الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الزكاة
أي هذا كتاب الزكاة التي هي أحد أركان الإسلام الخمسة. " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان " رواه الشيخان عن عبد الله بن عمر ، وفرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر. دل على فرضيتها الكتاب والسنة والإجماع: أما الكتاب فآيات كثيرة منها قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] وأما السنة فحديث الصحيحين المتقدم وغيره مما ورد في وجوب الزكاة، وأما الإجماع فقال القرافي: اتفقوا على وجوبها، فمن جحدها فهو كافر، إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام. وأما من أقر بوجوبها وامتنع من أدائها فإنها تؤخذ منه كرها وإن بقتال وتجزئه.
ولوجوبها شروط خمسة: الملك التام، والنصاب، ومرور الحول في غير المعدن والحرث والركاز، ومجيء الساعي إن كان في الماشية، وعدم الدين في العين.
وأما الإسلام فشرط صحة فقط على المشهور، بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ولكن لا تصح إلا بالإسلام اهـ.
فَصْلٌ
في زكاة الذهب والفضة
قال رحمه الله تعالى: " نصاب الذهب عشرون مثقالا والورق مائتا درهم، فيجب ربع عشره والزائد بحسابه " قال في الرسالة: ولا زكاة من الذهب في أقل من عشرين دينارا، فإذا بلغت عشرين دينارا ففيها نصف دينار ربع العشر، فما زاد فبحساب ذلك وإن قل، ولا زكاة من الفضة في أقل من مائتي درهم. وذلك خمس أواق والأوقية أربعون درهما من وزن سبعة، أعني أن السبعة دنانير وزنها عشرة دراهم، فإذا بلغت هذه الدراهم مائتي درهم ففيها ربع عشرها خمسة دراهم، فما زاد فبحساب ذلك اهـ. وقول المصنف عشرون مثقالا أي دينارا، وكل دينار وزنه اثنتان وسبعون حبة من الشعير المتوسط.
قال خليل: وفي مائتي درهم شرعي، أو عشرين دينارا فأكثر، أو مجمع منهما بالجزء ربع العشر. قال الخرشي: أي والواجب ربع العشر في مائتي درهم شرعي. وقد مر قدر الدرهم وهو المكي خمسون وخمسا حبة من مطلق الشعير، أو عشرون دينارا شرعيا وقدر الدينار اثنتان وسبعون حبة من مطلق الشعير، وما زاد على ذلك أخرج واجبه لأنه لا وقص في العين والحبوب اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ويلفق منهما بالأجزاء لا بالقيمة ويخرج من كل بحسابه " قال في الرسالة: ويجمع الذهب والفضة في الزكاة، فمن كان له مائة درهم وعشرة فليخرج من كل مال ربع عشره. قال خليل: أو مجمع منهما بالجزء ربع العشر. وقال الخرشي: قوله أو مجمع إلخ كعشرة دنانير ومائة درهم، أو خمسة دنانير ومائة وخمسين درهما، أو خمسة عشر دينارا وخمسين درهما؛ لأن كل دينار يقابل عشرة دراهم، مرادهم بالأجزاء أي لا بالقيمة، فلا زكاة في مائة درهم وتسعة دنانير قيمتها مائة درهم.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وشروط وجوبها: الحول والنصاب في ملك كامل متحد " قد تقدم البيان في شروط وجوبها فراجعه إن شئت. قال رحمه الله تعالى: " ويكمل النصاب بربحه لحوله " قال في الرسالة: وحول ربح المال حول أصله. النفراوي: فإذا استلف قدرا ولو أقل من نصاب واشترى به ساعة ثم باعها بزيادة على ما تسلفه عشرين دينارا مثلا بعد حول من يوم السلف وجبت عليه الزكاة، وكذا لو اشترى سلعة بقدر في ذمته ثم باعها بعد حول بثمن زائد على ثمنها نصابا فإنه يجب عليه الزكاة اهـ قال خليل: وضم الربح لأصله، كغلة مكتر للتجارة، ولو ربح دين لا عوض له عنده اهـ قال الخرشي: ومعنى كلام المؤلف أن من عنده دون النصاب من العين فاخر فيه فصار نصابا قبل الحول ولو بيوم فإنه يزكي لتمام حول من يوم ملكه كالنتاج على المشهور، لا من
يوم الشراء، ولا من يوم حصول الربح، فلو ملك دينارا وأقام عنده أحد عشر شهرا ثم اشترى به سلعة باعها بعد شهرين فإنه يزكي الآن اهـ. ومن ذلك ما قاله ابن القاسم في المدونة لو اشترى إناء مصوغا فيه عشرة دنانير، وقيمته بصياغته عشرون دينارا ولا مال له غيره، فحال عليه الحول أنه لا زكاة عليه فيه إلا أن يبيعه بما تجب فيه الزكاة، فإنه باعه بما تجب فيه الزكاة فحال عليه الحول فربح فيه فباعة بما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه مكانه اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ويجب في أوانيهما، وحلي التجارة، وآنية ما لا يجوز تحليته، والمتخذ ذخيرة " وفي نسخة في أوانيها بالإفراد، والأصح بالتثنية بعود الضمير إلى المذهب والورق كما في قوله ويلفق منهما، والأواني جمع إناء، يعني أن جميع ما لا يجوز اتخاذه قنية من أواني الذهب والفضة ففيه زكاة، وذلك مثل السرير والقمقم (1) والسرج، والإكاف، واللجام للفرس، والمبخرة، والقدر،
والمدهن، والمكحلة، والمرود، والملعقة، والفنجان. وآلة في اليد كالساعة، والمشط، والقفل، والكأس، وغيرها مما ورد المنع في اتخاذها؛ وكلها تجب فيها الزكاة سواء لرجل أو لامرأة، إلا ملبوسا للنساء فإنه جائز. قال خليل: إلا محرما، أي الذي يحرم اقتناؤه كإناء نقد من قمقم ومبخرة، ومكحلة، ومرود ففيه الزكاة ولو لامرأة. قاله الدردير. وفي الدسوقي: كدواة وعدة فرس من لجام وسرج. قال الباجي: وغيره وإن كان لرجل لكراء فإنه يزكيه. وقال ابن رشد: أجمع أهل العلم على العين من الذهب والفضة في عينه الزكاة تبرا كان، أو مسكوكا، أو مصوغا صياغة لا يجوز اتخاذها اهـ المواق. وقال الخرشي: يعني أن الحلي إذا كان محرم اللبس فإنه تجب زكاته بلا خلاف في ذلك؛ سواء كان لرجل كخاتم ذهب وسوار؛ أو لهما كمكحلة
(1) القمقم: آنية العطار. وأنية من نحاس يسخن فيها الماء.
أو مرود ذهب أو فضة أو لاقتناء كالأواني لهما اهـ وقال النفراوي: والمحرم على المرأة غير الملبوس كالمرود والمكحلة وآلة نحو الأكل.
وعلى الرجل خاتم الذهب، أو الخنجر أو الركاب ولو كان المحرم معدا للعاقبة ليجعل صداقا، أو منوبا به التجارة ففي جميع ذلك الزكاة. وليس من الحلي ما تجعله المرأة على رأسها من القروش، أو الفضة العددية، أو الذهب المسكوك فإن عليها فيه الزكاة بخلاف ما صاغته لتلبسه لبنتها إذا كبرت أو وجدت فإنه لا زكاة فيه، بخلاف الرجل يشتري أو يصوغ حليا لما يحدثه الله له من الأولاد أو الإماء فعليه فيه الزكاة اهـ. وفي المواق: قال الكافي: لا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة للرجال والنساء اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " لا لبس المباح " أي لا زكاة فيما أباح الشارع لبسه. قال خليل: وجاز للمرأة الملبوس مطلقا ولو نعلا لا كسرير. قال الخرشي: والمعنى أنه يجوز للمرأة اتخاذ ما هو ملبوس لها أو ما يجري مجراه كقفل الجيب، وزر الثوب، ولفائف الشعور من النقدين ومحلى بهما قل أو كثر، وهو مراده بالإطلاق، وإنما بالغ على جواز اتخاذ النعل للنساء، ومثله القبقاب من النقدين بقوله ولو نعلا لئلا يتوهم حرمة ذلك وأنه ليس من الملبوس. وأما ما ليس من جنس الملبوس كسرير ومكاحل ومرايا فلا يجوز للنساء اتخاذه من النقدين اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " جيد الجنس، ورديئه، وتبره، ومضروبه، وصحيحه، ومغشوشه، ومكسوره سواء " يعني يضم جنس الذهب جيده أي أحسنه، أدناه تبره ومضروبة وسبيكة صحيحة، ومكسوره، خالصه ومغشوشه، فإذا بلغ جميع ذلك نصابا زكاه إن حال عليه الحول، وكذلك الفضة تضم أجناسها كذلك أي كما تقدم، فمتى كمل نصابا زكيت إن حال عليها الحول وإلا فلا،
والدليل في ذلك ما رواه أنس في الكتاب الذي كتبه له أبو بكر حين وجهه إلى البحرين في الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله