

وكلها مشهر في المذهب من اقتدى بواحد لم يذنب

وحاصل ما وقع له أمران.

الأول أنه جعل القول بالسنية مقابلاً للقول بالوجوب وبنى عليه كما في نوازله أن من صلى بالنجاسة ذاكراً قادراً يعيد في الوقت فقط ولا يعيد أبداً إلا على القول بالوجوب وهذه وإن كانت طريقة منسوبة لمالك فهي ضعيفة بالنسبة للطريقة الأخرى القائلة بوجوب الإعادة أبداً ولو على السنية وقد رواها ابن وهب عن مالك فالصواب أنهما قول واحد وأن الخلاف لفظي.

ص: 281

والثاني أنه شهر القول بالاستحباب معتمدا ًعلى تشهير الفاكهاني والصواب أن القول بالاستحباب شاذ لأن تشهير القول بالاستحباب الذي عزاه سيدي علي الأجهوري للفاكهاني رده الشيخ مصطفي بأنه وقف على كلام الفاكهاني فوجده يدل على خلاف ذلك وكلام الأجهوري الروداني بأنه بحث عنه في كلام الفاكهاني فلم يجده وكلام الروداني صواب وأما رد أبي سالم العياشي على الروداني فباطل كما ذكره صاحب نشر المثاني فانظره وقول الشيخ علي الأجهوري في نظمه من اقتدى بواحد الخ يحمل الاقتداء في كل من الأقوال الثلاثة على ما يليق به ففي الاختيار يقتدي بالقول بالوجوب المرادف للسنية على الصواب وفي الضرورة يقتدي بالقول بالاستحباب أو بالسنية على كلامه من الغرق بينها وبين الوجوب والله تعالى أعلم وبهذا التأويل يسقط البحث معه بأن كلامه يوهم جواز الاقتداء بالقول بالاستحباب في الاختيار ولا قائل به وكذا يوهم جواز الاقتداء في الاختيار بالسنية على كلامه من مباينة القول بالسنية للوجوب وهو ليس بصواب لأن القول بالإعادة في الوقت المبني على السنية على تسليم مباينتها للوجوب لا يقوى قوّة القول بالإعادة على جهة الوجوب المبني على الوجوب وإذا كان لا يعمل في الاختيار بالاستحباب ولا بالسنية على القول بمباينتها للوجوب فلا يفتى بواحد منهما خلافاً لعلي الأجهوري في نوازله فإنه أفتى بالإعادة في الوقت على السنية وهذا على أن ما في نوازله أفتى هو به وقيل إن ما فيها إنما هو لبعض تلامذته وعليه فالاعتراض على ذلك البعض والله أعلم.

ثم اعلم أن المشهور القائل بالوجوب مع الشرطية مطلقاً من غير تقييد بالذكر والقدرة.

وقيل واجب غير شرط مطلقاً والأول من هذه الأقوال الثلاثة هو الصواب وعليه مشى الشيخ خليل فإنه ذكر الوجوب مع الذكر والقُدْرة في فصل إزالة النجاسة ثم بين أن هذا الوجوب على جهة الشرطية في قوله شرط لصلاة طهارة حدث وخبث وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها ابن رشد في الأجوبة ونقلها الشيخ الرهوني عند قول الشيخ خليل في ستر العورة إن ذكر وكذا بيع الطعام لأهل الحرب المشهور منع ذلك ولو في زمن الهدنة والشاذ يقول بجواز ذلك في زمن الهدنة وهو لابن حبيب.

وكذا استنشاق النفحة فإنه حرام على المشهور فقد صرح بحرمة ذلك الولي الصالح سيدي عبدالقادر الفاسي وتبعه ولده سيدي عبدالرحمن ونظم ذلك في العمليات بقوله.

وحرَّمُوا طَابا للاستعمال وللتجارة على المنوال

ص: 282

وقد صرح بحرمة ذلك العلامة الزبادي ذكر ذلك في رحلته وكذا صرح بذلك الرهوني في حاشيته عند قول خليل وفي كره القرد الخ وكذا صرح بذلك سيدي الطالب بن الحاج في حاشيته على ميارة وكذا صرح بذلك سيدي بدر الدين الحموي في بعض أجوبته ناقلاً عن العلقمي أنه استدل على حرمة ذلك الاستنشاق بالحديث الذي رواه مسلم والسيوطي في الجامع الكبير عن أم هانئ أنها قالت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر وهذا الحديث نبه السيوطي على صحته وروي عن أم سلمة أيضاً وكذا نص على حرمة ذلك الاستنشاق شيخنا العلامة المرنيسي في بعض أجوبته وكذا صرح بحرمة ذلك العلامة الزرهوني مستدلاً على ذلك بالحديث المتقدم قال ووجه الدليل منه أن القاعدة عند المحدثين أن النهي إذا ورد عن شيئين وقد علم حكم النهي عن أحدهما أعطي الآخر حكمه بدليل اقترانهما في الذكر اهـ أي فالمسكر حرام فكذا ما قارنه وهو المفتر ومنه النفحة المستنشقة ثم اعلم أنها حرام على المشهور سواء قلنا مفترة أم لا أما إذا قلنا أنها مفترة فعلة التحريم المأخوذ من الحديث المتقدم زوال العقل مع أن حفظه من الكليات الخمس المجمع عليها عند أهل الملل وهي العقل والدين والمال والعرض والدم قال صلى الله عليه وسلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله نهاكم عن قيل وقال وإضاعة المال أو كما قال وقالت أم هانئ نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر والله أعلم وأما إذا قلنا أنها غير مفترة فالعلة في ذلك أنها تخل بالمروءة كما صرح بذلك سيدي عبدالقادر الفاسي والله أعلم.

والشاذ القائل بجواز ذلك مأخوذ من قول سيدي الطالب بن الحاج في حاشيته على ميارة في الكلام على الاستفاف وأفتى جمع من أئمة كل مذهب بالإباحة اهـ لأنهم إذا أباحوا الاستفاف فأحرى الاستنشاق وذكر أنه كما يحرم ما ذكر يحرم مسميتها بطابة لأن السفهاء الذين يستعملونها يسمونها بذلك.

ص: 283

ومثال ما إذا كان أحد القولين راجحاً والآخر ضعيفاً التفرقة بين الصبيان في المضاجع المذكورة في حديث أبي داود مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع فالتفرقة المذكورة مندوبة عند العشر سنين على الراجح وهي رواية عبدالوهاب عن مالك والضعيف هو قول ابن القاسم يقول أن التفرقة تستحب عند سبع سنين قال ابن رشد الصواب رواية ابن وهب لا قول ابن القاسم وكذا الوليمة مندوبة على الراجح واجبة على الضعيف وكذا إخراج الريح في المسجد حرام على الراجح جائز على الضعيف وهو قول ابن العربي وكذا غسل الرجلين في الوضوء من الجنابة في قولان الراجح تأخير غسلهما وهو الذي روته سيدتنا ميمونة رضي الله عنها فإنها ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر غسل رجليه والقول الضعيف يقول بتقديم غسلهما ولا دليل له فيما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الغسل توضأ وضوءه للصلاة لأن كلامها مطلق وكلام ميمونة مقيد والمطلق يحمل على المقيد فيحمل كلام عائشة على ما عدا الرجلين هذا حاصل ما للشيخ بناني وغيره ومثال الصورة الثالثة وهي ما إذا كان أحد القولين مشهوراً والآخر راجحاً تحلية الصبي بالذهب أو بالفضة أو لباس الحرير الخالص فإن الراجح الذي أخذه الفقهاء المجتهدون من قول النبي صلى الله عليه وسلم " من تحلى ذهباً أو حلى ولده مثل خربصيصة لم يدخل الجنة " هو التحريم في حق الصبي والمخاطب به وليه وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: لم يدخل الجنة المراد به أنه لا يدخل الجنة مع السابقين الأولين إلا أن يتوب أو يقابله الله بالفضل أو يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم فسيدخل مع الأولين وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده والخربصيصة بفتح الخاء وسكون الراء وبفتح الباء الموحدة شيء من الحلي كما فسره الجوهري في الصِّحاح بذلك وفسره في القاموس بالخرزة محركة وفسر الخرزة بالجوهر والمشهور جواز تحلية الصبي بالفضة وكراهة تحليته بالذهب وكراهة إلباس الولي الحرير له فيجب تقديم الراجح على المشهور ولذلك قال خليل وحرم استعمال ذكر فعبر بذكر ليشمل الصبي ولم يعبر برجل القاصر على البالغ.

ص: 284

وكذا قراءة ركعتي الفجر فيها قولان الراجح منهما ندب قراءة قل ياأيها الكافرون في الركعة الأولى وقل هو الله أحد في الركعة الثانية فقد روي الإِمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون في الأولى وقل هو الله أحد في الثانية ومثل هذه الرواية رواية أبي داود عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم والمشهور في قراءة ركعتي الفجر ندب الاقتصار على الفاتحة عملاً بقول عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف قراءة ركعتي الفجر وعلى هذا المشهور مشى خليل إذ قال وندب الاقتصار على الفاتحة واعترضه الشيخ الرهوني بأن الراجح المقدم على المشهور هو قراءة قل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد ولا دليل للمشهور في قول عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخفف القراءة فيهما لأن التخفيف لا يستلزم ترك السورتين المذكورتين والله أعلم وقيدنا في الكلام على المحلى بالصبي لأن الخلاف في الجواز وعدمه قاصر عليه وأما الرجل فيحرم عليه الذهب والفضة من غير خلاف فالمجانة إذا كانت من الفضة الخالِصَة أو الذهب الخالص فهي حرام على الرجل محمولة كانت أو معلقة لقول خليل وحرم استعمال ذكر محلى كما أدخلها في كلامه العلامة الشيخ بناني فقد ذكر أنه أراد الخروج لزيارة الغوث الكامل مولانا عبدالسلام بن مشيش نفعنا الله به في الدارين واحتاج إلى مجانة ليعرف بها أوقات الصلاة فلم يجد إلا مستعملة من ذهب أو فضة فطلب النصوص التي تبيحها له فلم يجدها ونقل عنه أنه استدل على حرمتها بقول خليل وحرم الخ فسافر بلا مجانة ومن المتأخرين من أجازها معللاً ذلك بأنها تعين على الصلاة في وقتها وفي هذا التعليل بحث لعدم توقف معرفة الوقت على المجانة ولكثرة غير الخالصة في هذا الزمان ومنهم من فصل فأباح المجمولة دون المعلقة والاحتياط هو القول الأول إلا لضرورة فحينئذ يقلد الثالث والله أعلم وقولنا فهي حرام على الرجل مفهومه أنها جائزة للمرأة وهو كذلك لأن المحلى لا يحرم لباسه على المرأة وكذلك يجوز للمرأة المخايد التي فيها الصقلي الخالص لأن ذلك من قبيل المفروش الذي هو من اللباس وكذلك يجوز لها النطعة العمياء لأنها مفروشة فهي ملحقة باللباس أيضاً والله أعلم فكل لباس لها أو ما جرى مجرى لباسها كما إذا كان مفروشاً لها فهو جائز.

قال الحطاب عند قول خليل وجاز للمرأة الخ ما نصه قال في الزاهي وما اتخذه النساء لشعورهن وأزرار جيوبهن وأقفال ثيابهن وما يجري مجرى لباسهن فجائز اهـ والمراد بقوله وما اتخذه النساء لشعورهن ما يلففن فيه شعورهن لا المشط من الذهب أو الفضة فإنه حرام كالمكحلة والمرآة والمدهن ومثل ما للحطاب للمواق وسيأتي نصه قريباً والله أعلم.

ص: 285

وأما الستور المفضضة أي المطرزة بالفضة الخالصة أو المذهبة كالحيطي المعروف عندنا بالزحاف وكالخامية المعروفة عندنا أيضاً بالحمقاء فإنهما محرمان على الرجل وكذا هما محرمان على الأنثى لأنهما ملبوسان للحائط لا للمرأة والشارع إنما أباح للمرأة الذهب والفضة إذا كان ملبوسين لها وقد نص على حرمة الستور المذكورة على الرجل والمرأة الحطاب والمواق عند قول خليل وجاز للمرأة إلى قوله لا كسرير ونص الحطاب قال في الجواهر وكذا المكاحل والمرايا المحلات وأقفال الصناديق والأسرة والمذاب والمقرمات وشبه ذلك لا يجوز اتخاذ شيء من ذلك من ذهب أو فضة ولا تحلية شيء منها لا للرجال ولا للنساء ثم قال والمرايا جمع مرآة بكسر الميم والمذاب جمع مذبة ما يطرد به الذباب والأسرة جمع سرير والمقرمات جمع مقرمة بكسر الميم والراء ستر فيه نقش وتصاوير قاله في الصحاح اهـ المقصود منه والشاهد في قوله والمقرمات فإنه لما ذكرها في سياق قول خليل لا كسرير وبعد قوله لا يجوز اتخاذ شيء من ذلك من ذهب أو فضة علمنا أن نقشها هو بالذهب أو بالفضة ولذلك حرمت عليهما والله أعلم ونص المواق وفي ابن يونس ما يتخذه النساء لشعورهن وأزرار جيوبهن وأقفال ثيابهن وما يجري مجرى لباسهن فلا زكاة فيه وليس كما يتخذنه للمرايا وأقفال الصناديق وتحلية المديات والأسرة والمقرمات وشبه ذلك اهـ.

فإذا كانت المقرمات وهي الستور التي فيها نقش من الذهب أو الفضة تحرم على النساء كما هو صريح المواق عن ابن يونس فأحرى الرجال والله أعلم فأخذ حرمة الحيطي الزحاف والخامية الحمقاء من كلام الحطاب والمواق مسلم عند كل من له دراية بكلام الفقهاء والله أعلم وأما ما وقع في كلام العلامة الدسوقي من جواز الستور المذهبة والمفضضة فلا يعول عليه لأنه مخالف لكلام ابن يونس والجواهر والحطاب والمواق وغيرهم وكذا يحرم على الذكر والأنثى نقش الجدران والخشب بالذهب والفضة كما نص على ذلك العلامة الزرقاني ونصه لا كسرير ذهب أو فضة أو محلى بأحدهما ومرآة ومشط ومدية وقفل صندوق ومكحلة كمْروَد إلا لِتَداو ٍ وإن تعين طريقاً جاز لهما وإلا منع عليهما ودخل تحت الكاف مروحة محلاة بأحد النقدين وما اتخذ في جدران وسقوف وخشوب وأغشية لغير القرآن فلا يجوز شيء من ذلك لرجل ولا امرأة انظر الحطاب اهـ والشاهد في قوله وما اتخذ في جدران وسقوف وخشوب الخ وكلامه هذا سلمه الشيخ بناني والشيخ التاودي والشيخ الرهوني وكلام الحطاب الذي أشار إليه هو ما نصه وكذلك أي يحرم على الرجال والنساء ما يتخذ في الجدران والسقف والأخشاب كما في الطراز وغيره قال في الزاهي وكذلك ما جعل للزجاج وأزرار وأقفالاً لثياب الرجال وقصب للأطفال والكبار وأغشية لغير القرآن وما يجري مجرى الأحراز ثم قال والقصب بفتح القاف والصاد المهملة المجوف والله أعلم وبما ذكر تعلم أن قول العلامة الدسوقي عند قول خليل وجاز للمرأة الملبوس مطلقاً ما نصه واعلم أن تزويق الحيطان والسقف والخشب والساتر بالذهب والفضة جائز في البيوت وفي المساجد مكروه إذا كان يشغل المصلي وإلا فلا اهـ ليس بصواب.

ص: 286

واعلم أن من ملك شيئاً من الحلي وهو حرام عليه كالحيطي المذهب والخامية المذهبة فإنه تجب عليه الزكاة فيه كل سنة كما نص عليه الشيخ خليل في باب الزكاة بقوله إلا محرماً لأنه استثناه مما لا زكاة فيه وما ذكرناه من حرمة نقش الجدْران بالذهب والفضة هو في غير الكعبة المشرفة أما الكعبة وما ألحق بها من المسجد النبوي ومن أضرحة الأولياء فلا يحرم نقش ما ذكر فيها فقد ورد أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دخل الكعبة قال هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء أي عزمت أن لا أترك في الكعبة المشرفة أما الكعبة وما ألحق بها من المسجد النبوي ومن أضرحة الأولياء فلا يحرم نقش ما ذكر فيها فقد ورد أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما دخل الكعبة قال هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء أي عزمت أن لا أترك في الكعبة ذهباً ولا فضة بل أتصدق على الفقراء بالجميع فقال له حاجب الكعبة لا تقدر أن تفعل ذلك قال ولم قال لأن صاحبيك يعني النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبا بكر رضي الله عنه لم يفعلا ذلك فقال عمر رضي الله عنه المرآن الكاملان اللذان يجب عليّ اتباعهما أو كلاماً هذا معناه وكذلك يجوز بيع الشيء القليل الذي ترجى بركته بما هو أكثر من ثمنه بأضعاف مضاعفة كبيع الشمعة التي تساوي مثقالاً بمائة وكبيع جزء قليل من الكسوة الذي لا يساوي مثقالاً واحداً بمائة ودليل إباحة ما ذكر كلامه جسوس على الشمائل فإنه قال في باب ما جاء في صفة مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نصه قال ابن حجر واشترى أي قدح مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان عند أنس بن مالك خديم مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ميراث النضر بن أنس بثمان مائة ألف أي من الدراهم الشرعية كما صرح بذلك الشيخ إبراهيم البيجوري في حاشيته على الشمائل فإذا كان السلف الصالح يشترون الشيء القليل بالثمن الكثير لرجاء بركته فكذلك يجوز لنا ذلك لرجاء بركة الصالحين وأهل العلم وأهل البيت.

وقد كان الولي الصالح سيدي عبدالقادر الفاسي يستسقي بأهل البيت كما كان السلف يستسقون بجدهم صلى الله عليه وسلم فمن كانت عنده محبة في سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان شراؤه لحاجة مملوكه لواحد من أهل البيت كشراء السلف الصالح حاجة من حوائج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال أبوبكر الصديق رضي الله عنه ارقبوا محمداً في أهل بيته أي من أراد أن ينظر إلى وجه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى واحد من أهل بيته كما فسره بذلك ابن وفا رحمه الله والله أعلم.

ص: 287

ومثال الرابع وهو ما إذا كان أحد القولين مشهوراً وراجحاً والآخر شإذا وضعيفاً الجلوس على الحرير الخالص للرجال فإنه حرام على المشهور لكثرة قائلة وحرام على الراجح أيضاً لقوة دليل التحريم وهو نهيه صلى الله عليه وسلم الرجال عن لباس الحرير فإن الجلوس عليه من جملة اللباس بدليل قول أنس بن مالك أن هذا الحصير قد اسود من طول ما لبس ومعلوم أن لباس الحصير هو الجلوس عليه وأما قول ابن الماجشون أن الجلوس ليس من اللباس في شيء فمَرْدود بكلام أنس المتقدم وأما تأويله كلام أنس بأنه كان يجعل حصيره غطاء فبعيد جداً وهذا على تسليم أن النهي إنما ورد عن اللباس فقط وليس كذلك بل ورد عن الجلوس أيضاً فيكون مقابله وهو الجواز شإذا وضعيفاً وهو لابن الماجشون وبعض الشافعية والكوفيين والمراد بالكوفيين الحنفية كما صرح به الأمير وكما يؤخذ ذلك من كلام القسطلاني في كتاب الشفعة وبيان وجه الأخذ منه أنه نسب القول بثبوت الشفعة للجار للحنفية فقط ثم بعد ذلك عبر عنهم بالكوفيين ونسبه لهم فقط والله أعلم ثم أن الجلوس عليه حرام على الرجل ولو بالتبعية للمرأة والقول بجوازه تبعاً لها ضعيف لا يعمل به إلا في الضرورة هذا حكم الجلوس عليه وأما لباسه فحرام على الرجال إجماعا وقد صرح العلامة الخرشي بالإجماع عند قول الشيخ خليل وعصى وصحت وكذا صرح به غير واحد ومستند الإجماع الحديث المتقدم قريباً وما أخرجه ابن حبان في صحيحه أن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار وأشهدكم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لبس الحرير في الدنيا حرمه في الآخرة وأما ما ذكره القلشاني في شرح الرسالة من الخلاف فقال بعض العلماء من الفاسيين أن ذلك الخلاف كان قبل انعقاد الإجماع وحينئذ فلا ينبغي أن لا يذكر هذا الخلاف لئلا يغتر به إلا بقصد التنبيه على أنه كان قبل انعقاد الإجماع هذا حكم لباسه وأما تعليقه فإن كان مع استناد الرجال عليه فهو حرام كالجلوس عليه وإن كان من دون استناد إليه فهو جائز قال العارف الفاسي رضي الله عنه في حاشيته على المختصر عند قول خليل في الوليمة كفرش حرير وقد ذكر ابن عرفة أن ما كان من ذلك أي من الحرير الخالص لمجرد الزينة بحيث لا يستند إليه ولا يجلس عليه إلا ظهر خفته قال ولا يصح كونه مانعاً من وجوب الإجابة للولائم وكذا قال ذلك التتائي اهـ منها وفي كتاب الجامع لجمل من الفوائد والمنافع للشيخ زروق رضي الله عنه ما نصه فأما فرش الحرير فلا يجوز الجلوس عليها ولا يمتنع من الإجابة لأجلها اهـ المقصود منه فقوله ولا يمتنع من الإجابة لأجلها أي إذا كان فرش الحرير لا يجلس عليها أحد بحضرته كما لا يجلس هو عليها وإلا فتحرم الإجابة كما يدل على ذلك قوله فلا يجوز الجلوس عليها ومثل جلوس الرجال على الحرير استنادهم إليه وقد نص الخرشي والزرقاني في باب الوليمة على أن تعليق الحرير من غير استناد رجل إليه لا يمنع من الإجابة للولائم وسلم كلامهما كل من حشى عليهما وهذا كله في الخالص بلا حائل فلو كان مع الحائل فقيل يحرم أيضاً وهو للمازري وعياض كما عند الزرقاني عند قول خ وعصى وصحت الخ وقيل يجوز وهو الذي صرح به العارف بالله الفاسي والبرزلي والبطريني والمرجاني ونقله الشيخ بناني في باب الوليمة ويلمه.

فإن قلت: إن الشيخ بناني وغيره ذكرو أن جواز الجلوس على الحائل مقيس على الصلاة على الثوب الذي تحته نجاسة ومعلوم أن المنصوص وهو ما للمازري وعياض مقدم على المخرج.

ص: 288

قلت: كما تقوّى الأول بكونه منصوصاً تقوى الثاني بتلقي العلماء المذكورين آنفاً له بالقبول وبكونه مأخوذاً من المدونة كما ذكر ذلك العلامة الرهوني عند قول خ ولمريض بستر نجس إلى قوله وكذا الصحيح على الأرجح وباقتصار الشيخ بناني عليه في شرحه على المختصر فالقولان مرجحان معاً والله أعلم.

هذا كله حكم الحرير الخالص ويلحق به كما ذكره الشيخ علي الأجهوري ما إذا كان الغالب فيه حريراً بأن كان سداه حريراً ولحمتُه من حرير وغيره أو العكس نقله الصعيدي على الرسالة وأما الخز ففيه طريقان مرجحان معاً الأولى أنه ما سداه حرير ولجمته صوف أو قطن أو كتان فهذا فيه أقوال ثلاثة فقيل جائز وعليه يحمل لباس الإمام مالك له وكذلك شيخه ربيعة وقيل حرام وقيل مكروه وهو أشهر الأقوال وأما إذا كان سداه من صوف ولحمته من حرير فهو حرام على هذه الطريقة وقد صرح بحرمته الخرشي في الكبير كما نقله عنه الصعيدي ويؤخذ هذا التحريم من تعريف الخز المذكور عند الزرقاني وقد سلم ذلك التعريف الشيخ بناني والتاودي والرهوني الثانية أن الخز هو ما سداه حرير ولحمته صوف أو بالعكس فكلا الصورتين من الخز مكروه على هذه الطريقة وعليها مشى الشيخ جسوس في شرح الشمائل والصعيدي على الرسالة والشيخ التاودي على البخاري ناقلاً ذلك عن ابن العربي والله أعلم وأما تغطية الُجدْران بالحرير الخالص فلا يحرم إلا استناد الرجال إليه نعم تغطية الجدران بالستر المذهَّبة أو المفضضة فذلك حرام ولو من غير استناد إليها والفرق بين ستر الحرير والستر المذهبة أن حرمة الحرير أخف من حرمة الذهب والفضة كما نص على ذلك غير واحد وممن نص على ذلك عز الدين ونصه بعد كلام لأن أمر الحرير وغيره إذا كان الحرير مغلوباً ولا يجوز مثل ذلك في الذهب والفضة نقله عنه البرزلي في مسائل الصلاة ونقل ذلك عن البزرلي شارح العمل وكذا نقل ذلك عن البرزلي الشيخ الطيب بن كيران في بعض تآليفه.

ويدل أيضاً على أن الحرير أخف حرمة ستور الذهب والفضة على الرجل والأنثى كما مر بخلاف ستور الحرير فإنه يجوز للمرأة الاستناد إليها دون الرجل فمن نظر للستور المذهبة أو المفضضة على جهة الرضا باستعمالها فقد رضي بالمعصية والرضا بالمعصية معصية وأما قول الصعيدي وقد رأيت ما نصه ويجوز الجلوس تحت الستائر التي على الجدران وكذا تحت السقف المذهبة اهـ كلامه فهو إما ضعيف أو يحمل على الجلوس اضطراراً لا اختياراً والله أعلم.

فإن قلت: إنا أدركنا جماعة من العلماء يحضرون الولائم وفيها سترٌ مذهبة ولا ينكرون شيئاً من ذلك.

قلت: لا دليل في فعلهم على جواز ذلك لأنهم غير معصومين ولو سألتهم لصرحوا بالحرمة.

ص: 289

وكذا استعمال آلة اللهو فإنه حرام على المشهور لكثرة قائله وعلى الراجح لقوة دليله فقد سئل العلامة المحقق البركة أبو محمد سيدي عبدالسلام القادري الحسني عن مسئلة السماع والغناء لا يحل سماع شيء منه سواء كان بآلة أو غيرها على المذهب أي المشهور وكذا الملاهي الملهية وهي الآلة المطربة المعروفة حسبما نص عليه أصبغ وابن رشد والشيخ ابن أبي زيد وغيرهم ووجه المنع في ذلك أنه من اللهو وكل لهو باطل كما في الحديث إلا الثلاثة المستثنيات فيه والباطل خلاف الحق فهو ضلال كما في الآية والضلال محرم على المؤمنين وعلة تحريم المسؤول عنه كونه صارفاً عن الحق ملهياً عن الملك الحق مشغلاً عن التعلق بالرب مثيراً للهوى النفساني ومحركاً للباعث الشيطاني فإذا وجدو أنه يوجد من جمع قلبه على مولاه وملك زمام نفسه وهواه انتفت هذه العلة ولم يصادف النهي محله ولذلك لم يمنعوا في حق الصوفية وأمثالهم وإنما اختلف فيه قولهم بالنسبة إليهم بالكراهة والجواز وأكثرهم قولهم فيه بالجواز ثم جوازه لهم مشروط بأمور ذكرها الشيخ زروق في شرح الرسالة وهي السلامة من ممنوع شرعاً كحضور النساء والصبيان وكون المسموع مما يقع به تنبيه وإرشاد أو زيادة يقين وكونه لا ينكر فيه شيء معنى ولا لفظاً وكونه خالياً عن الآلات والكف.

وليعلم أن موضوع المسئلة المتكلم عليها هو الغناء المشتمل على ما يسوغ التكلم به في الشرع لفظاً ومعنى كالغزل والنسيب والمدح لمن يحق أن يثنى عليه وشبه ذلك أمّا ما كان فاسد المعنى أو المبنى فمن الباطل الذي لا خلاف في تحريمه فلا يحل سماعه ولا التكلم به اتفاقاً فاعرف ذلك والله الموفق اهـ ولا يخفي أن مراده بالغناء الذي هو حرام على غير مذهب الصوفية ما فيه الخدود والقدود وتمطيط وتزويق في الكلام كما يؤخذ ذلك من قوله في الكلام على العلة مثيراً للهوى النفساني ومحركاً للباعث الشيطاني فيؤخذ منه أن السماع على غير هذا الوجه بأن كان فيه مدح الرسول عليه الصلاة والسلام من غير تمطيط وتزويق جائز ولو لغير الصوفية والله أعلم والشاهد في قوله وكذا الملاهي المهلية الخ فإنه يفيد حرمتها على المشهور وقوله إلا الثلاث المستثنيات الثلاثة المستثناة هي لعب الرجل مع زوجته والمسابقة والرمي بالنبل وقوله كما في الآية أشار به بقوله تعالى {فمإذا بعد الحق إلا الضلال} وقوله في الكلام على الصوفية نقلاً عن الشيخ زروق وكونه خالياً عن الآلات انظره مع ما صرح به غير واحد من جواز الآلة للصوفية قال الإمام السيوطي حين سئل عن الآلة (حرمها من عليهم المعّول في الأحكام) يعني وهم علماء الظاهر المقتدى بهم وسمعها من لا سبيل إلى الإنكار عليه يعني وهم الصوفية رضي الله عنهم اهـ وقال عبد الباقي الزرقاني عند قول خليل وبطلت بقهقهة ما نصه.

ص: 290

فائدة: القهقهة في غير الصلاة مكروهة عند الفقهاء وحرام عند الصوفية قاله الأقفَهْسِي كما في الشيخ أحمد ولعل المراد بالحرمة الكراهية الشديدة أو أنهم نظروا لمعنى يوجب التحريم عند الفقهاء لو اطلعوا عليه إذ الصوفية لا يخالفون الشرع ومن ذلك قول بعض الصوفية بجواز سماع آلة اللهو المحرمة عند الفقهاء لسماعهم منها ذكر الله دون اللهو فالجواز قاصر على من هو بتلك الصفة ومنه إتلاف الشبلي ما يلبسه بنحو حرقه مجيباً من قال له جاء النهي عن إضاعة المال بأن إضاعته لمداواة مرض بدني غير منهي عنه بل مطلوب فكيف بإضاعته لمداواة مرض ديني وأنا أفعله لذلك اهـ وسلمه محشوه والشاهد في قوله المحرمة عند الفقهاء أي جمهورهم فهذا يدل على جوازها للصوفية خلافاً للشيخ زروق وقد يجاب عنه بأنه لم يبحها جميعهم بل بعضهم فيكون هو ماشياً على قول من منعها منهم ويدل على أن منهم من منعها كلام الزرقاني المتقدم فإنه نسب الجواز لبعضهم لا لجميعهم.

ويدل على ما ذكر أيضاً قول العارف الرباني سيدي عبدالوهاب الشعراني في كتابه لطائف المنن ما نصه ومما أنعم الله تبارك وتعالى به عليّ كراهة سماعي للغناء على الآلات المطربة من حين كنت صبياً عملاً بنهي الشارع صلى الله عليه وسلم عن ذلك فتحصل أنه كما اختلف فيها أهل الظاهر اختلف فيها أهل الباطن إلا أن الراجح مختلف فالراجح عند أهل الظاهر المنع والراجح عند الصوفية الجواز والله أعلم.

ولنرجح لما نحن بصدده من النصوص الدالة على أن المشهور الحرمة فنقول وقال العلامة أبو عبدالله سيدي الطالب بن الحاج في حاشيته على المرشد المعين ما نصه الملاهي الملهية وهي العود وجميع ذوات الأوتار حرام في الأعراس وغيرها كما في باب الشهادة من التوضيح نقلاً عن المازري ونحوه لابن عرفة وصاحب المدخل وهو المشهور في مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد قال ولم أر من صرح بالخلاف في ذلك من المالكية إلا من عبر في كراء المعازف بالكراهية ومن عبر في العود والرباب بالكراهة كابن المواز وابن عبدالحكم قال وقد يريدون بالكراهة التحريم كما في التوضيح والعلة في ذلك شدة الإطراب المؤدي إلى الاستكثار المنبت للنفاق في القلب نقله في المدخل عن ابن عيينة اهـ منه وقوله ولم أر من صرح بالخلاف في ذلك من المالكية انظر مع ما نقله هو نفسه قريباً عن ابن العربي في العارضة من أن مذهبه الإباحة وهو من المالكية فلعله لم يطلع على كلامه أولاً فتحصل أن سماع الآلة جائز للصوفية حرام على غيرهم على المشهور كما صرح بذلك أصبغ وابن رشد والشيخ ابن أبي زيد والتوضيح والمازري وابن عرفة وهو المشهور أيضاً في مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وأن علة التحريم كونه ملهياً عن الملك الحق لما فيه من شدة الإطراب وقد صرح بهذه العلة الإمام الساحلي والشيخ بناني والشيخ التاودي وابن حجر والحطاب وابن رشد وأنه لا فرق في التحريم بين الأعراس وغيرها خلافاً لتفصيل الزرقاني ونصه واعلم أن الغناء إما بآلة أو بغيرها وفي كل إما أن يحمل على تعلق بمحرم أو لا وفي كل إما أن يتكرر أو لا وفي كل إما فعلاً أو سماعاً وفي كل إما في عرس أو صنيع وإما في غير ذلك فمتى حمل على تعلق بمحرم حرم فعلاً وسماعاً تكرر أم لا بآلة أو لا في عرس أو صنيع أو نحوهما أو في غير ذلك ومتى لم يحمل على محرم جاز بعرس وصنيع فيمنع إن تكرر بآلة وغيرها فعلاً وسماعاً وإن لم يتكرر كره سماعاً وهل كذا فعلاً أو يمنع اختلاف اهـ كلامه بلفظه وقد رده العلامة الرهوني بأنه خلاف ما في المعيار عن المازري من أنه بالآلة حرام وبكلام ابن عرفة فإنه قال الظاهر عند العلماء حرمته اهـ.

ص: 291

ومن الأدلة على الحرمة قوله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل .... أليم} فإن جمهور المفسرين على أن لهو الحديث الغناء والمزامير كما في القسطلاني.

والحاصل أن الآلة فيها طرق ثلاثة.

حرمتها على المشهور في المذاهب الأربعة وهي أقرب إلى الصواب.

المحققين كالإمام الولي الصالح أبي عبدالله سيدي محمّد الأنصاري الساحلي في كتاب بغية السالك في أشرف المسالك والولي الصالح أبي محمد العبدري المعروف بابن الحاج في كتابه المدخل والشيخ يوسف بن عمر وابن حجر الهيتمي في الزواجر نقلاً عن القرطبي وصاحب المعيار والشيخ زروق في قواعده وصاحب روح البيان والشهاب الخفاجي على الشفاء وأبي بكر الطرطوشي وابن الصلاح.

الطريقة الثالثة تحكي الاجماع على الاباحة حكاها ابن حجر في فتح الباري عن قوم وهي ضعيفة جداً وأغرب ابن حجر في ذلك فإنه يتوسع في حكاية الأقوال حتى يحكى أقوال الكفار وقد رد عليه جماعة من الفحول في هذا المعنى منهم الإمام العلامة المحقق أبو العباس سيدي أحمد بن مبارك اللمطي السجلماسي في كتابه ازالة اللبس فانظره هذا حكم السماع والآلات وأما حكم الرقص فحاصله أنه تعرض له أحكام أربعة الحرمة وهي لمن فعل ذلك رياء أو سمعة والكراهة وهي لمن فعل ذلك لأجل مساعفة الناس والوجوب وهو لمن فعل ذلك بقصد فك نفسه من الهلاك الذي يحصل له لو لم يرقص بأن كان من أهل الوجد والندب وهو لمن فعل ذلك بقصد التشبه بالصوفية أهل الحال والوجد والله أعلم.

ومثال الخامس: وهو ما إذا كان أحد القولين راجحاً ومشهوراً والآخر راجحاً فقط الدلك في الغسل فإن القول بوجوبه لذاته مشهور وراجح أما كونه مشهوراً فلأنه صرح به جماعة من المالكية بل نسبوه لمالك وأتباعه وأما كونه راجحا ً فالأحاديث الدالة على وجوب الدلك والأصل أن وجوبه لذاته والقول بوجوبه لإيصال الماء للبشرة راجح فقط للدلالة المذكورة عند الشافعية.

ومثال السادس: وهو ما إذا كان أحد القولين مشهوراً وراجحاً والآخر مشهوراً فقط وقت المغرب فالمشهور والراجح الامتداد ودليله ما في صحيح مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي في حديث السائل عن وقت الصلاة ظانه صلاها في اليوم الأول حين غابت الشمس وفي الثاني عند سقوط الشفق وفي رواية قبل أن يغيب الشفق وفي صحيح مسلم أيضاً إذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق والمشهور فقط هو الذي مشى عليه خ في قوله تقدر بفعلها بعد شروطها.

ص: 292

ومثال السابع: وهو ما إذا كان كل من القولين مشهوراً لستر العورة في الصلاة فإن القول باشتراطه للذاكر القادر شهره ابن عطاء الله قائلاً هو المعروف من المذهب والقول بعدم اشتراطه شهره ابن العربي وإليه أشار الشيخ خ بقوله هل ستر العورة إلى قوله خلاف وكذا نضح الجسد أو غسله لمن شك في إصابة النجاسة له فإن القول بالنضح شهره ابن شاس وابن الحاجب والمازري والثاني شهره ابن رشد وابن عرفة وإليه أشار خ بقوله وهل الجسد كالثوب أو يجب غسله خلاف وكذا من عجز عن الموالاة عجزاً حقيقياً فإنه اختلف فيه على قولين مشهورين هل يبني إن طال وهو الذي اختاره الحطاب وجزم به اللخمي وحكى ابن هارون الاتفاق عليه وصرح ابن بزيزة بأنه المشهور وكذا صرح ابن جزي في قوانينه بتشهيره والذي حرره الشيخ مصطفى أن العاجز عجزاً حقيقياً لا يبني مع الطول وهو ظاهر المدونة وعليه حملها الباجي وابن يونس وعبدالحق والونوغي والمشذالي وجزم به ابن الجلاب والقاضي عبدالوهاب في التلقين ورجحه الفاكهاني وابن العربي والعجز الحقيقي هو أن يكره على تفريق الطهارة بما يعد إكراهاً شرعاً أو بعروض مرض له في الأثناء منعه من إتمامها ولم يجد منا ولا أواعد من الماء ما جزم بأنه يكفيه فأهرق له أو غصب منه أو أهرقه هو من غير قصد وتبين أنه لا يكفيه فهذه الأمثلة كلها من العجز الحقيقي ومفهوم قولنا إن طال أنه إذا عجز عجزاً حقيقياً ولم يطل فإنه يبني اتفاقاً وأما غير الحقيقي فإنه يبني مع القرب دون الطول اتفاقاً والطول هو مقدار ما تجف به الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل مثاله ما إذا أعد من الماء ما ظن أنه يكفيه فعجز ماؤه.

ومثال الثامن: وهو ما فيه قولان راجحان تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري إلى الضروري فقيل ذلك حرام وهو الذي مشى عليه خليل في قوله وأثم إلا لعذر وقيل مكروه فقط وهو مأخوذ من قول المصنف أيضاً والكل أداء فإن العلماء قالوا أن الأداء لا يجتمع مع الإثم ودليل الأول قوله صلى الله عليه وسلم " من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر " وقوله " من فاتته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله " ودليل الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " فإنه قد أخذ منه العلماء أن من أدرك ركعة في الوقت الضروري فكأنه أدرك جميع الصلاة في الوقت فلا إثم عليه حينئذ وإنما الإثم إذا أوقعها كلها خارجة الوقت وقد بسط الكلام على هذه المسئلة أبو حفص الفاسي في تقييد له فيها وانفصل على القول بالكراهة والله أعلم.

ومثال التاسع: وهو ما إذا كان كل من القولين مشهوراً وراجحاً وقت صلاة الصبح فإن الذي مشى عليه خ أن مختارها من طلوع الفجر إلى الإسفار أي الضوء وضروريها من الإسفار إلى طلوع الشمس حيث قال وللصبح من الفجر الصادق وإلى الإسفار لا على قال الزرقاني وما اقتصر عليه المصنف هو رواية ابن القاسم وابن عبدالحكم ومذهب المدونة وقال ابن عبدالسلام أنه المشهور وقيل أن مختار الصبح يمتد من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وهو رواية ابن وهب في المدونة والأكثر وعزاه عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى قال وهو مشهور قول مالك وابن عبدالبر وعليه الناس وهو المتبادر من الرسالة وابن العربي ولا يصح عن مالك غيره فعلى هذا القول لا ضروري لها اهـ كلام الزرقاني.

ص: 293

فعلمت منه أن كلا ً من القولين مشهور لكثرة القائل بكل واحد منهما وكذا كل واحد راجح من جهة الدليل ففي الموطأ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت صلاة الصبح فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد بعد أن أسفر وفي رواية فصلاها من الغد أمام الشمس أي قدامها بحيث طلعت الشمس بعد سلامه منها ثم قال صلى الله عليه وسلم أين السائل عن وقت صلاة الغداة أي الصبح فقال السائل ها أنا ذا يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم ما بين هذين وقت يعني هذين وما بينهما وقت لصلاة الصبح فهذا الحديث الشريف يدل على امتداد وقت الصبح من الفجر إلى طلوع الشمس لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في اليوم الأول في أول وقتها الذي هو طلوع الفجر وفي اليوم الذي بعده صلاها قرب الشمس وقد حمل العلماء صلاته في اليوم الثاني على الوقت المختار كاليوم الأول وأما دليل القول الذي مشى عليه خ فحديث جبريل على نبينا وعليه الصلاة والسلام المذكور في أول الموطأ وفي الصحيح وغيرهما من إمامة جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الفجر قبل الإسفار فأخذ منه العلماء رضي الله عنهم عدم امتداد مختار الصبح إلى طلوع الشمس.

ص: 294

ومثال العاشر: وهو ما إذا كان كل من القولين لا ترجيح فيه ولا تشهير التطهير بالماء المجعول في الفم الذي أشار له خ بقوله وفي التطهير بماء جعل في الفم قولان ثم اعلم أن الخلاف إما يكون حقيقياً أو لفظياً أو في حال أو في شهادة أو معنوياً والفرق بينها أن الخلاف اللفظي هو الراجح إلى اللفظ والتسمية مع الاتفاق في المعنى كان يقول الشافعي الوتر مستحب ويقول مالك هو سنة لا مستحب مع اتفاقهما على أنه ليس بواجب وأنه مؤكد فوق غيره من المندوبات فهذا الخلاف إنما هو في تسمية الوتر مستحباً لأنه محبوب للشارع ويقول المالكي لا لمحبوبيته ولكني أميزه باسم السنة لأنها طريقة داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فيقول الشافعي أنا أسلم لك أنه طريقة ولكن كل محبوب فهو طريقة مشروعة فالسنة والمستحب عندي مترادفان ويقول المالكي هما عندي متباينان يحصل التمييز بين أقسام المندوب وينعكس القولان في صلاة الضحى فالشافعي يسميه سنة والمالكي لا يسميه بها ومثاله في كلام المؤلف أي خ الخلاف الذي حكاه في إزالة النجاسة هل هي واجبة أو سنة فإن المعتمد كما في الحطاب أن الخلاف بين الوجوب والسنية لفظي ويقابل الخلاف اللفظي الخلاف المعنوي وهو الكثير وقوعاً عند الفقهاء وهو ما كان راجعاً إلى المعنى والحكم كالخلاف في جعل الموافق كالمخالف في حكمه وعدم جعله مثله فيه وأما الخلاف في حال فهو الذي يراعي فيه أحد القائلين أمراً يعتقد أنه الواقع في نفس الأمر ويراعي القائل الآخر ضده معتقداً أنه الواقع في نفس الأمر فينبني على ذلك اختلافهما في الحكم وذلك حيث يكون الحكم عليه محتملاً لوصفين متضادين يقتضي كل منهما حكماً يخالف ما يقتضيه الآخر كاختلاف العلماء في طهورية الماء الذي يسقط فيه عود صلب من الطيب فأخرج مكانه وتغير ريح الماء فرجعه كما نبه عليه المازري إلى حال العود هل يمكن عادة انفصال أجزاء منه تخالط الماء فيكون مضافاً أو لا يمكن انفصال أجزاء منه تخالط الماء فيكون تغييره بالمجاورة فقط فيكون غير مضاف والظاهر أن منه الخلاف في مسئلة دهن لاصق كما تقدم وكالاختلاف في مسئلة عدم صحة التطهير بماء جعل في الفم أو صحته فهو راجع إلى الاختلاف في حال هذا المحكوم عليه أعني الماء هل ينفصل عن الفم سالماً أو مغيراً بالريق فلو اتفقا على إحدى الحالتين بأن رأى أحدهما أن الواقع من حال الماء هو ما رآه مقابله لوافقه في الحكم.

وكذلك الاختلاف في بعض البلدان هل يجوز بيع دورها أم لا فإنه راجع إلى الخلاف في حالة فتحها هل فتحت عنوة أو صلحاً وأما الخلاف في شهادة فهو الذي لا يتوارد فيه القولان على محل واحد كاختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما في البسملة أهي آية في أوائل السور أم لا فمالك يقول لا وذلك باعتبار ما شهره من قراءة شيخه نافع بدونها والشافعي يقول نعم هي آية وذلك باعتبار ما شهره من قراءة ابن كثير فكل منهما مصيب باعتبار ما ذكر هكذا قرر بعض العلماء هذا الخلاف في البسملة ذلك في الكلام عليها ومثاله في كلام المؤلف قوله في مفوتات البيع الفاسد وبطول زمان حيوان إلى قوله بل في شهادة بيانه أن المحل الذي قال فيه الشهر فوت هو باعتبار حيوان يتغير في تلك المدة كالجذاع والخرفان والمحل الذي قال فيه الشهران والثلاثة ليست بفوت هو باعتبار حيوان لا يتغير في تلك لمدة كالثيرة والبعران.

وأما الخلاف الحقيقي فهو مقابل للخلاف اللفظي والخلاف في حال والخلاف في شهادة فإذا لم يرجع الخلاف إلى التسمية وإلى الخلاف في المحكوم عليه وتوارد على محل واحد فهو الحقيقي اهـ من العلامة الهلالي بمعناه وقوله كاختلاف مالك الخ ليس بصواب والصواب كما قال ابن عبدالسلام الفاسي وسيدي إدريس البدراوي نفعنا الله بهما أن الخلاف بين مالك والشافعي حقيقي نشأ عن الاجتهاد انظر بَسْط ذلك في حاشيتنا على شرح العلامة ابن كيران نجانا الله وإياه من النيران والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب اللهم إنا نسألك التوبة ودوامها ونعوذ بك من المعصية وأسبابها سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

حمداً لمن فقه في دينه من اصطفاه من عباده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الفائزين بامداده أما بعد فقد تم طبع هذه الرسالة الجميلة الحاوية للمحاسن الجليلة الموسومة برفع العتاب والملام عمن قال العمل بالضعيف اختياراً حراً تأليف خلاصة السادة الأشراف صفوة بني عبد مناف العلامة الأفضل والفهامة الأمثل فريد العصر ذي الفخر السني سيدي محمد بن قاسم القدري الحسني لازالت إطلال العلماء ببقائه معمورة وآمال الفضلاء على مكارمِهِ مقصورة وكان تمام طبعها الباهر وكما شكلها الزاهر بالمطبعة العامرة التي هي للقطب الدردير مجاورة المملوكة لذي المعارف والوفا حضرة محمد أفندي مصطفي في أواخر شهر شعبان سنة 1308من هجرة سيد ولد عدنان صلى الله وسلم عليه وعلى آله وكل منتسب إليه.

ص: 295