الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعمال، كما بين مطلع الشّمس إلى مغربها» ) * «1» .
8-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «كان رجل ممّن كان قبلكم لم يعمل خيرا قطّ إلّا التّوحيد فلمّا احتضر قال لأهله: انظروا إذا أنا متّ أن يحرقوه حتّى يدعوه حمما، ثمّ اطحنوه، ثمّ أذروه في يوم ريح، فلمّا مات فعلوا ذلك به، فإذا هو في قبضة الله، فقال الله- عز وجل يا ابن آدم، ما حملك على ما فعلت؟ قال: أي ربّ، من مخافتك، قال: فغفر له بها، ولم يعمل خيرا قطّ إلّا التّوحيد» ) * «2» .
9-
* (عن أبي مالك عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من وحّد الله تعالى وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل» ) * «3» .
10-
* (عن جابر- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يعذّب ناس من أهل التّوحيد في النّار حتّى يكونوا فيها حمما «4» . ثمّ تدركهم الرّحمة، فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنّة، قال: فترشّ عليهم أهل الجنّة الماء فينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السّيل «5» .
ثمّ يدخلون الجنّة» ) * «6» .
الأحاديث الواردة في (التوحيد) معنى
11-
* (عن أنس- رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة كذلك فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو النّاس. خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلّمك أسماء كلّ شيء، فاشفع لنا عند ربّك حتّى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم ويذكر ذنبه، فيستحي- ائتوا نوحا، فإنّه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر سؤاله ربّه ما ليس له به علم، فيستحي فيقول: ائتوا خليل الرّحمن. فيأتونه، فيقول: لست هناكم، ائتوا موسى عبدا كلّمه الله وأعطاه التّوراة، فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر قتل النّفس بغير نفس، فيستحي من ربّه فيقول: ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه، فيقول: لست هناكم، ائتوا محمّدا صلى الله عليه وسلم عبدا غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.
فيأتوني، فأنطلق حتّى أستأذن على ربّي فيؤذن، فإذا
(1) أحمد (4/ 342) وقال الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح (ص 218) : إسناده جيد.
(2)
أحمد (2/ 304) واللفظ له، وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه.
(3)
مسلم (23) وأحمد (3/ 472) واللفظ له، وانظر أيضا (6/ 394، 395) .
(4)
الحمم: جمع حممة وهي الفحمة.
(5)
ينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السيل. المراد أنهم سرعان ما تعود إليهم أبدانهم وأجسامهم بعد إحراق النار لها، وذلك مثل ما يجىء به السيل من غثاء ونحوه فيستقر على الشاطئ فينبت في يوم وليلة.
(6)
رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (4/ 713) رقم (2597) واللفظ له، ورواه أحمد (3/ 391) .
رأيت ربّي وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء، ثمّ يقال:
ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفّع.
فأرفع رأسي، فأحمده بتحميد يعلّمنيه، ثمّ أشفّع، فيحدّ لي حدّا، فأدخلهم الجنّة. ثمّ أعود إليه. فإذا رأيت ربّي مثله- ثمّ أشفّع فيحدّ لي حدّا، فأدخلهم الجنّة، ثمّ أعود الثّالثة. ثمّ أعود الرّابعة فأقول: ما بقي في النّار إلّا من حبسه القرآن، ووجب عليه الخلود. فقال صلى الله عليه وسلم:
12-
* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما أنّه مات ابن له بقديد أو بعسفان، فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له من النّاس، قال: فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له، فأخبرته، فقال: تقول هم أربعون؟ قال: نعم. قال: أخرجوه فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلّا شفّعهم الله فيه» ) * «2» .
13-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّه قال: قيل يا رسول الله: من أسعد النّاس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد النّاس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلّا الله خالصا من قلبه، أو نفسه» ) * «3» .
14-
* (عن عوف بن مالك الأشجعيّ- رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني آت من عند ربّي فخيّرني بين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة وبين الشّفاعة، فاخترت الشّفاعة، وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئا» ) * «4» .
15-
* (عن أبي مالك عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال: لا إله إلّا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله» ) * «5» .
16-
* (عن جابر- رضي الله عنه أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله: ما الموجبتان؟ قال:
«من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنّة، ومن مات يشرك بالله دخل النّار» «6» .
17-
* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فبشّرني أنّه من مات لا
(1) البخاري- الفتح 8 (4476) واللفظ له. ومسلم (193) .
(2)
مسلم (948) .
(3)
البخاري- الفتح 1 (99) .
(4)
الترمذي (2441) ، والحاكم في المستدرك (1/ 67) وأقره الذهبي.
(5)
مسلم (23) .
(6)
مسلم (93) .
يشرك بالله شيئا دخل الجنّة، قلت وإن سرق وإن زنى؟
قال: وإن سرق وإن زنى» ) * «1» .
18-
* (عن عبادة بن الصّامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النّار حقّ أدخله الله من أيّ أبواب الجنّة الثّمانية شاء» ) * «2» .
19-
* (عن عثمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من مات وهو يعلم أنّه لا إله إلّا الله دخل الجنّة» ) * «3» .
20-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه قال:
كنّا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، معنا أبو بكر وعمر، في نفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا، فكنت أوّل من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أتيت حائطا للأنصار لبني النّجّار، فدرت به هل أجد له بابا؟، فلم أجد فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة (والرّبيع: الجدول) فاحتفزت كما يحتفز الثّعلب «4» ، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:«أبو هريرة؟» ، فقلت: نعم يا رسول الله. قال: «ما شأنك» ؟ قلت: كنت بين أظهرنا، فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أوّل من فزع، فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثّعلب، وهؤلاء النّاس ورائي، فقال:«يا أبا هريرة (وأعطاني نعليه) قال: اذهب بنعليّ هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه فبشّره بالجنّة» فكان أوّل من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النّعلان يا أبا هريرة؟
فقلت: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعثني بهما، من لقيت يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه، بشّرته بالجنّة.
فضرب عمر بيده بين ثدييّ فخررت لاستي فقال: ارجع يا أبا هريرة. فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهشت بكاء وركبني عمر فإذا هو على أثري، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما لك يا أبا هريرة؟» قلت: لقيت عمر فأخبرته بالّذي بعثتني به، فضربني بين ثدييّ ضربة خررت لاستي، قال: ارجع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمر، ما حملك على ما فعلت» ؟ قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي أبعثت أبا هريرة بنعليك، من لقي «5» يشهد أن لا إله إلّا الله مستيقنا بها قلبه، بشّره بالجنّة؟ قال:«نعم» قال: فلا تفعل، فإنّي أخشى أن يتّكل النّاس عليها، فخلّهم يعملون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فخلّهم» ) * «6» .
21-
* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحجّ. ثمّ أذّن في النّاس في العاشرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ. فقدم المدينة بشر كثير، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه،
(1) البخاري- الفتح 13 (7487) ، ومسلم (94) .
(2)
البخاري- الفتح 6 (3435) ، ومسلم (28) .
(3)
مسلم (26) .
(4)
احتفزت كما يحتفز الثعلب: معناه: تضاممت ليسعني المدخل.
(5)
أي من لقيه أبو هريرة وهو يشهد أن لا إله إلّا الله.
(6)
مسلم (31) .
حتّى أتينا ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس محمّد ابن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، واستثفري «1» بثوب وأحرمي» .
فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثمّ ركب القصواء «2» ، حتّى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مدّ بصري بين يديه، من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهلّ بالتّوحيد «3» : لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك.
وأهلّ النّاس بهذا الّذي يهلّون به، فلم يردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته، قال جابر- رضي الله عنه: لسنا ننوي إلّا الحجّ، لسنا نعرف العمرة، حتّى إذا أتينا البيت معه، استلم الرّكن فرمل ثلاثا «4» ومشى أربعا، ثمّ نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (2/ البقرة/ الآية 125) ، فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان أبي يقول (ولا أعلمه ذكره إلّا عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم : كان يقرأ في الرّكعتين قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. ثمّ رجع إلى الرّكن فاستلمه، ثمّ خرج من الباب «5» إلى الصّفا، فلمّا دنا من الصّفا قرأ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ (البقرة/ 158) ، أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصّفا، فرقي عليه، حتّى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحّد الله وكبّره، وقال:«لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلّا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ثمّ دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرّات، ثمّ نزل إلى المروة، حتّى إذا انصبّت قدماه «6» في بطن الوادي سعى، حتّى إذا صعدتا»
مشى، حتّى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصّفا، حتّى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال:«لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلّ، وليجعلها عمرة» . فقام سراقة بن مالك ابن جعشم، فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد؟، فشبّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى وقال:«دخلت العمرة في الحجّ (مرّتين) لا بل لأبد أبد» ، وقدم عليّ من اليمن ببدن «8» النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة- رضي الله عنها
(1) واستثفري: الاستثفار: هو أن تشد في وسطها شيئا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها، من قدامها ومن ورائها، في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها.
(2)
القصواء: هي ناقته صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبيد: القصواء: المقطوعة الأذن عرضا.
(3)
فأهل بالتوحيد: يعني قوله: لبيك لا شريك لك.
(4)
رمل ثلاثا: الرّمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا.
(5)
ثم خرج من الباب: أي من باب بني مخزوم، وهو الذي يسمى باب الصفا؛ لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا.
(6)
حتى إذا انصبت قدماه: أي انحدرت، فهو مجاز من انصباب الماء.
(7)
حتى إذا صعدتا: أي ارتفعت قدماه عن بطن الوادي.
(8)
ببدن: هو جمع بدنة، وأصله الضم، كخشب في جمع خشبة.
ممّن حلّ، ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إنّ أبي أمرني بهذا. قال: فكان عليّ يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله محرّشا «1» على فاطمة للّذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما ذكرت عنه فأخبرته أنّي أنكرت ذلك عليها. فقال:
«صدقت، صدقت. ماذا قلت حين فرضت الحجّ؟» .
قال: قلت: اللهمّ إنّي أهلّ بما أهلّ به رسولك. قال:
«فإنّ معي الهدي فلا تحلّ» . قال: فكان جماعة الهدي الّذي قدم به عليّ من اليمن والّذي أتى به النّبيّ صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحلّ النّاس كلّهم وقصّروا، إلّا النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلمّا كان يوم التّروية توجّهوا إلى منى، فأهلّوا بالحجّ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلّى بها الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثمّ مكث قليلا حتّى طلعت الشّمس، وأمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة «2» فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تشكّ قريش إلّا أنّه واقف عند المشعر الحرام «3» كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أتى عرفة، فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتّى إذا زاغت الشّمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي «4» فخطب النّاس وقال:«إنّ دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كلّ شيء من أمر الجاهليّة تحت قدميّ موضوع، ودماء الجاهليّة موضوعة، وإنّ أوّل دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة ابن الحارث، كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهليّة موضوع، وأوّل ربا أضع ربانا، ربا عبّاس بن عبد المطّلب، فإنّه موضوع كلّه، فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمان الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه «5» ، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضربا غير مبرّح، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلّوا بعده، إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون
(1) محرشا: التحريش الإغراء، والمراد هنا: أن يذكر له ما يقتضي عتابها.
(2)
بنمرة: بفتح النون وكسر الميم، هذا أصلها. وهي موضع بجنب عرفات، وليست من عرفات.
(3)
ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام: معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية، تقف بالمشعر الحرام، وهو جبل في المزدلفة يقال له (قزح) . وقيل: إنّ المشعر الحرام كل المزدلفة، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه. فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات؛ لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ، أي سائر العرب غير قريش، وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم، وكانوا يقولون: نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه. (أ. هـ. نووي) .
(4)
بطن الوادي: هو وادي عرنة، وليست عرنة من أرض عرفات إلا عند مالك فقال: إنها من عرفات. (نووي) .
(5)
ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه: قال الإمام النووي: المختار أن معناه: أن لا يأذنّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون له رجلا أجنبيّا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة.
عنّي، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت وأدّيت ونصحت، فقال بإصبعه السّبّابة يرفعها إلى السّماء وينكتها إلى النّاس: «اللهمّ اشهد، اللهمّ اشهد.
ثلاث مرّات» . ثمّ أذّن، ثمّ أقام فصلّى الظّهر، ثمّ أقام فصلّى العصر، ولم يصلّ بينهما شيئا، ثمّ ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصّخرات «1» وجعل حبل المشاة بين يديه «2» ، واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتّى غربت الشّمس، وذهبت الصّفرة قليلا حتّى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق «3» للقصواء الزّمام حتّى إنّ رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى:«أيّها النّاس السّكينة السّكينة» كلّما أتى حبلا من الحبال «4» أرخى لها قليلا، حتّى تصعد. حتّى أتى المزدلفة «5» فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبّح بينهما شيئا. ثمّ اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى طلع الفجر، وصلّى الفجر، حيّن تبيّن له الصّبح بأذان وإقامة، ثمّ ركب القصواء حتّى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبّره وهلّله ووحّده، فلم يزل واقفا حتّى أسفر جدّا فدفع قبل أن تطلع الشّمس، وأردف الفضل بن عبّاس وكان رجلا حسن الشّعر أبيض وسيما، فلمّا دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّت به ظعن يجرين «6» فطفق الفضل ينظر إليهنّ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل. فحوّل الفضل وجهه إلى الشّقّ الآخر ينظر. فحوّل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشّقّ الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشّقّ الآخر ينظر. حتّى أتى بطن محسّر «7» فحرّك قليلا ثمّ سلك الطّريق الوسطى الّتي تخرج على الجمرة الكبرى، حتّى أتى الجمرة الّتي عند الشّجرة، فرماها بسبع حصيات يكبّر مع كلّ حصاة منها حصى الخذف «8» ، رمى من بطن الوادي، ثمّ انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستّين بيده، ثمّ أعطى عليّا فنحر ما غبر «9» . وأشركه في هديه. ثمّ أمر من كلّ بدنة ببضعة
(1) الصخرات: هي صخرات مفترشات في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، فهذا هو الموقف المستحب.
(2)
وجعل حبل المشاة بين يديه: روي حبل وروي جبل، قال القاضي عياض- رحمه الله: الأول أشبه بالحديث، وحبل المشاة أي مجتمعهم، وأما بالجيم فمعناه طريقهم.
(3)
شنق: ضمّ، وضيّق.
(4)
كلما أتى حبلا من الحبال: الحبال جمع حبل، وهو التل اللطيف من الرمل الضخم.
(5)
المزدلفة: معروفة، سميت بذلك من التزلف والازدلاف، وهو التقرب؛ لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي مضوا إليها وتقربوا منها، وقيل: سميت بذلك لمجيء الناس إليها في زلف من الليل، أي ساعات.
(6)
مرت به ظعن يجرين: الظعن: بضم الظاء والعين، ويجوز إسكان العين: جمع ظعينة، كسفينة وسفن، وأصل الظعينة البعير الذي عليه امرأة، ثم تسمى به المرأة مجازا لملابستها البعير.
(7)
حتى أتى بطن محسّر: سمي بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي أعيا وكلّ، ومنه قوله تعالى: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ.
(8)
حصى الخذف: أي حصى صغار بحيث يمكن أن يرمي بأصبعين، والخذف: في الأصل مصدر سمي به، يقال: خذفت الحصاة ونحوها خذفا من باب ضرب، أي رميتها بطرفي الإبهام والسبابة.
(9)
ما غبر: أي ما بقي.
فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثمّ ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت «1» ، فصلّى بمكّة الظّهر فأتى بني عبد المطّلب يسقون على زمزم، فقال:«انزعوا «2» بني عبد المطّلب فلولا أن يغلبكم النّاس «3» على سقايتكم لنزعت معكم» ، فناولوه دلوا فشرب منه) * «4» .
22-
* (عن جعفر قال: حدّثني أبي قال: أتينا جابر بن عبد الله وهو في بني سلمة فسألناه عن حجّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحدّثنا أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحجّ. ثمّ أذّن في النّاس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ هذا العام، قال: فنزل المدينة بشر كثير، كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم، يفعل مثل ما يفعل.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه، حتّى أتى ذا الحليفة نفست أسماء بنت عميس بمحمّد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، ثمّ استثفري بثوب، ثمّ أهلّي» . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى إذا استوت به ناقته على البيداء أهلّ بالتّوحيد، لبّيك اللهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك. ولبّى النّاس، والنّاس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئا، فنظرت مدّ بصري وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من راكب وماش، ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك، قال جابر: ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فخرجنا لا ننوي إلّا الحجّ حتّى أتينا الكعبة، فاستلم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود،
ثمّ رمل ثلاثا، ومشى أربعة، حتّى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلّى خلفه ركعتين، ثمّ قرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى قال أبو عبد الله- يعني جعفرا- فقرأ فيهما بالتّوحيد، وقل يأيّها الكافرون، ثمّ استلم الحجر، وخرج إلى الصّفا، ثمّ قرأ إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ، ثمّ قال:«نبدأ بما بدأ الله به» ، فرقي على الصّفا حتّى إذا نظر إلى البيت كبّر قال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، لا إله إلّا الله، أنجز وعده، وصدق عبده، وغلب الأحزاب وحده. ثمّ دعا، ثمّ رجع إلى هذا الكلام، ثمّ نزل حتّى إذا انصبّت قدماه في الوادي رمل، حتّى إذا صعد مشى، حتّى أتى المروة فرقي عليها حتّى نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصّفا، فلمّا كان السّابع عند المروة قال: يأيّها النّاس، إنّي لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، ولجعلتها عمرة، فمن لم يكن معه هدي
(1) فأفاض إلى البيت: فيه محذوف تقديره (فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلّى الظهر) فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه.
(2)
انزعوا: معناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء.
(3)
لولا أن يغلبكم الناس، أي لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج، ويزدحمون عليه، بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم، لكثرة فضيلة هذا الاستقاء.
(4)
مسلم (1218) .
فليحلل وليجعلها عمرة» فحلّ النّاس كلّهم، فقال سراقة بن مالك بن جعشم وهو في أسفل المروة: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟، فشبّك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه فقال:«للأبد» ثلاث مرّات
…
الحديث» ) * «1» .
23-
* (عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الصّفا فرقي عليها حتّى بدا له البيت ثمّ وحّد الله عز وجل وكبّره وقال: «لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير، ثمّ مشى حتّى إذا انصبّت قدماه سعى، حتّى إذا صعدت قدماه مشى، حتّى أتى المروة ففعل عليها كما فعل على الصّفا حتّى قضى طوافه» ) * «2» .
24-
* (عن يعقوب بن إبراهيم قال حدّثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدّثني عن افتراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه اليسرى في وسط الصّلاة وفي آخرها، وقعوده على وركه اليسرى، ووضعه يده اليسرى على فخذه اليسرى، ونصبه قدمه اليمنى، ووضعه يده اليمنى على فخذه اليمنى، ونصبه إصبعه السّبّابة يوحّد بها ربّه- عز وجل» ) * «3» .
25-
* (عن أنس بن مالك قال: حدّثني محمود بن الرّبيع عن عتبان بن مالك، قال: قدمت المدينة فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك.
قال: أصابني في بصري بعض الشّيء، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّي أحبّ أن تأتيني فتصلّي فى منزلى، فأتّخذه مصلّى. قال: فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلّي في منزلي، وأصحابه يتحدّثون بينهم، ثمّ أسندوا عظم ذلك وكبره «4» إلى مالك بن دخشم. قالوا: ودّوا أنّه دعا عليه فهلك، وودّوا أنّه أصابه شرّ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصّلاة، وقال:«أليس يشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله؟» قالوا: إنّه يقول ذلك، وما هو في قلبه. قال:«لا يشهد أحد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله فيدخل النّار، أو تطعمه» . قال أنس: فأعجبني هذا الحديث، فقلت لابني: أكتبه. فكتبه» ) * «5» .
26-
* (عن الصّنابحيّ عن عبادة بن الصّامت، أنّه قال: دخلت عليه وهو في الموت، فبكيت، فقال: مهلا «6» لم تبكي؟ فو الله لئن استشهدت لأشهدنّ لك، ولئن شفّعت لأشفعنّ لك، ولئن استطعت لأنفعنّك. ثمّ قال: والله ما من حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلّا حدّثتكموه إلّا حديثا واحدا، وسوف أحدّثكموه
(1) أحمد (3/ 320) واللفظ له، وأبو داود في كتاب المناسك حديث رقم (1905)(باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، (2/ 182- 186) ، وأصله عند مسلم (1218) .
(2)
النسائي برقم 2985 (5/ 244) واللفظ له، وأبو داود (1905) (باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصله عند مسلم.
(3)
أحمد (4/ 57) .
(4)
عظم: أي معظم ومعناه: أنهم تحدثوا وذكروا شأن المنافقين وأفعالهم القبيحة وما يلقون منهم، ونسبوا معظم ذلك إلى مالك.
(5)
مسلم (54) .
(6)
مهلا: أي أنظرني.
اليوم، وقد أحيط بنفسي «1» . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«من شهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله حرّم الله عليه النّار» ) * «2» .
27-
* (عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد قال:
لمّا كان غزوة تبوك أصاب النّاس مجاعة، قالوا: يا رسول الله، لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا «3» ، فأكلنا وادّهنّا «4» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«افعلوا» ، قال: فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إن فعلت قلّ الظّهر «5» ، ولكن ادعهم بفضل أزوادهم، ثمّ ادع الله لهم عليها بالبركة، لعلّ الله أن يجعل في ذلك «6» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نعم» ، قال: فدعا بنطع فبسطه، ثمّ دعا بفضل أزوادهم. قال: فجعل الرّجل يجيء بكفّ ذرة. قال:
ويجيء الآخر بكفّ تمر. قال: ويجيء الآخر بكسرة حتّى اجتمع على النّطع من ذلك شيء يسير، قال:
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة، ثمّ قال:«خذوا في أوعيتكم» ، قال: فأخذوا في أوعيتهم، حتّى ما تركوا في العسكر وعاء إلّا ملئوه، قال: فأكلوا حتّى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّي رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد، غير شاك، فيحجب عن الجنّة» ) *» .
28-
* (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنّهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله. وإنّ رجلا من المسلمين قصد غفلته، قال: وكنّا نحدّث أنّه أسامة بن زيد، فلمّا رفع عليه السّيف قال: لا إله إلّا الله، فقتله. فجاء البشير إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره، حتّى أخبره خبر الرّجل كيف صنع، فدعاه فسأله، فقال:«لم قتلته؟» قال: يا رسول الله، أوجع «8» في المسلمين، وقتل فلانا وفلانا، وسمّى له نفرا، وإنّي حملت عليه، فلمّا رأى السّيف قال: لا إله إلّا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلته؟» قال: نعم. قال:
«فكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» قال: يا رسول الله، استغفر لي. قال:«وكيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» . قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: «كيف تصنع بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة؟» ) * «9» .
29-
* (عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريّة فصبّحنا الحرقات «10» من جهينة، فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلّا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أقال: لا إله إلّا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله، إنّما قالها خوفا من السّلاح، قال: «أفلا
(1) أحيط بنفسي: أي قربت من الموت وأيست من النجاة والحياة.
(2)
مسلم (47) .
(3)
النواضح من الإبل: التي يستقي عليها.
(4)
ادّهنا: أي اتخذنا من شحومها دهنا.
(5)
الظهر: الدواب، سميت ظهرا لكونها يركب على ظهرها، أو لكونها يستظهر بها ويستعان على السفر.
(6)
فيه محذوف تقديره: يجعل في ذلك بركة أو خيرا، فحذف المفعول.
(7)
مسلم (45) .
(8)
أوجع في المسلمين: أي أوقع بهم وآلمهم.
(9)
مسلم (160) .
(10)
فصبحنا الحرقات: أي أتيناهم صباحا. والحرقات: موضع ببلاد جهينة.
شققت عن قلبه «1» حتّى تعلم أقالها أم لا» ، فما زال يكرّرها عليّ حتّى تمنّيت أنّي أسلمت يومئذ. قال:
فقال سعد: وأنا والله لا أقتل مسلما حتّى يقتله ذو البطين- يعني أسامة- قال: قال رجل: ألم يقل الله:
وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؟. فقال سعد: قد قاتلنا حتّى لا تكون فتنة، وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتّى تكون فتنة» ) * «2» .
30-
* (عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصاح برجل من أمّتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلّا كلّ سجلّ منها مدّ البصر ثمّ يقال: أتنكر من هذا شيئا؟
فيقول: لا يا ربّ، فيقال: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرّجل فيقول: لا، فيقال: بلى، إنّ لك عندنا حسنة وإنّه لا ظلم عليك، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله. فيقول: يا ربّ ما هذه البطاقة مع هذه السّجلّات؟ فيقال: إنّك لا تظلم، فتوضع السّجلّات في كفّة والبطاقة في كفّة، فطاشت السّجلّات وثقلت البطاقة» ) * «3» .
31-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال موسى: يا ربّ، علّمني شيئا أذكرك وأدعوك به. قال: قل يا موسى: لا إله إلّا الله. قال: يا ربّ، كلّ عبادك يقولون هذا، قال:
يا موسى، لو أنّ السّموات السّبع وعامرهنّ غيري، والأرضين السّبع في كفّة، ولا إله إلّا الله في كفّة مالت بهنّ لا إله إلّا الله» ) * «4» .
32-
* (عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا تبوّأ مضجعه قال: «الحمد لله الّذي كفاني، وآواني، وأطعمني، وسقاني، والّذي منّ عليّ وأفضل، والّذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كلّ حال، اللهمّ ربّ كلّ شيء، وملك كلّ شيء، وإله كلّ شيء، ولك كلّ شيء، أعوذ بك من النّار) * «5» .
33-
* (عن الحارث الأشعريّ- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله أوحى إلى يحيى ابن زكريّا بخمس كلمات أن يعمل بهنّ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ فكأنّه أبطأ بهنّ، فأتاه عيسى فقال: إنّ الله أمرك بخمس كلمات أن تعمل بهنّ، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإمّا أن تخبرهم، وإمّا أن أخبرهم، فقال: يا أخي! لا تفعل فإنّي أخاف
(1) أفلا شققت عن قلبه: معناه: إنما كلفت بالعمل الظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان.
(2)
مسلم (158) .
(3)
الترمذي- باب الإيمان (2641) ، أحمد في مسنده (2/ 213)، ابن ماجة في الزهد برقم (4300) . وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على «المسند» رقم (1994) : إسناده صحيح.
(4)
رواه النسائي في عمل اليوم والليلة برقم (834) ، وابن حبان في صحيحه (2324) موارد، والحاكم في المستدرك (1/ 528) ، وصححه ووافقه الذهبي، وقال الحافظ في الفتح (11/ 175) : أخرجه النسائي بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه.
(5)
أحمد (2/ 117) حديث رقم (5983) . قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح. وأبو داود (4/ 473) ، وفي مجمع الزوائد (10/ 123) حديث مختصر نحو هذا من حديث بريدة مرفوعا.
إن تسبقني بهنّ أن يخسف بي، أو أعذّب. قال: فجمع بني إسرائيل ببيت المقدس حتّى امتلأ المسجد وقعدوا على الشّرفات، ثمّ خطبهم فقال: إنّ الله أوحى إليّ بخمس كلمات أن أعمل بهنّ، وآمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، أوّلهنّ: أن لا تشركوا بالله شيئا، فإنّ مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق، ثمّ أسكنه دارا. فقال: اعمل وارفع إليّ فجعل يعمل ويرفع إلى غير سيّده، فأيّكم يرضى أن يكون عبده كذلك، فإنّ الله خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا، وإذا قمتم إلى الصّلاة فلا تلتفتوا، فإنّ الله يقبل بوجهه إلى وجه عبده ما لم يلتفت وآمركم بالصّيام، ومثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرّة مسك، كلّهم يحبّ أن يجد ريحها، وإنّ الصّيام أطيب عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصّدقة ومثل ذلك كمثل رجل أسره العدوّ فأوثقوا يده إلى عنقه، وقرّبوه ليضربوا عنقه، فجعل يقول: هل لكم أن أفدي نفسي منكم، وجعل يعطي القليل والكثير حتّى فدى نفسه، وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذكر الله كمثل رجل طلبه العدوّ سراعا في أثره حتّى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشّيطان إلّا بذكر الله
…
الحديث» ) * «1» .
34-
* (روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ قالوا: إذا أخرج أهل التّوحيد من النّار وأدخلوا الجنّة ودّ الّذين كفروا لو كانوا مسلمين) * «2» .
35-
* (عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل عليه السلام فقال: يا محمّد! أقرأ أمّتك منّي السّلام وأخبرهم أنّ الجنّة طيّبة التّربة، عذبة الماء، وأنّها قيعان، وأنّ غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر) * «3» .
36-
* (عن سعيد بن المسيّب عن أبيه قال:
لمّا حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أي عمّ، قل: لا إله إلّا الله، أحاجّ لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة: يا أبا طالب، أترغب عن ملّة عبد المطّلب؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
«لأستغفرنّ لك ما لم أنه عنك» ، فنزلت (الآية الكريمة) ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (التوبة/ 113) * «4» .
(1) سنن الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب (2863) وزاد فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأنا آمركم بخمس والمنذري في الترغيب (2/ 397) وقال: رواه الترمذي والنسائي ببعضه وابن خزيمة في صحيحه (3/ 195، 196) برقم (1895) واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والحاكم (1/ 421) وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي.
(2)
الترمذي (5/ 24) كتاب الإيمان/ باب (17) .
(3)
صحيح الوابل الصيب من الكلم الطيب، سليم بن عيد الهلالي (87)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب من حديث ابن مسعود.
(4)
البخاري- الفتح 8 (4675) .