الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعلم أعيان الصلوات اهـ. وفي جواهر الإكليل: وإن علم تقدم الليل صلى خمسا مبتدئا بالمغرب، وإن علم تقدم النهار صلى خمسا أيضا لكن يبدأ بالصبح، ولكنه في هذين القسمين عالم بالعين والترتيب اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وما لا يحصيهن حتى يغلب على ظنه براءته " لأن غالب الظن كاليقين، فالمدار أن يتحقق براءة ذمته ولو بغلبة الظن. قال الأخضري: ومن نسي عدد ما عليه من القضاء صلى عددا حتى لا يبقى معه شك. وقال ابن جزي في القوانين: فيجب أن يأتي بما تبرأ به ذمته بيقين، كمن شك هل ترك واحدة أو اثنتين صلى اثنتين. وفي الرسالة: ومن عليه صلوات كثيرة صلاها في كل وقت من ليل ونهار. فراجعه إن شئت.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " ولا يمنع القضاء في وقت الكراهة ولا في غيره " يعني أنه يجوز القضاء في كل وقت سواء عند طلوع الشمس، أو عند غروبها، أو وقت الكراهة كبعد العصر، والمطلوب براءة الذمة مما عليه. قال مالك في المدونة: ومن نسي صلوات كثيرة أو ترك صلوات كثيرة فليصل على قدر طاقته، وليذهب إلى حوائجه فإذا فرغ من حوائجه صلى أيضا ما بقي عليه حتى يأتي على جميع ما نسي أو ترك، ويقيم لكل صلاة، ويصلي النهار بالليل ويسر، ويصلي صلاة الليل بالنهار ويجهز بصلاة الليل في النهار اهـ.
حكم تارك الصلاة
ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى حكم تارك الصلاة، وهو على قسمين: إما أن يكون الترك تهاونا وكسلا وهو مقر بوجوبها،/ وإما أن يكون الترك جحدا وهو غير مقر بوجوبها، وأشار المصنف إلى الأول بقوله: " وتارك الصلاة تهاونا ليخرج وقتها الضروري
يضرب ويهدد بعد أمره ثلاثا " وفي نسخة لخروج وقتها الضروري وهما صحيحتان أي لأجل أن يخرج أو إلى خروج وقتها الضروري من غير مبالاة ولا اكتراث فحكمه أنه يؤمر بها، ثم يهدد، ثم يضرب. وقوله بعد أمر ثلاثا أي مرة بعد مرة في وقت واحد بقدر اتساع وقت تلك الصلاة إلى أن يبقى من وقتها الضروري مقدار ركعة كاملة بسجدتيها، ولا يقدر فيها طمأنينة ولا اعتدال صونا للدماء ما أمكن، فإن صلى فلله الحمد، وإن لم يصل قتل بالسيف حدا، ويصلي عليه غير أهل الفضل والصلاح، ويدفن في مقابر المسلمين، ولا يطمس قبره، ولا
يقتل بالفائتة. قال أبو الضياء سيدي خليل: ومن ترك فرضا أخر لبقاء ركعة بسجدتيها من الضروري، وقتل بالسيف حدا، ولو قال أنا أفعل، وصلى عليه غير فاضل، ولا يطمس قبره، لا فائتة على الأصح اهـ. قوله: ولو قال أنا أفعل هذا ما لم يفعل وإلا فلا يقتل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " فإن فعل أو وعد " ترك وانتظر، فإن فعل فلله الحمد " وإلا " أي وإن لم يصل حتى خرج وقتها الضروري قال:" قتل " بالسيف " حدا " لا كفرا لأنه أقر بوجوبها إلا أنه امتنع من فعلها وماله لورثته. وأما من ترك الصلاة جحدا وعنادا فقد أجمع أهل العلم على كفره. قال المصنف عاطفا على قوله: تهاونا. " وجحدا كفرا " قال العلامة خليل: والجاحد كافر، أي مرتد عن دين الإسلام يستتاب ثلاثة أيام، فإن تمت ولم يتب يقتل بالسيف كفرا فلا يغسل، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث ماله فهو فيء لمصالح المسلمين. وكذا كل من جحد حكما شرعيا مجمعا عليه معلوما لعامة الناس كالصوم والزكاة وغيرهما بلا عذر شرعي. قاله الأبي في جواهر الإكليل مع إيضاح اهـ.
قال العلامة ابن رشد في المقدمات: فمن جحد الصلاة فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكان ماله للمسلمين كالمرتد إذا قتل على ردته بإجماع من أهل العلم لا اختلاف
بينهم فيه، وأما من أقر بفرضها وتركها عمدا من غير عذر فاختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كافر ينتظر به إلى آخر وقت الصلاة فإن صلى وإلا قتل وكان ماله لجميع المسلمين كالمرتد، روي هذا عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي الدرداء، وهو ظاهر قول عمر بن الخطاب: ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية أن من ترك صلاة واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر حلال الدم إن لم يتب، فإن تاب وإلا قتل، وكان ماله لجميع المسلمين، كالمرتد إذا قتل على ردته اهـ. قال ابن جزي: تارك الصلاة إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع، وإن أقر بوجوبها وامتنع من فعلها فيقتل حدا لا كفرا وفاقا للشافعي.
وقال ابن حبيب وابن حنبل: يقتل كفرا. وقال أبو حنيفة يضرب ويسجن حتى يموت أو يرجع اهـ. وقد تقدم لنا الكلام في هذه المسألة في أول كتاب الصلاة من هذا الكتاب فراجعه إن شئت. ثم شرع المصنف يذكر المواضع التي تكره فيها الصلاة بقوله رحمه الله تعالى: " وتكره الصلاة في متعبدات الكفار " أي كالكنائس، والبيع، وبيت النار.
قال خليل: وكرهت بكنيسة ولم تعد. ولا فرق في الكراهة بين العامرة والخربة، ولا بين أن يصلي على فراشها أو غيره حيث صلى فيها اختيارا. وأما الإعادة فمشروطة بأن يصلي بها اختيارا وكانت عامرة وصلى على فرشها فيعيد في الوقت بمنزلة من صلى على نجاسة ناسيا. انظر الفواكه اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والمزبلة " يعني تكره الصلاة في الموضع الذي تطرح فيه الزبالة إن لم يتيقن طهارته وإلا فلا كراهة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والمجزرة " أي وتكره الصلاة في الموضع الذي يعد للتذكية ما لم يتيقن منه الطهارة وإن تيقن الطهارة منه فلا كراهة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وقارعة الطريق " قال العلامة النفراوي في الفواكه ومحل الكراهة في المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق عند الشك في الطهارة، وتعاد الصلاة في الوقت ولو صلى عامدا انظره اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والمقبرة القديمة وقيل مطلقا " يعني أنه تكره الصلاة في المحل الذي يدفن فيه الناس عادة، سواء مقابر المشركين أو مقابر المسلمين، سواء عامرة أو دارسة. قال النفراوي: والنهي للكراهة حيث شك في طهارته، وأما لو تحققت نجاستها فتمنع الصلاة فيها. عند الأمن من نجاستها، ولذلك شهر العلامة خليل جواز الصلاة في المحجة والمقبرة والمزبلة إن أمنت تلك البقاع من النجس، ولا فرق بين مقبرة مسلم وكافر. ولفظ خليل: وجازت بمربض بقر أو غنم. كمقبرة ولو لمشرك، ومزبلة، ومحجة ومجزرة إن أمنت من النجس، وإلا فلا إعادة - أي أبدية - على الأحسن. إن لم تتحقق، فعلم منه أن محل النهي في الجميع إن لم توقن طهارة تلك البقاع.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والحمام إلا أن يكون موضعا طاهرا مستورا " يعني أي وتكره الصلاة في المحل الذي يعد للاستحمام، أي للاغتسال بالماء الحميم (1) أي المسخن إلا أن يكون طاهرا متيقنا بعدم النجاسة فيه فلا كراهة إذا، كخارجه وهو موضع نزع الثياب فتجوز الصلاة فيه بدون توقف حيث لم يتيقن نجاسته، لأن الغالب على خارجه الطهارة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والدار المغصوبة " يعني وتكره الصلاة في الدار التي أخذها الظالم قهرا وعجز صاحبها عن تخليصها منه، فالصلاة فيها مكروهة. قال النفراوي في الفواكه: لكن لا إعادة معها على المشهور.
(1) الحميم: الماء الحار. واستحم: اغتسل بالماء الحار.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والحجر " بكسر الحاء، أي حجر إسماعيل عليه السلام، وهو بناء مقوس حول الكعبة، فالصلاة فيه تارة قد تكون ممنوعة وتارة قد تكون مطلوبة وتارة قد تكون مكروهة على التفصيل كما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " و " يمنع الفرض في الكعبة وعلى ظهرها أشد " يعني أن الصلاة المفروضة ممنوعة في الكعبة والحجر، وتأكد المنع في إيقاع الصلاة المفروضة على ظهرها. قال العلامة الشيخ أحمد النفراوي في الفواكه: وحاصل ما يتعلق بالصلاة داخل الكعبة أو خارجها، أن الصلاة داخلها على ثلاثة أقسام: إن كانت مندوبة تستحب، وإن كانت رغيبة أو سنة تمنع ابتداء وتصح بعد الوقوع ولا تعاد، وإن كانت مفروضة تمنع وتعاد في الوقت الاختياري، وأول بالنسيان، وبالإطلاق. قال خليل: وجازت سنة فيها وفي الحجر لأي جهة، لا فرض فيعاد في الوقت، وأول بالنسيان، وبالإطلاق. قال المحققون من شراحه معنى جازت: سنة مضت، وأما الصلاة خارجها فإن كانت تحتها فهي باطلة ولو نافلة ولو كان بين يديه جميع جدارها، والفرض والنفل سواء، وإن كان فوقها فالفرض باطل، وأما صلاة النفل على ظهرها ففيها قولان بالصحة وعدمها. والدليل على ذلك الكتاب والسنة والعمل اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وقيل بإباحة النافلة فيها دون الفريضة " وفي نسخة بإسقاط لفظ فيها، والصواب إثباته، والضمير في فيها يعود إلى الكعبة. قال خليل: وجازت سنة قيها وفي الحجر لأي جهة إلخ فراجعه إن شئت. وقال العلامة الشيخ أحمد الزروق في شرح الرسالة: المشهور جواز النفل في الكعبة، لا الفرض ولا الوتر ولا ركعتي الفجر. وقال أشهب بجواز جميع ذلك اهـ مع إيضاح. وقال ابن جزي في القوانين: وتكره في المذهب الصلاة على غير الأرض وما تنبته اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويشترط طهارة موضعها كالثوب " وكأن المصنف رحمه الله تعالى رجع إلى إتمام ما فاته في باب الطهارة من ذكر بعض شروط الصلاة وهو موضع طاهر، كما أن طهارة الثوب والبدن من شروطها مع الذكر والقدرة، وتسمى بطهارة الخبث كما تقدم لنا بيان ذلك في أول كتاب الطهارة. قال في الرسالة: وطهارة البقعة للصلاة واجبة وكذلك طهارة الثوب، فقيل إن ذلك فيهما واجب وجوب الفرائض، وقيل وجوب السنن المؤكدة انظر آخر فصل ستر العورة من هذا الكتاب عند قول المصنف وإزالة النجاسة إلخ تجد هناك ما يشفي العليل إن شاء الله تعالى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " فإن ستر النجاسة بما لا يحركها صحت كما لو كانت في طرف بساط وصلى على الآخر " يعني أن المصلى على محل النجس له أن يجعل شيئا كثيفا ساترا ويصلي عليها إذا كانت لا تتحرك بحركاته، سواء كان مريضا أو صحيحا. قال خليل: ولمريض ستر نجس بطاهر ليصلي عليه، كالصحيح على الأرجح اهـ قال المواق من المدونة قال مالك: لا بأس أن يصلي المريض على فراش نجس إذا بسط عليه ثوبا طاهرا كثيفا؛ وقال ابن يونس. قال بعض شيوخنا إنما رخص في هذا للمريض خاصة، وقال بعضهم بل ذلك جائز للصحيح، لأن بينه وبين النجاسة حائلا طاهرا، كالحصير إذا كان بموضعه نجاسة، والسقف إذا صلى بموضع طاهر وتحرك منه موضع النجس أن ذلك لا يضره لأن ما صلى عليه طاهر فكذلك هذا. قال ابن يونس. وهو الصواب اهـ. وعليه مشى صاحب العزية بقوله: وإذا كان المكان نجسا وجعل عليه ساترا طاهرا كثيفا - بمثلثة - أي ثخينا جازت الصلاة عليه مطلقا، أعني للمريض والصحيح على ما رجحه ابن يونس اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " والشمس لا تطهر " يعني أن الشمس ليست
من المطهرات للنجاسة. هذا مذهب جمهور أهل العلم، خلافا لأبي حنيفة. قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الرحمن الدمشقي العثماني الشافعي في كتاب " رحمة الأمة في اختلاف الأئمة " فصل ليس للنار والشمس في إزالة النجاسة تأثير إلا عند أبي حنيفة، حتى إن جلد الميتة إذا جف في الشمس طهر عنده بلا دبغ، وكذلك إذا كان على الأرض نجاسة فجفت في الشمس طهر موضعها، وجازت الصلاة عليه، لا التيمم به، وكذلك النار تزيل النجاسة عنده اهـ، انظر مبحث فيما تزال به النجاسة في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة تجد فيه كلام الحنفية في نفس المسألة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويعفى عن يسير ما عدا الأخبثين " هما البول والغائط وما عداهما قال: " وهو قدر الدرهم فدونه " من كل مستقذر، يعني أن الشريعة السمحاء قد خففت عن العباد بعض النجاسة التي يشق عليهم غسلها بالماء تلطفا من الله سبحانه وتسامحا في الدين. قال العلامة النفراوي في الفواكه: خاتمة، ذكر العلامة خليل ضابطا كليا لما يعفى عنه مما هو محقق النجاسة أو مظنونها بقوله: وعفي عما يعسر كحدث مستنكح، وبلل باسور في يد أو ثوب إن كثر الرد، وثوب مرضعة تجتهد، ودون درهم من دم مطلقا، وقيح وصديد، وبول فرس لغاز بأرض حرب، وأثر ذباب من عذرة، وموضع حجامة مسح، كطين مطر وإن اختلطت العذرة بالمصيب ولم تغلب، وذيل امرأة مطال للستر، ورجل بلت يمران بنجس يبس يطهران بما بعده، وخف ونعل من روث دواب وأبوالها إن دلكا
بغير الماء، لأن الخف والنعل والقدم والمخرجين وموضع الحجامة والسيف الصقيل يجزي فيها زوال النجاسة بغير الماء اهـ. وفي العزية: فصل يعفى عن يسير الدم مطلقا، أعني سواء كان دم حيض أو نفاس أو ميتة رآه في الصلاة أو خارجها من جسده أو غيره، ويسير القيح والصديد، واليسير ما دون الدرهم، والمراد بالدرهم البغلي الدائرة التي تكون بباطن الذراع من البغل، وعن أثر الدمل
إذا لم ينك، أي لم يعصر، وعن دم البراغيث، وطين المطر وإن كانت العذرة فيه إلا أن تكون النجاسة غالبة أو يكون لها عين قائمة اهـ. ولله در القائل:
وكل ما شق فعنه يعفى
…
لعسره والدين يسر لطفا
كثوب قصاب وثوب المرضعه
…
وبلل الباسور أو ما ضارعه
ومثله طين الرشاش والمطر
…
أو حدث مستنكح أو كالأثر
من دمل لم ينك أو ذباب
…
إن طار عن نجس على الثياب
أو خرء يرعوث ودون الدرهم
…
من عين قيح أو صديد أو دم
أو ما على المجتاز مما سلا
…
وصدق المسلم فيما قالا
قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويطهر المحل بانفصال الغسالة غير متغيرة " قال خليل: والغسالة المتغيرة نجسة. الحطاب: الغسالة هي الماء الذي غسلت به النجاسة، ولا شك في نجاستها إذا كانت متغيرة، وسواء كان تغيرها بالطعم أو اللون أو الريح اهـ يعني كما في عبارة الخرشي أن المحل النجس يطهر بغسله بالماء الطهور بشرط أن ينفصل الماء عن المحل طهورا باقيا على صفته، ولا يضر التغير بالأوساخ والصبغ الطاهر على المعتمد، وأما لو انفصل متغيرا كالثوب الأزرق المتنجس وانفصل الماء متغيرا على صفتها فإن المنفصل منه نجس، وإن انفصل الماء عن المحل طهورا فالغسالة طاهرة ولا يلزم عصره لأن الفرض أن الماء انفصل طهورا، والباقي في المحل كالمنفصل والمنفصل طاهر اهـ مع التقديم والتأخير.
ولما أنهى الكلام على حكم البقاع وما يتعلق بذلك انتقل يتكلم على أحكام السهو فقال: