الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكم «1» ، كفيلا بأموركم، شريكا (عن مجاهد) وقيل غير ذلك «2» .
قال الشّنقيطيّ في أضوائه: المعاني كلّها متقاربة، ومرجعها إلى شيء واحد هو أنّ الوكيل: من يتوكّل عليه، فتفوّض الأمور إليه، ليأتي بالخير ويدفع الشّرّ.
وهذا لا يصحّ إلّا لله وحده جلّ وعلا. ولهذا حذّر من اتّخاذ وكيل دونه لأنّه لا نافع ولا ضارّ ولا كافي إلّا هو وحده جلّ وعلا، عليه توكّلنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل «3» .
من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم: المتوكّل. كما في الحديث: «
…
وسمّيتك المتوكّل» وإنّما قيل له ذلك صلى الله عليه وسلم لقناعته باليسير والصّبر على ما كان يكره «4» .
واصطلاحا:
صدق اعتماد القلب على الله- عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضارّ من أمور الدّنيا والآخرة، وكلة الأمور كلّها إليه، وتحقيق الإيمان بأنّه لا يعطي ولا يمنع ولا يضرّ ولا ينفع سواه «5» .
وقال الجرجاني: التّوكّل هو الثّقة بما عند الله واليأس عمّا في أيدي النّاس «6» .
الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل:
قال ابن قيّم الجوزيّة: التّوكّل من أعظم الأسباب الّتي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه. فمن أنكر الأسباب لم يستقم معه التّوكّل.
ولكن من تمام التّوكّل: عدم الرّكون إلى الأسباب.
وقطع علاقة القلب بها، فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها، وحال بدنه قيامه بها.
فالأسباب محلّ حكمة الله وأمره ونهيه.
والتّوكّل متعلّق بربوبيّته وقضائه وقدره، فلا تقوم عبوديّة الأسباب إلّا على ساق التّوكّل ولا يقوم ساق التّوكّل إلّا على قدم العبوديّة «7» .
بين التوكل والاتّكال:
إنّ الأخذ بالأسباب مع تفويض أمر النّجاح لله تعالى والثّقة بأنّه عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا، هو من التّوكّل المأمور به، أمّا القعود عن الأسباب وعدم السّعي فليس من التّوكّل في شيء وإنّما هو اتّكال أو تواكل حذّرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهى عن الأسباب المؤدّية إليه، مصداق ذلك ما جاء في حديث معاذ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، تدري ما حقّ الله على العباد وما حقّ العباد على الله؟» قال (معاذ) : قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ حقّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحقّ العباد على الله عز وجل ألّا يعذّب من لا يشرك به شيئا» قال: قلت: يا رسول الله، أفلا أبشّر النّاس؟ قال:«لا تبشّرهم فيتّكلوا» «8» ، وهنا يضع الرّسول صلى الله عليه وسلم قاعدة جليلة، هي أنّ كلّ ما يؤدّي
(1) انظر تفسير الطبري مجلد 8 جزء 15 ص 15.
(2)
انظر تفسير القرطبي (10/ 213) .
(3)
أضواء البيان (3/ 367) .
(4)
فتح الباري (8/ 450) .
(5)
جامع العلوم والحكم لابن رجب (409) .
(6)
التعريفات (74) .
(7)
مدارج السالكين (2/ 125) .
(8)
مسلم (30) .