الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما تقدم، والثاني: الإكثار من صب الماء، والثالث: تكرار المغسول بعد إسباغه بالماء ولو جف إلا الرأس فإنه يندب فيه التثليث كما تقدم، والرابع: الاغتسال في موضع النجس، والخامس: الكلام بعد الشروع فيه إلا من ذكر الله تعالى، والسادس: أن يغتسل وهو كاشف العورة أو حيث يراه الناس من غير قصد لذلك، فإن اغتسل عريانا فليضم، فإن الله سبحانه وتعالى أحق أن يستحيا منه.
وفي الخبر: " إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند قضاء الحاجة والجماع " وفي الذخيرة: أوحى الله تعالى إلى سيدنا إبراهيم الخليل: إن استطعت أن لا تنظر إلى عورتك الأرض فافعل، فاتخذ السراويل، فهو أول من لبسها، على نبينا وعليه وعلى جميع الأنبياء أفضل الصلاة والسلام. ولما أنهى الكلام عن الغسل وأقسامه
وما يتعلق بجميع ذلك انتقل يتكلم على بيان المسح على الجبيرة فقال رحمه الله:
فَصْلٌ
في المسح على الجبيرة
هذا الفصل عقده المصنف هنا، والمناسب تأخره عن التيمم كما تأخر عن فصل الغسل لأنه فرع منها. قال الصاوي: لما كان المسح عليها - أي على الجبيرة - رخصة في الطهارة المائية والترابية ناسب تأخير هذا الفصل عنهما، وليكون إحالة على معلوم في قوله - أي قول الشيخ خليل - كالتيمم. وحكم المسح أي على الجبيرة الوجوب إن خاف هلاكا أو شدة أذى كما سيأتي اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " جريح أكثر جسده أو أعضاء وضوئه فرضه التيمم " يعني إذا كان الجرح على أكثر الجسد، أو في أعضاء الوضوء وكثر منه ذلك فإنه ينتقل إلى التيمم. وفي العزية: إذا كان في أعضاء الوضوء أو غيرها جرح، وخاف
من غسله بالماء فوات نفسه، أو فوات منفعة، أو زيادة مرض، أو تأخير برء، أو حدوث مرض، فإنه يمسح عليه، فإن لم يستطع المسح عليه مسح على الجبيرة، وهي الدواء الذي يجعل عليه، فإن لم يستطع المسح عليها مسح على العصابة ولو على الزائد غير المقابل للجرح، كفصد وعمامة خيف بنزعها اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " لا يجزيه غسل الصحيح والمسح " وما مشى عليه المصنف من عدم إجزاء غسل الصحيح غير الراجح، والراجح أنه يجزيه غسل الصحيح إذا لم يتضرر بغسله ويمسح على الجريح. وفي العزية: ويشترط في المسح المذكور أن يكون جل جسده صحيحا، أو جريحا ولا يتضرر إذا غسل الصحيح، فإن كان يتضرر بغسل الصحيح، أو كان الصحيح قليلا جدا، كأن لم يبق إلا يد أو رجل فإنه لا يغسل الصحيح ولا يمسح على الجريح، بل ينتقل إلى التيمم. وإذا تعذر مسح الجريح بحيث لا يمكن وضع شيء عليه ولا ملاقاته بالماء، فإن كان في موضع التيمم كالوجه ولا يمكن مسحه أيضا بالتراب تركه بلا مسح ولا غسل وغسل ما سواه، وإن لم يكن في أعضاء التيمم كما إذا كان الجرح على الجسد فإنه يغسل الصحيح. ويمسح على الجرح على أحد الأقوال الأربعة اهـ.
قال المصنف رحمه الله: " بخلاف الجرح اليسير فإنه يمسح على الجبائر والعصائب المضطر إليهما " يعني أن الجرح إذا كان يسيرا فإنه يمسح عليه أو على الجبيرة أو العصابة إذا اضطر إليها بالشرط المتقدم من خوف زيادة مرض أو تأخر برء، أو حدوث مرض فيمسح عليه وجوبا إن خاف هلاكا، وندبا إن خاف شدة
الألم، سواء شدها على الطهارة أم لا، وإليه أشار المصنف بقوله:" وإن شدهما محدثا " لأنه لا يشترط لبسهما على الطهارة، وضمير التثنية في شدهما وفي إليهما عائد على الجبائر والعصائب فتأمل اهـ.
قال المصنف رحمه الله: " أو تجاوزت المجروح " وفي العزية فإن لم يستطع المسح عليها - أي على الجبيرة - مسح على العصابة ولو على الزائد غير المقابل للجرح. والعصابة هي الخرقة أو اللزقة التي تشد على الجرح، ولا يشترط لبسها على طهارة كما تقدم.
قال المصنف رحمه الله: " فإن نزعها للتداوي بادر إلى مسحهما بعد شدهما، ولغنائه غسل موضعهما " يعني إذا نزع الجبيرة أو العصابة لأجل الدواء أو غيره بادر إلى مسحهما مرة ثانية بعد ربطهما، فإن تأخر بطل المسح. وإن استغنى عنهما بأن الجرح بادر إلى غسل موضعهما بدون تأخير. وفي العزية: وإذا مسح على الجبيرة ثم نزعها لدواء أو غيره بأن نزعها اختيارا، أو سقطت بنفسها بطل المسح عليها، وإذا ردها فلا بد من المسح ثانيا اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وإن سقطت في الصلاة قطع وفعل ما لزمه وابتدأ " يعني أن الجبيرة لو سقطت وهو في الصلاة فإنه يقطع الصلاة لبطلانها ووجب عليه إعادة الجبيرة في محلها وإعادة المسح عليها إن لم يطل ثم ابتدأ صلاته فإن طال نسيانا بنى بنية وإلا ابتدأ طهارته اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وفي حكم الجبيرة عصابة الفصاد يخاف انفجاره، وقرطاس الصدغ، وكسوة الظفر، ودواء أو غشاوة " يعني أن حكم العصابة وما عطف عليها كحكم الجبيرة سواء بشرط خوف زيادة مرض أو تأخر برء كما تقدم. قال خليل: كفصد ومرارة وقرطاس صدغ، وعمامة خيف بنزعها. قال الخرشي: والمراد محل الفصد مصدر وهو لا يمسح. وقوله ومرارة إلخ معطوف على جبيرة، أي ويمسح على المرارة التي تجعل على الظفر، وظاهره ولو من غير مباح لأنه محل ضرورة، وكذلك يمسح على القرطاس يلصق على الصدغ لصاع، وكذلك يمسح على عمامته إذا
خاف بنزعها ضررا، ويدخل في عصابته الأرمد يمسح على عينيه، فإن لم يقدر فعلى القطنة، أو على العصابة، ولا يتيمم، فلو أمكنه بعض رأسه فعل. ولا يستحب المسح على العمامة. ونقل بعض الاستحباب، وقول المصنف ودواء إلخ أي كذلك يمسح على الدواء الذي يجعل على الجرح لعلاجه وهو المراد بالجبيرة. وأما الغشاوة وهي أيضا ما يجعل على العينين لعلاجهما لأنها تغشاهما وتسترهما اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وما تعذر ملاقاته بغسل أو مسح أو تيمم سقط فرضه " هذا دليل على أن دين الله يسر سمح، قال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وإلى جميع ما تقدم أشار بعضهم بقوله:
إن خفت غسل الجرح كالتيمم
…
فامسحه أو ما يتقى للألم
مثل الجبيرات أو القرطاس
…
أو العصابات وشد الرأس
وإن بغسل أو بلا طهر كإن
…
انتشرت أو صح معظم البدن
أو قل ما صح وغسل السالم
…
لم يؤذ للجرح ولم يؤالم
فإن يكن جرح بأعضاء البدل
…
يتركه وللوضوء ينتقل
أو كان ذا الجرح بأعضاء الوضو
…
فجمع ماء مع صعيد قد رضوا
وقول الناظم رحمه الله تعالى فإن يكن جرح إلخ، يعني فإن كان الجرح بأعضاء التيمم ولا يستطيع أن يمسح عليه لشدة الألم فإنه يتركه بلا غسل ولا مسح، بل ينتقل إلى الوضوء، بأن يغسل ما يمكن غسله ويمسح مابقي من أعضاء الوضوء، وإن كان بأعضاء الوضوء غسل الصحيح وتيمم على الجريح.
تنبيه: المراد بمعظم البدن في قول الناظم ما يشمل أكثر الجسم أو نصفه في الغسل، وكذا يقال في أعضاء الوضوء، كما في مصباح السالك اهـ.