الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اَلسَّلْم (الصُّلْح)
أَنْوَاعُ السَّلْم
اَلسَّلْمُ اَلْمُؤَبَّد (عَقْدُ الذِّمَّة)
مِنْ آثَارِ عَقْدِ الذِّمَّةِ الْإِقَامَةُ وَالتَّنَقُّلُ
حُكْمُ إِقَامَةِ وَتَنَقُّلِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَب
(خ م)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:(بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ ، " إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ "، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ (1)" فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَادَاهُمْ ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا "، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ) (2)(فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ذَلِكَ أُرِيدُ (3) أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا "، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ذَلِكَ أُرِيدُ، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ:) (4)(أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ للهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ (5) مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ) (6)(فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا (7) فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ للهِ وَرَسُولِهِ (8) ") (9)
(1) هو الْبَيْتُ الَّذِي تُقْرَأ فِيهِ التَّوْرَاة. فتح الباري (ج 19 / ص 404)
(2)
(خ) 6545 ، (م) 61 - (1765)
(3)
أَيْ: بِقَوْلِي أَسْلِمُوا ، أَيْ: إِنْ اِعْتَرَفْتُمْ أَنَّنِي بَلَّغْتُكُمْ ، سَقَطَ عَنِّي الْحَرَجُ. فتح الباري (ج 19 / ص 404)
(4)
(خ) 6916 ، (م) 61 - (1765)
(5)
أَيْ: أُخْرِجكُمْ.
(6)
(خ) 2996 ، (م) 61 - (1765)
(7)
أَيْ: فَمَنْ وَجَدَ بِمَالِهُ شَيْئًا مِنْ الْمَحَبَّة. فتح الباري (ج 19 / ص 404)
(8)
الْمُرَاد: أَنَّ الْحُكْم للهِ فِي ذَلِكَ وَلِرَسُولِهِ ، لِكَوْنِهِ الْمُبَلِّغَ عَنْهُ ، الْقَائِمَ بِتَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ. فتح الباري (ج 19 / ص 404)
(9)
(م) 61 - (1765) ، (خ) 6916 ، (د) 3003 ، (حم) 9825
(خ حم حب)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:(خَرَجْتُ أَنَا وَالزُّبَيْرُ والْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ إِلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ نَتَعَاهَدُهَا ، فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا ، تَفَرَّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا ، قَالَ: فَعُدِيَ عَلَيَّ (1) تَحْتَ اللَّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي ، فَفُدِعَتْ (2) يَدَايَ مِنْ مِرْفَقِي ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ اسْتُصْرِخَ (3) عَلَيَّ صَاحِبَايَ فَأَتَيَانِي ، فَسَأَلَانِي عَمَّنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ ، قُلْتُ: لَا أَدْرِي ، فَأَصْلَحَا مِنْ يَدَيَّ ، ثُمَّ قَدِمُوا بِي عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ: هَذَا عَمَلُ يَهُودَ ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ، " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ) (4) (عَلَى أَمْوَالِهِمْ) (5) (عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا) (6) (وَقَالَ: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللهُ " ، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ ، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيْلِ ، فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ) (7) (كَمَا بَلَغَكُمْ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى الْأَنْصَارِ قَبْلَهُ ، لَا نَشُكُّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهُمْ) (8) (وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا (9) وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ) (10) (فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بِخَيْبَرَ ، فَلْيَلْحَقْ بِهِ ، فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ) (11) وفي رواية: (مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَيْبَرَ ، فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ) (12) (فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ ، أَتَاهُ) (13) (رَئِيسُهُمْ) (14) (أَحَدُ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ ، وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟) (15) (لَا تُخْرِجْنَا ، دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ لِرَئِيسِهِمْ:) (16) (أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (17) (لَكَ:) (18) (" كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ ، تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ (19) لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ) (20) (نَحْوَ الشَّامِ؟ ") (21) (فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً (22) مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ ، قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ ، فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ) (23)(إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَاءَ)(24)(وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ مَالًا ، وَإِبِلًا ، وَعُرُوضًا (25) مِنْ أَقْتَابٍ (26) وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) (27)(وَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ)(28).
(1) يَحْتَمِل أَنْ يَكُونُوا ضَرَبُوهُ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة حَمَّاد بْن سَلَمَة الَّتِي عَلَّقَ الْمُصَنِّف إِسْنَادهَا آخِر الْبَاب بِلَفْظِ:" فَلَمَّا كَانَ زَمَان عُمَر ، غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ ، وَأَلْقَوْا اِبْن عُمَر مِنْ فَوْق بَيْت ، فَفَدَعُوا يَدَيْهِ " الْحَدِيث. فتح الباري (ج 8 / ص 281)
(2)
الْفَدَع: زَوَال الْمِفْصَل، فُدِعَتْ يَدَاهُ: إِذَا أُزِيلَتَا مِنْ مَفَاصِلهمَا. فتح الباري (ج 8 / ص 281)
(3)
(اُسْتُصْرِخَ) بِالضَّمِّ أَيْ: اسْتُغِيثَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِع، وَهُوَ مِنْ الصُّرَاخ، وَالْمُصْرَخ: الْمُغِيث ، قَالَ الله تَعَالَى مُخبرا عن إبليس:(مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ). فتح الباري (ج 4 / ص 61)
(4)
(حم) 90 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(5)
(خ) 2580
(6)
(حم) 90 ، (د) 3007
(7)
(خ) 2580
(8)
(حم) 90
(9)
قَالَ الْمُهَلَّب: فِي الْقِصَّة دَلِيل عَلَى أَنَّ الْعَدَاوَة تُوَضِّح الْمُطَالَبَة بِالْجِنَايَةِ ، كَمَا طَالَبَ عُمَر الْيَهُود بِفَدَعِ اِبْنه، وَرَجَّحَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: لَيْسَ لَنَا عَدُوّ غَيْرهمْ، فَعَلَّقَ الْمُطَالَبَة بِشَاهِدِ الْعَدَاوَة ، وَإِنَّمَا لَمْ يَطْلُب الْقِصَاص ، لِأَنَّهُ فُدِعَ وَهُوَ نَائِم ، فَلَمْ يَعْرِف أَشْخَاصهمْ. فتح الباري (ج 8 / ص 281)
(10)
(خ) 2580 ، (حم) 90
(11)
(حم) 90 ، (د) 3007
(12)
(حب) 5199
(13)
(خ) 2580
(14)
(حب) 5199
(15)
(خ) 2580
(16)
(حب) 5199
(17)
(خ) 2580
(18)
(حب) 5199
(19)
القَلوص: هي النَّاقَة الصَّابِرَة عَلَى السَّيْر ، وَقِيلَ: الشَّابَّة ، وَقِيلَ: أَوَّل مَا يُرْكَب مِنْ إِنَاث الْإِبِل ، وَقِيلَ: الطَّوِيلَة الْقَوَائِم، وَأَشَارَ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِخْرَاجهمْ مِنْ خَيْبَر ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ إِخْبَاره بِالْمُغَيَّبَاتِ قَبْل وُقُوعهَا. فتح الباري (ج8ص281)
(20)
(خ) 2580
(21)
(حب) 5199
(22)
الهُزَيْلَة: تَصْغِير الْهَزْل ، وَهُوَ ضِدّ الْجَدّ. فتح الباري (ج 8 / ص 281)
(23)
(خ) 2580
(24)
(خ) 2983، (م) 6 - (1551)، (حم) 6368
(25)
الْعُرُوض: مَا عَدَا النَّقْد، وَقِيلَ: مَا لَا يَدْخُلهُ الْكَيْل ، وَلَا يَكُون حَيَوَانًا ، وَلَا عَقَارًا. فتح الباري (ج 8 / ص 281)
(26)
القتب: هو الرحل الذي يوضع حول سنام البعير تحت الراكب.
(27)
(خ) 2580
(28)
(حب) 5199
(ت حم)، وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(" لَئِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللهُ لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ)(1)(حَتَّى لَا أَتْرُكَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا ")(2)
(1)(ت) 1606 ، (م) 63 - (1767) ، (د) 3030 ، (حم) 215
(2)
(حم) 219 ، (م) 63 - (1767) ، (ت) 1607 ، (د) 3030 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(خ م) ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ:(يَوْمُ الْخَمِيسِ ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ ، مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ ، فَقَالَ: " اشْتَدَّ (1) بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ (2)) (3)(يَوْمَ الْخَمِيسِ ")(4)(- وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه)(5)(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ائْتُونِي بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا ")(6)(فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَهُ الْوَجَعُ (7) وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللهِ حَسْبُنَا) (8)(فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا ، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)(9)(- وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ - فَقَالُوا: مَا لَهُ؟ ، أَهَجَرَ (10)؟ ، اسْتَفْهِمُوهُ) (11) (فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ) (12) (فَقَالَ:" قُومُوا) (13) (دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ (14)) (15) (وَأَمَرَهُمْ) (16) (عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ ، قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (17) وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ (18) بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ (19) "، وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ (20)) (21) (فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ (22) كُلَّ الرَّزِيَّةِ ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ ، لِاخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ (23)) (24).
(1) أَيْ: قَوِيَ.
(2)
أَيْ: فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم ويَوْمُ الْخَمِيسِ قَبْلَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعَةِ أَيَّام.
(3)
(خ) 2997
(4)
(خ) 2888
(5)
(خ) 5345
(6)
(م) 1637 ، (خ) 2888
(7)
أَيْ: يَشُقُّ عَلَيْهِ إِمْلَاءُ الْكِتَاب، وَكَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّطْوِيل قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره:(اِئْتُونِي) أَمْر، وَكَانَ حَقُّ الْمَأمُورِ أَنْ يُبَادِرَ لِلِامْتِثَالِ، لَكِنْ ظَهَرَ لِعُمَرَ رضي الله عنه مَعَ طَائِفَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب، وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِرْشَادِ إِلَى الْأَصْلَح ، فَكَرِهُوا أَنْ يُكَلِّفُوهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَة ، مَعَ اِسْتِحْضَارِهِمْ قَوْلَه تَعَالَى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَاب مِنْ شَيْء} ، وَقَوْله تَعَالَى:{تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء} ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَر:" حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ ".
وَظَهَرَ لِطَائِفَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكْتَبَ ، لِمَا فِيهِ مِنْ اِمْتِثَالِ أَمْرِهِ ، وَمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ زِيَادَةِ الْإِيضَاح.
وَدَلَّ أَمْرُهُ لَهُمْ بِالْقِيَامِ عَلَى أَنَّ أَمْرَهُ الْأَوَّلَ كَانَ عَلَى الِاخْتِيَار، وَلِهَذَا عَاشَ صلى الله عليه وسلم بَعْد ذَلِكَ أَيَّامًا ، وَلَمْ يُعَاوِدْ أَمْرَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَتْرُكْهُ لِاخْتِلَافِهِمْ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ التَّبْلِيغ لِمُخَالَفَةِ مَنْ خَالَفَ، وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُرَاجِعُونَهُ فِي بَعْض الْأُمُورِ ، مَا لَمْ يَجْزِم بِالْأَمْرِ، فَإِذَا عَزَمَ اِمْتَثَلُوا.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْكِتَابِ، فَقِيلَ: كَانَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا يَنُصُّ فِيهِ عَلَى الْأَحْكَامِ ، لِيَرْتَفِعَ الِاخْتِلَاف.
وَقِيلَ: بَلْ أَرَادَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَسَامِي الْخُلَفَاءِ بَعْدَه ، حَتَّى لَا يَقَعَ بَيْنَهُمْ الِاخْتِلَاف قَالَهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ، وَيُؤَيِّدهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أَوَائِلِ مَرَضِهِ وَهُوَ عِنْدَ عَائِشَة:" اُدْعِ لِي أَبَاكِ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ ، وَيَقُولَ قَائِل، وَيَأبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْر " أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وَلِلْمُصَنِّفِ مَعْنَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكْتُب صلى الله عليه وسلم. فتح الباري (ج 1 / ص 182)
(8)
(خ) 114
(9)
(خ) 5345
(10)
قَالَ عِيَاض: مَعْنَى (أَهْجَرَ) أَفْحَشَ، يُقَال: هَجَرَ الرَّجُلُ: إِذَا هَذَى، وَأَهْجَرَ إِذَا أَفْحَشَ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ بِسُكُونِ الْهَاء ، وَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا إِنَّمَا هِيَ بِفَتْحِهَا، وَلَخَصَّهُ الْقُرْطُبِيُّ تَلْخِيصًا حَسَنًا ، ثُمَّ لَخَّصْتُه مِنْ كَلَامِه، وَحَاصِلُه أَنَّ قَوْلَه (هَجَرَ) الرَّاجِحُ فِيهِ إِثْبَاتُ هَمْزَة الِاسْتِفْهَامِ ، وَبِفَتَحَاتٍ ، عَلَى أَنَّهُ فِعْل مَاضٍ، أَيْ: قَالَ هُجْرًا، وَالْهُجْر بِالضَّمِّ: الْهَذَيَان ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَقَعُ مِنْ كَلَامِ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَنْتَظِمُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ لِعَدَمِ فَائِدَته ، وَوُقُوعُ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُسْتَحِيل ، لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى} وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَا أَقُولُ فِي الْغَضَب وَالرِّضَا إِلَّا حَقًّا " ، وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ ، فَإِنَّمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مُنْكِرًا عَلَى مَنْ يَتَوَقَّفُ فِي اِمْتِثَالِ أَمْرِهِ بِإِحْضَارِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاة ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَتَوَقَّف؟ ، أَتَظُنُّ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ يَقُولُ الْهَذَيَانَ فِي مَرَضه؟ ، اِمْتَثِلْ أَمْرَهُ ، وَأَحْضِرْ مَا طَلَبَ ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ إِلَّا الْحَقّ.
قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ شَكٍّ عَرَضَ لَهُ، وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنْ لَا يُنْكِرُهُ الْبَاقُونَ عَلَيْهِ ، مَعَ كَوْنِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَة، وَلَوْ أَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ لَنُقِلَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ صَدَرَ عَنْ دَهَشٍ وَحَيْرَة ، كَمَا أَصَابَ كَثِيرًا مِنْهُمْ عِنْد مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم.
قُلْت: وَيَظْهَرُ لِي تَرْجِيحُ ثَالِثِ الِاحْتِمَالَات الَّتِي ذَكَرَهَا الْقُرْطُبِيّ ، وَيَكُون قَائِلُ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ قَرُبَ دُخُولُهُ فِي الْإِسْلَام ، وَكَانَ يَعْهَدُ أَنَّ مَنْ اِشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ قَدْ يَشْتَغِل بِهِ عَنْ تَحْرِيرِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَهُ ، لِجَوَازِ وُقُوع ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ ذَلِكَ (اِسْتَفْهَمُوهُ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِفْهَامِ ، أَيْ: اِخْتَبِرُوا أَمْرَهُ بِأَنْ تَسْتَفْهِمُوهُ عَنْ هَذَا الَّذِي أَرَادَهُ ، وَابْحَثُوا مَعَهُ فِي كَوْنِهِ الْأَوْلَى أَوْ لَا. فتح الباري (12/ 252)
(11)
(خ) 2997
(12)
(حم) 1935، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(13)
(خ) 5345
(14)
قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ وَغَيْره: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: دَعُونِي فَالَّذِي أُعَايِنُهُ مِنْ كَرَامَةِ اللهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِي بَعْد فِرَاقِ الدُّنْيَا خَيْرٌ مِمَّا أَنَا فِيهِ فِي الْحَيَاة.
أَوْ أَنَّ الَّذِي أَنَا فِيهِ مِنْ الْمُرَاقَبَةِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ اللهِ ، وَالتَّفَكُّرِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوهِ أَفْضَلُ مِنْ الَّذِي تَسْأَلُونَنِي فِيهِ مِنْ الْمُبَاحَثَةِ عَنْ الْمَصْلَحَةِ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ عَدَمِهَا.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي أَشَرْتُ عَلَيْكُمْ بِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنْ عَدَمِهَا ، بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِر. فتح الباري (ج12ص252)
(15)
(خ) 2888
(16)
(خ) 2997
(17)
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ "(حم) 26395 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره ، وهذا إسناد حسن.
(18)
أَيْ: أَعْطَوْهُمْ، وَالْجَائِزَة الْعَطِيَّة. (فتح) - (ج 12 / ص 252)
(19)
أَيْ: بِقَرِيبٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزهُمْ، وَكَانَتْ جَائِزَةُ الْوَاحِدِ عَلَى عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وُقِيَّةٌ مِنْ فِضَّة ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا. فتح الباري (ج 12 / ص 252)
(20)
قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ اِبْن عُيَيْنَةَ راوي الحديث.
(21)
(خ) 2888
(22)
(الرَّزِيَّة): الْمُصِيبَة، أَيْ: أَنَّ الِاخْتِلَافَ كَانَ سَبَبًا لِتَرْكِ كِتَابَةِ الْكِتَاب.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ كِتَابَةِ الْعِلْم، وَعَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا فِي حِرْمَانِ الْخَيْر ، كَمَا وَقَعَ فِي قِصَّة الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَخَاصَمَا ، فَرُفِعَ تَعْيِينُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. (فتح - ح114)
(23)
اللَّغَط: الأصوات المختلطة المُبْهَمَة ، والضَّجة لَا يُفْهَم معناها.
(24)
(خ) 4169
(حم)، وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ "(1)
(1)(حم) 1691 ، (ش) 32991 ، (يع) 872 ، (هق) 18529 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 233 ، والصحيحة: 1132
(حم)، وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ قَالَ: لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ "(1)
(1)(حم) 26395 ، (طس) 1066 ، (ط) 1584 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(د)، وَعَنْ الْإمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: عُمَرُ رضي الله عنه أَجْلَى أَهْلَ نَجْرَانَ ، وَلَمْ يُجْلَوْا مِنْ تَيْمَاءَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ ، فَأَمَّا الْوَادِي فَإِنِّي أَرَى أَنَّمَا لَمْ يُجْلَ مَنْ فِيهَا مِنْ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهَا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ. (1)
(1)(د) 3034 ، (هق) 18538
(د)، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ ، إِلَى تُخُومِ الْعِرَاقِ ، إِلَى الْبَحْرِ " (1)
(1)(د) 3033 [قال الألباني]: صحيح مقطوع