الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَبْ أن أبا ذر كان أشعريًّا، فما تفصيل ذلك؟ والنقل عن الأشعري مختلف، وأصحابه مختلفون. وعلى كل حال فلا يكفِّرون الحنابلة، نعم قد يبدّعونهم. ولكن عقلاءهم ولاسيما العارفين بالرواية منهم كالبيهقي لا يرون ذلك مُوهنًا للرواية ولا مسوِّغًا للبغض والعداوة. وقد مرَّت الإشارة إلى ذلك في القواعد
(1)
، وأشبعت القول في قسم الاعتقاديات
(2)
. فالحق الذي لا معدل عنه أن أبا ذر ثقة تُقبل روايته، ويُرَدُّ عليه من قوله ورأيه ما أخطأ فيه الحق.
(3)
152 - عُبيد الله بن عبد الكريم أبو زُرْعة الرازي:
حكى الأستاذ (ص 42) عن كتاب ابن أبي العوام: «حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: حدثنا عبد الواحد بن أحمد الرازي بمكة قال: أنبأنا بشار بن قيراط عن أبي حنيفة
…
». وعلَّق الأستاذ في الحاشية على بشار بن قيراط: «مقبول عند الحنفية بنيسابور، كما قال الخليلي في «الإرشاد» ، وإن طال لسان أبي زُرْعة فيه لكونه من أهل الرأي».
أقول: ابن أبي العوّام قد تعرّضت له في «الطليعة» (ص 27 - 28)
(4)
. فأعرض الأستاذ في «الترحيب» عن ذلك، ولنا أن نسأله: مَن إبراهيم بن أحمد في السند؟ ومن شيخه؟ فما بال الأستاذ أعرض عن ذلك كلِّه وتناول بشارًا؟ أَلِيوهم أن بقية السند ثقات إجماعًا؟ أم ليتوصّل إلى الغضِّ من أبي
(1)
(1/ 87 - 98).
(2)
(2/ 411 وما بعدها، 529 وما بعدها).
(3)
عبدة بن عبد الله الخراساني. يأتي في «عبيدة» [رقم 154]. [المؤلف].
(4)
(ص 18 - 19).
زُرْعة؟
بشار قديم، سمع من أبي حنيفة المتوفى سنة 150، كذَّبه أبو زُرْعة الذي ولد سنة 200. وقال أبو حاتم الذي ولد سنة 195:«هو نيسابوري قدم الري، مضطرب الحديث، يُكتب حديثه ولا يحتج به»
(1)
. وقال ابن عدي المولود سنة 277: «روى أحاديث غير محفوظة، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق»
(2)
. وقال الخليلي المولود بعد ذلك بزمان فإنه توفي سنة 446: «كان يتفقه على رأي أبي حنيفة. رضيَتْه الحنفية بخراسان، ولم يتفق عليه حُفَّاظ خراسان»
(3)
.
وقد سبق في ترجمة عبد الله بن محمود
(4)
ذكرُ ما زعمه الأستاذ من أن من لم يوثِّقه أهلُ عصره [1/ 338] يكون مجهول الصفة، وتراه هنا يردُّ جرح المتقدمين لبشار ويتشبث بقول المتأخر عنه بقريب من مائتي سنة:«رضيَتْه الحنفية بخراسان» ! ويزيد الأستاذ فيزعم أن أبا زُرْعة إنما كذَّبه لأنه مخالف له في المذهب. وقد عُلِم مما سلف في القواعد أن من شهد له أهلُ العلم أنه «صدوق» لا يُقْبَل من أحد أن يقول: إنه تعمَّد الكذبَ أو الحُكْمَ بالباطل إلا أنْ يقيم على ذلك حجة صارمة، فما بالك بمن شهدوا له بأنه ثقة؟ فما بالك بمثل أبي زُرْعة في إمامته وجلالته وتثبته؟
(1)
«الجرح والتعديل» : (2/ 418).
(2)
(2/ 23).
(3)
«الإرشاد في معرفة علماء الحديث» : (3/ 925).
(4)
رقم (135).