الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: قد قال البخاري: «مشهور الحديث» . وهذا بحسب الظاهر يُبطل قول ابن حزم، لكن يجمع بينهما قولُ ابن يونس:«حدَّث بأحاديث منكرة، وأحسب الآفة من غيره» ، وقول النسائي:«ثقة، ولو لم يصنِّف كان خيرًا له» . وذلك أنه لما صنَّف احتاج إلى الرواية عن الضعفاء، فجاءت في ذلك مناكير، فحمل ابن حزم على أسد، ورأى ابن يونس أن أحاديثه عن الثقات معروفة، وحقَّق البخاري فقال:«حديثه مشهور» . يريد ــ والله أعلم ــ مشهورٌ عمن روى عنهم، فما كان فيه من إنكار فممن
(1)
قَبْلَه. وقد قال ابن يونس أيضًا والبزار وابن قانع حافظ الحنفية: ثقة. وقال العجلي: ثقة، صاحبُ سنة. وفي «الميزان»
(2)
: «استشهد به البخاري، واحتجَّ به النسائي، وأبو داود. وما علمتُ به بأسًا» .
وقد أساء الأستاذ إلى نفسه جدًّا إذ يقتصر على كلمة ابن حزم في صدد الطعن، مع علمه بحقيقة الحال، ولكن!
47 - إسماعيل بن إبراهيم بن مَعْمَر أبو معمَرالهذلي الهروي الكوفي:
في «تاريخ بغداد» (13/ 400 [421]) من طريق إبراهيم بن عبد الرحيم ثم من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل [1/ 207] قال كل منهما: «حدثني أبو معمر
…
».
قال الأستاذ (ص 114): «هو ممن أجاب في المحنة، وقال: كفرنا وخرجنا.
(1)
(ط): «فمن» والصواب ما أثبت.
(2)
(1/ 207).
ويقال: إن ابن معين قال: خرج الهذلي هذا إلى الرقة وحدّث بخمسة آلاف حديث أخطأ في ثلاثة آلاف منها».
أقول: قال الله تبارك وتعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]. فأبو معمر ممن أُكرِه، والأستاذ يعلم مَن هو الذي شرح صدره بتلك المقالة. وأما ما جاء عن الإمام أحمد أنه كان ينهى عن الكتابة عن الذين أجابوا في المحنة، فليس ذلك على معنى جَرْحِ مَن أجاب مُكرهًا، بل أراد بذلك تثبيت أهل العلم والعامة. أما أهل العلم فخشية أن يبادروا بالإجابة قبل تحقّق الإكراه، وأما العامة فخشية أن يتوهموا أن الذين أجابوا أجابوا عن انشراح صدر. فإن كان مغزى الأستاذ الطعن على أبي معمر، لإيمانه بأن القرآن غير مخلوق، وقوله: إن القول بأنه مخلوق كفر، فتلك شَكاةٌ ظاهر عنك عارُها
(1)
.
وأما الحكاية عن ابن معين، فقد أنكرها الخطيب وغيره من أئمة الحديث، ولكن الأستاذ مولَع بالتقاط السواقط. وما أحسب أحدًا أشدَّ إزراءً بأبي حنيفة من الأستاذ، فإنه مع إظهاره أنه متهالك في الدفاع عنه، يُكثر من التشبث بالأشياء المردودة والباطلة، ويلجأ إلى المغالطة والتهويلات الفارغة. وذلك يُلجئ الناظرَ إلى ما يلجئه، فيقول: لولا أن تلك المطاعن أو
(1)
من قول أبي ذؤيب الهذلي:
وعيَّرها الواشون أني أحبُّها
…
وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها
انظر: شرح أشعار الهذليين (1/ 70).