الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) ، وكذلك التوبة مما صدر منهم تجاه أنبياء الله من القتل والتكذيب.
الفرع الثاني: كشف شبهاتهم وباطلهم للناس
.
تمهيد:
وعندما يتبين موقف أهل الكتاب من الخطاب القرآني، ومن دعوة الرسل والأنبياء يجب على أتباع الرسل أن يقوموا بالرد على شبهاتهم وأكاذيبهم الباطلة، والرد على شبهاتهم وأباطيلهم يكون من خلال آيات الخطاب القرآني القائمة على تنزيه الله تعالى عن كل ما نسب إليه من اليهود والنصارى، وكذلك الرد على كل ما يدعونه حول رسول الإسلام والسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الرد على ما يدعونه على رسل الله جميعاً، وما ينشرونه من أكاذيب حول الإسلام والمسلمين، والرد على ما يحصل منهم من الطعن في القرآن الكريم، والذي تتبناه الكنائس عن طريق الأحبار والرهبان، وتفنيد كل ما يدعونه في ذلك حتى يزهق الله الباطل، ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون قال تعالى:{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (2)، وقوله تعالى:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (3)، وقوله تعالى:{كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} (4) ، ونحن هنا سنذكر باختصار بعض شبهاتهم والجواب عنها من خلال الخطاب القرآني في الرد عليهم.
أولاً: فمن شبهاتهم قولهم: إن المسيح عيسى عليه السلام طلب من الناس عبادته من دون الله، وإنه دعا للتثليث؛ وقد بين الله دعواهم هذه وردها عليهم بقوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ
(1) سورة المائدة الآية: (74).
(2)
سورة الأنعام الآية: (55).
(3)
سورة الأنبياء الآية: (18).
(4)
سورة الرعد الآية: (17).
إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (1).
ثانياً: ومن شبهاتهم نسبة الولد لله تعالى، واتخاذهم الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله، وقد رد الله عليهم بقوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (2).
ثالثاً: ومن شبهاتهم ادعاؤهم أنهم أبناء الله، وأنهم أحب الخلق إليه، فرد الله عليهم بأنهم بشر كغيرهم بقوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (3).
رابعاً: ومن شبهاتهم ادعاؤهم أن الله لن يعذبهم، فرد الله عليهم بقوله تعالى:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (4).
خامساً: ومن شبهاتهم ادعاؤهم أن الجنة لا يدخلها إلا من كان يهودياً أو نصرانياً، فرد الله عليهم بقوله:{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (5).
سادساً: ومن شبهاتهم نسبة الفقر لله تعالى، فرد الله عليهم بقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا
(1) سورة المائدة الآية: (71 - 75).
(2)
سورة التوبة الآية: (30 - 31).
(3)
سورة المائدة الآية: (18).
(4)
سورة البقرة الآية: (80).
(5)
سورة البقرة الآية: (111).
نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (1).
وهذه الآية فيها تهديد أكيد ووعيد شديد من الله تعالى لهم على أفعالهم الشنيعة وأقوالهم القبيحة.
خلاصة:
فهذه بعض آيات الخطاب القرآني التي تبين موقف أهل الكتاب من رب العالمين، ومن رسل الله أجمعين، وتبين شبهاتهم التي يقومون بنشرها في مجتمعاتهم ويدرسونها لأجيالهم، ويحاولون إغواء المسلمين بها؛ وذلك لصرفهم عن الدين الحق، وهنا يؤكد أنه يجب على علماء المسلمين أن يبينوا للعالَم زيف دعواهم وضعف حجتهم، وبطلان دينهم، وأن الدين الحق هو الإسلام عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده، والذي اتضح من خلال المناظرات السابقة، وصدق الله القائل:{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (2).
وفي هذه الآية دعوة إلى الرد على الشبهات التي لا تستند إلى دليل صريح، ولا إلى عقل صحيح، وإنما تستند إلى الأهواء، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخاطب أهل الكتاب بقوله تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (3).
(1) سورة آل عمران الآية: (181 - 183).
(2)
سورة يونس الآية: (32).
(3)
سورة القصص الآية: (49 - 50).
الفصل الثالث