الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنقول عن غيره، وقد ذكرت في «الطليعة»
(1)
توثيق الأئمة لمؤمل، وبذلك يرجح رجحانًا ظاهرًا أن ابن معين لم يضعِّفه. والله المستعان.
255 - مهنَّأ بن يحيى:
في «تاريخ بغداد» (13/ 411 [439]) من طريق «عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا مهنأ بن يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول
…
».
قال الأستاذ (ص 143): «قال أبو الفتح الأزدي
…
: منكر الحديث، وتابعه الخطيب».
أقول: الأزدي نفسه متكلَّم فيه حتى رُمي بالوضع، وقد رد ابن حجر في مواضع من [1/ 488]«مقدمة الفتح»
(2)
جرحه، وبيَّن أنه لا يُعتدُّ به. وقول الكوثري:«وتابعه الخطيب» باطل، فقد روى ابن الآبنوسي عن الخطيب:«كلُّ من ذكرت فيه أقاويلَ الناس من جرح أو تعديل، فالتعويل على ما أخرتُ» كما في «تذكرة الحفاظ» (ج 3 ص 315)
(3)
. وهاهنا بدأ الخطيب في ترجمة مهنّأ بحكاية قول الأزدي، ثم أتبعها برواية السُّلَمي عن الدارقطني:«ثقة نبيل» ، ثم ذكر مكانةَ مهنأ عند أحمد وثناء أصحابه عليه. فعُلِمَ بذلك أن التعويل عنده على التوثيق. وبهذا يُعلم ما في عبارة ابن الجوزي في «المنتظم» (ج 8 ص 368) في تجنِّياته على الخطيب: «ذكر مهنأ بن يحيى وكان من كبار أصحاب أحمد، وذكر عن الدارقطني أنه قال:
(1)
(ص 51).
(2)
انظر (ص 386، 390، 392 وغيرها).
(3)
(3/ 1139).
مهنأ ثقة نبيل، وحكى بعد (!) ذلك عن أبي الفتح الأزدي
…
وهو يعلم أن الأزدي مطعون فيه عند الكل
…
فلا يستحيي الخطيب أن يقابل قول الدارقطني في مهنأ بقول هذا، ثم لا يتكلم عليه؟ هذا ينبئ عن عصبية وقلة دين».
أقول: عفا الله عنك يا أبا الفرج! ما أرى الباعث لك على التجنِّي على الخطيب إلا ما قدَّمتُه في ترجمته
(1)
، وعليك في كلامك هذا مؤاخذات:
الأولى: أن الموجود في «تاريخ الخطيب» تعقيب كلمة الأزدي بحكاية السلمي عن الدارقطني، كما مرَّ.
الثانية: أن هذا مع ذكر مكانة مهنأ عند أحمد وثناء أصحابه عليه في قوة الرد على كلمة الأزدي، كما مرَّ.
الثالثة: أنك إذ ذكرت ما قيل في الأزدي كان ينبغي أن تذكر ما قيل في السُّلَمي حاكي التوثيق عن الدارقطني، وقد ذكرتَ ترجمتَه في «المنتظم» (ج 8 ص 6) وفيها قول محمد بن يوسف القطان:«كان أبو عبد الرحمن غير ثقة، ولم يكن سمع من الأصم إلّا شيئًا يسيرًا، فلما مات الحاكم أبو عبد الله ابن البَيِّع حدَّث عن الأصم بـ «تاريخ يحيى بن معين» وبأشياء كثيرة سواها، وكان يضع للصوفية الأحاديث». ولم تتعقب هذا ولا ذكرتَ ما يخالفه.
الرابعة: أن الأزدي ذكر متمسَّكه، فلا يسوغ ردُّ قوله إلا ببيان سقوط حجته.
(1)
رقم (26).
[1/ 489] الخامسة: أنك بعد التسامح بما تقدَّم لم يكن ينبغي لك [أن] تقول: «عصبية وقلة دين» محاذرةً على الأقل أن يشاحَّك مشاحٌّ، فيردَّ ذلك عليك.
أما متمسَّكُ الأزدي، فهو أن مهنأ روى عن زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان الثوري، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن جابر حديثًا في الجمعة، ولا يعلم رواه أحد غيره عن زيد ابن أبي الزرقاء، ولا عن غيره عن سفيان الثوري؛ فلا يعرف عن الثوري إلا بهذا الإسناد. وإنما يعرف من رواية عبد الله بن محمد العدوي التميمي رواه عن علي بن زيد، والعدوي طعنوا فيه، وقال وكيع:«يضع الحديث» ، وحكى ابن عبد البر عن جماعة أهل العلم بالحديث أنهم يقولون: إن هذا الحديث من وضعه. كذا في ترجمة العدوي من «التهذيب»
(1)
. وفي ترجمة مهنأ من «اللسان»
(2)
عن ابن عبد البر: «لهذا الحديث طرق ليس فيها ما يقوم به حجة إلا أن مجموعها يدل على بطلان قول مَن حَمَل على العدوي أو على مهنأ بن يحيى» . فلو كان ابن الجوزي نظر في هذا الحديث وحقَّقَ لكان أولى به مما صنع.
وعلى كل حال، فغاية ما في الباب أن يكون مهنأ أخطأ في سند هذا الحديث، فكان ماذا؟ وقد ذكره ابن حبان في «الثقات»
(3)
وقال: «كان من
(1)
(6/ 20 - 21).
(2)
(8/ 183).
(3)
(9/ 204).