الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في موضع آخر: "والخِطاب هو توجيه الكلام نحو الغير للإفهام"(1)
فتبين من التعريفات اللغوية أن الخطاب يرجع إلى توجيه الكلام للإفهام، وأن ذلك يكون بين طرفين أحدهما هو المخاطِب -بالكسر والثاني هو المخَاطب - بالفتح وهو خطاب لأن فيه مراجعة في الكلام، وخَطْبٌ أيضاً لأنه أمر تقع فيه المخاطبة.
المطلب الثاني: تعريف الخطاب اصطلاحاً:
الخطاب المراد تعريفه هنا: هوخطاب الله في القرآن الكريم لأهل الكتاب، ولذا فإننا سنأخذ تعريف الأصوليين للخطاب؛ لأنهم يتكلمون عن خطاب الشرع الموجه للمكلفين، وهذا الخطاب هو القرآن والسنة وما استنبط منهما.
وأما تعريف الخطاب في الاصطلاح فهو: مأخوذ من تعريفه في اللغة.
قال العلامة المناوي (2): " الخطاب هو القول الذي يفهم المخاطَب منه شيئاً"(3).
وعرفه ابن النجار (4) رحمه الله بقوله: "والخطاب قول يفهم منه من سمعه شيئاً مفيداً مطلقاً"(5).
(1) انظر: تاج العروس (1/ 70) مرجع سابق.
(2)
محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري، زين الدين، عاش في الفترة بين عامي 952 - 1031 هـ، عاش في القاهرة، وتوفي بها. له نحو ثمانين مصنفا، منها: كنوز الحقائق والتيسير شرح الجامع الصغير. انظر: معجم المؤلفين (10/ 166) ، الأعلام للزركلي (6/ 204) مرجع سابق.
(3)
انظر: التعاريف (1/ 316).
(4)
هو أبو البقاء محمد بن شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المصري الحنبلي الشهير بابن النجار، الفقيه الثبت الأصولي اللغوي من مصنفاته: منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات وغيره، ولد حوالي 898 هـ توفي سنة 972 هـ. انظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد، (ص: 237) المؤلف: ابن بدران، الأعلام للزركلي (4/ 128) مرجع سابق، ومعجم المؤلفين (6/ 128).
(5)
انظر: شرح الكوكب المنير (1/ 339) المؤلف: تقي الدين أبو البقاء محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي المعروف بابن النجار (المتوفى: 972 هـ)، المحقق: محمد الزحيلي ونزيه حماد، الناشر: مكتبة العبيكان، الطبعة: الطبعة الثانية 1418 هـ 1997 م.
وقال الآمدي (1): " قد قيل فيه: هو الكلام الذي يفهم المستمع منه شيئاً. ثم قال رحمه الله: "وهو غير مانع، فإنه يدخل فيه الكلام الذي لم يقصد المتكلم به إفهام المستمع، فإنه على ما ذكر من الحد، وليس خطاباً، وقال: والحق أنه اللفظ المتواضَع عليه المقصود به إفهام من هو متهيئ لفهمه.
_ثم شرح ذلك فقال_: (فاللفظ) احتراز عما وقعت المواضعة عليه من الحركات والإشارات المفهمة، و (المتواضَع عليه) احتراز عن الألفاظ المهملة، و (المقصود به الإفهام) احتراز عما ورد على الحد الأول، وقولنا:(لمن هو متهيئ لفهمه) احتراز عن الكلام لمن لا يفهم، كالنائم والمغمى عليه ونحوه" (2).
والذي يظهر أن التعريف الذي اختاره الإمام الآمدي رحمه الله هو التعريف الصحيح؛ وذلك لما ذكره في شرح التعريف من الاحتراز عن الحركات والإشارات المفهمة؛ لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي خاطب به عباده، وشأن ذلك لله تعالى طريقها التوقيف، وترك الخوض فيما زاد على ذلك إثباتاً أو نفياً.
والإشارات المفهمة المحترز عنها هي إشارات اليد ونحوها مما يتفاهم به المتخاطبون، وليس المقصود الاحتراز عن دلالة الإشارة التي يتكلم عنها البيانيون وأهل الأصول، وذلك الاحتراز عن الألفاظ المهملة ونحوها؛ لإن القرآن الكريم منزه عن ذلك.
وكذلك ما احترز عنه بقوله: (المقصود به الإفهام) فإن خطاب أهل الكتاب في القرآن الكريم مقصود به إفهامهم، لأنهم يعلمون ما في الكتب السابقة من البشارات بالدين الجديد الكامل، وبالنبي الخاتم وصفاته، وأنه سيكشف الخلاف للذين يؤمنون بشريعة الله. وكذلك ما احترز عنه بقوله: (لمن
(1) الآمدي: هو أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم سيف الدين الآمدي، ولد بعد الخمسين وخمسمائة بيسير، ومات سنة (631 هـ) له عدة مؤلفات منها: الإحكام في أصول الأحكام. انظر: طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (2/ 80)، المؤلف: أبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة، الناشر: عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولى 1407 م، تحقيق د: الحافظ عبد العليم خان، وطبقات الشافعية الكبرى (8/ 306)، المؤلف: تاج الدين عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1413 هـ، تحقيق د: محمود محمد الطناحي، ود: عبد الفتاح محمد الحلو.
(2)
انظر: الإحكام في أصول الأحكام، (1/ 136) المؤلف: علي بن أحمد بن حزم الأندلسي أبو محمد، الناشر: دار الحديث القاهرة 1404، الطبعة: الأولى.
هو متهيئ لفهمه) فإن خطاب أهل الكتاب في القرآن متوجه لمن هو متهيئ للفهم منهم في كل زمانٍ ومكان، قال تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (1).
ولذلك ينبغي لأهل الكتاب أن يصغوا للخطاب القرآني الموجه إليهم فإنه إما أمر من الله لهم أراد منهم أن يعملوه أو نهي أراد الله منهم أن يجتنبوه.
(1) سورة العنكبوت الآية: (43).