الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أمثلة على التحريف بالتبديل قديماً:
وأما التحريف بالتبديل فقد كانوا يمارسونه غالباً في تبديل الأحكام الشرعية وغيرها، ومما جاء في الخطاب القرآني في ذلك ما يلي:
لقد كان في كتب أهل الكتاب قديماً أن حدَّ الزاني هو الرجم كما هو عند المسلمين، ولكن محرفي أهل الكتاب استبدلوها بالتحميم والجلد، وقد ورد ذلك في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: {مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمماً (2) مجلوداً فدعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟
قالوا: نعم.
فدعا رجلاً من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟
قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك؛ نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم، فأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ .. إلى قوله إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (3). يقول: ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى:{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (4). وقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ
(1) سورة المائدة الآية: (41).
(2)
أي مسود الوجه من الحممة الفحمة، انظر: شرح صحيح مسلم، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا (3/ 1327) رقم:(1700) مرجع سابق ..
(3)
سورة المائدة الآية: (41).
(4)
سورة المائدة الآية: (44).
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (1) وقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2). في الكفار كلها} " (3).
فهذا يدل على أن تبديلهم كان بحسب أهوائهم، واسترضاءً منهم لقادتهم ورؤساءهم حينما كثر فيهم ممارسة الزنا بقوله تعالى:{وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} .أي: إذا أفتاكم محمد بشيء لا يوافق أهواءكم وأهواء قادتكم فلا تقبلوه، ولو كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل أيضاً على أنهم يعلمون أن القرآن هو الحق، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم جاء بالحق، وإلا لما تحاكموا إليه، وإنما أرادوا بذلك السؤال علَّهم يجدون بذلك رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يحاجُّوا بها عوامهم.
الثاني: ومن ذلك تحريف اليهود لكلمة: (السلام) حينما كانوا يسلمون على رسول الله بـ (السام) يعني الموت، كما في قوله تعالى:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (4).
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين منهم بقوله: {إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم، فقولوا: وعليكم} (5). قال الشيخ الألباني: صحيح، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً المسلمين من اليهود والنصارى بقوله:{إذا سلم عليك اليهودي والنصراني فإنما يقول: السام عليكم، فقل: عليكم} (6).
وهناك أمثلة كثيرة على التحريف بالتبديل من كتبهم السابقة، فمنه ما جاء في" السفر الثاني من أخبار الأيام من النسخة العبرانية:(لأن الرب ذلل يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل)(7)، فلفظ
(1) سورة المائدة الآية: (45).
(2)
سورة المائدة الآية: (47).
(3)
أخرجه مسلم، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا (3/ 1327) رقم:(1700) مرجع سابق.
(4)
سورة المجادلة الآية: (8).
(5)
أخرجه أبي داود في السنن، في باب السلام على أهل الذمة رقم:(5206)، (2/ 774) المؤلف: سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، الناشر: دار الفكر، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ومذيلة بأحكام الألباني عليها.
(6)
أخرجه النسائي في سننه الكبرى، باب ما يقول لأهل الكتاب إذا سلموا عليه، وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، (6/ 102)، برقم:(10211) المؤلف: أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى، 1411 هـ 1991 م، تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن.
(7)
موسوعة الكتاب المقدس، (2/ 222)، السفر الثاني من أخبار الأيام (19: 28) مرجع سابق.