الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: ترجمتاهما في «تاريخ دمشق»
(1)
، ولتمَّام ترجمة في «تذكرة الحفاظ» (ج 3 ص 243)
(2)
. ولم أر مَنْ نسبهما ولا أحدهما إلى تعصُّب، ولا عرفتُ من أحوالهما ما يدل على ذلك. والمخالفة للمذهب لا تستلزم التعصب. وقد تقدَّم الكلام في التعصب في القواعد
(3)
.
61 - [1/ 214] ثعلبة بن سهيل التميمي الطُّهَوي:
راجع «الطليعة» (ص 78 - 81)
(4)
وما ذكرتُه هناك من أن ابن معين قد يطلق كلمة «ليس بشيء» لا يريد بها التضعيف، وإنما يريد قلة الحديث، ترى مستنده في ترجمة عبد العزيز بن المختار من «مقدمة الفتح»
(5)
، وترجمة كثير بن شِنْظِير من «تهذيب التهذيب»
(6)
. ويعترف به الأستاذ، كما ستراه في الترجمة الآتية.
62 - جرَّاح بن منهال أبو العطوف:
في «تاريخ بغداد» (13/ 406 [432]) من طريق: «سلمة بن سليمان يقول: قال رجل لابن المبارك
(7)
: أكان أبو حنيفة عالمًا؟ قال: لا، ما كان
(1)
(11/ 43 و 35/ 57).
(2)
(3/ 1056 - 1058).
(3)
(ص 29 وما بعدها).
(4)
(ص 60 - 62).
(5)
(ص 420 - 421).
(6)
(8/ 418 - 419).
(7)
تكرر قوله: «سلمة بن
…
المبارك» في (ط).
بخليق لذاك. ترك عطاءً، وأقبل على أبي العطوف!».
قال الأستاذ (ص 128): «فيه انقطاع ومجهول؛ لأنه لم يبيِّن أنه سمع الرجل يقول، وأنه حضر القصة، كما لم يبيِّن من هو هذا الرجل .... ثم من الغريب أن يزعم زاعم
…
مع أنه ما من مسند من المسانيد السبعة عشر المؤلفة في أحاديث أبي حنيفة إلا وفيه روايته عن عطاء بكثرة. وأما أبو العطوف
…
فهو متأخر الوفاة عن أبي حنيفة بنحو ثماني عشرة سنة، وقد قلَّت رواية أبي حنيفة عنه جدًّا، ولا مانع من الرواية عنه قبل طروء الغفلة به. وقد ذكره أحمد بالغفلة فقط. وقال ابن معين: ليس بشيء. وهو كثيرًا ما يقول هذا فيمن قلّ حديثه. ومن ظن بأبي حنيفة أنه لا يميِّز بين مَنْ به غفلة أو تهمة [وبين غيره]
(1)
فقد ظنَّ باطلًا. وأبو حنيفة يُكثر جدًّا عن عطاء
…
بل ليس بين شيوخه بعد حماد بن أبي سليمان مَن يُكثِر عنه قدرَ إكثاره عن عطاء. وأما أبو العطوف فرواياته عنه كلُّها لا تزيد على نحو خمس روايات
…
».
أقول: أما الانقطاع والمجهول فقد تقدم النظر فيه في القواعد
(2)
. وأما قوله: «ما من مسند من المسانيد السبعة عشر
…
إلا وفيه روايته عن عطاء بكثرة»، وقوله:«وأبو حنيفة يُكثِر جدًّا عن عطاء» ؛ ففيه نظر ظاهر، لأن غالب الجامعين لتلك المسانيد متأخرون، وجماعة منهم متَّهَمون بالكذب، ومن لم يكن منهم متهمًا يكثر أن يكون في أسانيده إلى أبي حنيفة مَنْ لا يُعتدُّ بروايته. ومع ذلك فقد تصفَّحْتُ «جامع المسانيد» فلم أجد فيه عن أبي حنيفة عن عطاء إلا نحو ثلاثين رواية، لعله لا يصحُّ منها عن أبي حنيفة [إلّا]
(3)
خمسٌ
(1)
ساقط من (ط). والزيادة من التأنيب.
(2)
(ص 134 - 143).
(3)
زيادة يستقيم بها السياق.
أو ستٌّ، فأين الكثرة، فضلًا عن الإكثار جدًّا! على أن الحميدي قد قال:«حدثنا وكيع قال: حدَّثنا أبو حنيفة أنه [1/ 215] سمع عطاءً، إن كان سمعه! » أخرجه الخطيب
(1)
، ورواه ابن أبي حاتم في كتابه «تقدمة الجرح والتعديل»
(2)
في باب «ما ذكر من معرفة وكيع بن الجراح بناقلة الأخبار ورواة الآثار وكلامه فيهم» رواه عن أبيه عن الحميدي.
وذكره الأستاذ (ص 130) فزعم أن كلمة: «إن كان سمعه» من قول الحميدي. ولم يصنع الأستاذ شيئًا، هي من قول وكيع، لكن ليس المقصود بها كما ذكر الأستاذ الشكّ في سماع أبي حنيفة مطلقًا، وإنما المقصود الشك في سماع خبر معيَّن ذكره وكيع ولم يذكره الحميدي، إذ كان قصد الحميدي إنما هو حكاية تلك الكلمة عن وكيع. وقد يحتمل أن الشك ليس من وكيع، وإنما هو من أبي حنيفة نفسه، كأن يكون قال في ذلك الخبر: سمعتُ عطاءً، إن كنت سمعته؛ فعبَّر وكيع بما تقدم. فإن كان هذا هو الواقع، فليس فيه طعن من وكيع في أبي حنيفة كما فهموه. والله أعلم.
قوله: «ولا مانع من الرواية عنه قبل طروِّ الغفلة» . هذه دعوى مجردة، فلم يذكر أحد قبل الأستاذ أن أبا العطوف طرأت عليه الغفلة، بل قدحوا فيه على الإطلاق، كما ترى بعض ذلك في «الطليعة» (ص 80)
(3)
. ولو كان إنما بليَّته الغفلة وكانت طرأت عليه بعد أن سمع أبو حنيفة أو غيره لما طعنوا فيه،
(1)
في «التاريخ» : (13/ 425).
(2)
(1/ 226) وانظر (8/ 449).
(3)
(ص 61).
بل كانوا يعدُّونه في جملة المختلطين الذين يوثِّقهم أهلُ العلم ويحتجُّون بما سمع منهم قبل الاختلاط.
فأما قوله: «ذكره أحمد بالغفلة فقط» ؛ فأحمد إمام ورع، إذا كفاه غيرُه الكلامَ في رجل، ورأى الناسَ قد تركوا حديثه؛ لم يستحسن أن يشيع الكلام فيه. ومع ذلك فلم يشر أحمد إلى أن الغفلة طرأت، كما زعم الأستاذ، بل قضية كلامه أن الرجل لم يزل كذلك.
وأما قول ابن معين: «ليس بشيء» ، فلا ريب أنه قد يقولها في الراوي بمعنى قلَّة ما رواه جدًّا، يعني أنه لم يسند من الحديث ما يُشْتَغَل به، كما مرت الإشارة إليه في ترجمة ثعلبة. فأما أنه كثيرًا ما يقول هذا فيمن قلَّ حديثه، فهذه مبالغة الأستاذ! وعلى ذلك، فقد مضى تحقيقُ ذلك في ترجمة ثعلبة من «الطليعة»
(1)
. وحاصله: أن الظاهر المتبادر من هذه الكلمة الجرحُ، فلا يُعدَل عنه إلا بحجة، فلما كان ابن معين قد وثَّق ثعلبة، ولم يقدح فيه غيرُه، وثعلبة قليل الحديث جدًّا= تبيَّن أن مراد ابن معين بتلك الكلمة ــ لو ثبتت ــ قلة الحديث.
وأبو العطوف لم يوثِّقه ابن معين ولا غيره، بل أوسعوه جرحًا، وحديثه غير قليل. فقد ذكر له الأستاذ خمسة، وفي [1/ 216]«لسان الميزان»
(2)
ثلاثة أخرى، لو لم يكن له غيرها لما كانت من القلة بحيث يصح أن يقال: إنها ليست بشيء. ولولا أنهم تركوه ولم يكتبوا حديثه لوجدنا له غيرَ ما ذُكر.
(1)
(ص 60 - 62).
(2)
(2/ 246).