الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثل التطبيقي من حياة النبي صلى الله عليه وسلم في (تكريم الإنسان)
24-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهنّ شيئا. قالت الأولى:
زوجي لحم جمل غثّ «1» على رأس جبل وعر «2» ، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل. قالت الثّانية:
زوجي لا أبثّ خبره «3» ، إنّي أخاف أن لا أذره «4» ، إن أذكره أذكر عجره وبجره «5» . قالت الثّالثة: زوجي العشنّق «6» ، إن أنطق أطلّق، وإن أسكت أعلّق، قالت الرّابعة: زوجي كليل تهامة «7» ، لا حرّ ولا قرّ ولا مخافة ولا سامة. قالت الخامسة: زوجي إن دخل فهد «8» ، وإن خرج أسد، ولا يسأل عمّا عهد. قالت السّادسة: زوجي إن أكل لفّ «9» وإن شرب اشتفّ، وإن اضطجع التفّ، ولا يولج الكفّ ليعلم البثّ.
قالت السّابعة: زوجي غياياء أو عياياء «10» طباقاء، كلّ داء له داء «11» ، شجّك أو فلّك «12» أو جمع كلّا لك. قالت الثّامنة: زوجي الرّيح ريح زرنب «13» ، والمسّ مسّ أرنب. قالت التّاسعة: زوجي رفيع العماد «14» ، طويل النّجاد «15» ، عظيم الرّماد «16»
(1) غث: مهزول، وهو هنا صفة اللحم ويجوز فيه الجر صفة للجمل.
(2)
على رأس جبل وعر: المعنى أنه قليل الخير من أوجه منها: كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن، ومنها أنه غث مهزول رديء، ومنها أنه صعب التناول لا يوصل إليه إلا بمشقة شديدة، وقولها لاسمين فينتقل: أي تنقله الناس إلى بيوتهم ليأكلوه بل يتركوه رغبة عنه لرداءته.
(3)
لا أبث خبره: أي لا أنشره وأشيعه.
(4)
إنى أخاف أن لا أذره: إني أخاف أن لا أترك من خبره شيئا.
(5)
عجره وبجره: المراد بهما عيوبه وقال ابن الأعرابي: العجرة: نفخة في الظهر، فإن كانت في السرة فهي بجرة.
(6)
زوجي العشنق: العشنق: أي الطويل أو المذموم الطول أو طويل العنق، وكل ذلك بغير نفع.
(7)
زوجي كليل تهامة: ليس في أذى بل هو راحة ولذاذة عيش كليل تهامة: معتدل لا حر ولا برد مفرط.
(8)
زوجي إن دخل فهد: تصفه إذا دخل البيت بكثرة النوم والغفلة في منزله عن تعهد ما ذهب من متاعه وتصفه إذا صار بين النّاس أو مارس الحرب بالأسد.
(9)
زوجي إن أكل لفّ: قال ابن الأعرابي: هذا ذم له أرادت وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه في ناحية ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته.
(10)
زوجي غياياء أو عياياء: بالعين المهملة العنين الذي تعييه مباضعة النساء ويعجز عنها. وبالغين المعجمة مأخوذ من الغياية. وهي الظلمة ومعناه: لا يهتدي إلى مسلك، أو أنها وصفته بثقل الروح، وأما طباقاء فمعناه المطبقة عليه أموره قمعا أو العاجز عن الكلام.
(11)
كل داء له داء: أي جميع أدواء الناس مجتمعة فيه.
(12)
شجك أو فلك: أي أنها معه بين شج رأس وضرب وكسر عضو أو جمع بينهما.
(13)
زوجي الريح ريح زرنب: الزرنب نوع من الطيب معروف. قيل أرادت طيب ريح جسده. وقيل طيب ثنائه في الناس.
(14)
زوجي رفيع العماد موصوف بالشرف وسناء الذكر.
(15)
طويل النجاد: كناية عن طول القامة.
(16)
عظيم الرماد: كناية عن الجود وكثرة الأضياف.
قريب البيت من النّادي «1» . قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك «2» ، مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر «3» ، أيقنّ أنهنّ هوالك. قالت الحادية عشرة:
زوجي أبو زرع فما أبو زرع، أناس من حليّ أذنيّ «4» ، وملأ من شحم عضديّ «5» ، وبجّحني «6» فبجحت إليّ نفسي، وجدني في أهل غنيمة بشقّ «7» ، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنقّ «8» فعنده أقول فلا أقبّح، وأرقد فأتصبّح، وأشرب فأتقنّح «9» . أمّ أبي زرع فما أمّ أبي زرع، عكومها رداح «10» ، وبيتها فساح «11» . ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع، مضجعه كمسلّ شطبة «12» ، ويشبعه ذراع الجفرة «13» . بنت أبي زرع، فما بنت أبي زرع، طوع أبيها، وطوع أمّها، وملء كسائها «14» ، وغيظ جارتها «15» . جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع، لا تبثّ حديثنا تبثيثا «16» ولا تنقّث ميرتنا تنقيثا «17» ، ولا تملأ بيتنا تعشيشا «18» ؛ قالت خرج أبو زرع والأوطاب تمخض «19» ، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمّانتين «20» ، فطلّقني
(1) قريب البيت من النادي: الضيفان يقصدون النادي وأصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب للنادي واللئام يتباعدون من النادي.
(2)
زوجي مالك وما مالك الأولى وما عطف عليها اسم زوجها كررته تفخيما لشأنه؛ وقولها مالك خير من ذلك أي خير مما أشير إليه من ثناء وطيب ذكر.
(3)
المزهر: هو العود الذي يضرب به.
(4)
أناس من حلي أذني حلاني قرطة وشنوفا فهي تنوس أي تتحرك لكثرتها.
(5)
وملأ من شحم عضدي: معناه أسمنني وملأ بدني شحما.
(6)
وبجّحني فبجحت: عظّمني فعظمت عليّ نفسي أو فرّحني ففرحت.
(7)
وجدني في أهل غنيمة بشق: أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم لا أصحاب خيل وإبل لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات الإبل وحنينها، والعرب لا تعتد بأصحاب الغنم وإنما يعتدون بأصحاب الخيل.
(8)
ودائس ومنق: المقصود أنه صاحب زرع يدرسه وينقيه.
(9)
فأتقنّح: بعض الناس يرويه بالميم وبعضهم يرويه بالنون فالميم معناه أروى حتى أدع الشراب من شدة الري، وبالنون معناه أقطع الشراب وأتمهل فيه.
(10)
عكومها رداح: العكوم الأعدال والأوعية التي فيها الطعام والأمتعة، ورداح: أي عظام كبيرة.
(11)
وبيتها فساح: واسع.
(12)
مضجعه كمسل شطبة: مرادها أنه مهفهف خفيف اللحم كالشطبة وهو مما يمدح به الرجل.
(13)
وتشبعه ذراع الجفرة والمراد أنه قليل الأكل. والعرب تمدح به.
(14)
وملء كسائها: أي سمينة الجسم.
(15)
وغيظ جارتها: يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها.
(16)
لا تبث حديثنا تبثيثا: أي لا تشيعه وتظهره، بل تكتم سرنا وحديثنا كله.
(17)
ولا تنقث ميرتنا تنقيثا: الميرة الطعام المجلوب. ومعناه لا تفسده ولا تفرقه ولا تذهب به. ومعناه وصفها بالأمانة.
(18)
ولا تملأ بيتنا تعشيشا: أي لا تترك الكناسة والقمامة فيه مفرقة كعش الطائر.
(19)
والأوطاب تمخض: أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب وطيب الربيع، والأوطاب جمع وطب وهو وعاء اللبن.
(20)
يلعبان من تحت خصرها برمانتين: معناه أنها ذات كفل عظيم فإذا استلقت على قفاها نتأ الكفل بها من الأرض حتى تصير تحتها فجوة يجري فيها الرمان.