الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأحد أنّ معنى الواحد أنّه لا ثاني له فلذلك لا يقال في التّثنية واحدان، كما يقال رجل ورجلان ولكن قالوا:
اثنان حين أرادوا أنّ كلّ واحد منهما ثان للآخر «1» .
وقال النّيسابوريّ: الفرق بين الواحد والأحد من ثلاثة أوجه:
الأوّل: أنّ الواحد يدخل في الأحد والأحد لا يدخل فيه.
الثّاني: أنّك إذا قلت فلان لا يقاومه واحد جاز أن يقال: لكنّه يقاومه اثنان، وليس كذلك الأحد.
والثّالث: أنّ الواحد يستعمل في الإثبات والأحد يستعمل في النّفي فيفيد العموم «2» . ولعلّ وجه تخصيص الله بالأحد هو هذا المعنى «3» .
التوحيد اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: التّوحيد ثلاثة أشياء معرفة الله بالرّبوبيّة، والإقرار بالوحدانيّة، ونفي الأنداد عنه جملة «4» .
وقال ابن منظور: التّوحيد: الإيمان بالله وحده لا شريك له، والله الواحد الأحد: ذو الوحدانيّة والتّوحّد «5» .
وقال صاحب البصائر: التّوحيد الحقيقيّ الّذي هو سبب النّجاة ومادّة السّعادة في الدّار الآخرة هو ما بيّنه الله تعالى وهدانا إليه في كتابه العزيز: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران/ 18) .
وقال الإمام محمّد بن عبد الوهّاب: التّوحيد:
هو إفراد الله سبحانه بالعبادة، وهو دين الرّسل الّذين أرسلهم الله به إلى عباده «6» .
وقال الدّكتور ناصر العمر: التّوحيد شرعا:
إفراد الله بحقوقه، وهو لله ثلاثة حقوق: حقوق ملك، وحقوق عبادة، وحقوق أسماء وصفات «7» .
أنواع التوحيد:
قال الفيروز اباديّ: التّوحيد توحيدان:
الأوّل: توحيد الرّبوبيّة، وصاحب هذا التوحيد يشهد قيّوميّة الرّبّ فوق عرشه يدبّر أمر عباده وحده فلا خالق ولا رازق ولا معطي ولا مانع ولا مميت ولا محيي ولا مدبّر لأمر المملكة (والملكوت) ظاهرا وباطنا غيره، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا تتحرّك ذرّة إلّا بإذنه، ولا يجري حادث إلّا بمشيئته، ولا تسقط ورقة إلّا بعلمه، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّموت ولا في الأرض.. إلّا وقد أحصاها علمه وأحاطت بها قدرته، ونفذت فيها مشيئته واقتضتها حكمته. والآخر: توحيد الألوهيّة ويعني أن يجمع
(1) الفروق لأبي هلال (134) .
(2)
وقد يستعمل الأحد في الإثبات أيضا كما في قوله تعالى وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ
…
(التوبة/ 6) .
(3)
غرائب القرآن ورغائب الفرقان (بهامش الطبري) مجلد (12 جزء 3 ص 204) .
(4)
التعريفات (73) .
(5)
لسان العرب «وحد» .
(6)
مجموعة التوحيد، الرسالة الثالثة، (70) .
(7)
التوحيد أولا (15) .
الموحّد همّه وقلبه وعزمه وإرادته وحركاته على أداء حقّه والقيام بعبوديّته «1» .
وقال شارح كتاب التّوحيد: التّوحيد نوعان:
توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الرّبوبيّة والأسماء والصّفات، وتوحيد في الطّلب والقصد وهو توحيد الألوهيّة والعبادة «2» .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة: التّوحيد ثلاثة أنواع:
1-
أمّا توحيد الرّبوبيّة: فهو الّذي أقرّ به الكفّار على زمن الرّسول صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام، وقاتلهم الرّسول صلى الله عليه وسلم واستحلّ دماءهم وأموالهم، وهو توحيد بفعله تعالى، والدّليل قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس/ 31) وقوله تعالى: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (المؤمنون/ 84- 89) .
2-
توحيد الألوهيّة: وهو الّذي وقع فيه النّزاع في قديم الدّهر وحديثه، وهو توحيد الله بأفعال العباد كالدّعاء، والنّذر، والنّحر، والرّجاء، والخوف، والتوكّل، والرّغبة، والرّهبة، والإنابة.
3-
توحيد الذّات والأسماء والصّفات: قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (سورة الإخلاص) وقال عزّ من قائل: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (الأعراف/ 180)«3» .
وقد ذكر الشّيخ ابن عثيمين أنّ التّوحيد ينقسم إلى هذه الأقسام الثّلاثة، ثمّ عرّفها قائلا:
توحيد الرّبوبيّة: وهو إفراد الله- عز وجل بالخلق والملك والتّدبير، فلا خالق إلّا الله، ولا مالك إلّا الله، ولا مدبّر إلّا الله. إذ هو سبحانه المتفرّد بالخلق، والمتفرّد بالملك، والمتفرّد بالتّدبير
…
وما يوجد من المخلوق من صنع الأشياء أو الملك أو التّدبير فكلّه ناقص، وهم غير مستقلّين به، بل ذلك من خلق الله- عز وجل (أجراه على أيديهم) أمّا المنفرد بذلك على وجه الاستقلال فهو الله سبحانه وتعالى.
أمّا توحيد الألوهيّة فهو مستمدّ من قوله تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (الأنبياء/ 25) أي (إفراد المولى
(1) بصائر ذوي التمييز (5/ 172) .
(2)
فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل شيخ (15) .
(3)
مجموعة التوحيد لابن تيمية (7، 8) .