المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عند شرب ماء زمزم مع النية الصالحة: - الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة - ت ياسر فتحي - جـ ٣

[سعيد بن وهف القحطاني - ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: الدعاء من الكتاب والسنة

- ‌الفصل الأول: مفهوم الدعاء وأنواعه

- ‌المبحث الأول: مفهوم الدعاء

- ‌المبحث الثاني: أنواع الدعاء

- ‌الفصل الثاني: فضل الدعاء

- ‌الفصل الثالث: شروط الدعاء وموانع الإجابة

- ‌المبحث الأول: شروط الدعاء

- ‌المبحث الثاني: موانع إجابة الدعاء

- ‌المانع الأول: التوسع فِي الحرام: أكلًا، وشربًا، ولبسًا، وتغذية

- ‌المانع الثاني: الاستعجال وترك الدعاء:

- ‌المانع الثالث: ارتكاب المعاصي والمحرمات:

- ‌المانع الرابع: ترك الواجبات الَّتِي أوجبها الله:

- ‌المانع الخامس: الدعاء بإثم أَوْ قطيعة رحم

- ‌المانع السادس: الحكمة الربانية فيعطي أفضل مما سأل:

- ‌الفصل الرابع: آداب الدعاء وأماكن وأوقات الإجابة

- ‌المبحث الأول: آداب الدعاء

- ‌ يبدأ بحمد الله، ويصلى عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك:

- ‌ الدعاء فِي الرخاء والشدة:

- ‌ لَا يدعو عَلَى أهله، أَوْ ماله أَوْ ولده، أَوْ نفسه:

- ‌ يخفض صوته من الدعاء بين المخافتة والجهر:

- ‌ يتضرع إِلَى الله فِي دعائه:

- ‌ يلح عَلَى ربه فِي دعائه:

- ‌ يتوسل إِلَى الله بأنواع التوسل المشروعة:

- ‌أنواع التوسل المشروع ثلاثة:

- ‌النوع الأول: التوسل فِي الدعاء باسم من أسماء اللهُ تَعَالَى أَوْ صفة من صفاته

- ‌النوع الثاني: التوسل إِلَى اللهُ تَعَالَى بعمل صالح قام بِهِ الداعي

- ‌النوع الثالث: التوسل إِلَى اللهُ تَعَالَى بدعاء الرجل الصالح الحي الحاضر:

- ‌ الاعتراف بالذنب والنعمة حال الدعاء:

- ‌ عدم تكلف السجع فِي الدعاء:

- ‌ الدعاء ثلاثًا:

- ‌ استقبال القبلة:

- ‌ رَفَعَ الأيدي فِي الدعاء:

- ‌ الوضوء قَبْلَ الدعاء أن تيسر:

- ‌ البكاء فِي الدعاء من خشية اللهُ تَعَالَى:

- ‌ إظهار الافتقار إِلَى اللهُ تَعَالَى، والشكوى إِلَيْهِ:

- ‌ يبدأ الداعي بنفسه إِذَا دَعَا لغيره:

- ‌ لَا يعتدي فِي الدعاء:

- ‌ التوبة ورد المظالم:

- ‌ يدعو لوالديه مَعَ نفسه:

- ‌ يدعو للمؤمنين والمؤمنات مَعَ نفسه:

- ‌ لَا يسأل إلا الله وحده:

- ‌المبحث الثاني: أوقات وأحوال وأوضاع الإجابة

- ‌ ليلة القدر:

- ‌ دبر الصلوات المكتوبات:

- ‌ جوف اللَّيْلِ الآخر:

- ‌ بين الأذان والإقامة:

- ‌ عِنْدَ النداء للصلوات المكتوبات:

- ‌ عِنْدَ إقامة الصلاة:

- ‌ عِنْدَ نزول الغيث وتحت المطر:

- ‌ عِنْدَ زحف الصفوف فِي سبيل الله:

- ‌ ساعة من كل ليلة:

- ‌ ساعة من ساعات يوم الجمعة:

- ‌ عِنْدَ شرب ماء زمزم مَعَ النية الصالحة:

- ‌ فِي السجود:

- ‌ عِنْدَ الاستيقاظ من النوم ليلًا والدعاء بالمأثور:

- ‌ عِنْدَ الدعاء بـ» دعوة ذي النون»:

- ‌ عِنْدَ الدعاء فِي المصيبة بالمأثور:

- ‌ عِنْدَ دعاء الناس بعد وفاة الميت:

- ‌ عِنْدَ قولك فِي دعاء الاستفتاح:

- ‌ عِنْدَ قولك فِي دعاء الاستفتاح:

- ‌ عِنْدَ قراءة الفاتحة فِي الصلاة بالتدبر:

- ‌ عِنْدَ رَفَعَ الرأس من الركوع وقولك:

- ‌ عِنْدَ التأمين فِي الصلاة إِذَا وافق قول الملائكة:

- ‌ عِنْدَ قولك فِي رفعك من الركوع: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحمد»

- ‌ بعد الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم فِي التشهد الأخير:

- ‌ عِنْدَ قولك قَبْلَ السلام فِي الصلاة:

- ‌ وكذلك وكذلك عِنْدَ قولك:

- ‌ وكذلك عِنْدَ الدعاء بهذا الدعاء:

- ‌ عِنْدَ دعاء المسلم عقب الوضوء بالماثور:

- ‌ عِنْدَ الدعاء يوم عرفة فِي عرفة للحاج:

- ‌ الدعاء بعد زوال الشمس قَبْلَ الظهر:

- ‌ فِي شهر رمضان:

- ‌ عِنْدَ اجتماع المسلمين فِي مجالس الذكر:

- ‌ عِنْدَ صياح الديكة:

- ‌ حالة إقبال القلب علي الله واشتداد الإخلاص:

- ‌ الدعاء فِي عشر ذي الحجة:

- ‌المبحث الثالث: أماكن تجاب فِيهَا الدعوات

- ‌ عِنْدَ رمي الجمرة الصغري والوسطي ايام التشريق:

- ‌ الدعاء داخل الكعبة أَوْ داخل الحجر:

- ‌ الدعاء علي الصفا والمروة للمعتمر والحاج:

- ‌ الدعاء عِنْدَ المشعر الحرام يوم النحر للحاج:

- ‌ دعاء الحاج فِي عرفة يوم عرفة

- ‌الفصل الخامس: اهتمام الرسل بالدعاء واستجابة الله لهم

- ‌ آدم صلى الله عليه وسلم:

- ‌ نوح صلى الله عليه وسلم:

- ‌ إبراهيم صلى الله عليه وسلم:

- ‌ أيوب صلى الله عليه وسلم:

- ‌ يونس صلى الله عليه وسلم:

- ‌ زكريا صلى الله عليه وسلم:

- ‌ يعقوب صلى الله عليه وسلم:

- ‌ يوسف صلى الله عليه وسلم:

- ‌ مُوسَى صلى الله عليه وسلم:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه:

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأم أَبِي هريرة

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم لعروة بن أَبِي الجعد البارقي

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم علي بعض أعدائه

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم علي سراقه بن مالك رضي الله عنه

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم بدر

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب

- ‌ دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم حنين

- ‌الفصل السادس: الدعوات المستجابات

- ‌ دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب:

- ‌ دعوة المظلوم:

- ‌ دعوة الوالد لولده

- ‌ دعوة الوالد عَلَى ولده

- ‌ دعوة المسافر:

- ‌ دعوة الصائم:

- ‌ دعوة الصائم حين يفطر

- ‌ الإمام العادل:

- ‌ دعوة الولد الصالح:

- ‌ دعوة المستيقظ من إِذَا دَعَا بالمأثور:

- ‌ دعوة المضطر:

- ‌ دعوة من بات طاهرة عَلَى ذكر الله:

- ‌ دعوة من دَعَا بدعوة ذي النون:

- ‌ دعوة من أصيب إِذَا دَعَا بالمأثور:

- ‌ دعوة من دَعَا بالاسم الأعظم

- ‌ دعوة الولد البار بوالديه:

- ‌ دعوة الحاج

- ‌ دعوة المعتمر

- ‌ دعوة الغازي في سبيل الله:

- ‌ دعوة الذاكر لله كثيرًا:

- ‌ دعوة من أحبه الله ورضي عنه:

- ‌الفصل السابع: أهمية الدعاء ومكانته في الحياة

- ‌المبحث الأول: افتقار العباد وحاجتهم إلى ربهم

- ‌المبحث الثاني: أهم مَا يسأل العبد ربه

- ‌ سؤال الله الهداية

- ‌ سؤال مغفرة الذنوب

- ‌ سؤال الله الْجَنَّةِ والاستعاذة بِهِ من النار

- ‌ سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة

- ‌ سؤال اللهُ تَعَالَى الثبات عَلَى دينه وحسن العاقبة في الأمور كلها

- ‌ سؤال اللهُ تَعَالَى دوام النعمة والاستعاذة بِهِ من زوالها، وأعظم النعم نعمة الدين

- ‌ الاستعاذة بالله من جهد البلاء وردك الشقاء، وسوء القضاء وشماته الأعداء

- ‌الفصل الثامن: الدُّعَاءُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

الفصل: ‌ عند شرب ماء زمزم مع النية الصالحة:

11 -

‌ عِنْدَ شرب ماء زمزم مَعَ النية الصالحة:

460 -

عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَاءُ زَمْزَمَ لَمَّا شُرِبَ لَهُ»

(1)

.

(1)

أخرجه ابن ماجه في 25 - المناسك، 78 - ب الشرب من زمزم، (3062). وأحمد (3/ 357 و 372). واين أبي شيبة (7/ 453). والأزرقي في تاريخ مكة (2/ 425 - 426). والفاكهي في أخبار مكة (2/ 27). والعقيلي في الضعفاء (2/ 303). والطبراني في الأوسط (1/ 469/ 853) و (10/ 13/ 9023). وابن عدي في الكامل (4/ 136). وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 37). والبيهقي (5/ 148). والخطيب في تاريخ بغداد (3/ 179).

- من طرق عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر به مرفوعًا.

- قال العقيلي بعد أن روى هذا الحديث مع حديث آخر لابن المؤمل: «ولا يتابع عليهما» .

- وقال الطبراني: «لم ير هذا الحديث عن أبي الزبير إلا عبد الله بن المؤمل» .

- وقال ابن عدي: «وهذا الحديث يعرف بابن المؤمل عن أبي الزبير .... » .

- وقال البيهقي: «تفرد به عبد الله بن المؤمل» .

- وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 28) بعد أن علقه عن ابن المؤمل: «لم يتابع عليه» .

- فهذه أقوال خمسة من الحفاظ النقاد قد أطبقت علي تفرد ابن المؤمل بهذا الحديث عن أبي الزبير، وأنه لم يتابع عليه.

- ومع ذلك فقد وجدت له متابعات:

1 -

حمزة بن حبيب الزيات عن أبي الزبير عن جابر به مرفوعًا.

- يكمل ابن عدي كلامه فيقول: «وقد روى عن حمزة الزيات عن أبي الزبير؛ حدثناه علي ابن سعيد عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي عن عبد الرحمن بن المغيرة عن حمزة، وَلَمْ نكتبه من حديث حمزة إلا عنه» [الكامل (4/ 136)].

- وكذا رواه الطبراني في الأوسط (4/ 486/ 3827) عن علي بن سعيد الرازي به.

- وهذا إسناد غريب، ولا يصح عن حمزة الزيات؛ فقد تفرد به عنه عبد الرحمن بن المغيرة وهو مدني صدوق يروي عن أهل المدينة، وحمزة بن حبيب كوفي، والراوي عن عبد الرحمن هو إبراهيم بن سليمان بن داود أبو إسحاق البرلسي ولد بصور بالشام وتوفي بمصر، وكان ثقة متقنًا حافظًا للحديث [انظر: موضح أوهام الجمع والتفريق (1/ 398). تاريخ دمشق (6/ 414). الأنساب (1/ 328). تكملة الإكمال (1/ 502). السير (12/ 612) و (13/ 393)] وقد تفرد به عنه: علي بن سعيد الرازي نزيل مصر: قال مسلمة بن قاسم: «كان ثقة عالمًا بالحديث» وقال ابن تونس: «كان يفهم ويحفظ، .... ، تكلموا فيه» وقال الدارقطني: «ليس في حديثه بذاك،

، حدث بأحاديث لم يتابع عليها ثم قال: في منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر، وأشار=

ص: 1002

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بيده وقال: هو كذا وكذا، ونقض يده، يقول: ليس بثقة» [سؤالات السهمي (348). تذكرة الحفاظ (2/ 750). طبقات الحفاظ (723). الميزان (3/ 131). اللسان (4/ 265). الفوائد المجموعة (241 و 357 - تعليقات العلامة المعلمي اليماني)] فهذا إسناد إسناد مكي ثم كوفي ثم مدني ثم مصري فما أغربه، والحمل فيه علي عليك الرازي فإنه مجروح، وفي تفرد مثله نكارة؛ لذا أنكره ابن عدي وقال:«وهذا الحديث يعرف بابن المؤمل عن أبي الزبير» وقال: «ولم نكتبه من حديث حمزة إلا عنه» .

2 -

إبراهيم بن طهمان ثنا ابو الزبير قال: كنا عند جابر عبد الله فتحدثنا فحضرت صلاة العصر، فقام فصلي بنا في ثوب واحد قد تلبب به، ورداؤه موضوع، ثم أتي بماء من ماء زمزمن فشرب ثم شرب، فقالوا: ما هذا؟ قال: هذا ماء زمزم، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ماء زمزم لما شرب له» قال: ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلي سهيل بن عمرو: «أن أهد لنا من ماء زمزم ولا يترك» قال: فبعث إليه بمزادتين.

- أخرجه البيهقي (5/ 202) قال: وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو نصر بن قتادة قالا: ثنا أبو محمد أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادي بهراة أنا معاذ بن نجدة ثنا خلاد بن يحيي ثنا إبراهيم ابن طهمان به».

- قال العلامة الألباني رحمة الله تعالى في الإرواء (4/ 321): «قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، غير معاذ بن نجدة، أورده الذهبي في الميزان [(4/ 133)] وقال: «صالح الحال، قد تكلم فيه، روى عن قبيصة وخلاد بن يحيي، توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وله خمس وثمانون سنة» وأقره الحافظ في اللسان [(6/ 65)] وأما الراوي عنه: أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادي فلم أعرفه، وهو من شرط الخطيب البغدادي في» تاريخه» وَلَمْ أره فيه، فلا أدري أهو مما فاته؟ أم وقع في اسمه تحريف في نسخة البيهقي؟ فهو علة هذه الطريق عندي، وأما الحافظ فقد أعله بعلة غريبة فقال [التخليص (2/ 510)]:«قلت: ولا يصح عن إبراهيم؛ إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل» قلت [القائل هو الشيخ الألباني]: ولا أدري من أين أخذ الحافظ هذا التعليل، فلو اقتصر علي قولة:«لا يصح عن إبراهيم» لكان مما لا غبار عليه» أنتهي كلامه رحمه الله تعالى.

- أولاها: ما علله به الشيخ الألباني، وهو أحمد بن إسحاق بن شيبان البغدادي.

- ثانيها: معاذ بن نجدة، فمثله لا يحتمل منه هذا التفرد عن إبراهيم.

- ثالثها: ما علله به الحافظ ابن حجر وهو قوله: «ولا يصحح عن إبراهيم، إنما سمعه إبراهيم من ابن المؤمل» وتفسيره: أنه لو صح عن إبراهيم بن طهمان لعرف وانتشر في الناس ولرواه عنه ثقات أصحابه كابن عيينة وابن مهدي وابن المبارك ووكيع ومعن بن عيسي وأبو عامر العقدي وغيرهم، ثم إن الحفاظ النقاد الذي حكموا علي هذا الحديث أطبقوا علي تفرد ابن المؤمل به عن أبي الزبير،=

ص: 1003

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فلا يعرف إلا به، فلو كان معروفًا عن إبراهيم لما قالوا بتفرد ابن المؤمل به مع ضعف ابن المؤمل وإبراهيم: ثقة.

- فإما أن يقال بأن إبراهيم إنما أخذه من ابن المؤمل إذ لا يرويه عن أبي الزبير غيره، وإما أن يقال بأنه لا يصح عن إبراهيم إذ ليس له فيه ناقة ولا جمل، وهذا أولي لعد صحة الإسناد إليه، فقد أخطأ أحمد بن إسحاق أو معاذ بن نجدة فجعل إبراهيم بن طهمان بدل عبد الله بن المؤمل. والله أعلم.

- ولحديث جابر طريق أخري:

- يرويها سويد بن سعيد قال: رأيت عبد الله بن المبارك بمكة أتي زمزم، فاستقي منه شربة، ثم استقبل الكعبة، ثم قال: اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ماء زمزم لما شرب له» وهذا أشربه لعطش يوم القيامة، ثم شربه.

- أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (3/ 481 - 482/ 4128). والخطيب في تاريخ بغداد (10/ 166).

- قال البيهقي: «غريب من حديث ابن أبي الموال عن ابن المنكدر، تفرد به سويد عن ابن المبارك في هذا الوجه عنه» .

- قال الحافظ في الفتح (3/ 576): «وزعم الدمياطي أنه علي رسم الصحيح، وهو كما قال من حيث الرجال؛ إلا أن سويدًا وإن أخرج له مسلم فإنه خلط وطعنوا قيه، وقد شذ بإسناده، والمحفوظ عن ابن المبارك عن ابن المؤمل» [وانظر: النكت (1/ 274)].

- وقال في التلخيص (2/ 510): هو ضعيف جدا [يعني: سويدًا]، وإن كان مسلم قد أخرج له في المتابعات، وأيضا فكان أخذه عنه قبل أن يعمي ويفسد حديثه، وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه كان قبل عماه، ولما أن عمي صار يلقن فيتلقن حتى قال يحيي بن معين: لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدًا؛ من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير، قلت [القائل الحافظ]: وقد خلط في هذا الإسناد وأخطأ فيه عن ابن المبارك، وإنما رواه ابن المبارك عن ابن المؤمل عن أبي الزبير، كذلك رويناه في فوائد أبي بكر بن المقري من طريق صحيحة؛ فجعله سويد عن أبي الموالي عن ابن المنكدر. واغتر الحافظ شرف الدين الدمياطي بظاهر هذا الإسناد فحكم بأنه علي رسم الصحيح؛ لأن ابن أبي المولي انفرد به البخاري، وسويدًا أنفرد به مسلم، وغفل عن أن مسلمًا إنما أخرج لسويد ما توبع عليه، لا ما انفرد به، فضلا عما خولف فيه».

وقال في جزئه في هذا الحديث (274): «وهذا الإسناد مما انقلب عليه [يعني: علي سويد] فإنه حدث به في حال صحته علي الصواب؛ فروينا في فوائد أبي بكر بن المقري من طريق سويد بن سعيد المذكور قال: رأيت ابن المبارك دخل زمزم فقال: اللهم إن ابن المؤمل حدثني عن أبي الزبي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمام لما شرب له» اللهم وإني أشربه من عطش يوم القيامة» وقال الذهبي في السير (8/ 394) بعد رواية سويد هذه: «كذا قال: ابن أبي الموال، =

ص: 1004

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وصوابه: ابن المؤمل: عبد الله المكي، والحديث به يعرف، وهو من الضعفاء، لكن يرويه عن أبي الزبير عن جابر، فعلي كل حال: خير ابن المبارك: فرد منكر؛ ما أتي به سوي سويد، .... ».

- وبهذا يظهر جليًا صحة ما أجمع عليه الحفاظ من انفراد ابن المؤمل بهذا الحديث عن جابر، وأنه لا يعرف إلا به.

- حينئذ يبقي الحكم علي إسناده:

- قال ابن القطان الفاسى في بيان الوهم والإيهام (3/ 478/ 1243): «ويظهر من أمره [يعني: الإشبيلى صاحب الأحكان]

أنه مضعف له، ويجب أن يكون كذلك؛ فإن عبد الله بن المؤمل: سيء الحفظ، وتدليس أبي الزبير معلوم».

- قال الحافظ في التلخيص (2/ 5110): «وأعله ابن القطان به وبعنعنة أبي الزبير، لكن الثانية مردودة، ففي رواية ابن ماجه التصريح بالسماع» .

- قلت: ولا تصح هذه الرواية المصرحة بالسماع؛ لأنها من طريق الوليد بن مسلم وهو مشهور بتدليس التسوية، وَلَمْ يصرح بالسماع من شيخه عبد الله بن المؤمل، ثم هو خالف في ذلك اثني عشر رجلًا رووه عن ابن المؤمل فلم يذكروا سماع أبي الزبير من جابر.

- قلت: علته ابن المؤمل فإنه ضعيف.

- قال السخاوى في المقاصد الحسنة (928): «هذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الله بن المؤمل» .

- وله شواهد منها:

1 -

ما رواه الدارقطني في سننه (2/ 289): ثنا عمر بن الحسن بن علي ثنا محمد بن هشام ابن عيسي المروزي ثنا محمد حبيب الجارودي نا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته لشبعك أشبعك الله به، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه الله، وهي هزمة جبريل، وسقيا الله إسماعيل» .

- ومن طريق الدار قطني: أخرجه ابو الطيب الفاسي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/ 407). لكن وقع عنده» محمد بن هشام بن علي المروزي» بدل»

بن عيسي المروزي».

- قال الحافظ ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (3/ 478/ 1245): «محمد ابن حبيب ابن محمد الجارودي: بصري قدم بغداد وحدث بِهَا وكان صدوقًا [تاريخ بغداد (2/ 277)]،وشيخ الدارقطني؛ عمر بن الحسن بن علي بن الجعد أبو القاسم الجوهري: ثقة، ولكن محمد بن هشام بن علي المروزي لم أجدله ذكرًا. فالله أعلم» .

- وتعقبه الذهبي في نقده لبيان الوهم والإيهام (ص 95) بقوله: «هؤلاء ثقات سوي عمر الأشناني: إنا نتهمه بوضع

). =

ص: 1005

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=- وقال عن عمر هذا في الميزان (3/ 185): «ضعفه الدارقطني، والحسن بن محمد الخلال، ويروي عن الدارقطني أنه كذب، وَلَمْ يصح هذا. ولكن هذا الأشناني صاحب بلايا؛ فمن ذلك: قال الدارقطني: .... فذكر الحديث ثم قال: وابن حبيب صدوق؛ فآفة هذا هو عمر، فلقد أثم الدارقطني بسكوته عنه، فإنه بهذا الإسناد باطل، ما رواء ابن عيينة قط، بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر مختصرًا» .

- قلت: أما ابن القطان فقد وهم في تعيين شيخ الدارقطني، وإنما هو: عمر بن الحسن بن علي بن مالك بن أشرس

أبو الحسين الشيباني المعروف بابن الأشناني؛ هذا مختلف فيه، وذاك ثقة، وانظر ترجمتهما في تاريخ بغداد (11/ 266 و 236).

- وأما قول الذهبي في عدم تصحيح تكذيب الدارقطني له، فراجع إلي قول الخطيب عندما سرد حكاية تكذيبه:«بلغني عن الحاكم .... » فلم يذكر الواسطة، وقد أوردها الحاكم نفسه في سؤالاته للدارقطني برقم (252) وفي أولها أنه قال للدارقطني: «سألت أبا علي الحافظ فذطر أنه ثقة، فقال [يعني: الدارقطني]: بئس ما قال شيخنا أبو علي

ثم ذكر حديثين، أي أنه أخطأ فيهما ثم قال: وكان يكذب» فصحت بذلك الحكاية إلا أن العلامة ألمعلمي اليماني وجه تكذيب الدارقطني له توجيهًا جيدًا- ينبئ عن سعة علمه، وإداركه لخفايا هذا العلم الشريف- بما لا يوجب فيه جرحًا وختم ترجمته بقوله:«ولم ينكر عليه مما حدث به [يعني: الأشناني] وسمعه الناس منه خبر واحد؛ فلا أراه إلا قويًا، والله أعلم» [راجه التنكيل (1/ 368/ 170)] وقد وثقه أبو علي الحافظ وطلحة ابن محمد وأثني عليه الخطيب [انظر: تاريخ بغداد (11/ 236)].

- وأما تأثيم الذهبي الدارقطني، فإن الأشناني لم ينفرد بهذا، تابعه عليه في مستدركه الحاكم» [وانظر: جزءه (266)].

- قلت: بل تابعه شيخ الحاكم: علي بن حمشاد العدل ثنا أبو عبد الله محمد بن هشام المروزي به إلا أنه قال: «ماء زمزم لم شرب له، فإ شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته مستعيذًا عاذك الله، وإن شربته ليقطع ظمأك قطعه» قال: وكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم أسألك علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وشفاءًا من كل داء.

- أخرجه الحاكم (1/ 473).

- وقال: «صحيح الإسناد إن سلم من الجارودي» .

- قال أبو الطيب الفاسي في شفاء الغرام (11/ 407): «قال شيخنا العراقي الحافظ: قد سلم منه فلله الحمد، فإن الخطيب ذكره في تاريخ بغداد [(2/ 277)] وقال: كان صدوقًا. وحسن شيخنا الحافظ العراقي هذا الحديث من هذا الطريق، وقال نكته علي ابن الصلاح: إن حديث ابن عباس أصح من حديث جابر» . =

ص: 1006

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=- قلت: أما علي بن حمشاد العدل فقد قرظه الحاكم وبالغ في تعظيمه، وروي عنه أبو أحمد الحاكم وقال:«ما رأيت في مشايخنا أثبت في الروايه والتصنيف منه» ونعته الذهبي في السير بقوله: «العدل الثقه الحافظ الإمام شيخ نيسابور» وقال ابن حجر في جزئه في هذا الحديث (267): «من الأثبات» . [تذكرة الحافظظ (3/ 855). السير (15/ 298)].

- ومحمد بن هشام، قال ابن القطان:«لم أجد له ذكرًا» وقال الذهبي: «هو ابن الدميك: موثق» وابن أبي الدميك، قال الخطيب في تاريخه:«وكان ثقة، ذكره الدارقطني فقال: لا بأس به» وقال ابن حجر في اللسان: «وكلام الحاكم يقتضي أنه ثقة، ذكره الدارقطني فقال: لا بأس به» وقال ابن حجر في اللسان: «وكلام الحاكم يقتضي أنه ثقه عنده» وكذا في جزئه في هذا الحديث [تاريخ بغداد (13/ 361)]. الميزان (3/ 185). اللسان (4695). جزء من حديث ماء زمزم (267) المطبوع من كتاب فضل ماء زمزم لسائد بكداش].

- وأما الجارودي فإنه لم يسلم منه؛ قال الحافظ في جزئه (267): «وأما الجارودي فقد ذكره الخطيب في تاريخه وقال: إنه صدوق، قلت: وهو كما قال: إلا أنه انفرد عن ابن عيينة بوصل هذا الحديث، ومثله إذا انفرد لا يحتج به، فكيف إذا خالف؟! فقد رواه الحميدي وابن أبي عمر وغيرهما من الحفاظ عن أبن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، وهو وإن كان مثله لا يقال بالرأي؛ أي: فيكون في تقدير ما لو قال مجاهد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيكون مرسلًا. وقد رواه سعيد بن منصور في السنن عن سفيان بن عيينة كذلك، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك، وكذا رواه عبد الرزاق في مصنفه، والفاكهي أيضًا من طريق عبد الرزاق عن سفيان كذلك، وكذا أخرجه الأزرقي في كتاب مكة عن جده عن ابن عيينة كذلك، وهذا هو المعتمد، ولا عبرة بقول من يقول: الحكم للواصل؛ لأن ذلك ليس عمد أئمة الحديث عن سنن واحد، بل المدار عندهم علي أمانة الرجل وحفظه وشهرته ومعرفته بمن روى عنه، وغير ذلك. وكل ذلك هنا قد انتفي عن الجارودي؛ فإنه بصري سمع من ابن عيينة شيئًا كثيرًا [كذا في المطبوع، ولعل الصواب: يسيرًا] فحديث من لازم ابن عيينة من أهل بلده، مع ما عنده من الحفظ والإتقان؛ يقدم علي رواية من ليس من أهل بلده، وَلَمْ يرو عنه إلا اليسير، وشرط قبول الزيادة أن لا يتطرق السهو لمن لم يروها، .... » وانظر: فتح الباري (3/ 493). التلخيص الحبير (2/ 511). اللسان (5/ 132).

- وطريق عبد الرزاق والأزرقي وابن أبي عمر: أخرجها عبد الرزاق في المصنف (5/ 118/ 9124). والأزرقي في تاريخ مكة (2/ 423). والفاكهي في أخبار مكة (2/ 10/ 1056).

- وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (7/ 453).

- وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (357): «فهو مرسل، وإن لم يصرح فيه أكثرهم بالرفع، لكن مثله لا يقال بالرأي» .

2 -

قال الفاكهي في أخبار مكة (2/ 37/ 1096): حدثنا محمد بن إسحاق الصيني ثنا يعقوب ابن=

ص: 1007

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= إبراهيم بن سعيد ثنا أبي عن أبي إسحاق حدثني يحيي بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: لما حج معاوية رضي الله عنه حججنا معه، فلما طاف بالبيت، وصلي عند المقام ركعتين، ثم مر بزمزم وهو خارج إلي الصفا؛ فقال: انزع لي منها دلوًا يا غلام. قال: فنزع له منها دلوًا، فأتي به فشرب منه، وصب علي وجهه ورأسه وهو يقول:«زمزم شفاء، هي لما شرب له» .

- قال الحافظ ابن حجر في جزئه (269): «هذا إسناد حسن، مع كونه موقوفًا، وهو أحسن من كل إسناد وقفت عليه لهذا الحديث، وَلَمْ يذكره صاحبنا تقي الدين مع شدة حاجته إليه» .

- قلت: بل إسناده واه بمرة؛ محمد بن إسحاق الصيني: تركه ابن أبي حاتم، وقال أبو عون بن عمرو:«هو كذاب» [الجرح والتعديل (7/ 238). الأنساب (3/ 578). الميزان (3/ 477). اللسان (5/ 78)].

- فلا يعتبر به. وانظر: المقاصد الحسنة (357).

3 و 4 - قال الحافظ ابن حجر: «وأما حديث عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص: فذكرهما صاحبنا تقي الدين الفاسي المالكي في» أخبار مكة» له في الكتاب الكبير، وأشار إليهما في مختصره، وإسناد كل منهما واه؛ فلا عبرة بهما».

5 -

قال الحافظ السخاوي في المقاصد (357): «وفي الباب: عن صفية مرفوعًا: «ماء زمزم شفاء من كل داء» أخرجه الديلمي، وعن ابن عمر وابن عمرو، وإسناد كل من الثلاثة واه، فلا عبرة بها، والاعتماد علي ما تقدم».

- وخلاصة ما تقدم: أنه باجتماع حديث عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر المرفوع مع مرسل مجاهد؛ فإنه يكسبه قوة، ويشهد بأن له أصلًا.

- قال الحافظ ابن حجر: «فمرتبة هذا الحديث عنه الحفاظ باجتماع هذه الطرق يصلح للاحتجاج به؛ علي ما عرف من قواعد أئمة الحديث» . ثم قال: «

فروينا في المجالسة لأبي بكر الدينوري حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا الحميدي قال: كنا عند سفيان بن عيينة فحدثنا بحديث: «ماء زمزم لما شرب له» فقام رجل من المجلس ثم عاد فقال: يا أبا محمد! أليس الحديث الذي حدثتنا به في زمزم صحيحًا؟ قال: نعم. قال الرجل: فإني شربت الآن دلوًا من زمزم علي أنك تحدثني بمئة حديث. فقال له سفيان: اقعد، فقعد، فحدثه بمئة حديث» فهذا حكم من سفيان بن عيينة الإمام بصحة هذا الحديث.

- وممن ذكر أنه صحح هذا الحديث أيضًا: ابن الجوزي وشرف الدين الدمياطي وابن دقيق العيد وتقي الدين السبكي والمنذري، وحسنه ابن القيم في زاد المعاد (4/ 393). وصححه الألباني في الإرواء (11123). [وفي الأحاديث الصحيحة برقم (883)، وفي صحيح الجامع (5/ 116) برقم (5378)، وفي صحيح ابن ماجه (2/ 183)]«المؤلف» .

- انظر: المقاصد الحسنة (357). الدرر المتنثرة (358). فبض القدير (5/ 404). كشف الخفاء=

ص: 1008