الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي حاتم أو البخاري. والله أعلم. ولضرار رواية في مناقب أبي حنيفة كما في «تاريخ بغداد» (
1).
(2)
113 -
طريف بن عبيد الله:
في «تاريخ بغداد» (13/ 413 [441]) عنه: «سمعت ابن أبي شيبة
…
»
قال الأستاذ (ص 147): «ضعيف عنده مناكير. قال الدارقطني: ضعيف. وقال أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الموصلي في «تاريخه» : لم يكن من أهل الحديث، توفي سنة 304».
أقول: لم يتهموه بتعمُّد الكذب، ولكن يظهر أنه كان مغفَّلًا يحدِّث على التوهم. والله أعلم.
114 - طَلْق بن حبيب:
في «تاريخ بغداد» (13/ 374 [378 - 380]) من طريقين عن «سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد قال: جلست إلى أبي حنيفة، فذكر سعيد بن جبير، فانتحله في الإرجاء، فقلت: يا أبا حنيفة من حدَّثك؟ قال: سالم الأفطس. قال: قلت: سالم الأفطس كان مرجئًا، ولكن حدثني أيوب قال: رآني سعيد بن جبير جلستُ إلى طَلْق فقال: [1/ 280] ألم أرك جلستَ إلى طلق؟ لا تجالسه. قال حماد: وكان طلق يرى الإرجاء. قال: فقال رجل لأبي حنيفة: ما كان رأي طلق؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض
(1)
انظر (13/ 342 و 357).
(2)
طاهر بن محمد. راجع «الطليعة» (ص 79 [69 - 70]). [المؤلف].
عنه، ثم قال: ويحك، كان يرى العدل».
قال الأستاذ (ص 43): «وقع في الطبعات الثلاث: العدل. وهو مصحَّف من: القدر. وتصويبه من «الجواهر المضيئة»
…
ولفظ ابن أبي العوام: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر الإمام قال: حدثنا هارون بن عبد الله بن مروان الحمال قال: حدثنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد قال: جلست إلى أبي حنيفة بمكة، فقلت له: حدثنا أيوب قال: رآني سعيد بن جبير قد جلستُ إلى طلق بن حبيب، فقال لي: ألم أرك جلست إلى طلق؟ لا تجالسه. قال أبو حنيفة: كان طلق يرى القدر
…
وطلق بن حبيب بصري من أصحاب ابن عباس
…
والإرجاء الذي يقول هو به بالمعنى الذي قال به جمهور أهل الحق. وقد أحسن أبو حنيفة صنعًا في تَرَوِّيه في نسبته إلى شيء من البدع الممقوتة على تقدير صحة المحادثة، لأن الواجب على مثله في مثله عدمُ التسرع، ولمَّا اضطُرَّ إلى الجواب بتكرير السؤال أجاب بأنه بصري كان يُنسب إلى القدر كغالب أهل البصرة. فيكون هذا هو السبب لقول سعيد بن جبير السابق لا الإرجاء الذي كان يقول به، فإنه رأي مشترك بينهم. وأبو حنيفة أعرَف بمذهب سعيد بن جبير، لأنه من أهل الكوفة وقد أدركه، بخلاف حماد بن زيد فإنه بصري متأخر».
أقول: «تاريخ بغداد» مطبوع عن أصلين عتيقين جيدين بتصحيح جيِّد، وقد دلَّ اتفاقُ الثلاث الطبعات
(1)
على أن الكلمة فيها «العدل» ، ومن عرف حرص الأستاذ على تقوية ما يقوله، يكاد يجزم بأنه قد راجع الأصلين أو روجعا له. واقتصار الأستاذ على قوله:«وتصويبه من «الجواهر المضيئة» » يجعلنا نشكّ في الواقع في أصل كتاب ابن أبي العوام، فإن كان وقع فيه
(1)
(ط): «الطبع (! )» وما أثبته هو مراد المؤلف. أقول: وكذلك هو في الطبعة المحققة: (15/ 511) وعلّق محقّقها: «أما قول الكوثري بأنها تصحيف، فغير صحيح» .
«القدر» ــ كما قال الأستاذ ــ فالواقع في «تاريخ بغداد» أثبت. وحال ابن أبي العوام قد أشرتُ إليها في «الطليعة» (ص 27 - 28)
(1)
.
ومؤلف «الجواهر المضيئة» من أهل القرن الثامن ولم يشتهر بالضبط والإتقان
(2)
، ولا بيَّن مأْخَذَه، إنما ذكر أن أبا حنيفة قد تكلَّم في الجرح والتعديل، فأورد كلمات، منها أنه قال:«كان طلق يرى القدر»
(3)
، وقد يكون أخذ من كتاب ابن أبي العوام. وأصل كتاب «الجواهر المضيئة» وتصحيحه لا يوازي أصلَي «تاريخ بغداد» [1/ 281] وتصحَيحه
(4)
. وتحريف كلمة «العدل» إلى «القدر» هو الجاري على طريقة التصحيف والتحريف، فإن القارئ أو الناسخ إنما يعدِل عما لا يعرفه إلى ما يعرفه، وقد شرحتُ طرفًا من ذلك في قسم الفقهيات في مسألة سُهْمان الخيل من الغنيمة
(5)
.
وقد يفهم بعضهم من قول أبي حنيفة: «كان يرى العدل» أنه أراد بالعدل القدر؛ لأن القدرية يسمُّون أنفسهم أهل العدل، فأبْدَلها ذاك الفاهم بكلمة «القدر» ؛ لأنه يرى المعنى واحدًا، وكلمة «القدر» أوضح. وإنما أراد: القول العدل، أي: الحق في زعمه يعني الإرجاء. ومن عرف أبا حنيفة وقوة عارضته جزم أو كاد بأنه لو كان عنده أن طلقًا كان قدريًّا وأن سعيد بن جبير
(1)
(ص 18 - 19).
(2)
وقد وُصف خطّه بأنه حسن جدًّا، لكن قال الحافظ:«ولم يكن بالماهر» .
(3)
«الجواهر المضيّة» : (1/ 60).
(4)
لكن وقعت اللفظة كذلك في الطبعة المحققة من «الجواهر» كما سبق العزو إليها.
(5)
(2/ 104 فما بعدها).
إنما نهى عن مجالسته لذلك لَبادَرَ إلى ذكر ذلك دفعًا لحجة خصمه.
والتروّي الذي ذكره الأستاذ لا وجه له، بل ربما يقال: لو كان أبو حنيفة إنما قال بعد أن ألجئ إلى الجواب: «كان يرى القدر» لكان هذا أطلق للسانِ مَن يعيبه، فإنَّ طلقًا لم يصفه أحد بالقدر، وقد وصفوه بالإرجاء، وهو كالمضاد للقدر. وَصَف طلقًا بالإرجاء حمادُ بن زيد وأبو حاتم وابن سعد، وقال البخاري في «تاريخه الكبير» (ج 2 قسم 2 ص 360):«حدثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب: «ما رأيت أحدًا أعبدَ من طَلْق بن حبيب، فرآني سعيد بن جبير جالسًا معه، فقال: ألم أَرَكَ مع طَلْق؟ لا تجالس طَلْقًا، وكان يرى الإرجاء» .
وهذا السند بغاية الصحة، ويبعد أن لا يبيِّن سعيد لأيوب سبب المنع، إلا وهو يرى أنه لا يعرفه. وكذلك الحال في أيوب وحماد. والذي كان يعرفه حماد أن السبب هو الإرجاء. وشدة أيوب على المرجئة معروفة. وفي «تذكرة الحفاظ» (ج 2 ص 76)
(1)
قول الأستاذ: «قال به جمهور أهل الحق» قد كشفت حاله في
(1)
(2/ 501).
الاعتقاديات
(1)
. وقد هَجَر سعيدُ بن جبير ذرَّ بن عبد الله المُرْهِبي لأجل الإرجاء كما في ترجمة ذر. «التهذيب»
(2)
.
[1/ 282] قوله: «بصري كان يُنسَب إلى القدر كغالب أهل البصرة» مردود عليه، فإن القدر إنما فشا في البصرة بعد سعيد بن جبير بمدة. ومع ذلك، فلم يبلغ أن يكون هو الغالب. وقد ذكر إبراهيم الحربي أبا قطن عمرو بن الهيثم، ثم قال:«ثنا عنه أحمد يومًا فقال له رجل: إن هذا تكلَّم بعدكم في القدر. فقال أحمد: إن ثلث أهل البصرة قدرية» . هكذا في ترجمة أبي قطن من «التهذيب»
(3)
مع أن كلمة أحمد محتملة للمبالغة لأن المقام يقتضيها.
قوله: «أبو حنيفة أعرف بمذهب سعيد بن جبير
…
» مردود عليه أيضًا، فإن سعيدًا أُخرج من الكوفة عقب وقعة ابن الأشعث، وعمر أبي حنيفة سنتان أو ثلاث. وأيوب صحب سعيدًا مُدَّة، فكيف لا يكون أعرَفَ به؟ وحماد أعرَفُ الناس بأيوب، وهما أعرَفُ بطَلْق، فإنه بصري مثلهما، وقد جالسه أيوب.
هذا، وقد عُرِف من القصة أنه لم يكن لأبي حنيفة حجة على نسبة الإرجاء إلى سعيد بن جبير إلا ما ذكر أن سالمًا الأفطس حدَّثه. ولا ندري ما قال سالم عن سعيد، وما الذي سمعه من سعيد، فظنَّه إرجاء؟ والمرجئة
(1)
(2/ 555 فما بعدها).
(2)
(3/ 218).
(3)
(8/ 114).