الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة العيدين
ولما أنهى الكلام على الجمعة انتقل يتكلم على بيان صلاة العيدين فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في صلاة العيدين
أي في بيان أحكام صلاة العيدين، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى. قال رحمه الله تعالى:" صلاة العيدين سنة " أي مؤكد تلي الوتر في التأكيد، وليس أحدهما أوكد من الأخر. قاله الدردير. وفي الرسالة: وصلاة العيدين سنة واجبة أي مؤكدة على الأعيان. قال النفراوي: والدليل على سنيتها مواظبته صلى الله عليه وسلم عليها إلى أن فارق الدنيا اهـ. وقال زروق على الرسالة: يعني تجب إقامتها لأنها من السنن المؤكدة المظهرة لشعائر الإسلام. قال ابن دقيق العيد: لا خلاف أنها من الشعائر المطلوبة شرعا. وقد تواتر بها النقل الذي يقطع العذر ويغني عن أخبار الآحاد. والمشهور ما ذكر الشيخ من السنية فيهما اهـ.
ثم ذكر كيفيتها بقوله رحمه الله تعالى: " وهي ركعتان بغير أذان " وفي الرسالة: ليس فيها أذان ولا إقامة، فيصلي بهم ركعتين. وعن جابر: " صليت مع
النبي صلى الله عليه وسلم العيد بلا أذان ولا إقامة " قال ابن عبد البر: وهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " يفتتح الأولى بسبع تكبيرات مع الإحرام، والثانية بست مع القيام " يعني أن المصلي صلاة العيدين يفتتحهما بتكبيرات، يكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات ولاء إلا قدر تكبير المؤتم، يعد منها تكبيرة الإحرام، وفي
الثانية يكبر ستا مع تكبيرة القيام. وعبارة خليل: وافتتح بسبع تكبيرات بالإحرام، ثم بخمس غير القيام اهـ وفي العدوي على الخرشي: ولا يتبع الإمام إن زاد على السبع أو الخمس لأنه غير صواب، والخطأ لا يتبع فيه، سواء زاد عمدا أو سهوا. ولا يتبع أيضا في نقص، بل يكمل المأموم، هذا إذا كان الإمام مالكيا، وأما لو كان ممن يرى الزيادة على السبع ففي شرح الشبرخيتي: الظاهر أنه يزيد، وليس كتكبير الجنازة لأن تكبيرة الجنازة انعقد عليه الإجماع اهـ مع إيضاح.
ثم قال رحمه الله تعالى: " يخطب بعدها خطبتين، يفتتح كلا بتسع تكبيرات نسقا، وفي أثنائها، ويكبر الناس بتكبيره " وقوله بتسع تكبيرات، هذا ولم يحدد مالك التكبير في أول الخطبتين ولا خلالهما لعدم وروده. قال خليل في المختصر: واستفتاح بتكبير وتخللهما به بلا حد اهـ. قال الخرشي: أي وندب استفتاح الخطبتين وتخليلهما بالتكبير بلا حد في الاستفتاح بسبع، والتخليل بثلاث، بخلاف خطبة الجمعة فإن افتتاحها وتخليلها بالتحميد. وسيأتي أن خطبة الاستسقاء تكون باستغفار اهـ. وقال النفراوي: ثم بعد السلام يرقى المنبر ويخطب ندبا خطبتين كخطبتي الجمعة، في كونهما باللفظ العربي وجهرا، لكن خطبة العيد يفتتحها بالتكبير وخطبة الجمعة بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وينبغي أن تكون الخطبة الثانية مشتملة على بيان ما يتعلق بصدقة الفطر في عيد الفطر مع بيان من يطلب بإخراجها، والقدر المخرج والنوع المخرج منه، وزمن إخراجها، وفي عيد النحر على بيان ما يتعلق بالضحية، ومن يؤمر بها، وما تكون منه، والسن المجزي منها وزمن تذكيتها اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ومستحباتها كالجمعة " منها الزينة بالثياب الجديدة للقادر عليه ولو أسود، ومنها الغسل والنظافة، ومس الطيب، وقص الشارب، وتقليم
الأظفار، والسواك، وإحياء ليلته بالعبادة. فلو اتفق أن يوم الجمعة يوم عيد تزين في كل وقت بما يناسبه. ومن المستحب ما أشار به رحمه
الله بقوله: " ويستحب الأكل يوم الفطر قبل الخروج، ويوم الأضحى بعد الرجوع " وذلك لخبر الدارقطني " أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يفطر حتى يرجع ليأكل من كبد أضحيته " اهـ. وورد أيضا أن أول ما يأكل أهل الجنة عند دخولها كبد الحوت الذي عليه الأرض اهـ. قال خليل في المندوبات: وفطر قبله في الفطر، وتأخيره في النحر اهـ. قال الحطاب: وفي مختصر الوقار: يستحب للمرء أن يطعم يوم الفطر بعد صلاة الصبح شيئا من الحلو إن أمكن قبل صعوده المصلى اهـ قال في التوضيح: قال الباجي: ويستحب أن يكون فطره على تمرات، لما رواه الترمذي وحسنه " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات " زاد البغوي فيه " ويأكلهن وترا " اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال " قال مالك في المدونة: وأحب للإمام في الأضحى والفطر أن يخرج بقدر ما إذا بلغ إلى المصلى حلت الصلاة اهـ وفي الرسالة: يخرج لها الإمام والناس ضحوة بقدر ما إذا وصل حانت الصلاة، أي حلت اهـ. وقال خليل: من حل النافلة للزوال: يعني أن وقت صلاة العيدين من حل النافلة إلى زوال الشمس، فإن لم يظهر الأمر ولم يتحقق بأن اليوم يوم العيد إلا بعد الزوال لا يصلون العيد في بقية اليوم ولا في غيره، هذا في قول مالك. وفي الحديث أنهم يفطرون ويخرجون من الغد، وبه أخذ اللخمي اهـ المواق.
قال رحمه الله تعالى: " وفعلها في المصلي أفضل " يعني ينبغي أن يكون إيقاع صلاة العيدين في المصلى، إلا من كان بمكة فإيقاعها في المسجد الحرام أفضل. قال خليل: وإيقاعها به - أي المصلى - إلا بمكة فيندب في مسجدها. وقال الخرشي: أي يستحب إيقاع العيد بالمصلى ولو بالمدينة. والمراد بالمصلى الفضاء والصحراء. وصلاتها
بالمسجد من غير ضرورة داعية بدعة لم يفعله عليه السلام ولا الخلفاء بعده، هذا في غير مكة. وأما من في مكة فالأفضل أن توقع في المسجد، لا للقطع بالقبلة، بل لمشاهدة الكعبة، وهي عبادة مفقودة في غيرها، ولخبر " ينزل على هذا البيت في كل يوم مائة وعشرون رحمة، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين " اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ولا يتنفل قبلها ولا بعدها " بل ينصرف من غير تنفل. قال النفراوي: لأنه لا يتنفل قبلها ولا بعدها إذا فعلها في
الصحراء. قال خليل: وكره لمصلي العيد تنفل بمصلى قبلها وبعدها، لا بمسجد فيهما، لما في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم الأضحى فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما " وأما إن أوقعهما في المسجد فلا يكره لإمام ولا مأموم تنفل قبلها ولا بعدها؛ لأن الحديث إنما كان في الصحراء اهـ انظره في شراح خليل.
قال رحمه الله تعالى: " يخرجون مكبرين بطريق ويرجعون بغيرها " يعني أنهم يخرجون مكبرين في ذهابهم إلى المصلى، ويرجعون من طريق غير الأولى. وفي المدونة عن مالك " عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيدين من طريق ويرجع من طريق أخرى " اهـ. وفي الرسالة: ويستحب أن يرجع من طريق غير الطريق التي أتى منها والناس كذلك، إلى قوله: وليذكر الله في خروجه من بيته في الفطر والأضحى جهرا حتى يأتي المصلى، الإمام والناس كذلك، فإذا دخل الإمام للصلاة قطعوا ذلك اهـ.
وفي المدونة عن ابن عمر أنه كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره اهـ. وقال مالك: والتكبير إذا خرج لصلاة العيدين يكبر حتى يخرج إلى المصلى، وذلك عند طلوع الشمس، فيكبر
في الطريق تكبيرا يسمع نفسه ومن يليه، وفي المصلى إلى أن يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام قطع اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " ويستحب التكبير أيام النحر عقب خمس عشرة صلاة أولاهن ظهر العيد " قال في المدونة: يبدأ بالتكبير في أيام الحج دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق اهـ. وفي الرسالة: فإن كانت أيام النحر فليكبر الناس دبر الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح من اليوم الرابع منه، وهو آخر أيام منى، يكبر إذا صلى الصبح، ثم يقطع. والتكبير دبر الصلوات: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. وإن جمع مع التكبير تهليلا وتحميدا فحسن، يقول إن شاء ذلك: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وقد روي عن مالك هذا والأول، والكل واسع اهـ. وقد أشار المصنف لما تقدم بقوله رحمه الله تعالى:" ولفظه: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد " هذا ظاهر كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: " ومن أراد أن يصليها وحده صلاها على
صفتها " يعني أن من فاتته صلاة العيدين مع الإمام فله أن يصليها وحده، لا جماعة على الراجح كما في الإكليل. وحاصل ما في الحطاب أنه قال: يستحب له أن يصليها، وهل في جماعة أو أفذاذا قولان، والأصح أنه لا يجوز لهم جمعها اهـ.
صلاة الاستسقاء
ولما أنهى الكلام على صلاة العيدين وما يتعلق بها انتقل يتكلم على بيان أحكام صلاة الاستسقاء فقال رحمه الله تعالى: