الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
178 - القاسم بن حبيب:
في «تاريخ بغداد» (13/ 373 [377]) من طريق «ابن فضيل عن القاسم بن حبيب قال: وضعت نعلي في الحصى، ثم قلت لأبي حنيفة: أرأيت رجلًا صلى لهذه النعل حتى مات إلا أنه يعرف الله بقلبه؟ فقال: مؤمن» .
أقول: أفاد الأستاذ أن كلمة ابن معين مدارها على حديث المرجئة والقدرية، وكلمة ابن معين تحتمل أوجهًا:
الأول: أن يكون قوله: «الذي
…
» قصد به تمييز هذا الرجل عن آخر يقال له: القاسم بن حبيب أيضًا. وهذا بعيد، لأننا لا نعرف آخر يقال له:«القاسم بن حبيب» .
الثاني: أن يكون أراد بقوله: «الذي» الحديث كأنه قال: «حديثه الذي يحدث به
…
» وهذا كأن فيه بعدًا عن الظاهر.
الثالث: أن يكون ذلك إيحاء إلى العلة كأنه قال: «لا شيء، لأجل حديثه الذي حدَّث به عن نزار» .
وقول الأستاذ: «يعني حديث المرجئة والقدرية عند الترمذي» ظاهره أنه يحمل كلمة ابن معين على الوجه الثاني، وأيًّا ما كان فالمدار على ذاك
الحديث. فإذا تبين أن القاسم بريء من عُهدته، أو معذور فيه، تبيَّن أنه لا مطعن فيه. فإنه يروي عن جماعة منهم عكرمة، ومحمد بن كعب القرظي، وسلمة بن كُهَيل وغيرهم، ولم يُنكَر عليه خبر واحد إلا ذاك الخبر الذي رواه عن نزار، وحينئذ يصفو له توثيق ابن حبان، فلننظر في ذلك.
نزار بن حيّان
(1)
لم يوثقه أحد، وذكره ابن حبان في «الضعفاء»
(2)
وقال: «يأتي عن عكرمة بما ليس من حديثه حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لذلك» . والقاسم إنما روى هذا الحديث عن نزار عن عكرمة، فكأن ابن حبان يشير إليه. والقاسم قد روى عن عكرمة كما مرَّ، فلو أراد الكذب لروى ذاك الحديث عن عكرمة رأسًا، وربح العلوَّ وشهادة نزار له.
وقد تابع القاسم على رواية هذا الحديث عن نزار: ابنُه علي بن نزار، وقال ابن معين في علي بن نزار:«ليس حديثه بشيء» لعله أراد هذا الحديث. وعلي بن نزار قد روى عن عكرمة، فلو أراد الكذب [1/ 378] لروى هذا الحديث عن عكرمة رأسًا ويربح العلوَّ والشهادة لأبيه.
وقال ابن عدي
(3)
في ترجمة علي في هذا الحديث «أنكروه على علي وعلى والده» . ويؤخذ من «الميزان»
(4)
أن بعضهم رواه عن [ابن]
(5)
فُضيل
(1)
(ط): «حبان» تصحيف.
(2)
(3/ 56 - 57).
(3)
«الكامل» : (5/ 194).
(4)
(4/ 79).
(5)
سقطت من (ط).
عن نزار وابنه عن عكرمة، ولكن أشار الذهبي إلى أن المحفوظ:«عن ابن فضيل عن القاسم بن حبيب وعلي بن نزار» يعني كلاهما عن نزار عن عكرمة كما في «سنن الترمذي»
(1)
. فالذي يتجه اتجاهًا واضحًا أن الحَمْل في هذا الحديث على نزار، له غُنْمه وعليه غُرْمه.
وقد قال الترمذي بعد أن رواه من طريق القاسم بن حبيب وعلي بن نزار، عن نزار، عن عكرمة:«وفي الباب عن عمر وابن عمر ورافع بن خديج، وهذا حديث غريب حسن صحيح»
(2)
. ثم قال عقبه: «حدثنا محمد
(3)
بن رافع، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا سلام بن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه». فهذا سلام بن أبي عمرة قد تابع نزارًا، لكن تكلموا في سلام، فقال ابن معين:«ليس بشيء» ، وقال ابن حبان
(4)
: «يروي عن الثقات المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وهو الذي روى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية» والترمذي يقول: إن الحديث «حسن صحيح» كما مرّ.
والذي يهمنا هنا شأن القاسم بن حبيب، وقد تبين براءته من تَبِعة هذا الحديث، فارتفعت عنه كلمة ابن معين، وَصَفا له توثيق ابن حبان.
(1)
(2149).
(2)
في بعض النسخ «حسن غريب» فقط. وانظر «تحفة الأشراف» : (5/ 143).
(3)
(ط): «محمود» تحريف، وليس في شيوخ الترمذي مَن يقال له «محمود بن رافع» .
(4)
«المجروحين» : (1/ 341 - 342).