الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمدا أو سهوا، غير أن العمد مكروه لأن التبسم حركة الشفتين فهو كحركة الأجفان والقدمين، وعرفه بعضهم بأنه انبساط الوجه واتساعه مع ظهور البشرى من غير صوت اهـ وفي الرسالة: ومن ضحك في الصلاة أعادها ولم يعد الوضوء، وإن كان مع إمام تمادى وأعاد، ولا شيء عليه في التبسم. والنفخ في الصلاة كالكلام، والعامد لذلك مفسد لصلاته اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والتنحنح إن ظهر منه مقاطع الحروف فكالكلام وإلا فلا " يعني أن التنحنح في الصلاة لا شيء فيه إلا إذا ظهر منه خروج الحروف فيكون حكمه كحكم الكلام. قال العلامة ابن جزي في القوانين الفقهية: والتنحنح لضرورة لا يبطل، ودونها فيه قولان وقال الأخضري: والتنحنح للضرورة مغتفر، وللإفهام منكر ولا تبطل الصلاة به. وقال الشارح: حاصل الكلام في التنحنح أنه إن كان لضرورة ولا تبطل به الصلاة ولا سجود فيه اتفاقا. ولغير ضرورة قولان لمالك أحدهما يفرق بين العمد والسهو، والأخر لا يبطل مطلقا وبه أخذ ابن القاسم، واختاره الأبهري واللخمي لخفة الأمر اهـ. وقال الدردير: ولا تبطل بتنحنح ولو لغير حاجة اهـ.
ولما أنهى الكلام على السهو وما يتعلق به انتقل يتكلم في أحكام الرعاف فقال:
فَصْلٌ
في أحكام الرعاف
أي في الكلام على الرعاف وأحكامه قال رحمه الله: " الرعاف " يعني به خروج الدم من الأنف بلا سبب، وليس من نواقض الوضوء عند مالك رحمه الله.
قال المصنف:
" إن كان قبل ركعة وأمكن التمادي معه مضى في صلاته، وإلا قطع وغسل الدم " يعني كما في القوانين. قال: ومن رعف وعلم أن الدم لا ينقطع صلى على حاله، وإن رجا انقطاعه فإن أصابه قبل الصلاة انتظر حتى ينقطع، فإن لم ينقطع إلى آخر الوقت صلى، وإن أصابه في الصلاة فتله بأصابعه وتمادى، فإن قطر أو سال خرج لغسله، وجاز له أن يقطع الصلاة بسلام أو كلام ثم يغسله ويبتدئ، وأن يبني على صلاته بعد غسل الدم.
والقطع اختيار ابن القاسم، والبناء اختيار مالك. ولا يجوز البناء في غير المذهب، وإنما يجوز البناء في المذهب بخمسة شروط وهي: أن لا يتكلم، ولا يمشي على نجاسة، ولا يصيب الدم جسده ولا ثيابه، وأن يغسل الدم في أقرب المواضع، وأن يكون قد عقد ركعة بسجدتيها على خلاف في هذا.
والبناء جائز في المذهب للإمام والمأموم. واختلف في المنفرد. وإذا رعف المسبوق فأراد البناء فاختلف هل يبتدئ بالبناء أو بالقضاء اهـ. قال الدردير في أقرب المسالك: فإن اجتمع له قضاء وبناء قدم البناء وجلس في أخيرة الإمام ولو لم تكن ثانيته، وفي ثانيته كمن أدرك الوسطيين أو إحداهما. فظهر على ذلك الخلاف أنه يقدم البناء على القضاء وهو المشهور.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " و: " وإن كان بعد عقد ركعة بنى " يعني أن الراعف يبني على صلاته بعد غسل الدم إن كان إماما أو مأموما، وأما الفذ ففيه خلاف كما قال خليل في المختصر: وفي بناء الفذ خلاف. وقول المصنف وبنى، هو كذلك بشرط عقد الركعة فأكثر قبل أن يصيبه الرعاف وإلا فلا يبني. قال المصنف رحمه الله تعالى: " فإن كان إماما استحب أن يستخلف " يعني أنه إذا
أصاب الإمام رعاف، واضطر إلى الخروج ليغسل الدم يستحب له استخلاف غيره من المأمومين الذين أدركوا معه ركعة ليكمل بهم الصلاة لعذر قائم به. وشبه في استحباب استخلافه لذلك فقال:" كغلبة الحدث " أي كما يستحب له الاستخلاف عند غلبة الحدث لبطلان صلاته. قال المصنف رحمه الله تعالى:
" فلو أتموا فرادى جاز إلا في الجمعة فيجب الاستخلاف " قال الأبي في جواهر الإكليل: فإن ترك الاستخلاف وجب عليهم في الجمعة وندب في غيرها اهـ. وقال في المختصر: إن كان بجماعة واستخلف الإمام وفي بناء الفذ خلاف اهـ قال الخرشي: يعني أن البناء إنما يكون لمن صلى مع جماعة إماما كان أو مأموما لكن إن كان إماما يستخلف استحبابا وإلا استخلفوا إن شاؤوا وإن شاؤوا صلوا أفذاذا غير الجمعة وإلا وجب الاستخلاف عليهم. وأما الفذ فهل له البناء وهو قول مالك وظاهر المدونة عند الجماعة، أو ليس له البناء فيقطع وهو قول ابن حبيب وشهره الباجي فضل الجماعة فيبني على الأول دون الثاني اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والمؤتم يخرج وعليه حرمة الصلاة فيغسل الدم في أقرب المواضع إليه " يعني أن المأموم إذا خرج إلى غسل الدم ما زال في حرمة الصلاة ولا يفعل شيئا يخالفها إلا ما خرج لأجله بشرط أن لا يجوز مكانا يمكنه أن يغسل الدم منه، فإن جاوزه بطلت صلاته. قال المصنف رحمه الله تعالى:" ثم إن ظن " أي ظن المؤتم الذي حصل منه الرعاف " إدراك البقية من الصلاة رجع " الحاصل أن المأموم الذي رعف مع الإمام إذا غسل الدم وظن أن يدرك بقية الصلاة مع إمامه وجب عليه الرجوع ليتم معه الصلاة، وإن لم يظن الإدراك معه فله أن يبني في المحل الذي هو فيه إن أمكن، وإلا فأقرب مكان ممكن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وبنى " على صلاته التي أدرك مع الإمام منها ركعة فأكثر لا أقل. قال المصنف رحمه الله تعالى: " بشرط عدم الكلام " يعني يشترط عليه عدم الكلام حين خروجه لغسل الدم فلا يتكلم، فإن تكلم ولو سهوا بطلت صلاته كما تقدم. قال رحمه الله:" و " بشرط عدم " وطئه نجاسة " كذلك " و " بشرط عدم " تجاوزه الموضع الأقرب " أي كذلك يشترط عليه أن لا يتجاوز الموضع الذي أمكنه غسل الدم
فيه إلى أبعد منه، فإن جاوزه بطلت كما تقدم. قال رحمه الله تعالى
: " و " بشرط عدم " حدثه " يعني فإن أحدث قبل بنائه أو خالف شرطا من الشروط المتقدمة، بطلت صلاته، كما تبطل باستدباره بلا عذر. قال
المصنف رحمه الله تعالى: " وإلا أتم مكانه " يعني وإن لم يظن إدراك بقية الصلاة مع الإمام بأن تحقق أن الإمام سلم فإنه يتم في مكانه الذي هو فيه إن أمكن كما تقدم. قال المصنف رحمه الله تعالى: " إلا في الجمعة فيرجع على كل حال " يعني إذا كان ذلك في صلاة الجمعة وجب عليه الرجوع إلى الجامع الذي صلى فيه إمامه. قال أبو محمد في الرسالة: ومن رعف بعد سلام الإمام سلم وانصرف، وإن رعف قبل سلامه انصرف وغسل الدم ثم رجع فجلس وسلم. وللراعف أن يبني في منزله إذا يئس أن يدرك بقية صلاة الإمام إلا في الجمعة فلا يبني إلا في الجامع اهـ يعني ولو ظن فراغ إمامه لأن الجامع شرط في صحة الجمعة، لكن لا يكلف بموضعه الذي صلى فيه مع الإمام، بل يكفيه أي موضع منه لأن ذلك يؤدي إلى كثرة الفعل وكثرته مبطلة لها، ولو أتم في جامع غير الذي صلى فيه أولا لبطلت صلاته وإن كان أقرب منه، قاله التتائي والأجهوري اهـ قال المصنف رحمه الله تعالى:" والصحيح أن الإمام " أي الذي استخلف غيره " إذا رجع ليس له إخراج المستخلف ليتم هو " يعني أن الإمام إذا رجع بعد زوال عذره ليس له إخراج المستخلف. قال العلامة الشيخ خليل مشبها في عدم صحة الصلاة كعود الإمام لإتمامها، أي ليتم لهم الصلاة إماما كما كان قبل العذر فتبطل عليهم إن اقتدوا به سواء استخلف حال خروجه أم لا، فعلوا فعلا قبل عوده لهم أم لا، هذا هو المشهور. قاله في جواهر الإكليل اهـ وأما عبارة الخرشي أنه قال: أي كما تبطل الصلاة إذا عاد الإمام بعد زوال عذره لإتمامها بهم سواء كأن خرج ولم يستخلف ولم يفعلوا لأنفسهم شيئا إلى أن عاد، أو استخلف عليهم ثم عاد فأخرج المستخلف وأتم بهم. وظاهر كلام المؤلف كغيره بطلان الصلاة كان العذر حدثا أو رعافا، استخلف الإمام أم لا، عملوا عملا أم لا، وليس كذلك بل البطلان محمول على ما