الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: تقسيم اليهود على أساس ديني
.
وقد انقسم اليهود على أساس ديني إلى: (إصلاحي محافظ أرثوذكسي) ، وهذا هو محل الشاهد في بحثنا، فاليهود في عصرنا الحديث ينقسمون إلى ثلاث فرق مشهورة سنتكلم عنها بصورة مختصرة وهي على النحو التالي:
أ- اليهودية الأرثوذكسية:
فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر، وجاءت كرد فعل للتيارات التنويرية والإصلاحية بين اليهود، ومصطلح أرثوذكس مصطلح مسيحي يعني:(الاعتقاد الصحيح) ، وهذه الجماعة يعتبرها اليهود بـ (الأصولية اليهودية)؛ لأنها تطبق داخل الدولة الصهيونية، باعتبارها الجماعة المتمسكة. " واليهودية الأرثوذكسية هي الامتداد الحقيقي لليهودية الحاخامية التلمودية أو جذور الفرقة الفريسية، وهذه الفرقة هي التي حفظت اليهود من الذوبان والانكماش بمحافظتها على شيء من التراث المحرف، وإذا أطلق داخل إسرائيل كلمة يهودي متدين فالمقصود به يهودي أرثوذكسي، ولا تعترف إسرائيل رسمياً إلا بهم، وهم أقوى فرقة أرثوذكسية يهودية في العالم، وهي المتواجدة في إسرائيل، وقوتها لا لكثرة أفرادها أو لتمسكهم العنيد بالتوراة والتلمود وحذافير قوانينها؛ وإنما لتمتعهم بالدعم السياسي والحكومي للدولة، فالدولة الإسرائيلية، لا تعترف بأية ملة سوى الملة الأرثوذكسية، وقد أضحى رواد هذه الجماعة يشكلون دعاة (التيار الأرثوذكسي)، الذي أمسى يشكل أحد التيارات الرئيسية في الديانة اليهودية في العصر الحديث، وقد اعتبروا أنفسهم أوصياء على التوراة، وأمناء على تعاليمها، وحملة الديانة اليهودية الصحيحة (1).
فتبين مما سبق أن اليهودية الأرثوذكسية هي أهم الفرق اليهودية الحديثة التي لها التأثير المباشر على اليهود في قراراتهم، وفي سياساتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم؛ كونها الحاكمة لدولة الكيان الصهيوني.
ب- اليهودية الإصلاحية:
هي فرقة دينية يهودية حديثة ظهرت في منتصف القرن التاسع عشر في ألمانيا، وانتشرت منها إلى بقية أنحاء العالم، وخصوصاً الولايات المتحدة، وتُسمَّى أيضاً (اليهودية الليبرالية) و (اليهودية التقدمية). وهذه المصطلحات ليست مترادفة تماماً، إذ قد يُستخدَم أحياناً مصطلح (اليهودية
(1) انظر: اليهودية الأرثوذكسية، (ص: 76 - 78) المؤلف: سائد خليل عائش، الناشر: مركز الإعلام العربي، رسالة علمية، الطبعة الأولى 1428 هـ 2007 م.
الليبرالية) للإشارة إلى اليهودية الإصلاحية التي حاولت أن تحتفظ بشيء من التراث. كما استُخدم المصطلح نفسه للإشارة إلى حركة دينية أسسها كلود مونتفيوري في إنجلترا عام 1901 م وكانت متطرفة في محاولاتها الإصلاحية، أما مصطلح (اليهودية التقدمية) فهو مصطلح عام يشير إلى التيارات الإصلاحية كافة (1).
واليهود المحافظون والإصلاحيون هم الذين طوروا بعض الممارسات والشعائر الدينية اليهودية، ويمثلهم يهود أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية" (2).
فتبين من خلال ما سبق أن الحركة الإصلاحية تسعى سعيها الدؤوب لتعديل نصوص الكتاب المقدس بما يلائم قيم المجتمعات الأوربية الحديثة.
ج- اليهودية المحافظة:
وهي فرقة دينية يهودية حديثة نشأت في الولايات المتحدة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كمحاولة من جانب اليهودية للاستجابة لوضع اليهود في العصر الحديث في العالم الجديد، وهي أهم وأكبر حركة دينية يهودية في العالم، وأهم مفكريها (سولومون شختر) ولكن جذور الحركة تعود إلى ما يُسمَّى بـ (علم اليهودية) وأقطابها هم: نحمان كروكمال، وزكريا فرانكل، وهنريش جرايتس، وسولومون رابوبورت، وكلهم من المفكرين اليهود الأوربيين في القرن التاسع عشر. واليهودية المحافظة جزء من الفكر الرومانسي الغربي، وخصوصاً الألماني، وهي ليست مدرسة فكرية ولا حتى فرقة دينية محددة المعالم بقدر ما هي اتجاه ديني عام وإطار تنظيمي يضم أبرشيات وحاخامات، يسمون أنفسهم (محافظين)، ويسميهم الآخرون كذلك. فالمفكرون المحافظون يختلفون فيما بينهم حول أمور مبدئية مثل الوحي وفكرة الإله، كما يختلفون بشأن الأمور الشعائرية، ولم ينجحوا في التوصل إلى برنامج محدَّد موحَّد، وهم يرفضون ذلك بحجة أنهم ورثة اليهودية الحاخامية ككل، وبالتالي فلابد أن تُترَك الأمور لتتطور بشكل عضوي طبيعي. وفكرة التطور العضوي من الداخل إحدى الأفكار الرومانسية الأساسية، ومع هذا، فإن ثمة أفكاراً أساسية تربط أعضاء هذه الفرقة التي تُشكِّل على مستوى من المستويات ردة فعل لليهودية الإصلاحية أكثر من كونها ردة فعل لليهودية الأرثوذكسية، فقد اكتسحت اليهودية الإصلاحية يهود الولايات المتحدة ابتداءً من منتصف القرن التاسع، حتى أنه مع
(1) انظر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، (15/ 21) مرجع سابق.
(2)
انظر: الموسوعة العربية العالمية، الإصدار الأول.