الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِتَالُ فِي الْحَرَم
قِتَالُ الْبُغَاةِ فِي الْحَرَم
(خ م ت حم)، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ (1) وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ (2): ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ (3)
أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ (4) سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ ، وَوَعَاهُ قَلْبِي ، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ) (5)(" أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ يَوْمَ الْفَتْحِ فِي قِتَالِ بَنِي بَكْرٍ ، حَتَّى أَصَبْنَا مِنْهُمْ ثَأرَنَا ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَفْعِ السَّيْفِ " ، فَلَقِيَ رَهْطٌ مِنَّا فِي الْغَدِ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ فِي الْحَرَمِ ، يَؤُمُّ (6) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُسْلِمَ ، وَكَانَ قَدْ وَتَرَهُمْ (7) فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَهُ ، فَبَادَرُوا (8) أَنْ يَخْلُصَ (9) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَأمَنَ ، فَقَتَلُوهُ ، " فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ، وَاللهِ مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَشَدَّ مِنْهُ " ، فَسَعَيْنَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم نَسْتَشْفِعُهُمْ ، وَخَشِينَا أَنْ نَكُونَ قَدْ هَلَكْنَا ، " فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ) (10) (فَحَمِدَ اللهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ (11) فلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (12) أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا (13) وَلَا يَعْضِدَ (14) بِهَا شَجَرَةً (15)) (16) (فَإِنْ تَرَخَّصَ مُتَرَخِّصٌ) (17) (لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا) (18) (فَقَالَ: أُحِلَّتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (19) (فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأذَنْ لَكَ ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ (20) ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ) (21) (كَمَا حَرَّمَهَا اللهُ عز وجل أَوَّلَ مَرَّةٍ) (22) (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (23) (وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ (24)) (25) (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ هُذَيْلٍ ، وَإِنِّي عَاقِلُهُ (26) فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ) (27) (بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ) (28) (فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ (29): إِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا (30) أَوْ يَأخُذُوا الْعَقْلَ (31) ") (32)(فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: انْصَرِفْ أَيُّهَا الشَّيْخُ ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ)(33)(إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ (34)) (35)(سَافِكَ دَمٍ (36) وَلَا خَالِعَ طَاعَةٍ ، وَلَا مَانِعَ جِزْيَةٍ ، فَقُلْتُ لَه: قَدْ كُنْتُ شَاهِدًا ، وَكُنْتَ غَائِبًا ، " وَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَلِّغَ شَاهِدُنَا غَائِبَنَا " ، وَقَدْ بَلَّغْتُكَ ، فَأَنْتَ وَشَأنُكَ) (37).
الشرح (38)
(1) هُوَ اِبْن الْعَاصِي بْن سَعِيد بْن الْعَاصِي بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ الْأُمَوِيّ ، يُعْرَف بِالْأَشْدَقِ ، لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَة ، وَلَا كَانَ مِنْ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ. (فتح - ح104)
(2)
أَيْ: يُرْسِلُ الْجُيُوشَ إِلَى مَكَّةَ لِقِتَالِ عَبْد الله بْن الزُّبَيْر ، لِكَوْنِهِ اِمْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَةِ يَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة ، وَاعْتَصَمَ بِالْحَرَمِ، وَكَانَ عَمْرٌو وَالِيَ يَزِيدَ عَلَى الْمَدِينَة، وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَة، وَمُلَخَّصهَا: أَنَّ مُعَاوِيَةَ عَهِدَ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَهُ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَة، فَبَايَعَهُ النَّاس ، إِلَّا الْحُسَيْنَ بْن عَلِيّ ، وَابْنَ الزُّبَيْر، فَأَمَّا ابْنُ أَبِي بَكْر ، فَمَاتَ قَبْلَ مَوْت مُعَاوِيَة ، وَأَمَّا اِبْنُ عُمَر ، فَبَايَعَ لِيَزِيدَ عَقِب مَوْتِ أَبِيهِ، وَأَمَّا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَة ، لِاسْتِدْعَائِهِمْ إِيَّاهُ لِيُبَايِعُوهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ قَتْلِه.
وَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَاعْتَصَمَ ، وَيُسَمَّى عَائِذَ الْبَيْت ، وَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ مَكَّة، فَكَانَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَة يَأمُرُ أُمَرَاءَهُ عَلَى الْمَدِينَة أَنْ يُجَهِّزُوا إِلَيْهِ الْجُيُوش، فَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَة اِجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ مِنْ الْخِلَافَة. (فتح - ح104)
(3)
قَوْله: (اِئْذَنْ لِي) فِيهِ حُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى أُمَرَاءِ الْجَوْر ، لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ النَّصِيحَةَ ، وَأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يُخَاطَبُ إِلَّا بَعْدَ اِسْتِئْذَانِه ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي أَمْرٍ يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ، فَتَرْكُ ذَلِكَ ، وَالْغِلْظَةُ لَهُ ، قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِثَارَةِ نَفْسِه وَمُعَانَدَةِ مَنْ يُخَاطِبهُ. فتح الباري - (ج 1 / ص 170)
(4)
أَيْ: أَنَّهُ خَطَبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ فَتْحِ مَكَّة. فتح الباري (ج 1 / ص 170)
(5)
(خ) 104 ، (م) 1354
(6)
أَيْ: يقصُد.
(7)
أي: قَتَل منهم.
(8)
بادر الشيءَ: عجل إليه ، واستبق وسارع.
(9)
أَيْ: يتوصل.
(10)
(حم) 16423 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح.
(11)
أَيْ: حَكَمَ بِتَحْرِيمِهَا وَقَضَاهُ، وَظَاهِرُه أَنَّ حُكْمَ اللهِ تَعَالَى فِي مَكَّةَ أَنْ لَا يُقَاتَلُ أَهْلُهَا ، وَيُؤَمَّنُ مَنْ اِسْتَجَارَ بِهَا ، وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، وَقَوْله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْن هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْجِهَادِ وَغَيْرِه مِنْ حَدِيث أَنَس: " إِنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّة "، لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّةَ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، لَا بِاجْتِهَادِهِ.
أَوْ أَنَّ الله قَضَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَيُحَرِّمُ مَكَّة.
أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّل مَنْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا بَيْن النَّاس، وَكَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْد الله حَرَامًا. أَوْ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَهُ بَعْد الطُّوفَان.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّة اِبْتِدَاءً ، مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُنْسَبُ لِأَحَدٍ ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ مَدْخَل ، قَالَ: وَلِأَجْلِ هَذَا أَكَّدَ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ " وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاس " وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس " أَنَّ تَحْرِيمهَا ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ ، لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا مِنْ مُحَرَّمَاتِ الله ، فَيَجِبُ اِمْتِثَالُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مِنْ مُحَرَّمَاتِ النَّاس ، يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّة ، كَمَا حَرَّمُوا أَشْيَاءَ مِنْ عِنْد أَنْفُسِهِمْ ، فَلَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِي تَرْكِه. فتح الباري (ج 6 / ص 51)
(12)
فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الِامْتِثَال ، لِأَنَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ، لَزِمَتْهُ طَاعَتُه، وَمَنْ آمَنَ بِالْيَوْمِ الْآخِر ، لَزِمَهُ اِمْتِثَال مَا أُمِرَ بِهِ ، وَاجْتِنَاب مَا نُهِيَ عَنْهُ ، خَوْف الْحِسَاب عَلَيْهِ.
وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَة، وَالصَّحِيحُ عِنْد الْأَكْثَرِ خِلَافُه، وَجَوَابُهُمْ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي يَنْقَادُ لِلْأَحْكَامِ ، وَيَنْزَجِر عَنْ الْمُحَرَّمَات ، فَجَعَلَ الْكَلَامَ مَعَهُ ، وَلَيْسَ فِيهِ نَفْيُ ذَلِكَ عَنْ غَيْره.
وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ مِنْ خِطَابِ التَّهْيِيج، نَحْو قَوْله تَعَالَى:{وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فَالْمَعْنَى أَنَّ اِسْتِحْلَالَ هَذَا الْمَنْهِيَّ عَنْهُ لَا يَلِيقُ بِمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر، بَلْ يُنَافِيه، فَهَذَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِذِكْرِ هَذَا الْوَصْف وَلَوْ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا ، لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ هَذَا الْغَرَض ، وَإِنْ أَفَادَ التَّحْرِيم. فتح الباري (ج 6 / ص 51)
(13)
أَيْ: بِالْجَرْحِ وَالْقَتْلِ ، قَالَ الْقَارِي: وَهَذَا إِذَا كَانَ دَمًا مُهْدَرًا وَفْقَ قَوَاعِدِنَا، وَإِلَّا فَالدَّمُ الْمَعْصُومُ يَسْتَوِي فِيهِ الْحَرَمُ وَغَيْرُهُ فِي حُرْمَةِ سَفْكِهِ. تحفة (4/ 39)
(14)
أَيْ: لَا يقْطَع.
(15)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: خَصَّ الْفُقَهَاءُ الشَّجَر الْمَنْهِيَّ عَنْ قَطْعِهِ بِمَا يُنْبِتُهُ الله تَعَالَى مِنْ غَيْر صُنْعِ آدَمِيّ، فَأَمَّا مَا يَنْبُتُ بِمُعَالَجَةِ آدَمِيّ ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ ، وَالْجُمْهُور عَلَى الْجَوَاز.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: فِي الْجَمِيعِ الْجَزَاء، وَرَجَّحَهُ اِبْن قُدَامَةَ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَزَاءِ مَا قُطِعَ مِنْ النَّوْع الْأَوَّل: فَقَالَ مَالِك: لَا جَزَاءَ فِيهِ ، بَلْ يَأثَم.
وَقَالَ عَطَاء: يَسْتَغْفِر.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يُؤْخَذ بِقِيمَتِهِ هَدْي.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: فِي الْعَظِيمَةِ بَقَرَة ، وَفِيمَا دُونَهَا شَاة.
وَاحْتَجَّ الطَّبَرِيُّ بِالْقِيَاسِ عَلَى جَزَاءِ الصَّيْد.
وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الْقَصَّار بِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمهُ أَنْ يَجْعَلَ الْجَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِم إِذَا قَطَعَ شَيْئًا مِنْ شَجَر الْحِلِّ ، وَلَا قَائِلَ بِهِ.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: اِتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَم، إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَجَازَ قَطْعَ السِّوَاكِ مِنْ فُرُوعِ الشَّجَرَة، كَذَا نَقَلَهُ أَبُو ثَوْر عَنْهُ.
وَأَجَازَ أَيْضًا أَخْذَ الْوَرَقِ وَالثَّمَرِ إِذَا كَانَ لَا يَضُرُّهَا وَلَا يُهْلِكُهَا.
وَبِهَذَا قَالَ عَطَاء ، وَمُجَاهِد ، وَغَيْرهمَا.
وَأَجَازُوا قَطْعَ الشَّوْكِ ، لِكَوْنِهِ يُؤْذِي بِطَبْعِهِ ، فَأَشْبَهَ الْفَوَاسِق.
وَمَنَعَهُ الْجُمْهُور ، لحَدِيث اِبْن عَبَّاس بِلَفْظِ:" وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ "
وَصَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ الشَّافِعِيَّة، وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ ، حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَرِدْ النَّصُّ عَلَى تَحْرِيمِ الشَّوْك ، لَكَانَ فِي تَحْرِيمِ قَطْعِ الشَّجَرِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ قَطْعِ الشَّوْك ، لِأَنَّ غَالِبَ شَجَرِ الْحَرَمِ كَذَلِكَ، وَلِقِيَامِ الْفَارِقِ أَيْضًا ، فَإِنَّ الْفَوَاسِقَ الْمَذْكُورَةَ تَقْصُدُ بِالْأَذَى ، بِخِلَافِ الشَّجَر.
قَالَ ابْن قُدَامَةَ: وَلَا بَأس بِالِانْتِفَاعِ بِمَا اِنْكَسَرَ مِنْ الْأَغْصَان ، وَانْقَطَعَ مِنْ الشَّجَرِ بِغَيْرِ صُنْع آدَمِيّ، وَلَا بِمَا يَسْقُطُ مِنْ الْوَرَق ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. فتح الباري - (ج 6 / ص 51)
(16)
(خ) 104
(17)
(ت) 1406
(18)
(خ) 104 ، (م) 1354
(19)
(ت) 1406
(20)
الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ الْفَتْح. فتح الباري - (ج 1 / ص 170)
(21)
(ت) 809 ، (خ) 104
(22)
(حم) 16423 ، (خ) 104
(23)
(ت) 1406
(24)
قَوْله: (فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِد الْغَائِب) قَالَ اِبْن جَرِير: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِد، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ شَهِدَ الْخُطْبَةَ قَدْ لَزِمَهُ الْإِبْلَاغ، وَأَنَّهُ لَمْ يَأمُرْهُمْ بِإِبْلَاغِ الْغَائِبِ عَنْهُمْ إِلَّا وَهُوَ لَازِمٌ لَهُ فَرْضُ الْعَمَلِ بِمَا بَلَغَهُ ، كَالَّذِي لَزِمَ السَّامِعَ سَوَاء، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِالتَّبْلِيغِ فَائِدَة. فتح الباري (ج 6 / ص 51)
(25)
(خ) 4044
(26)
أَيْ: مُؤَدٍّ دِيَتَهُ ، مِنْ الْعَقْلِ ، وَهُوَ: الدِّيَةُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُول. تحفة (4/ 39)
(27)
(ت) 1406 ، (حم) 27204
(28)
(حم) 27204 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(29)
أَيْ: اِخْتِيَارَيْنِ ، وَالْمَعْنَى: مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ. تحفة الأحوذي (ج 4 / ص 39)
(30)
أَيْ: قَاتَلَهُ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 39)
(31)
أَيْ: يَأخُذُوا الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 39)
(32)
(ت) 1406 ، (حم) 27204
(33)
(حم) 16424 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده حسن.
(34)
أَيْ: مَكَّةُ لَا تَعْصِمُ الْعَاصِيَ عَنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ. فتح الباري (ج1ص 170)
(35)
(خ) 1735 ، (م) 1354
(36)
أَيْ: هَارِبًا عَلَيْهِ دَمٌ يَعْتَصِمُ بِمَكَّةَ كَيْلَا يُقْتَصَّ مِنْهُ. فتح الباري (ج1ص 170)
(37)
(حم) 16424 ، 27208 ، وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث: 2220
(38)
قَالَ ابْن بَطَّال: لَيْسَ قَوْلُ عَمْرٍو جَوَابًا لِأَبِي شُرَيْح، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ مَعَهُ فِي أَنَّ مَنْ أَصَابَ حَدًّا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّ أَبَا شُرَيْحٍ أَنْكَرَ بَعْثَ عَمْرٍو الْجَيْشَ إِلَى مَكَّة ، وَنَصْبَ الْحَرْبِ عَلَيْهَا ، فَأَحْسَنَ فِي اِسْتِدْلَالِهِ بِالْحَدِيثِ، وَحَادَ عَمْرٌو عَنْ جَوَابِه ، وَأَجَابَهُ عَنْ غَيْرِ سُؤَالِه.
وَتَعَقَّبَهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَحِدْ فِي جَوَابِه، وَإِنَّمَا أَجَابَ بِمَا يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِالْمُوجِبِ ، كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: صَحَّ سَمَاعُكَ وَحِفْظُك ، لَكِنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتَهُ خِلَافُ مَا فَهِمْتَه مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ التَّرَخُّصَ كَانَ بِسَبَبِ الْفَتْح ، وَلَيْسَ بِسَبَبِ قَتْلِ مَنْ اِسْتَحَقَّ الْقَتْلَ خَارِجَ الْحَرَم ، ثُمَّ اِسْتَجَارَ بِالْحَرَمِ، وَالَّذِي أَنَا فِيهِ ، مِنْ الْقَبِيل الثَّانِي.
قُلْت: لَكِنَّهَا دَعْوَى مِنْ عَمْرٍو بِغَيْرِ دَلِيل، لِأَنَّ اِبْنَ الزُّبَيْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدٌّ فَعَاذَ بِالْحَرَمِ فِرَارًا مِنْهُ حَتَّى يَصِحَّ جَوَابُ عَمْرٍو، نَعَمْ ، كَانَ عَمْرٌو يَرَى وُجُوبَ طَاعَةِ يَزِيدَ الَّذِي اِسْتَنَابَهُ، وَكَانَ يَزِيدُ أَمَرَ اِبْنَ الزُّبَيْرِ أَنْ يُبَايِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ ، وَيَحْضُرَ إِلَيْهِ فِي جَامِعَة - يَعْنِي مَغْلُولًا - فَامْتَنَعَ اِبْنُ الزُّبَيْرِ ، وَعَاذَ بِالْحَرَمِ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ بِذَلِكَ: عَائِذُ الله، وَكَانَ عَمْرٌو يَعْتَقِدُ أَنَّهُ عَاصٍ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ اِمْتِثَالِ أَمْرِ يَزِيد ، وَلِهَذَا صَدَّرَ كَلَامه بِقَوْلِهِ " إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا " ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّة مَا ذَكَرَ اِسْتِطْرَادًا، فَهَذِهِ شُبْهَةُ عَمْرو ، وَهِيَ وَاهِيَة ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الِاخْتِلَافُ بَيْن أَبِي شُرَيْح وَعَمْرٍو ، فِيهَا اِخْتِلَافٌ بَيْن الْعُلَمَاء.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي شُرَيْحٍ مِنْ الْفَوَائِد: إِنْكَارُ الْعَالِمِ عَلَى الْحَاكِمِ مَا يُغَيِّرهُ مِنْ أَمْرِ الدِّين ، وَالْمَوْعِظَةُ بِلُطْفٍ وَتَدْرِيج، وَالِاقْتِصَارُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى اللِّسَان إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ بِالْيَدِ. فتح (ج 6 / ص 51)