الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: الأساليب المتنوعة التي خوطب بها أهل الكتاب، وفيه ستة فروع:
ذكرنا في المطلب الأول أساليب خطابهم في القرآن الكريم باعتبار من يخاطبهم، وفي هذا المطلب نذكر فيه الألفاظ المتنوعة والأساليب المختلفة في خطابهم، وهي على النحو التالي:
الفرع الأول: خطابهم بتوجيه النداء لهم
.
وقد جاء نداؤهم في القرآن الكريم بأوصاف مختلفة، وهي على النحو التالي:
1 -
والخطاب في هذه الآية يشمل اليهود والنصارى كما بينه أبو السعود (2) بقوله: إنه خطاب للفريقين، على أن الكتاب جنس شامل للتوراة والإنجيل إثر بيان أحوالهما من الخيانة، وغيرها من فنون القبائح" (3) ، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وهم أهل التوراة والإنجيل، وقد قال بهذا الواحدي (4) رحمه الله وصاحب تفسير الجلالين (5)(6).
(1) سورة المائدة الآية: (15 - 16).
(2)
أبو السعود هو محمد بن محمد بن مصطفى العمادي، المولى أبو السعود: مفسر شاعر، من علماء الترك المستعربين. ولد عام (898 هـ) وتوفي عام (982 هـ) له العديد من المؤلفات من أشهرها في التفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 59) المؤلف: خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين.
(3)
انظر: إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم (3/ 17) المؤلف: أبي السعود محمد بن محمد العمادي، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
(4)
هو علي بن أحمد بن محمد بن علي أبو الحسن الواحدي النيسابوري، له مؤلفات كثيرة، منها التفاسير الثلاثة البسيط والوسيط والوجيز، وأسباب النزول، توفي شهر جمادي الآخرة (468 هـ)، انظر: طبقات المفسرين (ص: 127 - 128) مرجع سابق.
(5)
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم المحلي الشافعي: أصولي، مفسر. ولد سنة 791 هـ، وتوفي في القاهرة 864 هـ، له مصنفات كثيرة، منها: تفسير القرآن الذي أتمه الإمام السيوطي والمشهور بتفسير الجلالين. وشرح المنهاج، وشرح الورقات. انظر: الأعلام للزركلي (5/ 333) مرجع سابق، طبقات المفسرين الأدنروي (ص 336) مرحع سابق ..
(6)
انظر: الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (1/ 313) المؤلف: علي بن أحمد الواحدي أبي الحسن، الناشر: دار القلم، الدار الشامية دمشق، بيروت 1415، الطبعة: الأولى، تحقيق: صفوان عدنان داودي، تفسير الجلالين، (1/ 139) المؤلف: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي، وجلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، الناشر: دار الحديث القاهرة، الطبعة: الأولى.
2 -
(بني إسرائيل)،كقوله تعالى:{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (1).
3 -
(الذين هادوا)،كقوله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (2).
4 -
(الذين أوتوا الكتاب)،كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (3).
والخطاب بالذين أوتوا الكتاب في هذه الآية هو لليهود، قال الطبري والمخاطب بهذه الآية:"اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا حوالي مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم "، وقال بهذا أكثر المفسرين (4).
5 -
(1) سورة البقرة الآية: (47 - 48).
(2)
سورة الجمعة الآية: (6).
(3)
سورة النساء الآية: (47).
(4)
انظر: جامع البيان في تأويل القرآن (5/ 121) المؤلف: محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، [224 - 310 هـ] المحقق: أحمد محمد شاكر الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى، 1420 هـ 2000 م، الجامع لأحكام القرآن (2/ 555)، المؤلف: أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الناشر: دار الشعب القاهرة، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (10/ 97) المؤلف: أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي، الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت، تحقيق: عبد الرزاق المهدي.
(5)
سورة الأعراف الآية: (158 - 159).
السعدي (1): " وقوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) أي: عربيكم وعجميكم، أهل الكتاب فيكم وغيرهم"(2).
وهذه الآية الكريمة فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم رسول إلى جميع الناس، والخطاب فيها يشمل أهل الكتاب وغيرهم لقوله تعالى:{وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} (3) وأن رسالته صلى الله عليه وسلم تكون عامة ببلوغ هذا القرآن، لقوله تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَىَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ} (4)(5).
قال ابن عطية (6): "وهذه الآية خاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الرسل فإن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة وإلى الجن قاله الحسن (7) ، وتقتضيه الأحاديث، وكل نبي إنما بعث إلى فرقة دون العموم"(8).
(1) هو عبد الرحمن بن ناصر السعدي التيمي، فقيه ومفسر، عاش في القترة ما بين (1307 هـ 1376 هـ) له بعض المؤلفات منها تفسيره المشهور المسمى بتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. انظر: معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر، (1/ 179)، المؤلف: عادل نويهض، طبع مؤسسة نويهض الثقافية للالمؤلف والترجمة والنشر، الطبعة الثانية عام (1409 هـ / 1988 م).
(2)
انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (1/ 305)، المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الناشر: مؤسسة الرسالة بيروت 1421 هـ 2000 م، تحقيق: ابن عثيمين.
(3)
سورة آل عمران الآية: (20).
(4)
سورة الأنعام الآية: (19).
(5)
انظر: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/ 41)، المؤلف: محمد الأمين بن محمد بن المختار الجكني الشنقيطي.، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر. بيروت. 1415 هـ 1995 م.، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات.
(6)
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الملك الشهير بابن عطية، ولد سنة (480 هـ)، توفي سنة (546 هـ)، من مصنفاته المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. انظر: طبقات المفسرين للسيوطي (1/ 61)، وطبقات المفسرين للأدنروي (ص: 175).
(7)
الحسن هو الحسن بن يسار البصري، الفقيه الزاهد العابد، إمام أهل البصرة، ولد بالمدينة سنة 21 هـ في خلافة عمر، توفي عام 110 هـ. انظر: تهذيب التهذيب (2/ 290) المؤلف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، (773 - 852 هـ)، الناشر: دار الفكر، بيروت، 1404 - 1984، الطبعة الأولى، سير أعلام النبلاء (8/ 135) المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي، الناشر: مؤسسة الرسالة المحقق: مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط.
(8)
انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (2/ 465)، المؤلف: أبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، الناشر: دار الكتب العلمية لبنان 1413 هـ 1993 م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد.
وفي هذه الآية دلالة واضحة أن من وصله خبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب وغيرهم فقد وجب عليه الإيمان به، وقد أُقيمت عليه الحجة. لقوله صلى الله عليه وسلم:{وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ من هذه الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ولا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ ولم يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إلا كان من أَصْحَابِ النَّار} (1).
6 -
نداؤهم بـ (بهؤلاء)،كقوله تعالى:{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2).
ومن بلاغة القرآن الكريم في خطابه لأهل الكتاب أنه خاطبهم بهؤلاء للإخبار عن حالهم، والهاء للتنبيه في موضع النداء يعني: يا هؤلاء والمراد بهم أهل الكتابين، يعني: يا معشر اليهود والنصارى" (3).
ونكتة الخطاب هنا باسم الإشارة (هؤلاء) كما قال الزمخشري (4): "يعني: أنتم هؤلاء الأشخاص الحمقى، وبيان حماقتكم وقلة عقولكم أنكم حاججتم فيما لكم به علم مما نطق به التوراة والإنجيل، فَلِمَ تحاجون فيما ليس لكم به علم ولا ذكر له في كتابيكم من دين إبراهيم؟ "(5).
(1) أخرجه مسلم، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الْمِلَلِ بِمِلَّتِهِ، (1/ 134) برقم:(153) مرجع سابق.
(2)
سورة آل عمران الآية: (66).
(3)
انظر: لباب التأويل في معاني التنزيل (1/ 363) المؤلف: علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي الشهير بالخازن، الناشر: دار الفكر بيروت / لبنان، طبعة عام (1399 هـ /1979 م).
(4)
هو الأمام محمود بن عمر بن محمد بن عمر العلامة أبو القاسم الزمخشري الخوارزمي، النحوي اللغوي المتكلم المفسر يلقب بجار الله لأنه جاور بمكة زماناً، ولد في شهر رجب سنة (467 هـ) بزمخشر قرية من قرى خوارزم، له مؤلفات كثيرة من أشهرها كتاب الكشاف في التفسير، وكانت وفاته في ليلة عرفة (538 هـ). انظر: طبقات المفسرين، الأدنروي (ص: 171172) مرجع سابق.
(5)
انظر: تفسير البحر المحيط (2/ 510) المؤلف: محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي، الناشر: دار الكتب العلمية لبنان/ بيروت 1422 هـ 2001 م، الطبعة: الأولى، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود الشيخ علي محمد معوض، شارك في التحقيق 1 د. زكريا عبد المجيد النوقي 2 د. أحمد النجولي الجمل.
(6)
سورة البقرة الآية: (85).