الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة الكسوف
ولما أنهى الكلام على الاستسقاء وما يتعلق به انتقل يتكلم على بيان صلاة الكسوف فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في صلاة الكسوف
أي في بيان أحكام الكسوف وما يتعلق به. وفي شرح الرسالة زروق: الخسوف لغة التغيير، ولأهل اللغة كلام في الخسوف والكسوف يطول ذكره. ابن بشير: الخسوف عبارة عن ظلمة أحد النيرين الشمس والقمر أو بعضهما. وفي سبب ذلك ومادته ما يطول ذكره فانظره إن شئت اهـ. قال رحمه الله تعالى: " صلاة كسوف الشمس ركعتان " بدأ المصنف بكيفيتها ولم يذكر حكمها، وهي سنة مؤكدة يخاطب بها كل من يؤمر بالصلاة ولو ندبا، فتخاطب بها النساء، والعبيد، والصبيان الذين عقلوا القربة، والمسافر والحاضر في ذلك سواء. وتصليها المرأة في بيتها لأن الجماعة غير شرط فيها، بل مستحبة للرجال في المساجد. وهي مشروعة كتابا وسنة وإجماعا. وقد بدأ صاحب الرسالة بذكر حكمها بقوله: وصلاة الخسوف سنة واجبة، إذا خسفت الشمس خرج الإمام إلى المسجد فافتتح الصلاة بالناس من غير أذان ولا إقامة إلخ كما قال رحمه الله:" يجمع لها بالمسجد بغير أذان ولا خطبة " يعني أن تكون في المسجد لا الصحراء، لا أذان فيها ولا إقامة، وكذا لا خطبة فيها خلافا للشافعي. وفي الرسالة: وليس في أثر صلاة خسوف خطبة مرتبة، ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم كما سيأتي عن المصنف.
قال رحمه الله تعالى: " في كل ركعة ركوعان وقراءتان، يطيل القراءة سرا
والركوع نحوها " أي يطيل القراءة سرا، ويكون الركوع نحو القراءة. قال رحمه الله تعالى: " ثم يرفع ويقرأ دون الأولى " أي دون قراءته الأولى. قال رحمه الله تعالى: " ويركع نحوها " يعني يركع ركوعا طويلا نحو قراءته الثانية. وفي المدونة عن مالك بإسناده إلى عبد الله بن عباس، رضي الله عنه، قال: " خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس نعه، فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعا طويلا، ثم رفع رأسه فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياما طويلا دون القيام الأول، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه فسجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس " اهـ. ومثله في الموطأ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وهل يطيل السجود قولان " المشهور منهما التطويل نحو الركوع الثاني استحبابا. قال الدردير: والسجود كالركوع في الطول
ندبا، يسبح فيه ويدعو بما شاء. وأما الجلسة بين السجدتين فعلى العادة ولا تطويل فيها اتفاقا اهـ قال رحمه الله تعالى:" وهل يفتتح كل قراءة بالفاتحة، أو يختص بالأولى والثانية؟ قولان " المشهور منهما أنه يفتتح كل قراءة بالفاتحة. قال النفراوي في الفواكه: ظاهر كلام المصنف أن الفاتحة تكرر في كل قيام، وهو كذلك على مشهور المذهب اهـ. قال الشيخ زروق: ويستحب في الأولى بعد الفاتحة سورة البقرة، وثانيا بالفاتحة وآل عمران، وثالثا النساء ورابعا المائدة بعد الفاتحة. وأي سورة قرأ أجزأت. والمشهور إعادة الفاتحة في القيامين الزائدين خلافا لابن مسلمة. ويطيل نحو القراءة كالسجود على المشهور اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " فإذا سلم أقبل على الناس فوعظهم وذكرهم " قال المواق: روى ابن عبد الحكم يستقبل الإمام الناس بعد سلامه فيذكرهم ويخوفهم ويأمرهم أن يدعوا الله ويكبروا ويتصدقوا. قال ابن يونس: ولا خطبة مرتبة فيها اهـ. وتقدم قول صاحب الرسالة: وليس في أثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة، ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم. قال خليل عاطفا على المندوب: ووعظ بعده، لأن الوعظ إذا ورد بعد الآيات يرجى تأثيره. وكما يستحب لإمام وعظ الناس يستحب له تحريضهم وحثهم على بذل الصدقات والعتق والصيام. والأصل في ذلك ما في الحديث:" إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله " وأما ما يفعله الناس من نقر النحاس عند الخسوف فهو بدعة من عمل فرعون اهـ النفراوي.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وتدرك بركوعها الرابع ويقضي الركعة الأولى دون القيام الثالث " وفي المختصر: وتدرك بالركوع الثاني. قال الدسوقي: وحينئذ فمن أدرك مع الإمام الركوع الثاني من الأولى لم يقض شيئا، وإن أدرك الركوع الثاني من الركعة الثانية قضى الركعة الأولى بقيامها فقط ولا يقضي القيام الثالث اهـ قال الخرشي: وتدرك الركعة من كل من ركعتيها بالركوع الثاني من الركوعين لأنه الواجب. وقال العلامة العدوي في حاشيته عليه: قوله لأنه الواجب أي فلا يقضي من أدرك الركعة الأولى شيئا، ويقضي من أدرك الركوع الثاني من الركعة الثانية الركعة الأولى فقط بقيامها، ولا يقضي القيام الثالث اهـ. وقال أيضا في حاشيته على أبي الحسن: فتدرك ركعتها بالركوع الثاني من الركوعين فمن دخل مع الإمام في الركوع الثاني من الركعة الأخيرة فقد أدرك الصلاة مع الإمام، ويقضي الأولى بركوعين وقيامين اهـ. وقال في حاشية الخرشي: ومثل فرضية الركوع الثاني القيام الذي قبله. والركوع الأول سنة كما في الشيخ
سالم، كالقيام الذي قبله. وظاهر أن
الفاتحة كذلك سنة في الأولى وفرض في الثانية، وظاهر المواق وابن ناجي فرضيتها قطعا في أول كل قيام من الركعتين انظره اهـ.
ثم شرع يتكلم على خسوف القمر فقال رحمه الله تعالى: " وصلاة خسوف القمر كالنوافل ولا يجمع لها " يعني صفتها كسائر النوافل ركعتين ركعتين، أي يسلم من كل اثنتين بدون تطويل، بركوع واحد وقيام واحد، والقراءة فيهما جهرا لأنها صلاة ليلية. ويكره أن يصليها جماعة. والأفضل كونها في البيوت. والله موفق للصواب.
وهنا تم ما احتواه كتاب السفر وما عطف عليه من الفصول الستة، وما يتعلق بجميع ذلك. ثم انتقل الآن يتكلم فيما يتعلق بالجنازة وأحكامها. فقال رحمه الله تعالى: