الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولد الشافعيّ الهاشميان: هاشم بن المطّلب، وهاشم بن عبد مناف (1).
ذكر نبذة من مناقبه
قال الكرابيسي (2): بتّ عند الشافعيّ غير ليلة، فكان يصلّي ثلث اللّيل بخمسين آية إلى المائة، فكان لا يمرّ بآية رحمة إلاّ سأل الله لنفسه وللمسلمين، ولا بآية عذاب إلا تعوّذ منها لنفسه وللمسلمين، فكأنّما جمع له الرّجاء والرّهبة معا (3).
قال الربيع بن سليمان (4): وكان الشافعيّ يختم القرآن في شهر رمضان ستّين ختمة، ختمة منها في الصّلاة، وكان من أحسن الناس حفظا بالقرآن. وكان يجتمع الناس لسماع قراءته، فيكثرون من البكاء والنّحيب، فإذا سمعهم أمسك عن القراءة (5).
وقال عبد الله بن الحكم (6): ما رأيت مثل الشافعيّ، كان يأتيه أصحاب
(1) النص في تاريخ بغداد:2/ 58.
(2)
أبو علي الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي فقيه من أصحاب الشافعي وأحفظهم لمذهبه، له تصانيف كثيرة في أصول الفقه وفروعه توفي سنة (248 هـ). ترجمته في: الفهرست:315، وتاريخ بغداد:8/ 64، ووفيات الأعيان:2/ 132، وسير أعلام النبلاء:12/ 79، وتهذيب التهذيب:2/ 359. الكرابيسي بفتح الكاف والراء وبعد الألف باء موحدة مكسورة ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة وبعدها سين مهملة، هذه النسبة إلى الكرابيس وهي الثياب الغليظة واحدها كرباس بكسر الكاف، وهو لفظ فارسي معرب وكان أبو علي يبيعها فنسب إليها. وفيات الأعيان:2/ 133.
(3)
الخبر في تاريخ بغداد:2/ 63 مع اختلاف في اللفظ.
(4)
الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي صاحب الإمام الشافعي وراوي كتبه توفي سنة 270 هـ ترجمته في: وفيات الأعيان:2/ 291، وسير أعلام النبلاء: 12/ 587، وطبقات الشافعية للسبكي:2/ 132، وتهذيب التهذيب:3/ 245، والأعلام:3/ 14.
(5)
الخبر في تاريخ بغداد:2/ 63 - 64 مع بعض الاختلاف في اللفظ.
(6)
محمد بن عبد الله بن الحكم المصري، فقيه عصره كان مالكي المذهب ولازم الإمام الشافعي ثم رجع إلى مذهب مالك، له كتب كثيرة، توفي سنة (268 هـ) ترجمته في: وفيات الأعيان:4/ 193، وسير أعلام النبلاء:12/ 497، وطبقات الشافعية للسبكي: -
الحديث فيعرضون عليه فيوقفهم على غوامض من علم الحديث، فيعجبون منه، ثم يأتيه أصحاب الفقه المتوافقون والمتخالفون، فلا يقومون إلاّ وهم مذعنون له بالحذق والدّيانة. ويأتيه أصحاب علم الأدب، فيقرءون عليه الشّعر، وكان يحفظ من شعر العرب عشرة آلاف بيت بغريبها ومعانيها، وكان من أعرف الناس بالتاريخ، مع عقل ودين، وكان ملاك أمره إخلاص العمل لله عز وجل.
وقال أبو الفضل الزجّاج: لمّا قدم الشافعيّ إلى بغداد، كان يقعد في الجامع نيّف وأربعون حلقة، فاجتمع الكلّ عنده، ولم يبق في الجامع حلقة لغيره (1). وكان من أعلم الناس بالفراسة.
قال حرملة بن يحيى (2): سمعت الشافعيّ يقول: احذر الأحول، والأعور، والأعرج، والأحدب، والأشقر، والكوسج، وكلّ من به عاهة في بدنه، وكلّ ناقص الخلق، فإنّ معاملته عسرة (3).
ومن سخائه ما حكاه الربيع قال: دعا الشافعيّ حجّاما يوما، فأخذ من شعره، فأعطاه خمسين دينارا (4).
ولمّا دخل على الرشيد وامتحنه، وطلب منه أن يعظه، فوعظه، أعطاه خمسة آلاف دينار، ففرّقها في خاصّته وحاشيته، فما مضى إلى منزله ومعه منها سوى مائة دينار. وكان قلّ أن يمسك شيئا من سماحته (5).
= 2/ 67، وميزان الاعتدال:3/ 611، والأعلام:6/ 223.
(1)
النص في تاريخ بغداد:2/ 68 - 69 مع بعض الزيادة.
(2)
حرملة بن يحيى التجيبي، من أصحاب الشافعي كان حافظا للحديث وله فيه مصنفات توفي سنة (243 هـ) ترجمته في: وفيات الأعيان:2/ 64، وطبقات الشافعية للسبكي: 2/ 127، وتهذيب التهذيب:2/ 295 والأعلام:2/ 174.
(3)
النص في سير أعلام النبلاء:10/ 40 عن أبي حاتم عن حرملة.
(4)
النص في سير أعلام النبلاء:10/ 38 ضمن قصة عن الزبير بن سليمان القرشي مع زيادة.
(5)
النص في معجم الأدباء:2397 عن طاوس اليماني.
وقال أبو القاسم بن منيع (1)، قال أحمد بن حنبل: كان الفقه قفلا على أهله حتى فتحه الشافعي (2).
وقال أبو أيوب حميد بن أحمد (3): كنت عند أحمد بن حنبل نتذاكر في مسألة، فقال رجل لأحمد: لم يصحّ في هذه المسألة حديث، فقال:
إن لم يصحّ فيها حديث ففيها قول للشافعيّ، وحجّته أثبت شيء عندي (4).
وقال المرورّوذيّ (5): إذا جاءتك مسألة ليس فيها أثر فأت فيها بقول الشافعي (6).
وقال إسحاق بن راهويه (7): أخذ أحمد بن حنبل بيدي وقال: /1/ تعال حتى أذهب بك إلى من لم تر عيناك مثله، فذهب بي إلى الشافعي (8).
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: يا أباه، أيّ رجل كان الشافعيّ؟ إنّي سمعتك تكثر من الدّعاء له، فقال: يا بنيّ، كان الشافعيّ كالشمس للدّنيا
(1) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز المرزبان البغوي أبو القاسم بن منيع نسبة إلى جده لأمه الحافظ أبي جعفر بن منيع، إمام حافظ سمع من أحمد بن حنبل وغيره. توفي سنة 317 هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد:10/ 111، وسير أعلام النبلاء:14/ 440، ولسان الميزان:3/ 338.
(2)
النص في معجم الأدباء:2410.
(3)
حميد بن أحمد البصري في تاريخ بغداد:2/ 66.
(4)
النص في تاريخ بغداد:2/ 66 - 67.
(5)
أحمد بن عامر بن بشر بن حامد المرورّوذي، فقيه من كبار الشافعية، له مصنفات توفي سنة (362 هـ) ترجمته في: وفيات الأعيان:1/ 69، وسير أعلام النبلاء: 16/ 166، وشذرات الذهب:3/ 40.
(6)
تهذيب الأسماء واللغات:1/ 60.
(7)
إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي أبو يعقوب ابن راهويه، عالم خراسان في عصره، وهو أحد كبار الحفاظ، له تصانيف منها: المسند، توفي سنة 238 هـ. ترجمته في: تاريخ بغداد:6/ 345، ووفيات الأعيان:1/ 199، وتهذيب التهذيب: 1/ 216، والأعلام:1/ 292.
(8)
النص في معجم الأدباء:2400.
والعافية للناس، فانظر هل عن هذين عوض؟ (1).
وقال المزني (2): سمعت أحمد بن حنبل يقول: ستّة أدعو لهم وقت السّحر، أحدهم الشافعي (3). وقال: ما بتّ منذ ثلاثين سنة إلاّ وأنا أدعو للشافعي.
ومن كلام الشافعيّ: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان (4).
ومن كلامه: من طلب الرّئاسة هربت منه، وإذا تصدّر الصغير فاته علم كثير.
وقال: من قرأ القرآن عظمت قيمته، ومن تفقّه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجّته، ومن تعلّم اللّغة رقّ طبعه، ومن تعلّم الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه (5).
وقال الشافعي: رأيت في المدينة أربع عجائب: جدّة عمرها إحدى وعشرون سنة، ورجلا فلّسه القاضي في مدّي نوى، وشيخا أتى عليه تسعون سنة، يدور نهاره حافيا راجلا على القيان يعلّمهنّ الغناء، فإذا جاءت الصلاة صلّى قاعدا (6).
وقال الشافعيّ: يحتاج طالب العلم إلى ثلاثة أشياء: طول العمر، وسعة اليد، والذّكاء.
(1) النص في تاريخ بغداد:2/ 66، وسير أعلام النبلاء:10/ 45 مع اختلاف في اللفظ.
(2)
إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو إبراهيم المزني صاحب الإمام الشافعي كان زاهدا عالما مجتهدا قوي الحجة قال الشافعي في قوة حجته: «لو ناظر الشيطان لغلبه» . توفي سنة (264 هـ) ترجمته في: الجرح والتعديل:2/ 204، ووفيات الأعيان:1/ 217، وسير أعلام النبلاء:12/ 492، والنجوم الزاهرة:3/ 39، والأعلام:1/ 329.
(3)
النص في تاريخ بغداد:2/ 66 بلفظ: «ستة أدعو لهم سحرا» .
(4)
النص في السير:10/ 42.
(5)
المصدر نفسه:10/ 24.
(6)
تتمة الخبر في معجم الأدباء مع ذكر العجيبة الرابعة:2412 - 2413.
وقال: ما شبعت منذ ستّ عشرة سنة، لأنّ الشّبع يثقل البدن، ويقسّي القلب، ويزيل الفطنة، ويجلب النّوم، ويضعف صاحبه عن العبادة (1).
فانظر إلى حكمته في ذكر آفات الشّبع، ثم في جدّه في العبادة، كيف اطّرح الشّبع لأجله، ورأس القصد تقليل الطعام.
وقال: ما حلفت بالله عز وجل، صادقا ولا كاذبا (2). فانظر إلى حرمته وتوقيره، وذلك دليل على علمه بجلاله سبحانه.
وممّا يدلّ على إرادته بالمناظرة وجه الله تعالى ما روي عنه أنه قال:
وددت أنّ الناس انتفعوا بهذا العلم وما نسب إليّ منه شيء (3). فانظر كيف اطّلع على آفة العلم وطلب الاسم به، وكيف كان منزّه القلب من الالتفات إليه لمجرّد النّية فيه لوجه الله تعالى.
وكان يقول: ما ناظرت أحدا قطّ فأحببت أن يخطئ، وما ناظرت أحدا قطّ وأنا أبالي أظهر الحقّ على لسانه أو لساني، وما أوردت الحجة على أحد قطّ فقبلها إلا هبته، واعتقدت مودّته، ولا كابرني أحد على الحقّ إلا سقط من عيني ورفضته (4).
فهذه العلامات كلّها تدلّ على إرادته بالفقه والمناظرة وجه الله سبحانه وتعالى. وقد ذكرت طرفا من مناقبه في أول كتاب «الاقتفاء لطبقات الفقهاء» (5)، وذلك بعض من كلّ، فقد صنّف جماعة من الأعيان العلماء والأئمة الفضلاء مناقبه وما نقل من فضائله (6).
(1) الخبر في السير:10/ 36.
(2)
المصدر نفسه:10/ 36.
(3)
المصدر نفسه:10/ 29.
(4)
الخبر في السير:10/ 29 - 33 وفيه ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة.
(5)
من كتب ابن الساعي التي لا تزال في حكم المفقود. وقد ورد ذكره في عدة مواضع من هذا الكتاب، ونقل منه ابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب، وأحال إليه الإمام الذهبي في مواضع كثيرة من كتبه.
(6)
أورد السبكي في طبقاته مجموعة هامة من المؤلفات التي صنفت في مناقب الشافعي 1/ 343 - 345.