الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسريانية لفظ الزوجة، وتبع المترجمون هذه التراجم، وهاهنا ترك جمهور البروتستانت النسخة العبرانية وتبعوا التراجم المذكورة، فالتحريف في العبرانية متعين عندهم" (1).
خلاصة:
فتبين مما سبق أن النسخ الموجودة من العهد القديم لا يعتد بها الكثير من أهل الكتاب حديثاً؛ وذلك للأسباب التالية:
1 -
أن اليهود حرفوا التوراة العبرانية قبل وبعد زمن الطوفان.
2 -
أن التحريف اليهودي وقع بعد مجيء المسيح عيسى عليه السلام ، وقد فعلوا ذلك لكي لا يعتبر الناس ولا يعتدون بالنسخة اليونانية.
3 -
أن اليهود فعلوا هذا التحريف عناداً للدين المسيحي.
4 -
أن قدماء المسيحين يقولون: إن اليهود حرفوا العهد القديم (التوراة) سنة (130 م) إضافة إلى الخلاف الدائر بين اليهود السامريين واليهود العبرانيين، وكذلك بين البروتستانت وبين العبرانيين، وذلك مما يدل دلالة قاطعة أن العهد القديم لا يعد كتاباً سماوياً بشهادة علمائهم ومفسريهم، وباعترافهم أنفسهم، وكذلك بشهادات رجال الدين المسيحي كما سبق بيانه.
الفرع الثالث: الأدلة على وقوع التحريف في نسخ العهد الجديد (الأناجيل):
لقد شهدت دوائرهم المعتمدة أن الأناجيل كتبت بعد خمسمائة عام من موت السيد المسيح، والشهادة السابقة تقول: إن اليهود قاموا بالتحريف للتوراة سنة (130 م) ، يعني أن الفارق بين كتابتها وبدأ التحريف اليهودي بصورة أكثر من ثلاثمائة عام، فكم سيحصل من التحريف خلال هذه الفترة؟ أما التوراة فقد تم تحريفها قبل مجيء السيد المسيح.
وأما الأناجيل فيكفي ما قالته فيها دائرة المعارف البريطانية التي طبعت عام: (1960 م) أن إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا كتب محرفة، وتقول عن النسخ الأصلية للأناجيل: " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتبت في القرن الخامس بعد المسيح، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن
(1) انظر: إظهار الحق، (1/ 245) مرجع سابق.
الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا؛ فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال، خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا" (1).
وأما وقوع التحريف المتعمد من قبل النُّسَّاخ فقد أقر به المدخل الفرنسي للعهد الجديد، حيث جاء فيه: " إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة، بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية
…
ولكن هناك فوارق أخرى بين الكتب والخط تتناول معنى فقرات برمتها، واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير، فإن نص العهد الجديد قد نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ، وصلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء الذي تحول دون أن تتصف بالموافقة التامة للمثال الذي أخذت عنه أية نسخة كانت مهما بذل فيها من الجهد، يضاف إلى ذلك أن بعض النُّسَّاخ حاولوا أحياناً عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء في مثالهم، وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة، أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأ.
ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الاستعمال لكثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحياناً إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس، أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت على التلاوة بصوت عال.
ومن الواضح أن ما أدخله النُّسَّاخ من التبديل على مرِّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل .. والمثال الأعلى الذي يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يمحص هذه الوثائق المختلفة، لكي يقيم نصاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يمكن في حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه" (2).
فتبين مما سبق أن اليهود قاتلهم الله قد أصبح التحريف لكلام الله سجيتهم وخلقهم في كل زمانٍ ومكان.
(1) انظر: المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام (9/ 98)، وزغلول النجار فارس في مغارة اللصوص (ص: 20) ، التحفة المقدسية في مختصر تاريخ النصرانية (ص: 67).
(2)
انظر: الكتاب المقدس في الميزان، (ص: 94 - 95) المؤلف: عبد السلام محمد، الناشر: دار الوفاء للطباعة والنشر المنصورة، الطبعة الأولى عام 1412 هـ 1991 م، رقم الإيداع بدار الكتاب (5969/ 1991).