الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحاديث الواردة في (الثبات) معنى
11-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّها ستكون بعدي أثرة «1» وأمور تنكرونها» . قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر من أدرك منّا ذلك؟ قال: «تؤدّون الحقّ الّذي عليكم. وتسألون الله الّذي لكم) » * «2» .
12-
* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» ) * «3» .
13-
* (عن عبد الرّحمن بن عبد ربّ الكعبة.
قال: دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة. والنّاس مجتمعون عليه. فأتيتهم. فجلست إليه. فقال: كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا. فمنّا من يصلح خباءه. ومنّا من ينتضل «4» ، ومنّا من هو في جشره «5» . إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصّلاة جامعة «6» . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم. وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء فتن فيرقّق بعضها بعضا. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي. ثمّ تنكشف.
وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة، فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر. وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه. ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» . فدنوت منه فقلت له: أنشدك الله! آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه. وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.
فقلت له: هذا ابن عمّك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل. ونقتل أنفسنا. والله يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (النساء/ 29) . قال فسكت ساعة ثمّ قال: أطعه في طاعة الله. واعصه في معصية الله) * «7» .
(1) المراد بالأثرة: استئثار الأمراء بأموال بيت المال.
(2)
مسلم (1843) .
(3)
الترمذي (2174) وهذا لفظه، وقال: هذا حديث حسن غريب. وأبو داود (1344) . وذكره المنذري في المختصر وأشار إلى تحسين الترمذي (6/ 191) . وابن ماجه (4011) . وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 806) حديث (491) .
(4)
ينتضل: يرامي بالنشاب.
(5)
الجشر: قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم (النهاية 1/ 273) .
(6)
الصلاة جامعة: نصب الصلاة على الإغراء ونصب جامعة على الحال.
(7)
مسلم (1844) .
14-
* (عن عبادة بن الصّامت- رضي الله عنه قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السّمع والطّاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكارهنا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالعدل أين كنّا لا نخاف في الله لومة لائم) * «1» .
15-
* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما قال: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النّار، وقالها محمّد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (آل عمران/ 173)) * «2» .
16-
* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه أنّه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ إليّ ممّا عدل به: أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على
المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرّه؛ يعني قوله) * «3» .
17-
* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه قال: إنّ أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء. فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل.
فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس بن مالك:
فحدّث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قولهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبّة من أدم. فلمّا اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال:«ما حديث بلغني عنكم» .
فقال له فقهاء الأنصار: أمّا ذوو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأمّا أناس منّا حديثة أسنانهم. قالوا:
يغفر الله لرسوله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنّي أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألّفهم. أفلا ترضون أن يذهب النّاس بالأموال وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟
فو الله لما تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به» . فقالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. قال: «فإنّكم ستجدون أثرة شديدة «4» ، فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله فإنّي على الحوض» قالوا: سنصبر) * «5» .
18-
* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يجمع الله النّاس يوم القيامة في صعيد واحد، ثمّ يطّلع عليهم ربّ العالمين، فيقول:
ألا يتبع كلّ إنسان ما كانوا يعبدونه، فيمثّل لصاحب الصّليب صليبه، ولصاحب التّصاوير تصاويره،
(1) البخاري- الفتح (7199) و (7200) ومسلم (709) والنسائي (7/ 137 و138 و139) واللفظ له.
(2)
البخاري- الفتح 8 (4563) .
(3)
البخاري- الفتح 7 (3952) .
(4)
أثرة شديدة: فيها لغتان ضم الهمزة وإسكان الثاء وأصحهما وأشهرهما بفتحهما جميعا والأثرة الاستئثار بالمشترك، أي يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق.
(5)
البخاري- الفتح 6 (3147) . ومسلم (1059) . واللفظ له.
ولصاحب النّار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون، ويبقى المسلمون فيطّلع عليهم ربّ العالمين، فيقول:
ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك، الله ربّنا. هذا مكاننا حتّى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم، ثمّ يتوارى ثمّ يطّلع فيقول: ألا تتّبعون النّاس؟ فيقولون: نعوذ بالله منك، نعوذ بالله منك، الله ربّنا، وهذا مكاننا حتّى نرى ربّنا، وهو يأمرهم ويثبّتهم» ، قالوا: وهل نراه يا رسول الله؟ قال:
«وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «فإنّكم لا تضارّون في رؤيته تلك السّاعة. ثمّ يتوارى ثمّ يطّلع فيعرّفهم نفسه، ثمّ يقول:
أنا ربّكم فاتّبعوني، فيقوم المسلمون ويوضع الصّراط، فيمرّون عليه مثل جياد الخيل والرّكاب، وقولهم عليه سلّم سلّم، ويبقى أهل النّار فيطرح منهم فيها فوج، ثمّ يقال هل امتلأت؟ فتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ثمّ يطرح فيها فوج، فيقال: هل امتلأت؟ فتقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حتّى إذا أوعبوا فيها «1» وضع الرّحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض، ثمّ قال: قط، قالت:
قط قط، فإذا أدخل الله أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار. قال: أتي بالموت ملبيا «2» ، فيوقف على السّور الّذي بين أهل الجنّة وأهل النّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة، فيطّلعون خائفين، ثمّ يقال: يا أهل النّار، فيطّلعون مستبشرين يرجون الشّفاعة، فيقال لأهل الجنّة وأهل النّار: هل تعرفون هذا؟ فيقولون (هؤلاء وهؤلاء) : قد عرفناه، هو الموت الّذي وكلّ بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السّور الّذي بين الجنّة والنّار، ثمّ يقال: يا أهل الجنّة خلود لا موت، ويا أهل النّار خلود لا موت» ) * «3» .
19-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: لم أعقل أبويّ قطّ إلّا وهما يدينان الدّين، ولم يمرّ علينا يوم إلّا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النّهار بكرة وعشيّة. فلمّا ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة، حتّى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدّغنة، وهو سيّد القارّة، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربّي. قال ابن الدّغنة: إنّ مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنّك تكسب المعدوم، وتصل الرّحم، وتحمل الكلّ، وتقري الضّيف، وتعين على نوائب الحقّ، وأنا لك جار. فارجع فاعبد ربّك ببلادك. فارتحل ابن الدّغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفّار قريش فقال لهم: إنّ أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرّحم، ويحمل الكلّ، ويقري الضّيف، ويعين على نوائب الحقّ؟ فأنفذت قريش جوار ابن الدّغنة، وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدّغنة: مر أبا بكر فليعبد ربّه في داره، فليصلّ وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنّا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا.
قال ذلك ابن الدّغنة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربّه
(1) أوعبوا فيها: أي لم يدعوا منهم أحدا، وأوعب الشيء في الشيء: أدخله فيه. والمعنى: حتى إذا دخلوها ولم يتخلف منهم أحد.
(2)
ملبيا: أي على هيئة حيوان أخذ بتلابيبه.
(3)
البخاري- الفتح (3340) و (3361) و (4712) ومسلم (194) والترمذي (2557) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (3682- 369) .
في داره ولا يستعلن بالصّلاة ولا القراءة في غير داره.
ثمّ بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره، وبرز، فكان يصلّي فيه ويقرأ القرآن فيتقصّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكّاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدّغنة فقدم عليهم، فقالوا له: إنّا كنّا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربّه في داره، وإنّه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن الصّلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فأته، فإن أحبّ أن يقتصر على أن يعبد ربّه في داره فعل، وإن أبى إلّا أن يعلن ذلك فسله أن يردّ إليك ذمّتك، فإنّا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرّين الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدّغنة أبا بكر، فقال: قد علمت الّذي عقدت لك عليه، فإمّا تقتصر على ذلك، وإمّا أن تردّ إليّ ذمّتي، فإنّي لا أحبّ أن تسمع العرب أنّي أخفرت في رجل عقدت له. قال أبو بكر: فإنّي أردّ إليك جوارك وأرضى بجوار الله- ورسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمئذ بمكّة- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أريت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين، وهما الحرّتان. فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة. وتجهّز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«على رسلك، فإنّي أرجو أن يؤذن لي» . قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: «نعم» . فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السّمر أربعة أشهر) * «1» .
20-
* (عن عائشة- رضي الله عنها قالت: إنّ فاطمة- رضي الله عنها أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النّبيّ صلى الله عليه وسلم ممّ أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم تطلب صدقة النّبيّ صلى الله عليه وسلم الّتي بالمدينة وفدك، وما بقي من خمس خيبر. فقال أبو بكر: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا فهو صدقة.
إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال- يعني مال الله- ليس لهم أن يزيدوا على المأكل. وإنّي والله لا أغيّر شيئا من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم الّتي كانت عليها في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتشهّد عليّ، ثمّ قال:«إنّا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك» ، وذكر قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقّهم فتكلّم أبو بكر فقال:«والّذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي» ) * «2» .
21-
* (قال أنس بن مالك- رضي الله عنه:
«عمّي الّذي سمّيت به لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا. قال: فشقّ عليه. قال: أوّل مشهد شهده رسول الله غيّبت عنه. وإن أراني الله مشهدا، فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
قال فاستقبله سعد بن معاذ. فقال له أنس: يا أبا عمرو! أين؟ فقال: واها «3» لريح الجنّة. أجده دون أحد. قال: فقاتلهم حتّى قتل. قال: فوجد في جسده
(1) البخاري- الفتح 4 (2297) .
(2)
البخاري- الفتح 7 (3711- 3712) .
(3)
واها: كلمة تحنن وتلهف.
بضع وثمانون. من بين ضربة وطعنة ورمية. قال فقالت أخته، عمّتي الرّبيع بنت النّضر: فما عرفت أخي إلّا ببنانه. ونزلت هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (الأحزاب/ 23) قال: فكانوا يرون أنّها نزلت فيه وفي أصحابه) * «1» .
22-
* (عن حكيم بن حزام- رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني ثمّ قال: «يا حكيم، إنّ هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالّذي يأكل ولا يشبع. اليد العليا خير من اليد السّفلى» . قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والّذي بعثك بالحقّ لا أرزا «2» أحدا بعدك شيئا حتّى أفارق الدّنيا. فكان أبو بكر- رضي الله عنه يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه. ثمّ إنّ عمر- رضي الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا. فقال عمر: إنّي أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أنّي أعرض عليه حقّه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدا من النّاس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى توفّي) * «3» .
23-
* (عن جندب بن مكيث الجهنيّ- رضي الله عنه قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبيّ (كلب ليث) ، إلى بني ملوّح بالكديد، وأمره أن يغير عليهم، فخرج فكنت في سريّته فمضينا حتّى إذا كنّا بقديد لقينا به الحارث بن مالك، وهو ابن البرصاء اللّيثيّ، فأخذناه فقال إنّما جئت لأسلم، فقال غالب ابن عبد الله: إن كنت إنّما جئت مسلما فلن يضرّك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك، قال: فأوثقه رباطا ثمّ خلّف عليه رجلا أسود كان معنا، فقال: امكث معه حتّى نمرّ عليك، فإن نازعك فاجتزّ رأسه، قال: ثمّ مضينا حتّى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية بعد العصر، فبعثني أصحابي في ربيئة، فعمدت إلى تلّ يطلعني على الحاضر، فانبطحت عليه وذلك المغرب فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التّلّ، فقال لامرأته: والله إنّي لأرى على هذا التّلّ سوادا ما رأيته أوّل النّهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترّت بعض أوعيتك، قال: فنظرت، فقالت: لا والله ما أفقد شيئا قال: فناوليني قوسي وسهمين من كنانتي، قال: فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي، قال: فنزعته فوضعته ولم أتحرّك، ثمّ رماني بآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرّك. فقال لامرأته: والله لقد خالطه سهماي، ولو كان دابّة لتحرّك، فإذا أصبحت فابتغي سهميّ فخذيهما لا تمضغهما علىّ الكلاب، قال: وأمهلناهم حتّى راحت رائحتهم، حتّى إذا احتلبوا وعطّنوا، أو سكنوا وذهبت عتمة من اللّيل، شننّا عليهم الغارة فقتلنا من قتلنا
(1) البخاري- الفتح 6 (2805) . ومسلم (1903) واللفظ له.
(2)
لا أرزأ- بفتح الهمزة وفتح الزاي- أي لا أنقص ماله بالطلب منه.
(3)
البخاري- الفتح 3 (1472) .