الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (التوبة)
1-
* (عن عقبة بن عامر- رضي الله عنه قال: إنّ رجلا جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يذنب. قال: «يكتب عليه» . قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب. قال: «يغفر له ويتاب عليه» . قال: فيعود فيذنب. قال: «فيكتب عليه» . قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب. قال: «يغفر له ويتاب عليه، ولا يملّ الله حتّى تملّوا» ) * «1» .
2-
* (عن مروان والمسور بن مخرمة- رضي الله عنهما قالا: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يردّ إليهم أموالهم وسبيهم.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «معي من ترون، وأحبّ الحديث إليّ أصدقه فاختاروا إحدى الطّائفتين، إمّا السّبي وإمّا المال، وقد كنت استأنيت «2» بكم- وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل «3» من الطّائف- فلمّا تبيّن لهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير رادّ إليهم إلّا إحدى الطّائفتين. قالوا: فإنّا نختار سبينا. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين: فأثنى على الله بما هو أهله، ثمّ قال:«أمّا بعد فإنّ إخوانكم قد جاءوا تائبين، وإنّي قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم فمن أحبّ منكم أن يطيّب ذلك فليفعل، ومن أحبّ منكم أن يكون على حظّه حتّى نعطيه إيّاه من أوّل ما يفيء الله علينا فليفعل» . فقال النّاس: قد طيّبنا ذلك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممّن لم يأذن، فارجعوا حتّى يرفع إلينا عرفاؤكم «4» أمركم» . فرجع النّاس فكلّمهم عرفاؤهم، ثمّ رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنّهم قد طيّبوا وأذنوا) * «5» .
3-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ العبد إذا أخطأ نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيه حتّى تعلو قلبه وهو الرّان «6» الّذي ذكر الله كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (المطففين/ 14) » ) * «7» .
4-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله- عز وجل يبسط يده باللّيل ليتوب مسيء النّهار، ويبسط يده بالنّهار ليتوب مسيء اللّيل، حتّى تطلع الشّمس من مغربها» ) * «8» .
(1) قال الهيثمي في المجمع (10/ 200) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده حسن.
(2)
استأنيت: تأخرت.
(3)
قفل: رجع.
(4)
العرفاء: جمع عريف والعريف هو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يتولى أمورهم ويتعرف أحوالهم.
(5)
البخاري- الفتح 7 (4318- 4319) .
(6)
الران: الطبع والختم.
(7)
الترمذي (3334) وقال: حديث حسن صحيح واللفظ له. وابن ماجة (4244) . والحاكم (2/ 517) من حديث أبي هريرة، وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي.
(8)
مسلم (2759) .
5-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر» ) * «1» .
6-
* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها قالت: إنّها اشترت نمرقة»
فيها تصاوير، فلمّا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهة، فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما بال هذه النّمرقة؟» . قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسّدها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أصحاب هذه الصّور يوم القيامة يعذّبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم. وقال إنّ البيت الّذي فيه الصّور لا تدخله الملائكة» ) * «3» .
7-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: «إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في (ص) وقال: «سجدها داود توبة ونسجدها شكرا» ) * «4» .
8-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: إنّ هلال بن أميّة قذف امرأته فجاء فشهد والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ الله يعلم أنّ أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟، ثمّ قامت فشهدت» ) * «5» .
9-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما أنّه قال: أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله، إنّي أصبت ذنبا عظيما فهل من توبة؟ قال:«هل لك من أمّ؟» قال: لا. قال: «هل
لك من خالة؟» قال: نعم.
قال: «فبرّها» ) * «6» .
10-
* (عن أبي مالك الأشعريّ- رضي الله عنه حدّث أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أربع في أمّتي من أمر الجاهليّة، لا يتركونهنّ: الفخر في الأحساب، والطّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنّجوم، والنّياحة» . وقال:
«النّائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» ) * «7» .
وعند ابن ماجة بلفظ: «النّياحة من أمر الجاهليّة وإنّ النّائحة إذا ماتت ولم تتب قطّع الله لها ثيابا من قطران. ودرعا من لهب النّار» ) * «8» .
11-
* (عن بريدة الأسلميّ- رضي الله عنه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله طهّرني. فقال: «ويحك «9» ارجع فاستغفر الله وتب إليه» قال: فرجع غير بعيد ثمّ جاء فقال: يا رسول الله
(1) الترمذي (3537) وهذا لفظه وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجة (4253) وأحمد برقم (6160، 6400) . والحاكم (4/ 257) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الشيخ أحمد شاكر في المسند: إسناده صحيح (9/ 17) حديث (6160) .
(2)
النمرقة: الوسادة.
(3)
البخاري- الفتح 4 (2105) واللفظ له. ومسلم (2107) .
(4)
النسائي (2/ 957) وقال الشيخ ناصر (1/ 209) : صحيح، حديث (917) واللفظ في هذا الرقم. وقال ابن كثير في تفسيره (4/ 34) : تفرد بروايته النسائي ورجال إسناده كلهم ثقات.
(5)
البخاري- الفتح 9 (5307) واللفظ له. ومسلم (1493) .
(6)
الترمذي (1985) وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ذكره الألباني في صحيح الترمذي (1554) واللفظ فى هذا الرقم.
(7)
مسلم (934) .
(8)
ابن ماجة (1581) وقال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(9)
ويحك: كلمة ترحم تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها.
طهّرني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه» قال: فرجع غير بعيد. ثمّ جاء فقال:
يا رسول الله طهّرني. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. حتّى إذا كانت الرّابعة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيم أطهّرك؟» فقال: من الزّنى. فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبه جنون؟» فأخبر أنّه ليس بمجنون. فقال: «أشرب خمرا؟» فقام رجل فاستنكهه «1» فلم يجد منه ريح خمر. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أزنيت؟» فقال: نعم. فأمر به فرجم.
فكان النّاس فيه فرقتين. قائل يقول: لقد هلك. لقد أحاطت به خطيئته. وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز. أنّه جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده.
ثمّ قال اقتلني بالحجارة. قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة. ثمّ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلّم ثمّ جلس. فقال: «استغفروا لما عز ابن مالك» . قال:
فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّة لوسعتهم» . قال ثمّ جاءته امرأة من غامد «2» من الأزد. فقالت: يا رسول الله طهّرني. فقال: «ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه» فقالت: أراك تريد أن تردّدني كما ردّدت ما عز بن مالك. قال: «وما ذاك؟» قالت: إنّها حبلى من الزّنى، فقال:«أنت؟» قالت: نعم. فقال لها: «حتّى تضعي ما في بطنك» قال: فكفلها رجل من الأنصار حتّى وضعت. قال: فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: قد وضعت الغامديّة. فقال: «إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه» فقام رجل من الأنصار فقال:
إليّ رضاعه يا نبيّ الله، قال: فرجمها) * «3» .
12-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرّجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه، بضعا وعشرين درجة. وذلك أنّ أحدهم إذا توّضأ فأحسن الوضوء، ثمّ أتى المسجد. لا ينهزه إلّا الصّلاة «4» . لا يريد إلّا الصّلاة. فلم يخط خطوة إلّا رفع له بها درجة. وحطّ عنه بها خطيئة. حتّى يدخل المسجد. فإذا دخل المسجد كان في الصّلاة ما كانت الصّلاة هي تحبسه.
والملائكة يصلّون على أحدكم ما دام في مجلسه الّذي صلّى فيه. يقولون: «اللهمّ ارحمه. اللهمّ اغفر له.
اللهمّ تب عليه. ما لم يؤذ فيه. مالم يحدث فيه» ) * «5»
13-
* (عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر صلى الله عليه وسلم فلمّا بلغ السّجدة نزل فسجد وسجد النّاس معه، فلمّا كان يوم آخر قرأها فلمّا بلغ السّجدة تشزّن «6» النّاس للسّجود فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّما هي توبة نبيّ، ولكنّي رأيتكم تشزّنتم للسّجود فنزل فسجد
(1) فاستنكهه: شم رائحته.
(2)
غامد: بطن من قبيلة جهينة.
(3)
مسلم 3 (1695) . بعضه عند البخاري.
(4)
لا ينهزه إلا الصلاة: لا تنهضه ولا تقيمه إلا الصلاة.
(5)
البخاري- الفتح 1 (445) . ومسلم (649) باب (49) ص (459) واللفظ له.
(6)
تشزن الناس: استعدوا للسجود.
وسجدوا» ) * «1» .
14-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: كان رجل من الأنصار أسلم ثمّ ارتدّ ولحق بالشّرك ثمّ تندّم فأرسل إلى قومه سلوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم. هل لي من توبة؟ فجاء قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنّ فلانا قد ندم وإنّه أمرنا أن نسألك هل له من توبة؟ فنزلت كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله: غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران/ 86- 89) فأرسل إليه فأسلم) * «2» .
15-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا ثمّ قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ* «3» وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (الزخرف/ 13/ 14) ، اللهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتّقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هوّن علينا سفرنا هذا، واطو عنّا بعده، اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر، والخليفة في الأهل، اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر «4» وكآبة المنظر «5» وسوء المنقلب «6» في المال والأهل» (وإذا رجع) «7» قالهنّ وزاد فيهنّ:«آيبون تائبون عابدون لربّنا حامدون» ) * «8» .
16-
* (عن عائشة- رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه. قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب.. الحديث، وفيه: وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء. قالت فتشهّد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثمّ قال: «أمّا بعد. يا عائشة فإنّه قد بلغني عنك كذا وكذا. فإن كنت بريئة فسيبّرئك الله، وإن كنت الممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فإنّ العبد إذا اعترف بذنب ثمّ تاب، تاب الله عليه» قالت فلمّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته، قلص دمعي حتّى ما أحسّ منه قطرة. فقلت لأبي: أجب عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمّي: أجيبي عنّي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت، وأنا جارية حديثة السّنّ، لا أقرأ كثيرا من القرآن: إنّي والله لقد عرفت أنّكم قد سمعتم بهذا حتّى استقرّ في نفوسكم وصدّقتم به.
(1) أبو داود (1410) وهذا لفظه وقال ابن كثير في تفسيره (4/ 35) : تفرد بإسناده أبو داود على شرط الصحيح. وقال الألباني: في صحيح سنن أبي داود (1/ 655) : صحيح.
(2)
صحيح النسائي (3792) وهذا لفظه وقال مخرجه: صحيح الإسناد وهو في السنن (7/ 107) . والحاكم في مستدركه (4/ 316) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 379) وقال: رواه ابن جرير ومثله النسائي. والحاكم وابن حبان، وقال شاكر في المسند: إسناده صحيح (4/ 37) حديث رقم (2218) .
(3)
مقرنين: مطيقين.
(4)
وعثاء السفر: مشقته وتعبه.
(5)
كآبة المنظر: قبحه بحزن أو غيره.
(6)
المنقلب: المرجع.
(7)
وإذا رجع: أي من السفر.
(8)
مسلم (1342) .
فإن قلت لكم إنّي بريئة، والله يعلم أنّي بريئة، لا تصدّقوني بذلك. ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أنّي بريئة، لتصدّقونني. وإنّي والله ما أجد لي ولكم مثلا إلّا كما قال أبو يوسف: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (يوسف/ 18) . قالت ثمّ تحوّلت فاضطجعت على فراشي. قالت وأنا، والله حينئذ أعلم أنّي بريئة، وأنّ الله مبرّئي ببراءتي، ولكن، والله ما كنت أظنّ أن ينزل في شأني وحي يتلى.
ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلّم الله- عز وجل فيّ بأمر يتلى، ولكنّي كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النّوم رؤيا يبرّئني الله بها. قالت:
فو الله ما رام «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتّى أنزل الله عز وجل على نبيّه صلى الله عليه وسلم فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء «2» عند الوحي. حتّى إنّه ليتحدّر منه مثل الجمان «3» من العرق، في اليوم الشّاتي، من ثقل القول الّذي أنزل عليه. قالت:
فلمّا سرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أوّل كلمة تكلّم بها أن قال:«أبشري يا عائشة أمّا الله فقد برّاك» فقالت لي أمّي: قومي إليه. فقلت:
والله لا أقوم إليه. ولا أحمد إلّا الله، هو الّذي أنزل براءتي. قالت: فأنزل الله- عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ (24/ النور/ 11) عشر آيات. فأنزل الله- عز وجل هؤلاء الآيات براءتي. قالت: فقال أبو بكر، وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا. بعد الّذي قال لعائشة. فأنزل الله- عز وجل: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى (24/ النور/ 22) إلى قوله: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ. فقال أبو بكر: والله إنّي لأحبّ أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح النّفقة الّتي كان ينفق عليه.
وقال: لا أنزعها منه أبدا. قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش، زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن أمري:«ما علمت؟ أو ما رأيت؟» فقالت:
يا رسول الله أحمي سمعي وبصري. والله ما علمت إلّا خيرا. قالت عائشة: وهي الّتي كانت تساميني «4» من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فعصمها الله بالورع. وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها «5» فهلكت فيمن هلك) * «6» .
17-
* (عن أبي طويل شطب الممدود «7» رضي الله عنه أنّه قال: أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال:
(1) ما رام: أي ما فارق.
(2)
البرحاء: هي الشدة.
(3)
الجمان: الدّرّ. شبهت قطرات عرقه بحبات اللؤلؤ في الصفاء والحسن.
(4)
تساميني: تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
(5)
وطفقت أختها تحارب لها: أي جعلت تتعصب لها فتحكي ما يقوله أهل الإفك.
(6)
البخاري- الفتح 7 (4141) . ومسلم (2770) واللفظ له.
(7)
ذكر المنذري أن «شطب» ذكره غير واحد في الصحابة إلا أن البغوي ذكر في معجمه أن الصواب عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير مرسلا: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم طويل شطب والشطب في اللغة: الممدود فصحفه بعض الرواة وظنه اسم رجل. راجع الترغيب والترهيب (4/ 133- 116) .
أرأيت من عمل الذّنوب كلّها ولم يترك منها شيئا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة «1» إلّا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ قال:«فهل أسلمت» . قال: أمّا أنا فأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله، قال:«تفعل الخيرات وتترك السّيّئات فيجعلهنّ الله لك خيرات كلّهنّ» قال: وغدراتي وفجراتي. قال: «نعم» قال: الله أكبر فما زال يكبّر حتّى توارى) * «2» .
18-
* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمّي لنا نفسه أسماء، فقال:«أنا محمّد، وأحمد، والمقفّي «3» ، والحاشر، ونبيّ التّوبة»
، ونبيّ الرّحمة» ) * «5» .
19-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على راهب فأتاه، فقال: إنّه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا.
فقتله فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجل عالم، فقال: إنّه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التّوبة.
انطلق إلى أرض كذا وكذا فإنّ بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنّها أرض سوء، فانطلق حتّى إذا نصف «6» الطّريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب.
فقالت ملائكة الرّحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنّه لم يعمل خيرا قطّ.
فأتاهم ملك في صورة آدميّ فجعلوه بينهم فقال:
قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له.
فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض الّتي أراد. فقبضته ملائكة الرّحمة» ) * «7» .
20-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التّوابون» ) * «8» .
21-
* (عن صفوان بن عسّال المراديّ رضي الله عنه أنّه جاءه زرّ بن حبيش فقال:
ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم. قال: بلغني أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يفعل، قال: قلت: إنّه حاك- أو قال: حكّ- في نفسي شيء من المسح على الخفّين. فهل حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا؟ قال: نعم، كنّا إذا كنّا في سفر أو مسافرين أمرنا أن لا نخلع خفافنا ثلاثا إلّا من جنابة،
(1) الداجة: الحاجة الكبيرة.
(2)
ذكره في الترغيب والترهيب وقال: رواه البزار والطبراني واللفظ له وهذا إسناد جيد قوي (4/ 112- 113) . وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد (1/ 32) : ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيط وهو ثقة.
(3)
المقفي: الآخر والمتبع للأنبياء.
(4)
نبي التوبة: جاء بالتوبة.
(5)
مسلم (2355) .
(6)
نصف الطريق: في منتصف الطريق.
(7)
البخاري- الفتح 6 (3470) . ومسلم برقم (2766) واللفظ له.
(8)
الترمذي (2499) وهذا لفظه وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة. ابن ماجة (4251) وقال الحافظ: سنده قوي (4/ 346) والدارمي (2/ 393) وأحمد (3/ 198) والحاكم (4/ 244) . وقال محقق جامع الأصول (2/ 515) : حسن.
ولكن من غائط وبول ونوم، قال: فقلت: فهل حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهوى شيئا؟ قال: نعم، كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فناداه رجل كان في آخر القوم بصوت جهوريّ أعرابيّ جلف جاف، فقال: يا محمّد، يا محمّد، فقال له القوم: مه إنّك قد نهيت عن هذا، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته هاؤم، فقال: الرّجل يحبّ القوم ولمّا يلحق بهم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحبّ» ، قال: زرّ: فما برح حتّى حدّثني أنّ الله جعل بالمغرب بابا عرضه مسيرة سبعين عاما للتّوبة لا يغلق ما لم تطلع الشّمس من قبله، وذلك قول الله عز وجل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها (الأنعام/ 158) الآية) * «1» .
22-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا وبه مهلكة، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتّى اشتدّ عليه الحرّ والعطش، أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة ثمّ رفع رأسه فإذا راحلته عنده» ) * «2» .
23-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أخطأتم حتّى تبلغ خطايكم السّماء، ثمّ تبتم لتاب عليكم» ) * «3» .
24-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان لابن آدم واد من ذهب أحبّ أنّ له واديا آخر، ولن يملأ فاه إلّا التّراب، والله يتوب على من تاب» ) * «4» .
25-
* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للجنّة ثمانية أبواب، سبعة مغلقة وباب مفتوح للتّوبة حتّى تطلع الشّمس من مغربها» ) * «5» .
26-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تاب قبل أن تطلع الشّمس من مغربها تاب الله عليه» ) * «6» .
27-
* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضّأ فأحسن الوضوء، ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، اللهمّ اجعلني من التّوّابين واجعلني من المتطهّرين.
فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يدخل من أيّها
(1) الترمذي (3536) وقال: حسن صحيح واللفظ له. وأحمد (4/ 240) . وقال مخرج رياض الصالحين: إسناده حسن وعزاه لابن حبان رقم (186)«موارد»
…
(2)
البخاري- الفتح 11 (6308) واللفظ له ومسلم (3744) .
(3)
ابن ماجة (4248) وفي الزوائد: هذا إسناد حسن، وشيخ ابن ماجة مختلف فيه وباقي رجاله ثقات. وقال العراقي في تخريج الإحياء (4/ 13) : إسناده حسن. وذكره في الترغيب والترهيب (4/ 90) وقال: رواه ابن ماجة بإسناد جيد.
(4)
البخاري- الفتح 11 (6439) ، مسلم (1048) .
(5)
ذكره في الترغيب والترهيب (4/ 89) وقال: رواه أبو يعلى والطبراني بإسناد جيد.
(6)
مسلم (2703) .
شاء» ) * «1» .
28-
* (عن أبيّ هريرة- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك:
سبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلّا أنت أستغفرك وأتوب اليك. إلّا غفر له ما كان في مجلسه ذلك» ) * «2» .
29-
* (عن ابن عمر- رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر في الدّنيا ثمّ لم يتب منها حرمها في الآخرة» ) * «3» .
30-
* (عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرّابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب لم يتب الله عليه، وسقاه من نهر الخبال» ، قيل يا أبا عبد الرّحمن: وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النّار) * «4» .
31-
* (عن ابن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: أستغفر الله العظيم الّذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه (ثلاثا) غفر له وإن كان فرّ من الزّحف» ) * «5» .
32-
* (عن عبد الله بن مسعود الهذليّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النّدم توبة» ) * «6» .
33-
* (عن كعب بن مالك- رضي الله عنه قال: لم أتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قطّ إلّا في غزوة تبوك. غير أنّي قد تخلّفت في غزوة بدر. ولم يعاتب أحدا تخلّف عنه. إنّما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش حتّى جمع الله بينهم وبين عدوّهم، على غير ميعاد. ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما
(1) الترمذي (55) وهذا لفظه، وصححه الشيخ أحمد شاكر كما في (1/ 79) . ومسلم (234) بسياق مختلف وليس فيه: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. وقال محقق جامع الأصول: رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي (9/ 374) .
(2)
أبو داود (4858) . والترمذي (3433) وهذا لفظه وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه. وعزاه شاكر إلى النسائي في عمل اليوم والليلة (ص 134) وهذا لفظه، وقال مخرج جامع الأصول: إسناده حسن وعزاه لابن حبان (4/ 277) .
(3)
البخاري- الفتح 10 (5575) واللفظ له. ومسلم (2003) .
(4)
الترمذي (1862) وقال: حديث حسن. وقال محقق جامع الأصول (5/ 101) : إسناده حسن. وخرجه الحاكم في مستدركه (4/ 146) من حديث الله بن عمرو، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي، وقال الألباني في صحيح الجامع (3/ 306) : صحيح عن ابن عمرو.
(5)
أبو داود (1517) وهذا لفظه من حديث بلال بن يسار بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم والترمذي (3397) وفيه زيادة. وقال محقق جامع الأصول: حسن (4/ 389) رواه الحاكم (1/ 511) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهذا لفظه.
(6)
ابن ماجة (4252) وأحمد (1/ 376) وقال الشيخ أحمد شاكر (5/ 164) : إسناده صحيح، حديث (3568) . والحاكم (4/ 243) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 98) وعزاه للحاكم.
أحبّ أنّ لي بها مشهد بدر. وإن كانت بدر أذكر في النّاس منها، وكان من خبري حين تخلّفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك
…
الحديث، وفيه: فبينا أنا جالس على الحال الّتي ذكر الله- عز وجل منّا. قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع «1» يقول، بأعلى صوته: يا كعب بن مالك أبشر. قال فخررت ساجدا.
وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا، حين صلّى صلاة الفجر. فذهب النّاس يبشّروننا. فذهب قبل صاحبيّ مبشّرون. وركض رجل إليّ فرسا. وسعى ساع من أسلم قبلي. وأوفى الجبل. فكان الصّوت أسرع من الفرس. فلمّا جاءني الّذي سمعت صوته يبشّرني. فنزعت له ثوبيّ فكسوتهما إيّاه ببشارته. والله ما أملك غيرهما يومئذ.
واستعرت ثوبين فلبستهما. فانطلقت أتأمّم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقّاني النّاس فوجا فوجا، يهنّئوني بالتّوبة ويقولون: لتهنئك توبة الله عليك. حتّى دخلت المسجد. فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحوله النّاس. فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتّى صافحني وهنّأني. والله ما قام رجل من المهاجرين غيره. قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب:
فلمّا سلّمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وهو يبرق وجهه من السّرور ويقول:«أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمّك» قال فقلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال «لا. بل من عند الله» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرّ استنار وجهه. كأنّ وجهه قطعة قمر.
قال وكنّا نعرف ذلك. قال فلمّا جلست بين يديه قلت:
يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك بعض مالك. فهو خير لك» قال فقلت: فإنّي أمسك سهمي الّذي بخيبر. قال وقلت: يا رسول الله إنّ الله إنّما أنجاني بالصّدق. وإنّ من توبتي أن لا أحدّث إلّا صدقا ما بقيت. قال فو الله ما علمت أنّ أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، أحسن ممّا أبلاني الله به. والله ما تعمّدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا. وإنّي لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال: فأنزل الله- عز وجل: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ (9/ التوبة/ 117، 118) حتّى بلغ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (9/ التوبة/ 119) .
قال كعب: والله ما أنعم الله عليّ من نعمة قطّ، بعد إذ هداني الله للإسلام، أعظم في نفسي، من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم. أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الّذين كذبوا. إنّ الله قال للّذين كذبوا، حين أنزل الوحي، شرّ ما قال لأحد. وقال الله:
(1) أوفى على سلع: أي صعده وارتفع عليه. وسلع جبل بالمدينة معروف.