الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - أحمد بن كامل القاضي
.
في «تاريخ بغداد» (13/ 374 [378 - 379]): «أخبرنا ابن الفضل، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا سليمان بن حرب. وأخبرنا ابن الفضل أيضًا، أخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن موسى البربري، حدثنا ابن الغلابي، عن سليمان بن حرب
…
».
قال الأستاذ (ص 43): «وأحمد بن كامل القاضي فيه يقول الدارقطني: أهلكه العُجْب، كان متساهلًا في الرواية، ربما حدَّث من حفظه بما ليس عنده. كما رواه الخطيب» .
أقول: ذكرتُ في «الطليعة» (ص 69)
(1)
أن عبارة الدارقطني كما في «تاريخ بغداد» وغيره: « .. بما ليس عنده في كتابه» . وهذا القيد «في كتابه» يدفع القدح، فإنه لا يلزم من عدم كون الحديث عند أحمد في كتابه أن لا يكون عنده في حفظه». فلأمْرٍ ما حذف الأستاذ ذاك القيد!
أجاب الأستاذ في «الترحيب» (ص 51) بقوله: «ليس عادة النقاد أن يقولوا لما ليس في كتاب الراوي: إنه عنده، فلا يكون سقوط «في كتابه» مغيرًا للمعنى ولا مقصودًا، فهم الناقد [يعني المعلمي]، أم لم يفهم».
أقول: لا يخفى أن الظاهر من قولهم «عنده» يتناول ما في كتابه وما في حفظه، وعادة النقَّاد جاريةٌ على هذا الظاهر. وتجد أمثلة من ذلك في «تهذيب التهذيب» (ج 1 ص 110) ولا حاجة إلى تتبع نظائر ذلك ما دام هو الموافق للظاهر، كما تقدم. وكفى دليلًا على ذلك تقييد الدارقطني بقوله:
(1)
(ص 52).
«في كتابه» . فأما القصد فالله أعلم، ولكن القرائن تدل عليه كما مر في ترجمة أحمد بن سلمان
(1)
.
وعلى كل حال، فقد ثبت ــ كما اعترف به الأستاذ ــ أن كلمة الدارقطني فيما حدَّث به أحمد بن كامل:«وليس عنده في كتابه» لا تنفي أن يكون عنده في حفظه، بل قد تُثبت ذلك بمقتضى دليل الخطاب، وبذلك ثبت أنه لا قدح. غاية الأمر أن الدارقطني رأى أنه كان الأحوط لأحمد بن كامل أن لا يحدث بما ليس في كتابه، وإن كان يحفظه. وتَرْكُ الراوي للأحوط [1/ 162] لا يقدح فيه، بل إذا خاف أن يكون تركُه روايةَ ما حفظه ولم يثبته في كتابه الأصل كتمانًا للعلم وتعريضًا للضياع وجب عليه أن يرويه. وراجع ما تقدم في ترجمة أحمد بن جعفر بن حمدان
(2)
.
وأما قول الدارقطني: «أهلكه العُجْب» . ففسرها الدارقطني بقوله: «فإنه كان يختار، ولا يضع لأحد من الأئمة أصلًا. فقيل له: كان جريري المذهب؟ فقال: «بل خالفه، واختار لنفسه، وأملى كتابًا في السنن وتكلم على الأخبار»
(3)
.
فحاصل هذا أنه لم يلتزم مذهبَ إمامٍ معيّن، بل كان ينظر في الحجج ثم يختار قول من رجح قولُه عنده.
أقول: وهذا أيضًا ليس بجرح، بل هو بالمدح أولى. وقد قال الخطيب:
(1)
(رقم 19).
(2)
(رقم 12).
(3)
كلام الدارقطني في سؤالات السهمي (176).