الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
258 - [1/ 493] نُعيم بن حمّاد:
ذكر الأستاذ (ص 49) عن «الأسماء والصفات»
(1)
للبيهقي رواية من طريقه: «سمعت نوح ابن أبي مريم أبا عصمة يقول: كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر جهم وجاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهمًا
…
». وفي «تاريخ بغداد» (13/ 396) من طريقه: «قال سفيان: ما وضع في الإسلام من الشر ما وضع أبو حنيفة إلا فلان ــ لرجل صُلِب» .
قال الأستاذ (ص 49): «معروف باختلاق مثالب ضد أبي حنيفة، وكلامُ أهل الجرح فيه واسعُ الذيل، وذكره غير واحد من كبار علماء أصول الدين في عداد المجسِّمة بل القائلين باللحم والدم» .
وقال الأستاذ (ص 107): «له ثلاثة عشر كتابًا في الرد على من يسمِّيهم: الجهمية، ودعا إليها العجليَّ فأعرض عنها
…
ولا شك أنه كان وضاع مثالب كما يقول أبو الفتح الأزدي وأبو بشر الدولابي وغيرهما. وكم أتعب نعيمٌ أهلَ النقد بمناكيره! ويوجد من روى عنه من الأجلَّة رغبةً في علو السند، ولا يرفع ذلك من شأنه إن لم يضع من شأن الراوي، ومن حاول الدفاع عنه يتسع عليه الخرق».
أقول: نعيم من أخيار الأمة وأعلام الأئمة وشهداء السنة. ما كفى الجهميةَ الحنفيَّةَ أن اضطهدوه في حياته، إذ حاولوا إكراهه على أن يعترف بخلق القرآن فأبى، فخلَّدوه في السجن مثقلًا بالحديد حتى مات، فجُرَّ بحديده، فألقي في حفرة ولم يكفَّن ولم يُصلَّ عليه ــ صلَّت عليه الملائكة ــ حتى تتبعوه بعد موته بالتضليل والتكذيب؛ على أنه لم يجرؤ منهم على
(1)
(905).
تكذيبه أحد قبل الأستاذ، إلا أن أحدهم ــ وهو الدولابي ــ ركب لذلك مطية الكذب، فقال: «وقال غيره
…
».
أما عقيدته، فعقيدة أئمة السنة المخلَّدة في كتاب الله عز وجل. وأما الذين كان يسميهم «الجهمية» ، فكان أئمة المسلمين في زمانه وقبله وبعده يسمُّونهم هذا الاسم. وأما إعراض العجلي عن كتبه فلم يُعرض عنها مخالفةً لنعيم ولا رغبةً عن الأخذ عنه. وهو ممن وثَّق نعيمًا كما يأتي، وإنما كان العجلي مستغرقًا في الحديث، فلم يُحِبَّ أن يتشاغل بالنظر في أقوال المبتدعة والردِّ عليها؛ إشفاقًا على نفسه من أن يعلَق به بعضُ أوضارها.
وأما كلام أئمة الجرح والتعديل فيه، فهم بين موثِّق له مطلقًا، ومُثْنٍ عليه مليِّن لما ينفرد [1/ 494] به مما هو مظنة الخطأ، بحجة أنه كان لكثرة ما سمع من الحديث ربما يُشبَّه عليه فيخطئ. وقد روى عنه البخاري في «صحيحه»
(1)
وروى له بقية الستة بواسطة إلا النسائي
(2)
، لا رغبةً في علوّ السند كما يزعم الأستاذ، فقد أدركوا كثيرًا من أقرانه وممن هو أكبر منه، ولكن علمًا بصدقه وأمانته، وأن ما نُسِب إلى الوهم فيه ليس بكثير في كثرة ما روى.
فأما الدولابي، فهو محمد بن أحمد بن حماد له ترجمة في «الميزان»
(3)
و «اللسان»
(4)
. قال ابن يونس: «من أهل الصنعة، حسن
(1)
انظر الحديث رقم (3849 و 7189)، والموضع الثاني مقرونًا.
(2)
روى له مسلم في مقدمة الصحيح (1/ 22).
(3)
(4/ 379).
(4)
(6/ 506).
التصنيف، وكان يضعَّف». وقال الدارقطني:«تكلموا فيه لما تبيَّن من أمره الأخير» . وذكر ابن عدي
(1)
قول الدولابي في معبد الجهني الذي روى أبو حنيفة عن منصور بن زاذان
(2)
عن الحسن عنه: إنه معبد بن هوذة الذي ذكره البخاري في «تاريخه» . قال ابن عدي: «هذا الذي قاله غير صحيح، وذلك أن معبد بن هوذة أنصاري فكيف يكون جهنيًّا؟ ومعبد الجهني معروف ليس بصحابي، وما حمل الدولابيَّ على ذلك إلا ميله لمذهبه» . وقال ابن عدي أيضًا: «ابن حماد مُتَّهم فيما قاله في نعيم بن حماد لصلابته في أهل الرأي» .
وفي ترجمة نعيم من «مقدمة الفتح»
(3)
بعد الإشارة إلى حكاية الدولابي: «وتعقب ذلك ابن عدي بأن الدولابي كان متعصبًا عليه؛ لأنه كان شديدًا على أهل الرأي. وهذا هو الصواب» . وقال في «التهذيب»
(4)
: «حاشى الدولابي أن يُتَّهم، وإنما الشأن في شيخه الذي نقل ذلك عنه فإنه مجهول متهم» .
أقول: لا أرى الدولابي يبرأ من عُهْدة ذاك النقل المريب، فإن ابن عدي قال كما في «التهذيب»
(5)
: «قال لنا ابن حماد ــ يعني الدولابي ــ: نعيم يروي
(1)
في «الكامل» : (3/ 167).
(2)
(ط): «زازان» !
(3)
(ص 447).
(4)
(10/ 463).
(5)
(10/ 461).
عن ابن المبارك، قال النسائي: ضعيف، وقال غيره: كان يضع الحديث في تقوية السنة وحكايات في ثلب أبي حنيفة كلها كذب. قال ابن عدي: وابن حماد مُتَّهم
…
». فلا يحتمل أن يكون الدولابي سمع تلك الكلمة ممن يُعتد بقوله، وإلا لصرَّح به وصرخ به صراخًا. فإن كان سمعها ممن لا يعتد به فلم [1/ 495] يكن له أن يحكيها على هذا الوجه، بل كان عليه أن يُعْرِض عنها لعدم الاعتداد بقائلها، أو على الأقل أن يصرِّح باسمه. وإن كان لم يسمعها من أحد وإنما اختلق ذلك، فأمره أسوأ. وإن كان كنى بقوله:«غيره» عن نفسه، كأنه أراد:«وقلت أنا» ، فالأمر في هذا أخف. وقد عُرف تعصب الدولابي على نعيم، فلا يُقبل قوله فيه بلا حجة مع شذوذه عن أئمة الحديث الذين لا يكاد هو يُذكر معهم.
وأما أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي، فهو نفسه على يَدَي عَدْلٍ! وترجمته في «تاريخ بغداد»
(1)
و «الميزان»
(2)
و «اللسان»
(3)
تبيِّن ذلك، مع أنه إنما نقل كلام الدولابي، وإن لم يصرِّح باسمه. والدليل على ذلك توافق العبارتين، أما عبارة الدولابي فقد مرَّت، وأما عبارة الأزدي فقال:«قالوا: كان يضع الحديث في تقوية السنة، وحكايات مزوَّرة في ثلب أبي حنيفة كلُّها كذب» .
أما كلام الأئمة فقال الإمام أحمد: «لقد كان من الثقات» . وقال العجلي:
(1)
(2/ 240).
(2)
(4/ 443).
(3)
(7/ 90).
«ثقة» . وقال أبو حاتم مع تشدده: «صدوق» . وروى عنه البخاري في «صحيحه» كما مرّ، وأخرج له بقية الستة إلا النسائي. وصحَّ عن ابن معين من أوجه أنه قال:«ثقة» ، وروى عنه. وجاء عنه أنه مع ثنائه عليه ليَّنه في الرواية، وأتمُّ ذلك رواية علي بن حسين بن حبان وفيها عن ابن معين: «نعيم بن حماد صدوق ثقة رجل صالح، أنا أعرَفُ الناس به، كان رفيقي بالبصرة
…
إلا أنه كان يتوهم الشيء فيخطئ فيه، وأما هو فكان من أهل الصدق».
وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: «سمعت النسائي يذكر فضلَ نُعيم بن حماد وتقدُّمه في العلم والمعرفة والسنن، ثم قيل له في قبول حديثه، فقال: قد كثر تفرّده عن الأئمة المعروفين بأحاديث كثيرة، فصار في حدِّ من لا يُحتج به» . وهذا يدل أن ما روي عن النسائي أنه قال مرة: «ليس بثقة» إنما أراد بها أنه ليس في حدِّ أن يُحتج به. وهَبْ أن النسائي شدَّد، فكلام الأكثر أرجح ولا سيما ابن معين، لكمال معرفته ولكونه رافق نُعيمًا وجالسه وسمع منه وخَبَره، حتى قال كما تقدم:«أنا أعرَفُ الناس به» .
وقد أورد له ابن عدي
(1)
أحاديث انتقدت عليه ثم قال: «وعامة ما أُنكر عليه هو الذي ذكرته، وأرجو أن يكون باقي حديثه مستقيمًا» . وقال ابن حجر في «التهذيب»
(2)
: «أما نعيم فقد ثبتت عدالته وصدقه، ولكن في حديثه أوهام معروفة، وقد [1/ 496] قال فيه الدارقطني: إمام في السنة، كثير الوهم. وقال أبو أحمد الحاكم: ربما يخالف في بعض حديثه. وقد مضى أن ابن
(1)
في «الكامل» : (7/ 16 - 19).
(2)
(10/ 463).
عدي تتبع ما وهم فيه، فهذا فصل القول فيه».
وإنما أوقع نعيمًا فيما وقع فيه من الأوهام أنه سمع فأكثرجدًّا من الثقات ومن الضعفاء. قال أحمد بن ثابت أبو يحيى: «سمعت أحمد ويحيى بن معين يقولان: نُعيم معروف بالطلب» ، ثم ذمَّه بأنه يروي عن غير الثقات. وفي «الميزان»
(1)
عن ابن معين: «نعيم بن حماد
…
كتب عن رَوْح بن عُبادة خمسين ألف حديث». هذا ما سمعه من رجل واحد ليس هو بأشهر شيوخه، فما ظنُّك بمجموع ما عنده على كثرة شيوخه؟ وقال صالح بن محمد:«كان نعيم يحدِّث من حفظه، وعنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها» . فلكثرةِ حديث نعيم عن الثقات وعن الضعفاء واعتمادِه على حفظه كان ربما اشتبه عليه ما سمعه من بعض الضعفاء بما سمع من بعض الثقات، فيظن أنه سمع الأول بسند الثاني، فيرويه كذلك. ولو لم يخطئ وروى كما سمع لتبيَّن أنه إن كان هناك نكارة، فالحَمْل فيها على من فوقه.
وقد تقدم أن ابن عدي تتبَّع ما انْتُقِد على نعيم، وذكر الذهبي في «الميزان» ثمانية أحاديث، وكأنها أشد ما انتقد على نعيم، وما عداها فالأمر فيه قريب، ولا بأس أن أسوقها هنا وأنظر فيها على مقدار فهمي. وأسأل الله التوفيق.
الحديث الأول: أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج 4 ص 430): «
…
نعيم بن حماد، ثنا عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك رضي الله عنه
(1)
(5/ 392 - 395).
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقةً أعظمها فرقة قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيحرِّمون الحلال، ويحلِّلون الحرام» . قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين» .
أقول: هذا الحديث أشدُّ ما أُنكِر على نعيم. أنكره ابن معين، ووثَّق نعيمًا وقال:«شُبِّه له» . وقال دحيم: «هذا حديث صفوان بن عمرو، حديث معاوية» يعني أن إسناده مقلوب. ولهذا الحديث شواهد مرفوعة وموقوفة في «المستدرك» (ج 1 ص 128) و «سنن الدارمي» [1/ 497](ج 1 ص 65) وغيرهما
(1)
.
وقد تابع نعيمًا على روايته عن عيسى بن يونس جماعةٌ منهم ثلاثة أقوياء: سويد بن سعيد الحَدَثاني، وعبد الله بن جعفر الرَّقِّي، والحكم بن المبارك الخَوَاستي.
وسويد من رجال مسلم إلا أنه كان في آخر عمره يقبل التلقين، لكن في ترجمته ما يدل أنه كان إذا نُبِّه على خطئه رجع. وقد روجع في هذا الحديث، فثبت على أنه سمعه من عيسى بن يونس.
(1)
قلت: فيما أشار إليه المؤلف رحمه الله نظر، فإن الذي في «المستدرك» عدة أحاديث في تفرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، وهي صحيحة كما بينته في غير هذا الموضع، لكن ليس في شيء منها ذكر القياس والتحريم والتحليل، وهو بيت القصيد ــ كما يقال ــ في حديث نعيم، والذي عند الدارمي أثر عن ابن مسعود، وعن غيره من التابعين في ذم قوم يقيسون الأمر برأيهم. وفي اعتبار مثل هذا مع وقفه وقصوره عن الشهادة الكاملة شاهدًا لحديث نعيم المرفوع نظر ظاهر عندي. فليتأمل. [ن].
والرقّي موثَّق إلّا أنه نُسب إلى الاختلاط بأخرة، لكن ذكر ابن حبان أن اختلاطه لم يكن فاحشًا. وراوي هذا الحديث عنه ثقة، وهو الذي أخبر بأنه اختلط، فقد يقال لو علم أنه اختلط اختلاطًا شديدًا وكان إنما سمع منه هذا الحديث عند اختلاطه، لكان الظاهر أن لا يرويه عنه إلا مقرونًا ببيان أنه إنما سمعه منه بعد الاختلاط.
والخواستي وثَّقه ابن حبان، وابن منده، وابن السمعاني. وقال ابن عدي
(1)
في ترجمة سويد: «يقال: إنه لا بأس به» ، لكنه عدَّه عند ذكر هذا الحديث في ترجمة أحمد بن عبد الرحمن بن وهب
(2)
فيمن سرق هذا الحديث من نعيم.
وذكر الذهبي في «الميزان» متابعة هؤلاء الثلاثة لنعيم ثم قال: «قلت: هؤلاء الأربعة لا يجوز في العادة أن يتفقوا على باطل، فإن كان خطأ، فمن عيسى بن يونس» . والله أعلم.
الحديث الثاني: قال ابن جرير
(3)
في تفسير سورة «سبأ» : «حدثني زكريا بن أبان المصري قال: ثنا نعيم قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حَيْوَة، عن النوَّاس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله أن يوحي بالأمر أخذت السموات منه رجفةٌ ــ أو قال: رعدة ــ شديدة خوفَ أمر الله، فإذا سمع
(1)
(3/ 428).
(2)
(1/ 185).
(3)
(19/ 278).
بذلك أهل السموات صعقوا وخرُّوا لله سُجَّدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبرائيل، [1/ 498] فيكلِّمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمرُّ جبرائيل على الملائكة كلَّما مرَّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربُّنا يا جبرائيل؟ فيقول جبرائيل: قال الحقَّ وهو العلي الكبير، قال: فيقولون كلُّهم مثل ما قال جبرائيل، فينتهي جبرائيل بالوحي حيث أمره الله».
سئل عنه دحيم، فقال: لا أصل له.
أقول: المتن غير منكر، وله شواهد، ففي «صحيح البخاري»
(1)
من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكةُ أجنحتها خُضْعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صَفْوان، فإذا فُزِّع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال
(2)
: الحقَّ وهو العلي الكبير
…
». هكذا في تفسير سورة «سبأ» ، وأخرجه البخاري أيضًا في «التوحيد»
(3)
وذكر ابن حجر في «الفتح»
(4)
طرق حديث ابن مسعود وأنه جاء من عدة أوجه مرفوعًا وفي بعض طرقه: «
…
فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى
(1)
(4701).
(2)
تكررت في (ط) خطأ.
(3)
(7481)، وأثر ابن مسعود ذكره قبله في أول الباب.
(4)
(13/ 456).
يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم جبريل فُزِّع عن قلوبهم. قال: ويقولون: يا جبريل ماذا قال ربكم؟ قال: فيقول الحق، قال: فينادون: الحق الحق». وراجع تفسير سورة «سبأ» من «تفسير ابن جرير» ، وراجع «الفتح» في تفسيره سورة «سبأ» وفي «التوحيد» .
فالنكارة في السند فقط، وقد يقال: نعيم مكثر جدًّا، وكان يتتبع هذا الضرب من الأحاديث، والوليد مكثرجدًّا تفرَّد بأحاديث كثيرة فيُحتمل هذا الحديث لنعيم. فإن كان هناك خطأ، فقد مرَّ وجهه. والله اعلم.
الحديث الثالث: في «تاريخ بغداد» (ج 13 ص 311) من طريق محمد بن إسماعيل الترمذي: «حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أُبَيّ: أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربَّه تعالى في المنام في أحسن صورة شابًّا موفرًا، رجلاه في خفٍّ عليه نعلان من ذهب، على وجهه فراش من ذهب» .
[1/ 499] أقول: في «اللآلئ المصنوعة» (ج 1 ص 16)
(1)
بعد ذكر حديث نعيم هذا: «ولم ينفرد بهذا الحديث، فقد رواه جماعة عن ابن وهب قال الطبراني: حدثنا روح بن الفرج، حدثنا يحيى بن بكير ح وحدثنا أحمد بن رشدين، حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي وأحمد بن صالح قالوا: حدثنا عبد الله بن وهب ــ فذكره بسنده ومتنه سواء» . ثم ذكر حديث حماد بن سلمة بسنده إلى ابن عباس مرفوعًا: «رأيت ربِّي في صورة شابٍّ
(1)
(1/ 29).
له وفرة» وتصحيح أبي زُرْعة له وعدة متابعات وشواهد له.
والطبراني ورَوْح ابن الفرج ويحيى بن بُكير من الثقات. وفي يحيى كلام يسير لا يضرُّه، وهو من رجال «الصحيحين» . ويحيى بن سليمان وأحمد بن صالح ثقتان، لكن الراوي عنهما أحمد بن رشدين فيه كلام، وقد وثَّقه مسلمة. وفي «تاريخ بغداد»
(1)
من طريق محمد بن أحمد ابن الحداد الفقيه أنه سمع النسائي يقول: «ومَنْ مروان بن عثمان حتى يُصدَّق على الله عز وجل؟ ! » وهذا يُشعر بأن النسائي عرف ثبوتَ الحديث عن ابن وهب بسنده، فلم يحمل على نُعيم ولا يحيى بن بكير، وإنما ترقى إلى مروان بن عثمان. ومروان ضعَّفه أبو حاتم، وقال ابن حبان في ترجمة عمارة بن عامر
(2)
: «حديثًا منكرًا، لم يسمع عمارة من أم الطفيل» فأعلّه بالانقطاع. وعلى كلِّ حال فقد ظهرت براءة نعيم من عُهدة هذا الحديث.
الحديث الرابع: قال الترمذي في أواخر كتاب الفتن من «جامعه»
(3)
: «حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، حدثنا نعيم بن حماد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم في زمانٍ من ترك منكم عُشْرَ ما أُمر به هلك، ثم يأتي زمان مَن عمل منكم بعُشْر ما أُمر به نجا. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث نعيم بن حماد عن سفيان بن عيينة. قال: وفي الباب عن أبي
(1)
(13/ 313).
(2)
في كتاب «الثقات» : (5/ 245).
(3)
(2267).
ذر وأبي سعيد».
أقول: حديث أبي ذر في «مسند أحمد» (ج 5 ص 155)
(1)
و «التاريخ الكبير» للبخاري (ج 1 قسم 2 ص 371).
فكأنه وقع لنعيم حديث أبي ذر أو أبي سعيد بسند، وحديث آخر عن سفيان بن عيينة بسنده، فاشتبه عليه الحديثان، فظن أنه سمع ذاك المتن بهذا السند. والله أعلم.
الحديث الخامس والسادس: في «الميزان» : «ومنها حديثه عن ابن المبارك وعبدة عن [1/ 500] عبيد الله عن نافع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبّر في العيدين سبعًا في الأولى، وخمسًا في الثانية، والمحفوظ أنه موقوف» .
أقول: إنْ ثبت رجحان الوقف فيهما، فالأمر هيِّن. ومثل هذا الخطأ لم يكد يسلم منه أحد، كما ترى في كتب العلل. وقد اغْتُفِر أكثر من ذلك لمن لا يساوي نُعَيمًا في كثرة الحديث ولا يَنصُفه.
الحديث السابع والثامن: في «الميزان» : «بقية، عن ثور، عن خالد بن مَعدان، عن واثلة بن الأسقع مرفوعًا: المتعبّد بلا فقه كالحمار في الطاحونة.
(1)
(21372).