الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: يَنْفَعُكَ إن حَدَّثْتُكَ؟
قال: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ.
قال: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عن الْوَلَدِ؟
قال: مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ ، فإذا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وإذا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ.
قال: الْيَهُودِيُّ لقد صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ.
ثُمَّ انْصَرَفَ، فَذَهَبَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سَأَلَنِي هذا عن الذي سَأَلَنِي عنه ومالي عِلْمٌ بِشَيْءٍ منه حتى أَتَانِيَ الله بِهِ} " (1).
فحينما سمع اليهودي الجواب من رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقاً لما في كتبهم، ما كان منه إلا أن أعلن موقفه من ذلك بقوله: صدقت، وإنك لنبي، فتبين من هذه المناظرة أن اليهودي كان باحثاً عن الحق لا يريد جدالاً للعناد، وإنما يريد التأكد من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كان اليهودي لا يعرف الجواب على مثل هذه الأسئلة لما شهد في آخر حديثه لرسول الله بالنبوة والصدق، وهذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه أهل الكتاب في عصرنا الحديث، بأن يقوموا بقراءة القرآن الكريم بإنصاف وموضوعية، ويطلِّعوا على ما فيه من المعجزات، والآيات البينات التي تتحدث عن الأمور العلمية، والتي تتطابق مع العلوم الموجودة في عصرنا الحديث، وتصفها بدقة، والتي لا توجد في غيره من الكتب السماوية السابقة، حتى يتبين لهم معرفة الحق من الباطل كما فعل السابقون منهم قديماً.
وتدل هذه المناظرة أيضاً على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مؤيداً بالوحي الإلهي في كل أوقاته لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه: لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه ومالي علم بشيء منه حتى أتاني الله به.
ثانياً: مناظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض اليهود المعاندين:
ونذكر هنا أيضاً مناظرة أخرى وقعت مع مجموعة من اليهود، وهي بعكس من وقعت معه المناظرة السابقة حينما أراد أن يتأكد من نبوة رسول الله فتبين موقفه حينما آمن وصدق، وأما هؤلاء فإنما أرادوا اتباع أهوائهم من الباطل بغير هدى من الله، فقد اشترط عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الحوار
(1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض باب بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائهما، (1/ 252) برقم:(315) مرجع سابق.
شروطاً حتى عليهم تقام الحجة، وحتى لا تكون مضيعة للوقت، فوافقوا على ذلك، وأخذ عليهم العهد.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {حضرت عصابة من اليهود يوماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، حدثنا عن خلال نسألك عنها لا يعلمها إلا نبي.
فقال: سلوني عما شئتم؛ ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب على بنيه إن أنا حدثتكم بشيء تعرفونه صدقاً لتتابعني على الإسلام.
قالوا: لك ذلك.
قال: فسلوني عما شئتم.
قالوا: أخبرنا عن أربع خلال؛ أخبرنا عن الطعام الذي حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ وأخبرنا عن ماء الرجل كيف يكون الذكر منه حتى يكون ذكراً، وكيف تكون الأنثى منه حتى تكون أنثى؟ وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم؟ ومن وليه من الملائكة؟
فقال: عليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا حدثتكم لتتابعني، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق.
قال: أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل (يعقوب) مرض مرضاً شديداً طال سقمه فيه، فنذر لله نذراً لئن شفاه الله من سقمه ليحرمنَّ أحب الشراب إليه، وأحب الطعام إليه، وكان أحب الشراب إليه ألبان الإبل، وأحب الطعام إليه لحوم الإبل.
فقالوا: اللهم نعم.
فقال رسول الله: اللهم اشهد عليهم.
قال: فأنشدكم الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل غليظ وأبيض، وأن ماء المرأة رقيق أصفر، فأيهما علا كان الولد والشبه له بإذن الله؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: اللهم اشهد.
قال: أنشدكم الله الذي لا إله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: اللهم اشهد.
قالوا: أنت الآن حدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك؟