الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير ثقة. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه
…
وقال أبو ثور: ما رأيت أكذب من اللؤلؤي. وقيل ليزيد بن هارون: ما تقول في اللؤلؤي؟ قال: أوَ مسلم هو؟ وقال يعلى بن عبيد: اتَّقِ اللؤلؤي. وقال ابن أبي شيبة: كان أبو أسامة يسمِّيه الخبيث. وقال يعقوب بن سفيان والعقيلي والساجي: كذاب
…
».
فأما قضية التقبيل وقَرْص الخدِّ في الصلاة، فقد تقدمت الإشارة إليها في ترجمة الخطيب
(1)
ثم في ترجمة صالح بن محمد
(2)
، وهي بغاية الثبوت. فهذا هو الذي يصفه الكوثريّ بأنه «مجتهد عظيم القدر ومحدث جليل الشأن
…
» استخفافًا بالدين وأهله، وسخريةً من عقول الناس وعقله!
(3)
207 - محمد بن سعيد البُورَقي:
في «تاريخ بغداد» (13/ 335) من طريقه
(4)
: «حدثنا سليمان بن جابر بن سليمان بن ياسر بن جابر، حدثنا بشر بن يحيى، قال: أخبرنا الفضل بن موسى السِّيناني، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في أمتي رجلًا اسمه النعمان، وكنيته
(1)
رقم (26).
(2)
رقم (110).
(3)
محمد بن سعيد الباهلي راجع «الطليعة» (ص 37 - 39 [26 - 28]) وانظر ما يأتي في ترجمة الهيثم بن خلف. [المؤلف]. قلت: لم يفرد له المؤلف ترجمة في «التنكيل» ، وقد ذكره في موضعه هناك (ص 846) في الحاشية وأحال على الطليعة وغيرها.
(4)
وقع هناك «الدورقي» خطأ. [المؤلف].
أبو حنيفة، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي، هو سراج أمتي». قال الخطيب:«قلت: وهو حديث موضوع تفرَّد بروايته البُورَقي، وقد شرحنا فيما تقدَّم أمره، وبيَّنَّا حاله» . [1/ 447] يعني في ترجمته، وهي في «التاريخ» (ج 5 ص 308 - 309) وفيها عن حمزة السهمي:«محمد بن سعيد البُورَقي كذّاب، حدَّث بغير حديثٍ وَضَعه» . وعن الحاكم: «هذا البورقي قد وضع من المناكير على الثقات ما لا يحصى، وأفحشُها روايته
…
: سيكون في أمتي رجل يقال له: أبو حنيفة هو سراج أمتي. هكذا حدَّث به في بلاد خراسان، ثم حدَّث به بالعراق بإسناده، وزاد فيه أنه قال: وسيكون في أمتي رجل يقال له: محمد بن إدريس، فتنتُه على أمتي أضرُّ من أبليس». وذكر الخطيب غير هذا من مناكيره.
قال الأستاذ (ص 30): «استوفى طرقَه البدرُ العيني في «تاريخه الكبير» ، واستصعب الحكم عليه بالوضع، مع وروده بتلك الطرق الكثيرة، وقد قال: «
…
فهذا الحديث كما ترى قد روي بطرق مختلفة ومتون متباينة ورواة متعددة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أن له أصلًا، وإن كان بعض المحدثين بل أكثرهم ينكرونه، وبعضهم يدّعون أنه موضوع، وربما كان هذا من أثر التعصب. ورواة الحديث أكثرهم علماء، وهم من خير الأمم، فلا يليق بحالهم الاختلاق على النبي عليه الصلاة والسلام متعمِّدًا»!
ذيَّل عليه الكوثري بقوله: «وعالِم مضطهد طول حياته، يموت وهو محبوس، ثم يعمُّ علمُه البلاد من أقصاها إلى أقصاها شرقًا وغربًا، ويتابعه في فقهه شطرُ الأمة المحمدية بل ثلثاها على توالي القرون، رغم مواصلة الخصوم من فقيه ومحدث ومؤرخ مناصبةَ العداء له، نبأ جلل لا يُستبعد أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم
…
»!
أقول: لا أدري أعلمُ هؤلاء القوم أحرى أن يؤسَف عليه، أم دينهم، أم
عقولهم؟! قد تأملت روايات هذا الحديث في «مناقب أبي حنيفة» وغيرها فرأيته يدور على جماعة:
أولهم: البُورَقي، وقد عرفتَ حالَه. رواه عن مجهول عن مثله عن السِّيناني بذاك السند. وقد صحَّ عن السيناني أنه قال:«سمعت أبا حنيفة يقول: من أصحابي من يبول قلتين. يرد على النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان الماء قلتين لم ينجس»
(1)
ذكره الأستاذ (ص 83).
الثاني: أبو علي أحمد بن عبد الله بن خالد الجُويباري الهروي، وهو مشهور بالوضع مكشوف الأمر جدًّا وله فيه أربع طرق:
الأولى: عن السِّيناني بذاك السند.
[1/ 448] الثانية: عن أبي يحيى المعلم، عن حُميد، عن أنس.
الثالثة: عن أبي يحيى عن أبان عن أنس.
الرابعة: عن عبد الله بن معدان عن أنس، والراوي عنه في بعض هذه مأمون بن أحمد السلمي، وهو شبيهه في الشهرة بالوضع الفاحش.
الثالث: أبو المعلى بن مهاجر، إن كان له ذنب، وهو مجهول. رواه محمد بن يزيد المستملي ــ وهو متهم ــ عن مجهول عن مثله عن أبي المعلى عن أبان عن أنس. ورواه النضري بثلاثة أسانيد أخرى كلهم مجاهيل عن أبي المعلّى عن أبان عن أنس.
الرابع: أبو علي الحسن بن محمد الرازي، وهو متهم. قد تقدم بعض ما
(1)
كما في «تاريخ بغداد» : (13/ 405).
يتعلق به في ترجمة أحمد بن محمد بن الصلت رقم (34). رواه النضري من طريقه بسند كلهم مجاهيل إلى عبد الله بن مغفل (؟ ) عن علي بن أبي طالب قوله.
الخامس: النّضْري، قال فيه ابن السمعاني في «الأنساب»
(1)
: (الخِيوِي) اسم لجدّ
(2)
أبي القاسم يونس بن طاهر بن محمد بن يونس بن خيُّو النضري الخيوي من أهل بلخ الملقب شيخ الإسلام
…
». ولم يذكر فيه توثيقًا ولا جرحًا، والله أعلم به. وبعض الطرق المتقدمة من طريقه، وزاد بسندٍ كلُّهم مجاهيل عن أبان عن أنس، وبسند كلُّهم مجاهيل عن أبي هُدبة عن أنس، وبسند كلُّهم مجاهيل عن موسى الطويل عن ثابت عن أنس، وبسند كلُّهم مجاهيل عن حماد عن رجل عن نافع عن ابن عمر، وبسند كلُّهم مجاهيل عن أبي قتادة الحراني عن جعفر بن محمد عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.
هذا ما وقفت عليه. فالأربعة الأولون قد عرفتهم، وأما الخامس وهو النضري فالله أعلم به، وعلى كل حال فكان بين قوم أعاجم جهَّالٍ متعصبين، لا بِدْع أن يتقربوا إلى الله عز وجل بتكثير الطرق وكلُّهم مجاهيل. وأبان وأبو هُدبة وموسى الطويل ثلاثتهم هَلْكى، ومع ذلك لا أراهم إلا أبرياء من هذا الحديث، وإلا لاشتهر في زمانهم. فما باله لم يُعرف له أثر إلا بعد أن وضعه الجويباري في القرن الثالث؟
(1)
(5/ 265).
(2)
(ط): «باسم» والمثبت من «الأنساب» .
وأبو قتادة الحرَّاني فسد بأخرة، ومع ذلك لا أراه إلا بريئًا من هذا. وحماد الذي روى عنه عن رجل عن نافع عن ابن عمر لا أدري من هو، وربما يكون المقصود حماد بن أبي حنيفة، فإنه قد قيل: إنه يروي عن مالك عن نافع عن [1/ 449] ابن عمر. فكأنَّ بعض المجاهيل سمع بذلك، فركَّب السند إليه بهذا الحديث، فاستحيا النضري عن أن يقول: عن مالك عن نافع عن ابن عمر، فيكون أشنع للفضيحة، فكنى عن مالك برجل!
هذا، ومن شأن الدجالين أن يركِّب أحدهم للحديث الواحد عدة أسانيد تغريرًا للجهال، وأن يضع أحدهم فيسرق الآخر ويركِّب سندًا من عنده، ومن شأن الجهال المتعصبين أن يتقربوا بالوضع والسرقة وتركيب الأسانيد. وقد قال أبو العباس القرطبي
(1)
: «استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دلَّ عليه القياس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة، لأنها تشبه فتاوى الفقهاء
…
ولأنهم لا يقيمون لها سندًا صحيحًا». وقد أشار إلى هذا ابن الصلاح بقوله: «وكذا المتفقهة الذين استجازوا نسبة ما دل عليه القياس إلى النبي صلى الله عليه وسلم»
(2)
.
(1)
في كتابه «المفهم» : (1/ 115)، ونقله عنه الحافظ في «النكت»:(2/ 852)، والسخاوي في «فتح المغيث»:(1/ 325).
(2)
هذا الكلام إنما هو للعلائي نقله عنه الحافظ في «النكت» : (2/ 857)، والسخاوي في «فتح المغيث»:(1/ 325) والذي جعل المؤلف ينسبها لابن الصلاح سياقها الموهم في «فتح المغيث» وهو مصدر المؤلف إذ فيه: «ولذلك قال العلائي: أشد الأصناف ضررًا أهل الزهد، كما قاله ابن الصلاح، وكذا المتفقِّهة الذين
…
». فظن المؤلف أن كلام ابن الصلاح يبدأ من قوله: «وكذا المتفقهة» ، والواقع أن كلام ابن الصلاح متعلق بأهل الزهد. انظر «علوم الحديث» (ص 99).