الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأوقاص وهي بين الفريضتين من كل الأنعام. وذلك كما بين بنت المخاض وبنت اللبون في الإبل، وكما بين التبيع والمسنة في
البقر
، وكذا ما بين جذعة من الشاة وشاتين في الغنم. وهكذا في جميع الأجناس الثلاثة إلى آخر الفروض فتأمل.
ولما أنهى الكلام على زكاة الإبل انتقل يتكلم على زكاة البقر فقال رحمه الله تعالى: " ونصاب البقر ثلاثون ففيها تبيع " وفي الحديث عن معاذ بن جبل، رضي الله تعالى عنه، قال:" بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبعيا أو تبعية، ومن كل أربعين مسنة ". وعنه رضي الله عنه: " أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا آخذ من البقر شيئا حتى تبلغ ثلاثين، فإذا بلغت ثلاثين ففيها عجل تابع جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت ففيها بقرة مسنة " اهـ رواه النسائي، وفي الرسالة ولا زكاة من البقر في أقل من ثلاثين، فإذا بلغتها ففيها تبيع جل جذع أوفى سنتين، ثم كذلك حتى تبلغ أربعين فيكون فيها مسنة، ولا تؤخذ إلا أنثى وهي أربع سنين، وهي ثنية فما زاد ففي كل أربعين مسنة وفي كل ثلاثين تبيع اهـ. هذا مقصود المصنف رحمه الله بقوله:" وفي أربعين مسنة " أي إلى تسع وخمسين، ثم في ستين تبيعان إلى تسع وستين، ثم في سبعين مسنة وتبيع، وفي ثمانين مسنتان، وفي تسعين ثلاثة أتبعة. وفي مائة مسنة وتبيعان، وفي مائة وعشر مسنتان وتبيع ثم قال رحمه الله تعالى:" وفي مائة وعشرين يخير الساعي بين ثلاث مسنات وأربعة أتبعة " وما ذكره من التخيير إن وجدا معا وأما إن وجدت منفردة تعينت كما تقدم ذلك. قال العلامة خليل: ومائة وعشرون كمائتي الإبل، التشبيه في الخيار بين أخذ أربع حقاق أو خمس بنات لبون هذا في الإبل وإن لم يتقدم ذكر مائتين فإنه مفهوم من قوله ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة.
ثم ذكر ما يضم بعضه لبعض من نوع البقر وغيرها فقال رحمه الله تعالى: " والجواميس
نوعها " الضمير عائد إلى البقر المذكور في أول النصاب. والجواميس جمع جاموس وهي بقر سود ضخام صغيرة الأعين طويلة الخراطيم، مرفوعة الرأس إلى قدام بطيئة الحركة وقوية جدا، لا تكاد تفارق الماء، بل ترقد فيه غالب أوقاتها، يقال إنها إذا فارقت الماء يوما فأكثر هزلت، رأيناها بمصر وأعمالها، قاله زروق في شرحه على الرسالة اهـ. والمعنى أن الجاموس من نوع البقر يضم بعضه لبعض في الزكاة، لأن اسم الجنس جمعهما في قوله عليه الصلاة والسلام: " في كل ثلاثين من البقر تبيع " ومثلها باقي الأجناس التي تجمع مع الأخرى، فمن ملك خمس عشرة بقرة ومثلها جاموسا وحال عليها الحول وجب عليه أن يزكيها. قال ابن جزي في القوانين: تجب الزكاة في الأنعام سواء كانت سائمة أو معلوفة، إلى أن قال: ويضم المعز إلى الضأن، والجواميس إلى البقر، والبخت من الإبل إلى العراب. وقال خليل وضم بخت لعراب، وجاموس لبقر، وضأن لمعز، وخير الساعي إن وجبت واحدة وتساويا، وإلا فمن الأكثر. قال الشيخ زروق في شرح الرسالة: والبخت إبل ضخمة مائلة إلى القصر لها سنامان أحدهما خلف الآخر، تأتي من ناحية العراق، وقد رأيناها بمصر والحجاز مع الأورام في حجهم.
فسبحان الخلاق العظيم اهـ قلت: نعم ونحن أيضا رأيناها بمكة أيام الحج سنة 1344 هجرية كما وصفها الشيخ. وأما اليوم فلا يأتون بها، بل لا يأتون بالعراب إلا نادرا، وغالب المراكب اليوم السيارات والطيارات كما هو مشاهد. والعراب إبل معروفة، وكذا الضأن والمعز معروفان. قال الخرشي: يعني إذا اجتمع صنفان من ضأن ومعز، أو من بخت وعراب، أو من جاموس وبقر وتساويا، كعشرين
ضائنة ومثلها معزا، أو خمس عشرة بقرة ومثلها جاموسا، فإن الساعي يخير في أن يأخذ الواجب من أي الصنفين شاء مع مراعاة الأحظ. هذا إذا تساويا وأما إن لم يكونا متساويين كعشرين عرابا أو جاموسا أو ثلاثين ضأنا وعشرة من الصنف الآخر فيأخذ بنت المخاض في الإبل، والتبيع في البقر، والشاة في الغنم، أي يأخذ كذلك من
الأكثر، وهو العشرون من أحد الصنفين الأولين، ويأخذ الشاة من الثلاثين، ولا يأخذ من العشرة شيئا لأن الحكم للغالب اهـ مع إيضاح. وإذا زاد الواجب على ذلك عليك بالمطولات كشراح المختصر وغيره.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ويكمل النصاب بالعجاجيل كالفصلان، ويؤخذ السن الواجب " قال في الرسالة: ولا تؤخذ في الصدقة السخلة، وتعد على رب الغنم، ولا يؤخذ العجاجيل في البقر ولا الفصلان في الإبل وتعد عليهم. ولا يؤخذ تيس، ولا هرمة، ولا المخاض، ولا فحل الغنم، ولا شاة العلف، ولا التي تربي ولدها، ولا خيار أموال الناس. ولا يؤخذ في ذلك عرض ولا ثمن، فإن أجبره المصدق على أخذ الثمن في الأنعالم وغيرها أجزأه إن شاء الله اهـ والحاصل أنه لا يجوز أخذ الشرار مراعاة لحق الفقراء ولا الجياد مراعاة لحق أرباب المواشي. قال القرافي: فإن أعطى واحدة من الخيار طيبة بها نفسه جاز ذلك، وإن أعطى من الشرار فلا يجزئ، وإن كانت كلها خيارا أو شرارا لزم الوسط على المشهور. فإن امتنع أجبر على ذلك. قاله النفراوي.
قال رحمه الله تعالى: " فلو ماتت الأمهات وبقيت الأولاد نصابا زكيت " قال مالك في المدونة: إذا كانت عجاجيل كلها أو فصلانا كلها، أو سخالا كلها، وفي عدد كل صنف منها ما يجب فيه الصدقة فعلى صاحب الأربعين من السخال أن يأتي بجذعة أو ثنية من الغنم، وعلى صاحب الثلاثين من البقر إذا كانت عجولا أن يأتي بتبيع ذكر. وإن كانت فصلانا كلها خمسة وعشرين فعليه أن يأتي بابنة مخاض، ولا يؤخذ من هذه الصغار شيء اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وتزكي العوامل والهوامل " يعني بالعوامل جمع عاملة وهي التي تستعمل في الحرث والحمل أو السقي أو نحو ذلك. والهوامل جمع هاملة أو مهملة وهي التي تسرح وتترك بغير راع، وتسمى سائمة أيضا، وفي العزية: فصل في زكاة النعم وهي