الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والخامس: أنهم قالوا: سنبلاً، قاله أبو صالح" (1).
فتبين من هذه الأقوال أن أهل الكتاب قاموا بالزيادة على الأمر الذي طلب منهم؛ إمعاناً منهم في مخالفة أوامر ربهم.
قال محمد متولي الشعراوي: " فكأن المخالفة لم تأت من أن أوامر الله شاقة، ولكنها أتت من الرغبة في مخالفة أمر الخالق، وبدلاً من أن يقولوا حطة، أي: حط عنا يا رب ذنوبنا قالوا: حنطة، والحنطة هي القمح
…
ليطوعوا اللفظ لأغراضهم
…
فكأن المسألة ليست عدم قدرة على الطاعة ولكن رغبة في المخالفة، ومع أن الحق تبارك وتعالى وعدهم بالمغفرة والرحمة والزيادة للمحسنين
…
فإنهم خالفوا وعصوا" (2).
وهذا يدل على تماديهم في مجاوزتهم الحدود في كل شيء، ومن ذلك كثرة المخالفة لله سبحانه وتعالى، حتى وإن لم يكن في هذه الأوامر مشقة، وفيها مصلحة لهم، وإنما هو من باب التمرد على الله سبحانه وتعالى في رفض أوامره، وغشيان نواهيه، فاستحقوا بذلك غضب الله ولعنته.
المطلب الرابع: أمثلة على التحريف بالنقصان قديماً:
إن من أوضح الأمثلة على التحريف بالنقصان للكتب السماوية هو استبعادهم لإنجيل برنابا طوال القرون السابقة، وبرنابا هو أحد تلاميذ المسيح، وكان ميزة هذا الإنجيل أنه يخالف سائر الأناجيل الأربعة في أمور جوهرية، فمما كان فيه نقضه لدعوى ألوهية المسيح، وتأكيده نجاة المسيح من الصلب، وتنديده ببولس، ورفضه لتبشيره، وكذا تصريحه ببشارة عيسى عليه السلام بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مرات عديدة وقصة هذا الإنجيل: أنه قد صدر عام (366 م) بأمر من البابا دماسس بعدم مطالعته، وصدر مثل هذا الأمر من مجلس الكنائس الغربية عام (382 م)، كما صدر أيضاً مثله أمر عن البابا أنوسنت (465 م)، وأما البابا جلاسيوس الأول عام (492 م) فقد حرم مطالعة بعض الأناجيل، وكان منها إنجيل برنابا (3).
(1) انظر: زاد المسير في علم التفسير (1/ 86 - 87) مرجع سابق.
(2)
انظر: تفسير الشعراوي خواطري حول القرآن الكريم، (1/ 353)، المؤلف: محمد متولي الشعراوي، الناشر: المكتبة الوقفية.
(3)
انظر: كتاب هل العهد الجديد كلمة الله، (ص: 89 - 91) مرجع سابق. نقلاً عن كتاب: الاختلاف والاتفاق بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة، (ص: 60 - 61) المؤلف: محمد عوض.
وقد فقد هذا الإنجيل لعدة قرون بعد مصادرته، وحرمة قراءته، ووجدت منه بعض النسخ في مكتبة البابا، يقول شيخنا الزنداني (1):
"لكن مكتبة البابا كانت تحتوي على هذا الكتاب، وشاء الله أن يظهر هذا الإنجيل على يد راهب (2) لاتيني اسمه "فرامرينو" الذي عثر على رسائل "الإبريانوس" وفيها ذكر إنجيل برنابا يستشهد به، فدفعه حب الاستطلاع إلى البحث عن إنجيل برنابا، وتوصل إلى مبتغاه عندما صار أحد المقربين إلى البابا سكتش الخامس" فوجد في هذا الإنجيل أنه سَيُزعم أن عيسى هو ابن الله، وسيبقى ذلك إلى أن يأتي محمد رسول الله فيصحح هذا الخطأ. يقول إنجيل برنابا في الباب (220) وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله، وقد أسلم فرامرينو وعمل على نشر هذا الإنجيل الذي حاربته الكنيسة بين الناس" (3).
(1) الشيخ أ. د. عبد المجيد بن عزيز الزنداني من مواليد محافظة إب عام 1942 م، وترجع أصوله إلى قبيلة أرحب التابعة لقبيلة بكيل كبرى القبائل اليمنية، وهو يعد من أقطاب الثورة اليمنية في نهاية الخمسينات وبداية الستينات مع الشهيد محمد محمود الزبيري، وممن شارك معه في إدخال حركة الإخوان المسلمين إلى اليمن، تلقى العلم في اليمن على يد العديد من المشائخ والعلماء، عمل مراقباً لحركة الإخوان المسلمين في اليمن خلال السبعينات والثمانينات، وهو مؤسس هيئة الإعجاز العلمي في المملكة العربية السعودية وعمل فيها لعدة سنوات، ثم تقلد منصب عضو مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية بعد الوحدة عام 1994 م، وكان صاحب الدور البارز في تغير دستور الجمهورية اليمنية إلى دستور إسلامي، وجعل الشريعة الإسلامية هي مصدر جميع التشريعات، وكان له دوراً بارزاً في الحفاظ على الوحدة اليمنية وتثبيتها بعد انفصالها، وعمل رئيساً لشورى التجمع اليمني للإصلاح إلى عام 2007 م، وهو مؤسس جامعة الإيمان الإسلامية الشهيرة ورئيسها حالياً، وعضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح حالياً، له العديد من المؤلفات في التوحيد، والعديد من الأبحاث في الإعجاز العلمي منها كتاب التوحيد، وبينات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته، وسلسلة كتب الإيمان وبراهينه، ومنطقة المصب، والأقمار الصناعية تشهد بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وله العديد من الإكتشافات كعلاج مرض الإيدز وغيره. المرجع: هذه المعلومات أخذتها من الشيخ الزنداني أثناء عملي معه ..
(2)
الراهب من النصارى هو ساكن الدير، والجمع رهبان، الرهبانية هي حياة جماعية تُقضى في أديرة خاصة لغرض ديني، أساسها نذر مثلث (الطاعة والفقر والتبتل) وتشمل النساء والرجال بزعمهم أن مؤسس الرهبنة هو المسيح عليه الصلاة والسلام، وهو زعم باطل نفاه الله تعالى عن نبيه ورسوله عيسى ابن مريم عليه السلام ، وأوضح أنه من جملة البدع التي ابتدعوها، ومع ذلك ما رعوها حق رعايتها. قال تعالى:{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [سورة الحديد: 27]. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (2/ 1059) مرجع سابق.
(3)
انظر: بينات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته (ص: 33 - 34) مرجع سابق.
وبعد ذلك وجدت نسخة أخرى" في عام (1709 م) عثر عليها كريمر أحد مستشاري ملك روسيا وهي النسخة الوحيدة الموجودة اليوم من إنجيل برنابا، والتي استقرت عام (1738 م) في البلاط الملكي في فيينا، وتقع في 225 صحيفة سميكة مجلة (1) بصحيفتين ومكتوبة بالإيطالية. (2).
وهذه النسخة هي المتداولة في عصرنا الحديث، ولكنها قد حرفت بالنقصان والحذف، وكان هذا الإنجيل هو واحد من ضمن الأناجيل التي حذفها أهل الكتاب من كتبهم، وهذا هو ما حصل في مجمع نيقية قديماً عام:(325 م) حينما حذفوا عشرات الأناجيل دون أي مبرر يذكر، كما قال في ذلك العالم الألماني تولستوي في مقدمة إنجيله الخاص الذي وضع فيه ما يعتقد صحته: " لا ندري السر في اختيار الكنيسة هذا العدد من الكتب وتفضيلها إياه على غيره، واعتباره مقدساً منزلاً دون سواه مع كون جميع الأشخاص الذين كتبوها في نظرها رجال قديسون
…
ويا ليت الكنيسة عند اختيارها لتلك الكتب أوضحت للناس هذا التفضيل
…
إن الكنيسة أخطأت خطأ لا يغتفر في اختيارها بعض الكتب ورفضها الأخرى واجتهادها .. ، وقد أمرت الكنيسة بحرق جميع هذه الأناجيل لما فيها من مخالفات للعقيدة الكنسية، وصدر قرار من الإمبراطور بقتل كل من عنده نسخة من هذه الكتب (3).
(1) يقول الباحث خليل سعادة أنها مجلدة بصحيفتين عليهما نقوش ذهبية
…
ويرى المحققون أن ناسخ هذه المخطوطة من أهالي البندقية في القرن 15 - 16 أوائل القرن السابع عشر، وأنه أخذها من نسخة توسكانية أو بلغة النبدقية، وتطرقت إليها اصطلاحات توسكانية. انظر: أرشيف ملتقى أهل الحديث (41/ 140).
(2)
انظر: كتاب هل العهد الجديد كلمة الله، (ص: 89 - 91) مرجع سابق.
(3)
انظر: كتاب هل العهد الجديد كلمة الله، (ص: 89 - 91) مرجع سابق. نقلاً عن كتاب: الاختلاف والاتفاق بين إنجيل برنابا والأناجيل الأربعة، (ص: 60 - 61) المؤلف: محمد عوض.