المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي أحكام الأذان - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ١

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌خطبة الكتاب

- ‌ترجمة المصنف

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فَصْلٌفي أحكام الميتات وأجزائها والمسكرات وغيرها

- ‌تنبيه:

- ‌فَصْلٌفي بيان أحكام قضاء الحاجة وما يتعلق بذلك

- ‌فَصْلٌفي بيان فرائض الوضوء

- ‌سنن الوضوء

- ‌فضائل الوضوء

- ‌مكروهات الوضوء

- ‌شروط صحة الوضوء ووجوبه

- ‌فَصْلٌفي نواقض الوضوء

- ‌فَصْلٌفي موجبات الغسل

- ‌فرائض الغسل

- ‌تنبيهات:

- ‌تتمة:

- ‌فَصْلٌفي المسح على الجبيرة

- ‌فَصْلٌفي المسح على الخفين

- ‌فَصْلٌفي التيمم

- ‌فَصْلٌفي أحكام الحيض

- ‌تنبيه:

- ‌فَصْلٌفي أحكام النفاس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فَصْلٌفي أحكام الأذان

- ‌تنبيه:

- ‌فَصْلٌفي شروط الصلاة

- ‌فَصْلٌفي ستر العورة في الصلاة وخارجها

- ‌فَصْلٌفي أركان الصلاة

- ‌سنن الصلاة

- ‌فَصْلٌفي فضائل الصلاة

- ‌فَصْلٌفي أحكام العاجز عن القيام في الصلاة

- ‌فَصْلٌفي بيان أحكام الجمع بين المغرب والعشاء ليلة المطر

- ‌فَصْلٌفي حكم الجماعة

- ‌فَصْلٌفي من يلحق بأحكام الجماعة

- ‌فَصْلٌفي قضاء الفوائت

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌فَصْلٌفي سجود السهو

- ‌فَصْلٌفي أحكام الرعاف

- ‌فَصْلٌفي بيان النوافل وأوقاتها وكيفيتها

- ‌ التراويح

- ‌الوتر سنة مؤكدة

- ‌ سجود التلاوة

- ‌خاتمة:

- ‌كتاب صلاة السفر

- ‌فَصْلٌفي حكم صلاة الخوف

- ‌فَصْلٌفي صلاة الجمعة

- ‌فَصْلٌفي صلاة العيدين

- ‌فَصْلٌفي صلاة الاستسقاء

- ‌فَصْلٌفي صلاة الكسوف

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ خاتمة:

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فَصْلٌفي زكاة الذهب والفضة

- ‌تنبيهان:

- ‌ الإبل

- ‌فَصْلٌفي زكاة الماشية وهي الإبل والبقر والغنم

- ‌ البقر

- ‌الغنم

- ‌ الخلطة

- ‌فَصْلٌفي زكاة الحرث والثمار وما يتعلق بها من الأحكام

- ‌فَصْلٌفى زكاة الفطر ومن تلزمه

- ‌فَصْلٌفيمن تصرف له الزكاة

- ‌كتاب الصيام

- ‌فَصْلٌ فيمن يلزمه القضاء دون الكفارة

- ‌فَصْلٌفيما يندب فعله للصائم

- ‌ الاعتكاف

- ‌كتاب الحج

- ‌فَصْلٌفي مواقيت الحج والعمرة

- ‌فَصْلٌفي أركان الحج وكيفية الإحرام

- ‌ قصيدة

- ‌فَصْلٌفي الفدية وما يتعلق بها من الأحكام

- ‌فَصْلٌفي الصيد وما يترتب فيه من الجزاء وعدمه

- ‌فَصْلٌفي دماء الحج مطلقا وسن الهدي وغيره مما يجزئ وما لا يجزئ

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق بحج الصبي والعبد والمرأة وغيرهم

- ‌فَصْلٌفي العمرة وأحكامها

- ‌خاتمةفي زيارة النبي صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌فصلفي أحكام الأذان

من النهار، ثم ذكر صلاة نسيها يبدأ بالفائتة ثم يصلي العصر، كما لو ذكرت صلاة نسيتها لقدر أربع ركعات ولم تكن صلت العصر فإنها تبدأ بالفائتة، ثم تصلي العصر.

وكما لو حاضت حينئذ لسقطت العصر، فكذلك إذا طهرت حينئذ تجب عليها؛ لأن ما يسقط بالحيض يجب بالطهر اهـ باختصار. وفي جواهر الإكليل: وإن تطهر من زال عذره في آخر الضروري وظن إدراكه بركعة فأحدث عمدا أو غلبة أو نسيانا قبل كمال الصلاة فتطهر فخرج الوقت فالقضاء واجب عليه لما أدركه عملا بالتقدير الأول عند ابن القاسم اهـ.

ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: " وكذلك من ذكر صلاة منسية وإن خرج الوقت " تقدم لنا بيان هذه المسألة في شرح المسألة قبلها فراجع قول ابن القاسم في الحائض تطهرت، والمغمى عليه يفيق في آخر الوقت، ثم ذكر كل منهما صلاة منسية فإنه يبدأ بالفائتة إلخ.

ولما أنهى الكلام على أوقات الصلاة الاختياري والضروري وما يتعلق بأحكامهما انتقل يتكلم في بيان حكم الأذان.

‌فَصْلٌ

في أحكام الأذان

والأذان لغة هو مطلق الإعلام، وشرعا الإعلام بدخول وقت الصلاة المفروضة بالألفاظ المشروعة. وهو سنة مؤكدة على المشهور بكل مسجد ولو تقاربت المساجد والجماعة طلبت غيرها للاجتماع في الصلاة فقال المصنف رحمه الله تعالى:

" الأذان سنة مؤكدة للمصلين الفرض في وقته جماعة " وفي الرسالة: والأذان واجب، أي وجوب السنن في المساجد والجماعات الراتبة. فأما الرجل

ص: 164

في خاصة نفسه فإن أذن فحسن، ولا بد من الإقامة. وأما المرأة فإن أقامت فحسن وإلا فلا حرج اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ولا يؤذن ولا يقيم إلا مسلم ذكر مكلف عارف بالأوقات " يعني أن الأذان والإقامة لهما شروط لا يصح كل منهما إلا بها.

قال في العزية: ويشترط في المؤذن شروط صحة وشروط الكمال، فشروط الصحة أن يكون مسلما ذكرا بالغا عاقلا، وشروط الكمال أن يكون عدلا، عارفا بالأوقات، صيتا، متطهرا، قائما، مستقبل القبلة إلا لإسماع، وأن لا يكون قد صلى تلك الصلاة التي أذن لها اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " يشفع كلماته إلا الأخيرة " يعني أن المؤذن يأتي بألفاظ الأذان مثنى مثنى، بأن يكرر كل لفظ مرتين إلا الجملة الأخيرة، وهي قوله " لا إله إلا الله " فمرة واحدة. وفي الرسالة: والأذان، أي ألفاظه الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، ثم ترجع بأرفع من صوتك أول مرة فتكرر التشهد فتقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كنت في نداء الصبح زدت ها هنا: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم.

ولا تقل ذلك في غير نداء الصبح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، مرة واحدة اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويرجع في الشهادتين " يعني أن المؤذن يرجع أي يكرر الشهادتين كما ذكره صاحب الرسالة موضحا. قال خليل: يرجع الشهادتين

ص: 165

بأرفع من صوته أولا. قال الخرشي: يعني أنه يسن للمؤذن أن يرجع

الشهادتين بأعلى من صوته بالشهادتين أولا ويكون صوته في الترجيع مساويا لصوته في التكبير هذا هو المعتمد اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويزيد التثويب في الصبح " يعني أن المؤذن يكرر التثويب وهو قوله: الصلاة خير من النوم، مرتين في نداء الصبح فقط كما تقدم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ولا يجوز قبل الوقت إلا لها " يعني أنه لا يجوز للمؤذن أن يؤذن قبل دخول وقت الصلاة حتى الجمعة إلا الصبح فقط. قال في الرسالة: ولا يؤذن لصلاة قبل وقتها إلا الصبح فلا بأس أن يؤذن لها في السدس الأخير من الليل اهـ. قال مالك في المدونة: لا ينادي لشيء من الصلوات قبل وقتها إلا الصبح وحدها. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا، حتى ينادي ابن مكتوم " قال وكان ابن مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت. قال مالك: ولم يبلغنا أن صلاة أذن لها قبل وقتها إلا الصبح. ولا ينادي لغيرها قبل دخول وقتها، ولا الجمعة اهـ.

ثم اعلم أنه ما أخر المصنف الكلام على الإقامة إلى أن يتم الكلام على الأذان كما فعل غيره من المصنفين كما ينبغي، لكنه أتى بهذا الطريق، أي بالإقامة في أثناء الكلام على الأذان لغرض أراده، فقال رحمه الله تعالى:" والإقامة آكد " يعني أن الإقامة أوكد من الأذان لاتصالها بالصلاة. وحكمها أنها سنة الكفاية في حق الجماعة، وسنة العين في البالغ المنفرد، أو كان مع النساء، وأما المرأة فالإقامة في حقها مستحبة سرا، وإن لم تقم فلا إثم عليها. وأما الرجل فلا بد له من الإقامة وإن قاضيا، وإليه أشار المصنف رحمه الله تعالى:" فيقيم القاضي والمنفرد " يعني أن القاضي الذي يقضي ما فاته من الصلاة،

ص: 166

والمنفرد الذي يصلي وحده فعلى كل واحد منهما أن يقيم إذا أراد أن يصلي، وإن لم يقم بأن تركها عمدا فقال ابن كنانة من تركها عمدا بطلت صلاته. والمشهور في المذهب صحتها، فالاحتياط أن يحافظ على الإتيان بها ولا يتساهل في ذلك. ويشترط أن يكون المقيم متوضئا لاتصالها بالصلاة، بخلاف الأذان فإن الوضوء فيه مندوب، لقول مالك في المدونة: لا بأس بأن يؤذن غير متوضئ، ولا يقيم ويشترط أن يكون المقيم متوضئا لاتصالها بالصلاة، بخلاف الأذان فإن الوضوء فيه مندوب، لقول مالك في المدونة: لا بأس بأن يؤذن غير متوضئ، ولا يقيم ويشترط أن يكون المقيم متوضئا لاتصالها بالصلاة، بخلاف الأذان فإن الوضوء فيه مندوب، لقول مالك في المدونة: لا بأس بأن يؤذن غير متوضئ، ولا يقيم إلا متوضئا اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويوتر كلماتها إلا التكبير " وفي نسخة ويوتر كلماته بالتذكير، والصواب بالتأنيث كما قررناه؛ لأن الإقامة مؤنثة. يعني أن ألفاظ الإقامة وتر، لا يثنى ولا يكرر شيء منها إلا التكبير فقط. وفي الرسالة: والإقامة وتر: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. وما

ذكرناه من إفراد الإقامة ما عدا التكبير فإنه مثنى هو المشهور، فإن شفع غير التكبير لا تجزئه الإقامة، قاله أبو الحسن علي الشاذلي في العزية اهـ.

وفي أقرب المسالك: وهي مفردة، أي الإقامة حتى قد قامت الصلاة، إلا التكبير منها أولا فمثنى. قوله مفردة قال الصاوي في الحاشية: فلو شفعها كلها، أو جلها، أو نصفها بطلت، كإفراد الأذان كله أو جله، أو نصفه، لا الأقل فيهما اهـ.

ثم رجع المصنف إلى الكلام على المؤذن وبعض أوصافه المتقدمة بقوله رحمه الله تعالى: " صيتا متطهرا على علو مستقبلا " هذا قد تقدم لنا أنه من شروط كمال المؤذن أن يكون عدلا عارفا بالأوقات، وأن يكون صيتا متطهرا، وأن يكون قائما على شيء مرتفع وأن يكون مستقبل القبلة إلا لإسماع، وأن لا يكون قد صلى تلك الصلاة التي أذن لها.

ص: 167

قال خليل: وندب متطهر، صيت، مرتفع، قائم إلا لعذر، مستقبل إلا لإسماع اهـ. انظر الحطاب.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ولا بأس بتصفحه يمينا وشمالا " يعني أن المؤذن يجوز له في حال أذانه أن يميل بوجهه يمينا وشمالا لإسماع الناس. قال ابن حبيب: وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بلالا أن يلتفت بوجهه يمينا وشمالا وبدنه إلى القبلة، ونهاه أن يدور كما يدور الحمار " اهـ. ذكره الحطاب.

ويجوز للمؤذن جعل إصبعيه على أذنيه حين الأذان والإقامة. قال ابن الحاجب: ولا يكره الالتفات عن القبلة للإسماع، ولا يفصل بين كلمات الأذان بابتداء سلام ولا رده ولا غيرهما، فإن بذلك أو غيره فاحشا استأنف. ولا يرد السلام إلا بالإشارة على المشهور اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ولا يشتغل بالأكل والكلام " فإن وقع واحد منهما في أثناء الأذان، فإن كان ذلك يسيرا فلا شيء عليه فليمض في أذانه، وإن كان كثيرا بطل الأذان. قال المصنف رحمه الله تعالى:" ويبني ليسيره " يعني أن المؤذن إن اشتغل غير الأذان فإن طال ابتدأ الأذان لإخلاله بنظام الأذان وتخليطه على السامع لاعتقاده أنه غير أذان، وقال الحطاب: يعني فإن فصل بين كلمات الأذان بكلام أو سلام أو بشيء غير ذلك، فإن كان الفصل يسيرا كرد سلام أو كلام يسير فإنه يبني، وإن كان كثيرا فإنه يستأنف الأذان من أوله. قال في النوادر: قال في المجموعة: ولا يتكلم في أذانه، فإن فعل بنى، إلا أن يخاف على صبي أو أعمى أو دابة أن يقع في بئر وشبهه فليتكلم ويبني. قال ابن حبيب: وإن

عرضت له حاجة مهمة فليتكلم ويبني اهـ.

ص: 168

وفي تبصرة اللخمي: ولا يتكلم في أذانه، فإن فعل وعاد بالقرب بنى على ما مضى، وإن بعد ما بين ذلك استأنفه من أوله. ومثله إن عرض له رعاف أو غير ذلك مما يقطع أذانه، أو خاف تلف شيء من ماله أو مال غيره، أو خاف تلف أحد أعمى أو صبي أن يقع في حفرة فإنه يقطع ثم يعود إلى أذانه فيني في جميع ذلك إن قرب، ويبتدئ إن بعد اهـ مع إيضاح.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " والأعمى يقلد عارفا بالوقت " يعني لا بد للمؤذن الضرير أن يعتمد على البصير في دخول الوقت لئلا يخطئ فيه ويلتبس على الناس. قال خليل: وجاز أعمى. قال الخرشي: والمعنى أنه يجوز أذان الرجل الأعمى كما تجوز إمامته إذا كان ثقة مأمونا، ويكون تابعا لغيره، أو لمعرفة ثقة. وفضله أشهب في الأذان والإمامة على العبد

، ثم العبد الرضي على الأعرابي. ثم هو على ولد الزنا اهـ. قال في المدونة: وجائز أذان الأعمى وإمامته. ولفظ الأم: كان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنا وإماما، وقال ابن ناجي في شرح المدونة. والمراد بأذان الأعمى إذا كان تبعا لأذان غيره أو معرفة من يثق به إن حضر الوقت. قال صاحب الطراز: قال مالك: وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أعمى. يريد ابن أم مكتوم. ولا يختلف في حل أذانه إذا كان من أهل الثقة والأمانة، إلا أنه لا يرجع في الوقت ما يقع في نفسه دون أن يستخبر من يثق به ويثبت في أمره، وقال في مختصر الواضحة: لا بأس أن يؤذن ويؤم الأعمى والأقطع والأعرج وذو العيب في جسده إذا لم يكن العيب في دينه اهـ الحطاب، وقال الصاوي في حاشيته - بلغة السالك لأقرب المسالك -: تنبيه يجوز أذان الأعمى والراكب، وتعدده بمسجد واحد إذا كان المؤذن غير الثاني، وإلا كره.

واستظهر الحطاب الجواز حيث انتقل لركن آخر منه. قلت: هذا في غير أذان الصبح، وإلا فلا بأس أن يؤذن لها في السدس الأخير من الليل، ثم يؤذن هو عند دخول الوقت. ثم قال: والأفضل ترتبهم

ص: 169

إن لم يضيعوا فضيلة الوقت. وجاز جمعهم إن لم يؤد لتقطيع، فإن أدى إلى تقطيع اسم الله حرم، وفوات الكلمات لبعضهم مكروه، ويجوز حكاية المؤذن قبله، والأفضل الاتباع ولا يكفي ما نقل عن معاوية أنه سمع المؤذن يتشهد فقال: وأنا كذلك، أي أتشهد، بل لا بد من اللفظ بمماثله حملا للحديث على ظاهره. وجاز أخذ الأجرة عليه وعلى الإقامة أو مع الصلاة، وكره على الإمامة وحدها من المصلين، وأما من الوقف أو من بيت المال فجعلوه إعانة، وأما عادة الأكابر بمصر ونحوها إجازة الإمام في بيوتهم فالظاهر أنه لا بأس به لأنه في نظير التزام الذهاب للبيت. ويكره للمؤذن ومثله الملبي رد السلام في الأثناء، ويرده بعد الفراغ، ولا بد من إسماع المسلم إن حضر اهـ. نقله الصاوي من المجموع.

قال المصنف رحمه الله: " ولا يؤذن للقضاء " يعني أن القاضي لا يشتغل بالأذان لأنه يزيدها تفويتا، والمطلوب المبادرة لبراءة الذمة، ولأن الأذان إنما شرع لفرض وقتي لا للفوائت، فإن الأذان فيها مكروه كما تقدم. قال المصنف رحمه الله تعالى:" لا المنفرد " والمعنى أن الشخص المنفرد إذا كان في الحضر فيكره له أن يؤذن، ومثله الجماعة التي لم تطلب غيرها كأهل الزوايا، لقول مالك رحمه الله: لا أحب الأذان للفذ الحاضر والجماعة المنفردة هذا إذا كانوا بالحضرة، أما إذا كانوا مسافرين فيندب لهم الأذان، كالمنفرد، ولو كان السفر دون مسافة القصر.

قال خليل في المختصر - يذكر المندوبات - وأذان فذ إن سافر. قال الشارح: والمعنى أنه يندب الأذان للفذ - إن سافر - للحاضرة، أي إن كان بفلاة من الأرض، فليس المراد بالسفر السفر الشرعي، بل اللغوي، إلى أن قال: لا مفهوم للفذ، وكذا الجماعة التي لم تطلب غيرها، فيندب لهم الأذان في السفر، وأما إن طلبت غيرها فيسن في حقهم الأذان اهـ الخرشي، وفي الحديث عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري أنه قال له: " إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا

ص: 170

كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة " قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري والموطأ. وفي الموطأ أيضا عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال. وأخرج النسائي عنه صلى الله عليه وسلم:" إذا كان الرجل في أرض فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان، فإذا أذن وأقام صلى وراءه من الملائكة ما يراه طرفاه، يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه " اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " والنساء يقمن لا، فسهن " وفي نسخة ويقمن والواو، والمعنى أن الإقامة في حق كل واحدة منهن مستحبة، بأن تقيم لنفسها وتصلي فرضها منفردة إذا لم يكن معها ذكر بالغ، أو كان ولم يمكنها الاقتداء به لمانع من موانع الشرع وليس المعنى في قوله يقمن لأنفسهن بأن تقيم إحداهن وتؤم أخرى، لا، فإن ذلك غير مطلوب منهن. قال مالك في المدونة: لا أذان على المرأة ولا إقامة، وإن أقامت فحسن وفي المختصر: وإن أقامت المرأة سرا فحسن. قال الحطاب: يعني أن المرأة إن صلت وحدها فإن الإقامة في حقها حسنة، يعني مستحبة، وليست سنة كما في حق الرجل، وأما إذا صلت مع الجماعة فتكتفي بإقامتهم، ولا يجوز أن تكون هي المقيمة للجماعة لأن صوتها عورة، ولا تحصل السنة بإقامتها، كما لا تحصل سنة الأذان بأذانها. وفي شرح

المدونة. أنها تقيم لنفسها، لا أنها تقيم في المساجد للجماعة. وإذا أقامت لنفسها فإنها تقيم سرا، كما أن المنفرد من الرجال يسر الإقامة. ثم قال: وما ذكره المصنف من كون الإقامة في حق المرأة حسنة أي مستحبة هو المشهور، وهو مذهب المدونة.

قال فيها: وليس على المرأة أذان ولا إقامة، وإن أقامت فحسن. قال ابن ناجي في شرح المدونة: المعروف من المذهب أن إقامتها حسنة كما قال اهـ.

ص: 171

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويندب لسامعه حكايته " أي يستحب لمن سمع المؤذن أن يحكيه، أي يندب للسامع أن يحكيه ولو قبل تمام الأذان، بأن سمع أوله فيحكيه، ثم يسبقه في ذكر باقيه. ومعنى الجواز خلاف الأولى، إذ المستحب متابعة الحاكي المؤذن قال خليل - عاطفا في الجائزات -: وحكايته قبله، وأجرة عليه أو مع صلاة، وكره عليها. قوله وأجرة عليه، قال الخرشي: أي يجوز أخذ الأجرة على الأذان وحده، أو على الإقامة وحدها، أو على أحدهما مع الصلاة فريضة أو نافلة، وسواء أكانت الأجرة من بيت المال كما فعل عمر، أو من آحاد الناس على المشهور. ومنعها ابن حبيب من آحاد الناس على الأذان. وقوله وكره عليها، يعني أنه يكره أخذ الأجرة على الصلاة أي إمامتها مفردة فرضا ونفلا على مذهب المدونة. قال ابن القاسم: وهو في المكتوبة عندي أشد كراهية، وإن وقعت صحت وحكم بها، كالإجارة على الحج، وأجازها ابن عبد الحكم، ومنها ابن حبيب كالأذان. وتجوز الصلاة خلف من يأخذ الأجرة من غير كراهة، قاله في سماع أشهب، ومحل الكراهة إذا كانت الأجرة تؤخذ من المصلين، وأما إذا أخذت من بيت المال أو من وقف المسجد فلا كراهة، لأنه من باب الإعانة لا من باب الإجازة، كما قاله ابن عرفة اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويبدل الحوقلة من الحيعلة " أي يقول لا حول ولا قوة إلا بالله بدل: حي على الصلاة حي على الفلاح. قال المصنف رحمه الله تعالى: " وفي النافلة يحكي إلى منتهى الشهادتين " يعني يستحب لمن سمعه ما زاد على الشهادتين صحت إن أبدل الحيعلتين بحولقتين، وإلا بطلت إن قالهما عمدا أو جهلا لا سهوا وحكاية لفظ: الصلاة خير من النوم يبطل حتى النفل، لأنه كلام أجنبي من الصلاة. وتكره حكاية الأذان في الفريضة أصلية كمنذورة، ويحكيه بعد فراغه. قاله العلامة صالح

ص: 172

بن عبد السميع على العزية اهـ.

وفي أقرب المسالك: وندب حكايته لسامعه لمنتهى الشهادتين على المشهور، ولو كان السامع بنفل فلا يحكي الحيعلتين، وظاهره أنه لا يحكي ما بعدهما من تكبير

وتهليل أيضا وهو المشهور. قال الصاوي عليه: فلو حكاه في النفل كله على القول الثاني ولم يبدل الحيعلتين بالحولقتين بطلت صلاته. وأما حكايته في الفرض فمكروهة مع الصحة إن اقتصر على منتهى الشهادتين، أو أبدل الحيعلتين بالحولقتين، وإلا فتبطل كما تقدم في النفل اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: " ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، اللهم اسقنا من حوضه بكأسه مشربا هنيئا سائغا رويا غير خزايا ولا ناكثين برحمتك يا أرحم الراحمين " يعني ينبغي أن يدعو بهذا الدعاء بعد الأذان لما فيه من عظيم النفع وعميم الفضل وجسيم الأجر.

قال النفراوي: ويستحب لكل من سمع الأذان أن يحكيه لمنتهى الشهادتين من غير ترجيع، كما يستحب للمؤذن والسامع أيضا أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه ثم يقول عقب الصلاة والسلام: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. والدعوة التامة هي دعوة الأذان، والصلاة القائمة هي التي ستقام، والوسيلة هي درجة في الجنة، والمقام المحمود هو الشفاعة العظمى في فصل القضاء يوم القيامة، وسائغا: سهلا، وقوله ولا ناكثين أي ناقضين عهد الإيمان اهـ مع إيضاح. وعن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول، ثم يقول: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا غفر الله له " رواه مسلم بغير هذا اللفظ. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال

ص: 173