الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما أنهى الكلام على الجبيرة وجميع ما يتعلق بذلك انتقل المصنف إلى بيان المسح على الخفين فقال:
فَصْلٌ
في المسح على الخفين
يعني أنه رحمه الله قد عقد هذا الفصل في بيان حكم المسح على الخفين عقب حكم المسح على الجبيرة للمناسبة. والمسح على الخفين رخصة في الحضر والسفر. يجوز المسح في أي حال كان سفرا أو حضرا، ليلا أو نهارا، ولا يقيد بزمن إذا حصل مانع للمسح كالجنابة كما سيأتي بيان ذلك. وبدأ المصنف بحكم المسح فقال رحمه الله تعالى:" مسح الخف جائز سفرا أو حضرا " قد أخبر المصنف أن حكم المسح على الخفين الجواز، أي الرخصة، بدلا عن غسل الرجلين في الوضوء إذا اجتمعت الشروط، وهي أحد عشر أشار المصنف إلى الشرط الأول بقوله:" بشر ط إمكان متابعة المشي به " يعني أن الخف الواسع الذي لا يمكن أن يتابع المشي فيه لا يصح المسح عليه. وأشار إلى الشرط الثاني بقوله: " وستر محل الفرض " يعني أن الشرط الثاني من شروط المسح على الخف أن يكون ساترا لمحل الفرض، فالقصير
الناقص عن الكعبين لا يمسح عليه؛ لأنه دون محل الفرض، وكذا لا يمسح عليه إن كان فيه خرق كبير قدر ثلث القدم، أما يسير فلا يمنع المسح عليه كما سيأتي عن المصنف. ثم أشار إلى الشرط الثالث من شروط المسح بقوله:" ولبسه بعد كمال الطهارة بالماء " يعني أن الشرط الثالث والرابع والخامس من شروط صحة المسح على الخف أن يلبسه على طهارة كاملة، فلا يمسح عليه إذا لبسه وهو محدث، وكذا لا يمسح عليه إذا لبسه بطهارة غير كاملة، فلو غسل
إحدى رجليه وأدخلها في الخف قبل غسل الأخرى لا يمسح عليه. وقوله بالماء، فلو تيمم ثم لبسه لم يمسح عليه. ثم قال رحمه الله تعالى:" من غير تقييد على المشهور " وما ذكره المصنف من عدم تقييد المسح بمدة هو المشهور في المذهب، وبه الفتوى. قال في الرسالة: وله أن يمسح على الخفين في الحضر والسفر ما لم ينزعهما، وذلك إذا أدخل فيهما رجليه بعد أن غسلهما في وضوء تحل به الصلاة، فهذا الذي إذا أحدث وتوضأ مسح عليهما وإلا فلا اهـ، وما ذكر في كتاب السر من التقييد بثلاثة أيام للمسافر وليلة للمقيم غير معول عليه، وإن اختاره ابن عبد السلام. وأصل هذا الأثر ما في صحيح مسلم والنسائي عن علي بن أبي طالب بن ثابت أخذ به الجمهور. وقال المالكية: لأنها للمسح عليهما، فلا يجب نزعهما إلا بالجنابة، ولكن يندب نزعهما في كل يوم كما هو مروي عن ابن نافع، قال: للمقيم لمثلها. فأطلقه الأكثر، وحمله ابن يونس على الندب لغسل الجمعة كما للمصنف. وفي العزية: تنبيه إذا اجتمعت هذه الشروط جاز المسح، ولا يتوقت بوقت ولا يلزمه نزعه إلا أن تحصل له جنابة، أو يحصل فيه خرق كبير، أو ينزع قدمه أو أكثرها إلى ساق خفه اهـ. هذا ظاهر. على أن المشهور عند المالكية عدم التقييد بمدة معينة والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " لكن يستحب كل جمعة نزعه للغسل " هذا هو المعروف في المذهب. ثم ذكر المصنف بيان ما تقدم من اشتراط كمال الطهارة في صحة المسح بقوله: " وإخال إحدى الرجلين قبل غسل الأخرى يمنعه حتى ينزعهما ويلبسهما بعد غسل الأخرى " وقد تقدم الكلام في اشتراط كمال الطهارة عند قول المصنف: ولبسه بعد كمال الطهارة بالماء، فراجعه إن شئت. وقال رحمه الله:" والخرق اليسير لا يمنعه بخلاف الكثير، وهو ما يظهر منه أكثر القدم " وفي نسخة وهي بالتأنيث والصواب ما ذكرناه. يعني أن الخرق اليسير لا يمنع المسح على الخف،
بخلاف الخرق الكثير فلا يصح المسح معه كما تقدم لنا ذلك عند قول المصنف وستر محل الفرض فراجعه إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: " ولا يجوز على غير الخف " يعني أن المسح المذكور
الذي هو رخصة لا يجوز على شيء غير الخف كالخرق الملفوفة والملزوق بعضه على بعض، والمربوط ولو بالزرار، أو الملصق برسراس أو صمغ أو عجين حتى صار كهيئة الخف، فإنه لا يمسح عليه، وأما الجورب وهو ما كان على شكل الخف من الكتان أو القطن ونحوهما فيجوز عليه المسح بشرط أن يكون من فوقه ومن تحته جلد مخروز، لكن المصنف حكى فيه وفي الخف الأعلى قولين بقوله:" وفي مسح الجورب والخف الأعلى قولان " أي في جواز المسح وعدمه، والمشهور الجواز فيهما. قال خليل رحمه الله: رخص لرجل وامرأة وإن مستحاضة بحضر أو سفر مسح جورب جلد ظاهره وباطنه، وخف ولو على خف اهـ.
قال المصنف رحمه الله: " فإن نزعه بعد مسحه بادر إلى مسح الأسفل فإن نزعه بادر إلى غسل رجليه " قال العلامة الدردير على أقرب المسالك: أي إذا نزع المتوضئ خفيه بعد المسح عليهما، أو نزع الأعليين أو أحد المنفردين، فإنه يجب عليه أن يبادر إلى الأسفل في كل من المسائل الأربع، فيبادر لغسل الرجلين في الأولى، ولمسح الأسفلين في الثانية، ولمسح الأسفل في الثالثة، ولنزع الآخر وغسل الرجلين في الرابعة. وإنما وجب نزع الثاني لأنه لا يجمع بين غسل ومسح. والمبادرة هنا كالمبادرة التي تقدمت في الموالاة، فإن طال الزمن عمدا بطل وضوؤه واستأنفه، وبنى بنية إن نسي مطلقا، ويعتبر الطول بجفاف الأعضاء بزمن اعتدلا اهـ. وما تقدم من أن شروط صحة المسح أحد عشر هو
كذلك، وقد ذكرها المصنف إجمالا والآن نذكرها تفصيلا إن شاء الله تعالى كما في الدردير على أقرب المسالك حيث قال:
ولجوازه شروط أحد عشر: ستة في الممسوح، وخمسة في الماسح ذكرها بقوله:" بشرط جلد طاهر خرز وستر محل الفرض وأمكن المشي فيه عادة بلا حائل " قال أي أن الشرط الأول في الممسوح كونه جلدا فلا يصح المسح على غيره. الثاني أن يكون طاهرا احترازا من جلد الميتة ولو مدبوغا، الثالث أن يكون مخروزا لا إن لزق بنحو الرسراس. الرابع أن يكون له ساق ساتر لمحل الفرض بأن يستر الكعبين، احترازا من غير الساتر لهما. الخامس أن يمكن المشي فيه عادة، احترازا من الواسع الذي ينسلت من الرجل عند المشي فيه، وهو الذي لا يمكن تتابع المشي فيه. السادس أن لا يكون عليه حائل من شمع أو خرقة أو نحو ذلك " ولبس بطهارة ماء كملت بلا ترفه ولا عصيان بلبسه " قال هذا إشارة لشروط الماسح الخمسة: الأول أن يلبسه على طهارة، احترازا من أن يلبسه محدثا فلا
يصح المسح عليه، الثاني أن تكون الطهارة مائية لا ترابية. الثالث أن تكون تلك الطهارة كاملة بأن يلبسه بعد تمام الوضوء أو الغسل الذي لم ينتقض فيه وضوؤه، فلو غسل رجليه قبل مسح رأسه ولبس خفه ثم مسح رأسه لم يجز له المسح عليه، وكذا لو غسل إحدى الرجلين ولبس فيها الخف ثم غسل الثانية ولبس فيها الأخرى لم يجز له مسح حتى ينزع الأولى ثم يلبسها وهو متطهر. والرابع أن لا يكون مترفها بلبسه كمن لبسه لخوف على حناء برجليه، أو لمجرد النوم به، أو لكونه حاكما، أو لقصد مجرد المسح، أو لخوف برغوث فلا يجوز له المسح عليه، بخلاف من لبسه لحر أو برد أو وعر أو خوف عقرب ونحو ذلك فإنه يمسح.
الخامس أن لا يكون عاصيا بلبسه كمحرم بحج أو عمرة لم يضطر للبسه فلا يجوز له المسح، بخلاف المضطر والمرأة فيجوز اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " فإن أخرج إحداهما أو أكثر قدمه إلى ساق