الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَذْفُ بِالتَّعْرِيض
(ط)، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: وَاللهِ مَا أبِي بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ ، فَاسْتَشَارَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ قَائِلٌ: مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ كَانَ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ مَدْحٌ غَيْرُ هَذَا، نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ الْحَدَّ ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ ثَمَانِينَ. (1)
(1)(ط) 1515 ، (هق) 16924 ، وصححه الألباني في الإرواء: 2371
(س)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ (1) قَالَ:" طَلِّقْهَا "، قَالَ: لَا أَصْبِرُ عَنْهَا ، قَالَ:" اسْتَمْتِعْ بِهَا (2) "(3)
(1) قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى قَوْله " لَا تَرُدّ يَد لَامِس "، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْفُجُور ، وَأَنَّهَا لَا تَمْتَنِع مِمَّنْ يَطْلُب مِنْهَا الْفَاحِشَة، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْد وَالْخَلَّال وَالنَّسَائِيُّ وَابْن الْأَعْرَابِيّ وَالْخَطَّابِيّ وَالْغَزَالِيّ وَالنَّوَوِيّ ، وَهُوَ مُقْتَضَى اِسْتِدْلَال الرَّافِعِيّ بِهِ هُنَا.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّبْذِير وَأَنَّهَا لَا تَمْنَع أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ مَال زَوْجهَا، وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَد وَالْأَصْمَعِيّ وَمُحَمَّد بْن نَاصِر وَنَقَلَهُ عَنْ عُلَمَاء الْإِسْلَام ، وَابْن الْجَوْزِيّ ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْل الْأَوَّل ، وَقَالَ بَعْض حُذَّاق الْمُتَأَخِّرِينَ: قَوْله صلى الله عليه وسلم لَهُ " أَمْسِكْهَا " مَعْنَاهُ أَمْسِكْهَا عَنْ الزِّنَا أَوْ عَنْ التَّبْذِير، إِمَّا بِمُرَاقَبَتِهَا أَوْ بِالِاحْتِفَاظِ عَلَى الْمَال أَوْ بِكَثْرَةِ جِمَاعهَا ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّب الْأَوَّل ، لِأَنَّ السَّخَاء مَنْدُوب إِلَيْهِ فَلَا يَكُون مُوجِبًا لِقَوْلِهِ طَلِّقْهَا، وَلِأَنَّ التَّبْذِير إِنْ كَانَ مِنْ مَالهَا فَلَهَا التَّصَرُّف فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَاله فَعَلَيْهِ حِفْظه وَلَا يُوجِب شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْأَمْر بِطَلَاقِهَا قِيلَ: وَالظَّاهِر أَنَّ قَوْله (لَا تَرُدّ يَد لَامِس) أَنَّهَا لَا تَمْتَنِع مِمَّنْ يَمُدّ يَده لِيَتَلَذَّذ بِلَمْسِهَا وَلَوْ كَانَ كَنَّى بِهِ عَنْ الْجِمَاع لَعُدَّ قَاذِفًا أَوْ أَنَّ زَوْجهَا فَهِمَ مِنْ حَالهَا أَنَّهَا لَا تَمْتَنِع مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهَا الْفَاحِشَة لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا ، اِنْتَهَى كَلَام الْحَافِظ.
وَقَالَ الْعَلَّامَة مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَمِير فِي سُبُل السَّلَام بَعْدَمَا ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْله (لَا تَمْنَع يَد لَامِس): الْوَجْه الْأَوَّل فِي غَايَة مِنْ الْبُعْد ، بَلْ لَا يَصِحّ لِلْآيَةِ، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَأمُر الرَّجُل أَنْ يَكُون دَيُّوثًا، فَحَمْله عَلَى هَذَا لَا يَصِحّ. وَالثَّانِي بَعِيد ، لِأَنَّ التَّبْذِير إِنْ كَانَ بِمَالِهَا فَمَنْعهَا مُمْكِن، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَال الزَّوْج فَكَذَلِكَ ، وَلَا يُوجِب أَمْره بِطَلَاقِهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَف فِي اللُّغَة أَنْ يُقَال فُلَان لَا يَرُدّ يَد لَامِس كِنَايَة عَنْ الْجُود، فَالْأَقْرَب الْمُرَاد أَنَّهَا سَهْلَة الْأَخْلَاق لَيْسَ فِيهَا نُفُور وَحِشْمَة عَنْ الْأَجَانِب ، لَا أَنَّهَا تَأتِي الْفَاحِشَة ، وَكَثِير مِنْ النِّسَاء وَالرِّجَال بِهَذِهِ الْمَثَابَة مَعَ الْبُعْد مِنْ الْفَاحِشَة ، وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَمْنَع نَفْسهَا عَنْ الْوَقَاع مِنْ الْأَجَانِب لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا ، اِنْتَهَى.
قُلْت: الْإِرَادَة بِقَوْلِهِ لَا تَمْنَع يَد لَامِس أَنَّهَا سَهْلَة الْأَخْلَاق لَيْسَ فِيهَا نُفُور وَحِشْمَة عَنْ الْأَجَانِب غَيْر ظَاهِر، وَالظَّاهِر عِنْدِي مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظ بِقَوْلِهِ: " قِيلَ: وَالظَّاهِر إِلَخْ .. وَالله تَعَالَى أَعْلَم. عون المعبود (ج4/ص434)
(2)
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيِّ فَأَمْسِكْهَا، خَافَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إِنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقهَا أَنْ تَتُوق نَفْسه إِلَيْهَا فَيَقَع فِي الْحَرَام ، عون المعبود - (ج 4 / ص 434)
(3)
(س) 3229 ، (د) 2049 ، (عب) 12366 ، (ش) 16349 ، (هق) 13649 ، وصححه الألباني في هداية الرواة: 3251