الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَصِحُّ بَيعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا هِبَتُهُ، وَلَا أَخْذُ غَيرِهِ مَكَانَهُ، وَلَا الْحَوَالةُ بِهِ (1).
ــ
أنَّ في تَعْيِينِ المَكانِ غَرَضًا ومَصْلَحَةً لهما، أشْبَهَ تَعْيِينَ الزَّمَانِ، وبهذا يَبْطُلُ ما ذَكَرُوه. ثم لا يَخْلُو؛ إمّا أنْ يكونَ مُقْتَضَى العَقْدِ التَّسْلِيمَ في مكانِه، فإذا شَرَطَه فقد شَرَطَ مُقْتَضَى العَقْدِ، أو لا يكونَ ذلك مُقْتَضَى العَقْدِ، فيَتَعَيَّنُ ذِكْرُ مكانِ الإِيفاءِ، نَفْيًا للجَهالةِ عنه، وقَطْعًا للتَّنازُعِ، فالغَرَرُ في تَرْكِه لا في ذِكْرِه. وتَعْيِينُ المِكْيَالِ يُفارِقُ هذا، فإنّه لا حاجَةَ إليه، ويَفُوتُ به عِلْمُ المِقْدارِ المُشْتَرَطِ لصِحَّةِ العَقْدِ، ويُفْضِي إلى التَّنَازُعِ، وفي مسألتِنا لا يَفُوتُ به شَرْطٌ، ويَقْطَعُ التَّنازُعَ، فالمَعْنَى المانِعُ من التَّقدِيرِ بمِكْيالٍ بعَينِه مَجْهُولٍ هو المُقْتَضِي لذِكْرِ مكانِ الإِيفاءِ، فكيفَ يَصِحُّ قِياسُهم عليه؟.
1748 - مسألة: (ولا يَجُوزُ بَيعُ المُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه، ولا هِبَتُه، ولا أَخْذُ غَيرِه مكانَه، ولا الحَوالةُ به)
لا يَجُوزُ بَيعُ المُسْلَمِ فيه
(1) بعده في النسخة الخطية: «ولَا يَجُوزُ بَيعُ كُلِّ دَينٍ غَيرِ مُسْتَقِرٍّ لِمَنْ هْوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلِغَيرِهِ» . ولم نجده في غيرها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ قَبْضِه، بغَيرِ خِلافٍ عَلِمْناهُ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيعِ الطَّعامِ قبلَ قَبْضه، وعن رِبْحِ ما لم يَضْمَنْ (1). ولأنَّه مَبِيعٌ لم يَدْخُلْ في ضَمانِه، فلم يَجُزْ بَيعُه، كالطَّعام قبلَ قَبْضِه. وكذلك التَّوْلِيَةُ والشَّرِكَةُ. وبهذا قال أكثَرُ أهلِ العِلْمِ. وحُكِيَ جَوازُ الشَّرِكَةِ والتَّوْلِيَةِ عنِ مالِكٍ؛ لما رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه نَهَى عن بَيعِ الطَّعَامِ قبلَ قَبْضِه، وأرْخصَ في الشَّرِكَةِ والتَّوْلِيَةِ (2). وقِياسًا على الإِقالةِ. ولَنا، أنَّها مُعَاوَضَةٌ في المُسْلَمِ فيه قبلَ القَبْضِ، فلم يَصِحَّ، كما لو كانت بلَفْظِ البَيعِ. ولأنَّهُما نَوْعَا بَيعٍ، فلا يَجُوزُ في (3) السَّلِمِ قبلَ قَبْضِه، كالنَّوْعِ الآخَرِ. والحَدِيثُ لا نعْرِفُه، وهو حُجَّةٌ لَنَا؛ لأَنَّه نَهَى عن بَيعِ الطَّعَامِ قبل قَبْضِه، والشَّرِكَةُ والتَّوْلِيَةُ بَيعٌ، فيَدْخُلانِ في النَّهْي. ويُحْمَلُ قَوْلُه: وأَرْخَصَ في الشَّرِكَةِ والتَّوْلِيَةِ. على أنّه أرْخَصَ فيهما في الجُمْلَةِ، لا في هذا المَوْضِعِ. وأمّا
(1) تقدم تخريجه في 11/ 216.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب التولية في البيع والإِقالة، من كتاب البيوع. المصنف 8/ 49.
(3)
في م: «فيه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإِقَالةُ فإنَّها فَسْخٌ، وليست بَيعًا. [ولا يَجُوزُ هِبَتُه، قِياسًا على البَيعِ](1). وأمّا أخْذُ غَيرِه مكانَه فهو أنْ يَأْخُذَ غيرَ المُسْلَمِ فيه عِوَضًا عن المُسْلَمِ فيه. وذلك حَرامٌ، سواءٌ كان المُسْلَمُ فيه مَوْجُودًا أو مَعْدُومًا، وسواءٌ كان العِوَضُ مثلَ المُسْلَمِ فيه في القِيمَةِ، أو أقَلَّ، أو أكْثَرَ. وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والشافعيُّ. وذَكَرَ ابنُ أبي مُوسَى رِوايَةً في مَن أسْلَمَ في بُرٍّ، فعَدِمَه عند المَحِلِّ، فرَضِيَ أنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا مثلَه، جازَ. وذلك مَحْمُولٌ على أنّ البُرَّ والشَّعِيرَ جِنْسٌ. والصَّحِيحُ في المَذْهَبِ خِلافه. وقال مالِكٌ: يَجُوزُ أنْ يَأْخُذَ غيرَ المُسْلَمِ فيه مكانه، يَتَعَجَّلُه ولا يُؤَخِّرُه إلَّا الطَّعامَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: وقد ثَبَتَ أنَّ ابنَ عَبّاسٍ قال: إذا أسْلَمْتَ في شيءٍ إلى أجَلٍ، فإن أخَذْتَ ما أَسْلَفْتَ فيه، وإلَّا فَخُذْ عِوَضًا أَنْقَصَ منه،
(1) سقط من: ر 1، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا تَرْبَحْ مَرَّتَينِ. رَواهُ سَعِيدٌ في «سُنَنِه» . ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَسْلَمَ في شَيْءٍ، فلا يَصْرِفْه إلى غَيرِه» . رَواهُ أبو دَاوُدَ، وابنُ ماجَه (1). ولأنَّ أخْذَ العِوَضِ عن المُسْلَمِ فيه بَيعٌ له، فلم يَجُزْ، كبَيعِه لغَيرِه.
فصل: ولا تَجُوزُ الحَوَالةُ به؛ لأنَّها إنّما تَجُوزُ على دَينٍ مُسْتَقِرِّ، والسَّلَمُ بعَرَضِ الفَسْخِ، فليس بمُسْتَقِرٍّ. ولأنَّه نَقْلٌ للمِلْكِ في المُسْلَمِ فيه على غيرِ وَجْهِ الفَسْخِ، فلم يَجُزْ، كالبَيعِ. ومعنى الحَوالةِ به (2)،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 251.
(2)
سقط من: م.