الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة المأموم إذا تقدم على الإمام ولا إعادة عليه، ولو تقدم عليه جميع المأمومين متعمدين لذلك لا إعادة عليهم على المعتمد، كما في حاشية الخرشي، لكن إن كان التقدم عليه لضرورة فلا كراهة، وإن كان لغير ضرورة فيكره اهـ.
ولما أنهى الكلام على ما يتعلق بأحكام الجماعة والإمامة وما يلزم المأمومين انتقل يتكلم في أحكام وأمور شتى وذلك على التفصيل، فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في من يلحق بأحكام الجماعة
هذا الفصل ملحق بأحكام الصلاة في الجماعة، عقده المصنف في أمور متفرقة فبدأ بحكم من صلى وحده في بيته، أو لم يدرك مع لإمام ما يحصل به فضل الجماعة، فقال رحمه الله تعالى:" المنفرد بصلاة يندب إلى الإعادة في جماعة إلا المغرب " يعني أن من صلى وحده يستحب له الإعادة في الجماعة ليحصل فضلها إلا المغرب فلا يعيدها. وقد تقدم لنا الكلام في ذلك في فصل قبل هذا عند قول المصنف الجماعة سنة مؤكدة فراجعه إن شئت.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " يعيد بنية الفرض " قد تقدم أيضا أنه يعيد مأموما مفوضا أي ناويا بذلك التفويض فراجعه إن شئت.
ثم ذكر المصنف شيئا مما يكره فقال رحمه الله تعالى: " ويكره لغير " الإمام " الراتب إقامة الجماعة بعده " يعني أنه يكره إعادة الصلاة جماعة مرة ثانية بعد أن صلى الإمام الراتب في المسجد الذي يرتب فيه الصلوات الخمس أو بعضها، بل لو صلى الراتب منفردا يكره للجماعة ذلك بعده. قال في الرسالة ويكره في كل
مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين، والإمام الراتب إن صلى وحده قام مقام الجماعة،
أي في حصول فضيلة الجماعة المتقدمة وفي الحكم، فلا يعيد في جماعة أخرى، ولا تجمع الصلاة في ذلك المسجد مرة أخرى. ومن صلى وحده يعيد معه ويجمع وحدة ليلة المطر كما تقدم لأن المشقة حاصلة في حقه. ويقول سمع الله لمن حمده ولا يزيد ربنا ولك الحمد اهـ. أبو الحسن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " لا بالعكس " يعني أنه لا يكره للإمام الراتب إن صلى الجماعة في مسجده قبله أي له أن يصلي بجماعة أخرى ولا كراهة عليه ما لم يؤخر كثيرا وإلا كره. قال العدوي في حاشيته على أبي الحسن: فإذا لم يؤخر كثيرا فيجوز له الجمع بعد جمع غيره حيث كان بغير إذنه وإلا كره اهـ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " و " كذلك " لا " يكره " تكرارها " أي تعدد الصلاة جماعة بعد أخرى " بمسجد لا راتب له " والمعنى أنه يجوز تكرار الجماعة بلا كراهة في المسجد الذي لا راتب له. قال العدوي: والكراهة إنما هي في الذي هو راتب فيه وأما ما لا راتب له فلا يكره تعدد الجماعة فيه اهـ. قال خليل في المكروهات: وإعادة جماعة بعد الراتب وإن أذن، وله الجمع غيره قبله إن لم يؤخر كثيرا وخرجوا إلا بالمساجد الثلاثة فيصلون بها أفذاذا إن دخلوها اهـ.
قال الخرشي قوله: وإعادة جماعة إلخ، يعني أنه يكره للجماعة أن يجمعوا في مسجد وما تنول منزلته من كل مكان جرت العادة بالجمع فيه كسفينة أو دار، له إمام راتب بعد صلاة إمامه ولو أذن في ذلك؛ لأن للشرع غرضا في تكثير الجماعات ليصلي الشخص مع مغفور له فلذلك أمر بالجماعات وحض عليها، فإذا علموا بأنها لا تجمع في المسجد مرتين تأهبوا أول مرة خوفا من فوات فضيلة الجماعة.
ومن فضله شرع الجمعة لأنه قد لا يكون في الجماعة مغفور له، ثم شرع العيد لاجتماع أهل البلدان المتقاربة، ثم شرع الوقف الأعظم إذ يجتمع
فيه أهل الأقطار، وفيه اعتناء بالعيد. واحترز بالجماعة من الواحد فإنه لا يكره له أن يصلي قبل الإمام أو بعده ما لم يعلم تعمده مخالفة الإمام بتقديم أو تأخير فيمنع. وبقوله إمام راتب: احترز من غيره فإنه لا يكره أن تجمع فيه الصلاة مرتين فأكثر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " ومن أدرك بعض الصلاة لم يقم إلا بعد سلام إمامه، فإن قام قبله لم يعتد بما فعل، وعاد ليقوم بعده ليقضي ما فاته على صفته " يعني أن المسبوق إذا أدرك شيئا من صلاة الإمام مما يدرك به فضل الجماعة، كأن يدرك معه ركعة كاملة فأكثر، فإنه لا يقوم لقضاء ما فاته إلا بعد سلام الإمام، فإن قام قبل سلام إمامه يؤمر بالرجوع ليقوم بعد سلامه، ولا يعتد بما
فعل قبل ذلك. قال في الرسالة: ومن أدرك ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة فليقض بعد سلام الإمام ما فاته على نحو ما فعل الإمام في القراءة، وأما في القيام والجلوس ففعله كفعل الباني المصلي وحده اهـ. قال العلامة الزروق في شرحه على الرسالة عند قول مصنفها فليقض بعد سلام الإمام ما فاته: يعني أنه لا يقضي إلا بعد سلام الإمام، فلو ظنه سلم فقال ثم بان له أنه لم يسلم رجع إليه ولو لم يعرف ذلك إلا بسلامه أو بعده. ومعنى القضاء هنا إتيانه بما بقي عليه من بقية صلاته التي فاتته مع الإمام وإلا فهو بان في الأفعال قاض في الأقوال، لقوله على نحو ما فعل الإمام. وفي كلامه إشكال من حيث إنه أحال مجهولا على مجهول وهو فعل الباني المصلي وحده إذ لم يتقدم له ذكر، والمقصود من ذلك أن من فسد له - وهو فذ - ركعة فأكثر من صلاته بنى على ما صح له منها وعمل على أنه أول صلاته، وكذلك هذا في أفعال صلاته لا في أقوالها، فالمأموم على حدته في بنائه والمدرك واسطة بينهما، فإذا أدرك مثلا ركعة من العشاء الأخيرة يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهرا لأن الإمام كذلك فعل، ثم يجلس بعدها لأنها ثانية بنائه، ثم بأخرى بأم القرآن وسورة جهرا أيضا ثم ركعة بأم القرآن فقط
وهذه طريقة الأكثر اهـ. وبقي في المسألة طريقتان انظر شراح الرسالة وغيرها من كتب المذهب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " وتدرك الصلاة ركعة لا بدونها، لكنه يبني على إحرامه " يعني أخبر المصنف رحمه الله تعالى أن المسبوق يدرك الصلاة - بمعنى فضل الجماعة - بإدراك ركعة كاملة بسجدتيها لا بأقل منها، لكن إن أدرك أقل من ركعة فإنه يبني على نيته بأن يتم صلاته منفردا لأنه بمجرد الإحرام لزمه إتمامها. قال العلامة ابن جزي في القوانين الفقهية في الباب الثامن عشر: فروع ثلاثة: الفرع الأول: من ركع فمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فقد أدرك الركعة عند الأربعة، فإن شك هل رفع الإمام رأسه أم لا لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بإدراك السجود. الفرع الثاني: إذا لم يدرك المسبوق ركوع الركعة الأخيرة فدخل في السجود أو الجلوس فقد فاتته الصلاة كلها، فيقوم فيصليها كاملة، فإن جرى له ذلك في الجمعة صلاها ظهرا أربعا. وقال أبو حنيفة ركعتين جهرا. الفرع الثالث: إذا قام المسبوق بعد سلام الإمام قام بتكبير إن كان جلوسه مع الإمام موضع جلوس له، وذلك بأن يصلي معه ركعتين، وإلا قام بغير تكبير وذلك إذا صلى معه ركعة أو ثلاثا. وقيل بتكبير اهـ. قال العلامة أبو الضياء السيد خليل: وإنما يحصل فضلها بركعة، أي بإدراك ركعة فأكثر مع الإمام بأن يدركه قبل أن يرفع من الركوع وإن لم يطمئن إلا بعده بأن ينحني قبل رفع الإمام من الركوع. ونقل ابن عرفة عن ابن يونس وابن رشد أن فضلها يحصل ويدرك
بجزء قبل سلام الإمام، وأما حكمهما فلا يثبت إلا بركعة لا بأقل منها، وحكمها أن لا يقتدي به ولا يعيد في جماعة، ويترتب عليه سجود سهو إمامه وتسليمه عليه وعلى من على يساره وصحة استخلاف اهـ. جواهر الإكليل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: " فإن أدركه راكعا أو ساجدا كبر للإحرام ثم