الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله تعالى: " ومستفيد نصاب أو دونه من جنس ماشيته يبينه على حولها " أي يبينه على حول ماشيتها بشرط أن يكون في ماشيته نصاب قبل الفائدة. قال مالك في الموطأ: ولو كانت لرجل إبل أو بقر أوغنم تجب في كل صنف منها الصدقة، ثم أفاد إليها بعيرا أو بقرة أو شاة صدقها مع ماشيته حين يصدقها. وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك، قال أيضا في المدونة: وإنما تضاف الغنم إلى الغنم، والبقر إلى البقر، والإبل إلى الإبل، إذا كان الأصل الذي كان عند ربها قبل أن يفيد هذه الفائدة نصاب ماشية فإنه يضيف ما أفاد من صنفها إليها إذا كان الأصل نصابا فيزكي جميعها، وإن لم يفد الفائدة قبل أن يحول إلا بيوم زكاه مع النصاب الذي كان له اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والخلطاء كالمالك الواحد بشرط كمال النصاب في ملك كل، واجتماعهم على وصفين: كالراعي والفحل والدلو والمراح والمبيت وطلب المصلحة ولو آخر الحول " يعني أن الخلطاء كالملك الواحد في الزكاة، ولا تؤخذ ممن لم تبلغ حصته عدد الزكاة على المشهور، وسواء كان خليطا أو غيره.
قال الشيخ زروق في شرح الرسالة: والمذهب أن الخلطاء كالمالك الواحد بشروط ستة: اتحاد النوع، وقصد الرفق، وكون ذلك قبل الحول ما لم يقرب جدا، ونية
الخلطة
، خلافا لأشهب، وملك كل نصابا على المشهور، وحلول حول كل نصاب، واجتماعها في ملك أو منفعة، في الجل من ماء ومبيت، وراع بإذنهم، وفحل لمرفق، ومراح وهو موضع إقامتها. وقيل موضع الرواح للمبيت، فهي ستة يجمع جلها الراعي، فلذا قيل يكفي وجوده. وقيل يكفي اثنان منها اهـ. وقال ابن
ناجي: وشروط الخلطة خمسة، الراعي، والفحل، والدلو، والمراح، والمبيت.
ولا خلاف أنه لا يشترط جميعها، واختلف في أقل المجزي منها، قيل ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل يكفي الراعي، ورجح المصنف الاثنين بقوله: واجتماعهم على وصفين كما تقدم. وقال مالك في الموطأ في الخليطين: إذا كان الراعي واحدا، والفحل
واحدا، والمراح واحدا والدلو واحدا، فالرجلان خليطان، وإن عرف كل واحد منهما ماله من مال صاحبه. قال والذي لا يعرف ماله من مال صاحبه ليس بخليط، إنما هو شريك.
قال مالك: ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة. وتفسير ذلك أنه إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعدا وللآخر أقل من أربعين شاة كانت الصدقة على الذي له الأربعون شاة ولم تكن على الذي له أقل من ذلك صدقة، فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في الصدقة ووجبت الصدقة عليهما جميعا. فإن كان لأحدهما ألف شاة أو أقل من ذلك مما تجب فيه الصدقة، وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان يترادان الفضل بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما على الألف بحتها وعلى الأربعين بحتها اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة " وتفسير لا يجمع بين مفترق أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة قد وجبت على كل واحد في غنمه الصدقة، فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة، فنهوا عن ذلك. وتفسير قوله ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على واحد منهما إلا شاة واحدة، فنهى عن ذلك. قاله مالك في الموطأ، ومثله في المدونة اهـ ثم ذكر أن الافتراق والاجتماع لهما تأثير كما فسر الإمام معناه.
قال رحمه الله تعالى: " وتؤثر التخفيف كمالكي مائة وعشرين " يعني هذا مثال التخفيف. قال الخرشي: كاثنين لواحد ثمانون من العز، وللآخر أربعون من الضأن فإن عليهما واحدة من المعز على صاحب الثمانين ثلثاها وعلى الآخر ثلث.
قال رحمه الله تعالى: " أو التثقيل كمالكي مائتين وشاة " يعني كما يؤثر التخفيف كذلك يؤثر التثقيل يرجع معناهما بالتقليل والتكثير في الأخذ. قال المواق نقلا عن
التلقين: للخلطة في الماشية تأثير في الزكاة، وتأثيرها أن يكون للاثنين ثمانون شاة لكل واحد أربعون، فيأخذ منها الساعي شاتين إذا كانا مفترقتين فإن خلطا أخذ عن الثمانين شاة واحدة، فتأثيرها في هذا الموضع التخفيف. وقد تؤثر
التثقيل، وهو أن يكون للاثنين مائتان وشاة فيؤخذ منها ثلاث شياه اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فإن ظهر قصد الفرار أخذوا بحال الانفراد، ويصدقون في قصد المصلحة، فإن اتهموا حلفوا " قوله فإن ظهر قصد الفرار إلخ ومفهومه لو تفرقوا أو اجتمعوا لعذر لا حرمة، ويصدقون في العذر من غير يمين إن كانوا مأمونين ظاهري الصلاح، وإلا فبيمين كما ذكر المصنف اهـ النفراوي ومثله في العدوي.
ثم قال رحمه الله: " والنصاب المؤلف إن أخذ منه متأولا ترادوا بحسب أملاكهم، كما لو زاد الفرض بخلط دونه، وإلا فهي من مالكها كالمأخوذة من دون النصاب " قال خليل كتأول الساعي الأخذ من نصاب لهما أو لأحدهما وزاد للخلطة لا غصبا أو لم يكمل لهما نصاب اهـ وفي حاشية العدوي على الدردير: تنبيه يتراجعان بالقيمة لو أخذ الساعي من نصاب لهما متأولا كلكل عشرون من الغنم لا يملك غيرها أو لأحدهما نصاب للخلطة، كما لو كان لواحد مائة وللثاني أحد وعشرون لا يملك غيرها، وأخذ الساعي شاتين. وأما لو كان عند الشريكين أقل من نصاب وأخذ الساعي من أحدهما فمصيبة على صاحبها كالغصب اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ولا خلطة في غير الماشية، ولا زكاة في حيوان غيرها " يعني لا خلطة معتبرة شرعا إلا في الماشية، كما لا تجب الزكاة على ذات غيرها من الحيوان. واسم الماشية لا يطلق إلا على الإبل والبقر والغنم فقط. قال النفراوي: وهي التي تجب فيها الزكاة، فلا تجب في خيل وبغل وحمير، وإنما وجبت فيها دون غيرها
لوجود كمال النماء فيها من لبن وصوف ونسل وغير ذلك من أنواع الانتفاع، بخلاف غيرها من بقية أنواع الحيوان اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ولا ضمان لتلفها قبل مجيء الساعي " الضمير في تلفها عائد إلى الماشية. وقد تقدم قول المصنف في زكاة العين، وتلفها قبل تمكنه من الأداء يسقطها، وبعده يوجب ضمانها، فراجعه إن شئت. وفي المدونة: ولو كانت لرجل ألف شاة فمضى لها خمس سنين لم يأته المصدق فيها، وهي ألف شاة على حالها، فلما كان قبل أن يأتيه المصدق بيوم هلكت فلم يبق منها إلا تسع وثلاثون شاة، قال مالك: ليس عليه فيها شيء اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فإن نقصها فرارا ضمن " هذا كقوله سابقا فإن ظهر قصد الفرار أخذوا بحال الانفراد. والمعنى أن من نقص نصابا بذبح أو بيع أو غيرهما بقصد الفرار من الزكاة ضمنها، لأي يعامل بنقيض قصده، كالهارب بمأشيته
سنين فإنه ضامن ولو ماتت ماشيته، ولم يضع عنه موتها عما وجب عليه من الزكاة شيئا، بخلاف الذي لم يهرب لو هلكت ماشيته وجاءه المصدق بعد هلاكها لم يكن عليه شيء. وسئل ابن القاسم فيمن هرب بماشيته من المصدق وقد حال عليها الحول وقد تموتت كلها أيكون زكاتها لأنه هرب من المصدق؟ فقال نعم. وهو قول مالك. قاله في المدونة اهـ.
ولما فرغ من الكلام على زكاة الماشية انتقل يتكلم على زكاة الحبوب، وتسمى زكاة الحرث والثمار، فقال رحمه الله تعالى: