الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَازِمٌ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، يَجُوزُ عَقْدُهُ مَعَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ، إلا عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ.
ــ
فإنَّه خَرَج مَخْرَجَ الغالِبِ؛ لكَوْنِ الكاتِبِ يُعْدَمُ في السَّفَرِ غالِبًا؛ ولهذا لم يَشْتَرِط عَدَمَ الكاتِبِ، وهو مَذْكُورٌ في الآيَةِ.
فصل: وهو غيرُ واجِبٍ. لا نَعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه وَثِيقَةٌ بالدَّينِ، فلم يَجِبْ، كالضَّمانِ والكِتابَةِ. وقولُ اللهِ تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} . إرْشادٌ لنا لا إيجابٌ عَلَينا، بدَلِيلِ قولِه تعالى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} . ولأنَّه أمَرَ به عندَ إعْوازِ الكِتابَةِ، وهي غيرُ واجِبَةٍ، فكذلك بَدَلُها.
1773 - مسألة: وهو (لازِمٌ في حَقِّ الرّاهِنِ، جائِزٌ في حَقِّ المُرْتَهِنِ)
لأنَّ العَقْدَ لحَقِّه وَحْدَه، فكان له فَسْخُه، كالمَضْمُونِ له. وهو لازِمٌ من جِهَةِ الرّاهِنِ؛ لأنَّ الحَظَّ لغَيرِه، فلَزِمَ مِن جِهَتِه، كالضَّمانِ في حَقِّ الضّامِنِ.
1774 - مسألة: (يَجُوزُ عَقْدُه مع الحَقِّ وبعدَه، ولا يَجُوزُ قبلَه، إلَّا عندَ أبي الخَطّابِ)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الرَّهْنَ لا يَخْلُو مِن أحْوالٍ ثَلاثَةٍ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدُها، أن يقَعَ مع الحَقِّ، فيَقُولُ: بِعْتُكَ هذا بعَشَرَةٍ إلى شَهْرٍ، تَرْهَنُنِي بها كذا. فيَقُولُ: قَبلْتُ. فيَصِحُّ ذلك. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي؛ لأَنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إلى ثُبُوتِه، فإنَّه لو لم يَعْقِدْه مع ثُبُوتِ الحَقِّ، ويَشْتَرِطْه فيه، لم يَتَمَكَّنْ مِن إلْزامِ المُشْتَرِي عَقْدَه، وكانتِ الخِيَرَةُ إلى المُشْتَرِي، والظاهِرُ أنَّه لا يَبْذُلُه، فتَفُوتُ الوَثِيقَةُ بالحَقِّ. الحالُ الثّانِي، أن يَقَعَ بعدَ الحَقِّ، فيَصِحُّ بالإِجْماعِ؛ لأنَّه دَينٌ ثابِتٌ تَدْعُو الحاجَةُ إلى الوَثِيقَةِ به، فجازَ أخْذُها به، كالضَّمانِ، ولأنَّ اللهَ تعالى قال:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} . جَعَلَه بَدَلًا عن الكِتَابَةِ، فيَكُونُ في مَحَلِّهِا، ومَحَلُّها بعدَ وُجُوبِ الحَقِّ، ولأنَّ في الآيَةِ ما يَدُلُّ على ذلك، وهو قَوْلُه تَعالى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَينٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (1). فجَعَله مَذْكُورًا بعدَها بفاءِ التَّعْقِيبِ. الحالُ الثالِثُ، أن يَرْهَنَه قبلَ الحَقِّ، فيَقُولُ رَهَنْتُك عَبْدِي هذا بعَشَرَةٍ تُقْرِضُنِيها. فلا يَصِحُّ في ظاهِرِ المَذْهَبِ. اختارَه أبو بكرٍ، والقاضِي. وذَكَر القاضِي، أنَّ أحمدَ نَصَّ عليه في روايةِ ابنِ مَنْصُورٍ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ. واخْتارَ أبو الخَطّاب أنَّه يَصِحُّ. فإذا قال: رَهَنْتُك ثَوْبِي هذا بعَشَرَةٍ تُقرِضُنِيها غَدًا.
(1) سورة البقرة 282.