الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(خائنة) لتبقى الخيانة وحدها مجردة، تملأ الجو، وتلقي ظلالها وحدها على القوم، فهذا هو جوهر جبلتهم، وهذا هو جوهر موقفهم، مع الرسول محمد ومع الجماعة المسلمة" (1).
وهذه الخيانة ستستمر في كل زمانٍ ومكان، ولذا فكلامنا في تحريف أهل الكتاب حديثاً سنجمله في هذا المبحث من خلال المطالب التالية:
المطلب الثاني: أمثلة على التحريف بالتبديل حديثاً
.
إن من التبديل الذي قام به أهل الكتاب في كتبهم حديثاً هو استخدامهم لكلمة (هي) بدلاً عن كلمة (هو) في صفات الرسول الذي سيرسله الله إلى البشر بعد عيسى عليه السلام؛ وذلك لتدل كلمة (هي) على أن الذي أوحي إليه أنثى وليس ذكراً، وتأولوها بتأويلات فاسدة مفادها أنه يقصد بها شبح، أو طيف، أو روح، وقد ذكر هذا التبديل الأستاذ أحمد ديدات رحمه الله فيما يلي:
أولاً: "جاء في إنجيل يوحنا (16: 13): "(وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم [هو] بأمور آتية). _فهنا يوجد تحريفان في هذه الجملة فالأول أن الضمائر المذكرة غيرَّوها إلى ضمائر مؤنثة في النسخة الأردية من الإنجيل فالضمير (هو) استبدل بـ (هي)؛ حتى لا يستطيع المسلمون الإدعاء بأن الآية تشير إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول ديدات: هذا التحوير المسيحي رأيته بنفسي في النسخة الأردية من الإنجيل، وهو خداع معتاد من المبشرين خاصة في اللغات الإقليمية.
الثاني: أما التحريف الثاني فهو: حيلة عثرت عليها في الإنجيل باللغة الإفريقية في النص السابق موضوع البحث، فقد غيروا كلمة معزي [مساعد comforter] إلى كلمة: وسيط [Mediator]، وأقحموا فيها جملة الروح القدس، وهي التي لم يجرؤ أي دارس إنجيلي على إقحامها إلى النسخ
(1) انظر: في ظلال القرآن (2/ 859) مرجع سابق.
الإنجليزية المتعددة، ولا حتى جماعة شهود يهوا، وشهود يهوا (1): جماعة مسيحية لها طريقها الخاص في ترجمة الإنجيل (2) " (3).
وهناك أيضاً عددٌ كبير من التحريفات لأهل الكتاب، وخاصةً فيما يتعلق برسالة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ، أو بصفاته وتبديلها حتى لا تدل عليه، وكذلك فيما يتعلق بالعنصرية اليهودية التي تدعي أن فضل الله ورحمته مقصوراً على بني إسرائيل، وأنه ليس للعرب وغيرهم منها شيء، فأنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وحرفوها، وأخفوا وكتموا كل ما يدل عليها، وقد عملوا ذلك مع عيسى عليه السلام فكذبوه وحاربوه وأرادوا قتله حينما شعروا أن الله سيأخذ الرسالة منهم؛ لأنهم شعروا أن عيسى ليس له والد من بني إسرائيل وأن نسبه منقطع عنهم.
الثالث: ومن ذلك التبديل والتحريف في نسخ الكتاب المقدس ما فعله القسس العرب حيث حرفوا في النسخة العربية بخلاف الطبعات الإنجليزية كلمة: (الكتابة) بدل (القراءة) حتى لا تدل على أنه محمد رسول الله.
فقد جاء في سفر أشعيا: الإصحاح (29 الفقرة 12): (ويدفع الكتاب للأمي ويقال له: اقرأ هذا أرجوك فيقول: أنا أمي) أي: لست بقارئ، وهذه ترجمة للنص الذي ورد في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس المعتمدة عند النصارى، وهي أوثق النسخ للتوراة والإنجيل عندهم، وفي النسخة
(1) يهوه: أحد أسماء الله تعالى في التوراة ويترجم بالعربية بمعنى كلمة (الرب) ، وهو مشتق من اللفظ العبراني (هيه) أو (هوه) الذي يفيد الوجود فـ (يهوه) تعني الكائن، أو واجب الوجود غير المتغير الأزلي الذي أعلن ذاته وصفاته، أو الذي كان، وتترجم إلى العربية بالرب أو الله. انظر: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (2/ 1174) مرجع سابق، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (1/ 102) مرجع سابق.
(2)
"شهود يهوه Jehovah's Witnesses جماعة دينية مسيحية بروتستانتية اسمها الأصلي هو WatchtowerBible and Tract Society يؤمن أتباعها بعدد من الأفكار المشيحانية الصهيونية. ويعود اسم الجماعة الشائع إلى إيمانها بأن اسم الإله الحقيقي هو «يهوه» وأن الاسم الحقيقي للمسيحيين هو «شهود» . نشأت الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1872 في مدينة بتسبرج بولاية فيلادلفيا على يد رجل أعمال شاب يدعى تشارلز راسل (1852 ـ 1916) كان ينتمي لجماعة الأدفنتست، وهي جماعة بروتستانتية تدور أفكارها حول أطروحة عودة المسيح (فهم الأدفنتست أو المؤمنون بالعودة) وتنصير اليهود باعتبارهم أساس الشر وجرثومة الفساد التي نمت في العالم. انظر: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (16/ 399) مرجع سابق.
(3)
انظر: المجموعة الثالثة لأحمد ديدات (ص: 89 - 90)، مكتبة ديدات ترجمة: محمد مختار، رمضان الصفناوي، علي عثمان. الناشر: كتاب المختار، أسسه حسين عاشور عام 1979.
المسماة (Bible Good News)، وهذه النصوص العربية كلها مقتبسة من"الكتاب المقدس، الناشر: دار الكتاب المقدس، الشرق الأوسط ورد ما ترجمته كالآتي:
(إذا تعطيه إلى شخص لا يستطيع القراءة، وتطلب إليه أن يقرأه عليك، سيجيب بأنه لا يعرف كيف) وعندما نجد هذا النص الواضح في الطبعات الإنجليزية نرى أن القسس العرب قد حرفوا هذا النص في نسخته العربية فجعلوا العبارة كالآتي: (أو يدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا فيقول: لا أعرف الكتابة)(1).
وقد قاموا بهذا التحريف خشية منهم أن تتطابق هذه الأوصاف مع ما جاء في الحديث المشهور عن عائشة رضي الله عنها (2) ، وهي تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه الوحي، وهو في غار حراء، فقالت:{فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ} (3).
وقد وقع في مرسل عبيد بن عمير عند ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {أتاني جبريل بنمط من ديباج فيه كتاب قال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ} " (4).
وكم من الزمن قد مر بعد عيسى عليه السلام، وما نزل وحي على نبي أمي إلا على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجدون أميته مكتوبةً عندهم حتى يومنا هذا" (5).
الرابع: ومن ذلك التحريف أيضاً تبديلهم كلمة: (من وسط إخوتهم) إلى (من بين قومهم)" فقد جاء في التوراة في سفر التثنية 18: 1718 على لسان موسى عليه السلام: " قال لي الرب: قد أحسنوا فيما تكلموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه (6) ، والمقصود
(1) انظر: سفر أشعيا (12: 29) موسوعة الكتاب المقدس، (3/ 37).
(2)
هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة القرشية المكية رضي الله عنها، أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أفقه نساء الأمة على الإطلاق، ولدت بعد البعثة بأربع سنين أو خمس، توفيت سنة 57 أو 58 هـ. انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1881) مرجع سابق، وأسد الغابة (7/ 205) مرجع سابق، والإصابة في تمييز الصحابة (8/ 16) مرجع سابق.
(3)
أخرجه البخاري، باب أول ما بدأ الوحي برسول الله صلى الله عليه وسلم (6/ 2561) رقم:(6581) ، وباب باب سورة العلق، برقم:(4670) مرجع سابق.
(4)
انظر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب تفسير سورة:(اقرأ باسم ربك الذي خلق)(8/ 718) مرجع سابق.
(5)
انظر: بينات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته للزنداني، (ص: 28 - 30) مرجع سابق.
(6)
انظر: سفر التثنية: (18: 17 - 18) موسوعة الكتاب المقدس، (1/ 329) مرجع سابق.
بإخوتهم: أبناء إسماعيل عليه السلام؛ لأنه أخو إسحاق عليه السلام الذي ينسب إليه بنو إسرائيل، حيث وهما ابنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ومحمد صلى الله عليه وسلم من ذرية إسماعيل، ولو كانت البشارة تخص أحداً من بني إسرائيل لقالت:(منهم) قال الشيخ الزنداني: لقد تنبه المحرفون لهذا فبدلوا العبارة التي تعني "من وسط إخوتهم" في النسخة الإنجليزية الحديثة Good News Bible إلى عبارة تعني "من بين قومهم"(from among their own people). فمحمد صلى الله عليه وسلم هو من وسط إخوتهم، وهو نبي ورسول مثل موسى عليه السلام ، وصاحب شريعة جديدة، وحارب المشركين، وتزوج، وكان راعي غنم، ولا تنطبق هذه البشارة على يوشع كما يزعم اليهود؛ لأن يوشع لم يوح إليه بكتاب، كما جاء في سفر التثنية: 10: 34"ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى"(1)، أي: من بني إسرائيل، وكما أن البشارة لا تنطبق على عيسى عليه السلام كما يزعم النصارى، إذ لم يكن مثل موسى عليه السلام من وجوه، فقد ولد من غير أب وتكلم في المهد، ولم تكن له شريعة كما لموسى عليه السلام، ولم يمت بل رفعه الله تعالى إليه" (2).
وهذا التحريف الذي قاموا به أرادوا به أن لا تدل هذه العبارات على أن المقصود بها محمد صلى الله عليه وسلم ، لتطابق أوصافه مع ما جاء فيها قبل التحريف.
الخامس: ومن أشهر التحريف الذي حصل في عصرنا الحديث هو وثيقة تبرئة النصارى لليهود من دم المسيح، فقد جاء في النسخة المعتمدة للكتاب المقدس إنجيل متَّى 26: 34 "ما نصه: "حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذي يدعى قيافا، وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه" (3) ، ولكن النسخة الإسرائيلية تحاول التخفيف من هدف المؤمراة على المسيح، فتحرف كلمة (القتل) إلى (النفي) أو (الإبعاد) ، ولذلك نقرأ فيها الفقرة السابقة هكذا: "
…
وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر وينفوه" (4).
وتقول النسخة المعتمدة: إنجيل متى 1: 27" ولما كان الصباح تشاور جميع رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب على يسوع حتى يقتلوه"(5).
(1) انظر: سفر التثنية: (10: 34) موسوعة الكتاب المقدس، (1/ 355) مرجع سابق.
(2)
انظر: بينات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته للزنداني (ص: 40 - 41) مرجع سابق.
(3)
انظر: إنجيل متَّى: (26: 34) موسوعة الكتاب المقدس، (4/ 181) مرجع سابق.
(4)
انظر: كتاب إسرائيل حرفت الأناجيل واخترعت أسطورة السامية، (ص: 48) مرجع سابق.
(5)
انظر: إنجيل متَّى: (1: 27) موسوعة الكتاب المقدس، (4/ 185) مرجع سابق.