الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
246 - مصعب بن خارجة بن مصعب:
تقدمت روايته في ترجمة أحمد بن عبد الله أبو عبد الرحمن
(1)
وفيها قوله: «سمعت حمادًا
…
».
قال الأستاذ (ص 127): «مجهول الصفة كما يقول أبو حاتم» .
أقول: قد عرَفه ابن حبان، فقال في «الثقات»
(2)
: «مصعب بن خارجة بن مصعب، من أهل سرخس، يروي عن حماد بن زيد وأبيه، روى عنه أهل بلده، مات سنة إحدى أو اثنتين ومائتين، وكان على قضاء سرخس» . ونقل ابن حجر في «اللسان»
(3)
بعض هذه العبارة، وفيه أيضًا:«حماد بن زيد» . فقول الأستاذ: إن حمادًا في الحكاية هو ابن سلمة فيه ما فيه.
(4)
247 -
مطرِّف بن عبد الله بن مطرِّف بن سليمان بن يسار أبو مصعب اليساري الأصم:
في «تاريخ بغداد» (13/ 399 [421]) من طريق «القاسم بن المغيرة الجوهري، حدثنا مطرّف أبو مصعب الأصم قال: سئل مالك بن أنس عن قول عمر في العراق: بها الداء العُضال. قال: الهَلَكة في الدين، ومنهم
(1)
رقم (23).
(2)
(9/ 174).
(3)
(8/ 74).
(4)
مضر بن محمد البغدادي ــ انظر: «نصر بن محمد البغدادي» [رقم 256]. [المؤلف]
أبو حنيفة».
ذكر الأستاذ (ص 113) أن الصواب: «عن قول كعب لعمر» لأنه كذلك في «الموطأ» . ثم قال (ص 114): «قال ابن عدي: يروي المناكير عن ابن أبي ذئب ومالك، ولذا فند هذه الرواية أبو الوليد الباجي
…
».
أقول: فسَّر ابن عدي
(1)
كلمته بأن ذكر أحاديث مناكير رواها ابن عدي عن أحمد بن داود بن عبد الغفار عن أبي مصعب، فردَّ الذهبيُّ
(2)
وغيره على ابن عدي بأن الحَمْل في تلك الأحاديث على أحمد بن داود، وأحمد بن داود كذَّبه الدارقطني، ورماه العقيلي وابن طاهر بالوضع.
أقول: قد وقع لابن عدي شبيه بهذا في غالب القطان
(3)
. قال ابن حجر في «مقدمة الفتح»
(4)
: «وأما ابن عدي، فذكره في «الضعفاء» وأورد له أحاديثَ، الحَمْلُ فيها على الراوي عنه عمر بن مختار البصري، وهو من عجيب ما وقع لابن عدي، والكمال لله».
ويظهر لي أن لابن عدي هنا عذرًا ما، ففي ترجمة أحمد بن داود من «اللسان»
(5)
: «قال [1/ 481] أبو سعيد بن يونس: حدَّث عن أبي مصعب بحديث منكر، فسألته عنه، فأخرجه من كتابه كما حدَّث به» . وفيه بعد ذلك
(1)
في «الكامل» : (6/ 377).
(2)
في «الميزان» : (5/ 250).
(3)
«الكامل» : (6/ 6).
(4)
(ص 434).
(5)
(1/ 454).
ذكرُ حديثه عن أبي مصعب عن عبد الله بن عمر عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: «من رأى مبتلى فقال: الحمد لله» ، إلخ، قال: «قال ابن عدي لما حدَّث أحمدُ بهذا الحديث عن مطرِّف: كانوا يتهمونه
…
فظلموه لأنه قد رواه عن مطرِّف: عليُّ بن بحر
(1)
، وعباس الدوري، والربيع
…
». فقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس هو هذا الحديث: من رأى مبتلى إلخ. رآه ابن عدي في أصل أحمد بن داود، وعرف أن غيره قد رواه عن مطرّف، ورأى أن الحمل فيه على مطرف البتة، فقاس بقية الأحاديث عليه.
وقد يكون الحديث الذي ذكره ابن يونس غير هذا الحديث، ويكون ابن عدي رأى الأحاديث في أصل أحمد بن داود، فاعتقد براءته منها للدليل الظاهر وهو ثبوتها في أصله، فحَمَلها كلَّها على مطرِّف. فإن كان الأمر على هذا الوجه الثاني، فذاك الدليل وهو ثبوت الأحاديث في أصله يحتمل الخلل. ففي «لسان الميزان» (ج 1 ص 253)
(2)
: «أحمد بن محمد بن الأزهر
…
قال ابن حبان: كان ممن يتعاطى حفظ الحديث، ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكادُ يُذكر له باب إلّا وأغْرَب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه. ذاكرتُه بأشياء كثيرة فأغرب عليَّ فيها، فطالبته
(3)
على الانبساط، فأخرج إليَّ أصول أحاديث
…
فأخرج إليَّ كتابَه بأصل عتيق
…
قال ابن حبان: فكأنه كان يعملها في صباه
…
».
فهذا رجل روى أحاديث باطلة، وأبرز أصله العتيق بها، فإما أن يكون
(1)
(ط): «عمر» تصحيف.
(2)
(1/ 588). وكلام ابن حبان في «المجروحين» : (1/ 163).
(3)
(ط): «فطاولته» ، والتصحيح من «المجروحين» و «اللسان» .
كان دجّالًا وقت طلبه، كان يسمع شيئًا ويكتب في أصله معه أشياء يعملها، وإما أن يكون كان معه وقت طلبه بعض الدجالين، فكان يُدخل عليه ما لم يسمع، كما وقع لبعض المصريين مع خالد بن نجيح، كما تراه في ترجمة عثمان بن صالح السهمي من «مقدمة الفتح»
(1)
. وفي ترجمة محمد بن غالب تمتام من «الميزان»
(2)
أنه أُنكِر عليه حديثٌ، فجاء بأصله إلى إسماعيل القاضي، فقال له إسماعيل:«ربما وقع الخطأ للناس في الحداثة» .
وفي «الكفاية» (ص 118 - 119) عن حسين بن حبان: «قلت ليحيى بن معين: ما تقول في رجل حدَّث بأحاديث منكرة، فردَّها عليه أصحاب الحديث، إن هو رجع وقال: ظننتها، فأما إذ أنكرتموها عليَّ فقد رجعتُ عنها؟ فقال:[1/ 482] لا يكون صدوقًا أبدًا،
…
فقلت ليحيى: ما يبرئه؟ قال: يخرج كتابًا عتيقًا فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، فيكون شُبِّه له، وأخطأ كما يخطئ الناس، فيرجع عنها».
فأنت ترى ابن معين لم يجعل ثبوتها في الأصل العتيق دليلًا على ثبوتها عمن رواها صاحب الأصل عنهم، بل حمله على أنه شُبِّه له وأخطأ في أيام طلبه.
إذا تقرَّر هذا فلعل الأحاديث التي ذكرها ابن عدي عن أحمد بن داود عن أبي مصعب رآها ابن عدي في أصل عتيق لأحمد بن داود، فبنى على أنَّ ذلك دليل ثبوتها عن أبي مصعب. وهذا الدليل لا يُوثَق به كما رأيت، لكن
(1)
(ص 423).
(2)
(5/ 127).
في البناء عليه عذرٌ ما لابن عدي، يخفُّ به تعجبُ الذهبي إذ يقول:«هذه أباطيل حاشا مطرِّفًا من روايتها، وإنما البلاء من أحمد بن داود، فكيف خفي هذا على ابن عدي؟ ! » .
بقي حديث مطرِّف، عن عبد الله بن عمر العمري، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه:«من رأى مبتلًى، فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضَّلَني على كثير ممن خلق تفضيلًا، لم يُصبه ذلك البلاء» . فهذا رواه جماعة عن أبي مصعب، وأخرجه الترمذي
(1)
وقال: «غريب من هذا الوجه» ، وزاد في بعض النسخ:«حسن» . وأخرج قبل ذلك
(2)
من طريق عمرو بن دينار مولى آل الزبير، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر ــ نحوه. وعمرو بن دينار هذا متكلَّم فيه، وعدُّوا هذا الحديث فيما أُنكر عليه، وأحسب أن بعض الرواة سمع هذا وسمع حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا:«من قال إذا أمسى ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق لم تضرَّه حُمَةٌ تلك الليلة»
(3)
فاشتبه عليه الحديثان فحسب الأول بسند الثاني فرواه كذلك. وقد يكون هذا الخطأ من مطرِّف، وقد يكون من شيخه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، فإنه ليِّن حتى قال البخاري:«ذاهب لا أروي عنه شيئًا» . فإن كان الخطأ من أبي مصعب، فقد يخطئ على عبد الله بن عمر ما لا يخطئ على مالك لمزيد اختصاصه به.
(1)
(3432).
(2)
(3431).
(3)
أخرجه الترمذي (3604) وقال: «حديث حسن» .