الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ احْتَاجَ الزَّرْعُ أو الثَّمَرَةُ إِلَى سَقْيٍ، لَمْ يَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ، وَلَمْ يَمْلِكْ مَنْعَ الْبَائِعِ مِنْهُ.
ــ
1710 - مسألة: (وإنِ احْتَاجَ الزَّرْعُ أو الثَّمَرَةُ إلى سَقْي، لم يَلْزَمِ المُشْتَرِيَ، ولم يَمْلِكْ مَنْعَ البائِعِ منه)
إذا كانت الثَّمَرَةُ للبائِع مُبَقَّاةً في شَجَرِ المُشْتَرِي، فاحْتَاجَتْ إلى سَقْي، لم يكُنْ للمُشْتَرِي مَنْعُه؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه يَبْقَى به؛ فَلَزِمَه تَمْكِينُه منه، كتَرْكِهِ على الأصُول. وإنْ أرادَ سَقْيَها من غيرِ حاجَةٍ، فللمُشْتَرِي مَنْعُه؛ لأنَّ سَقْيَهُ يَتَضَمَّنُ التَّصَرُّفَ في مِلْكِ غَيرِه، والأصْلُ مَنْعُه منه، وإنّما أبحْنَاهُ للحاجَةِ، فما لم تُوجَدِ الحاجَةُ يَبْقَى على أصْلِ المَنْعِ. وإنِ احْتَاجَتْ إلى سَقْي يَضُرُّ بالشَّجَرِ، أو احْتَاجَ الشَّجَرُ إلى سَقْيٍ يَضُرُّ بالثَّمَرَةِ. فقال القاضِي: أيهما طَلَبَ السَّقْيَ لحاجَتِه أجْبِرَ الآخَرُ عليه؛ لأنه دَخَلَ في (1) العَقْدِ على ذلك، فإنَّ المُشْتَرِيَ اقْتَضَى عَقْدُه تَبْقِيَةَ الثمَرَةِ، والسَّقْيُ من تَبْقِيَتها، واقْتَضَى تَمْكِينَ المُشْتَرِي من حِفْظِ الأصُولِ، وتَسْلِيمِها، فَلَزِمَ كلَّ واحِدٍ منهما ما أوْجَبَهُ العَقْدُ للآخَرِ، وإنْ أضَرَّ به. وإنَّما له أنْ يَسْقِيَ بِقَدْرِ حاجَتِه، وإنِ اخْتَلَفَا في ذلك، رُجِعَ إلى أهْلِ الخِبْرةِ. وأيهُما التمَسَ السَّقْيَ فالمُؤنَةُ عليه؛ لأنَّه لحاجَتِه.
فصل: وإن خِيفَ على الأصُولِ الضَّرَرُ بتَبْقِيَةِ الثَّمَرَةِ عليها، لعَطَشْ أو غيرِه، والضَّرَرُ يَسِير، لم يُجْبَرْ على قَطْعِها؛ لأنَّها مُسْتَحِقَّة للبَقَاءِ، فلم يُجْبَرْ على إزَالتِها لدَفْعِ ضَرَر يَسِير عن غيرِه. وإنْ كان كَثِيرًا، فخِيف على الأصُولِ الجَفافُ، أو نَقْصُ حَمْلِها، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يُجْبَرُ لذلك (2). والثاني، يُجْبَرُ على القَطْعِ، لأنَّ الضَّرَرَ يَلْحَقُها وإنْ لم تُقْطَعْ، والأصُولُ تَسْلَمُ بالقَطْعِ، فكان القَطْعُ أوْلَى. وللشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ،
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «كذلك» . وفي ر 1: «بذلك» .
فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَلَا الزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ، إلا بِشرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ.
ــ
كالوَجْهَينَ.
فصل: (ولا يَجُوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، ولا الزَّرْعِ قبلَ اشْتِدادِ حَبِّه، إلَّا بشَرْطِ القَطْعِ في الحالِ) لا يَجُوزُ بَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُو صَلاحِها بشَرْطِ التبقِيَةِ إجْماعًا؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بيع الثِّمَارِ حتى يَبْدُوَ صَلَاحُها. نَهَى البائِعَ والمُبْتَاعَ. مُتَّفَقٌ عليه (1). والنَّهْيُ يَقتَضِي فسادَ المَنْهِيِّ عنه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على القَوْلِ بجُمْلَةِ هذا الحَدِيثِ.
(1) تقدم تخريجه في 6/ 366.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وكذلك الزَّرْعُ الأخْضَرُ في الأرْضِ، لا يَجُوزُ بَيعُه إلَّا بشَرْطِ القَطْعِ، كما ذَكَرْنَا في الثَّمَرَةِ على الأصُولِ؛ لِما رَوَى مُسْلِمٌ (1) أنّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيعِ السُّنْبُلِ حتى يَبْيَضَّ ويأمَنَ العاهَةَ. نَهَى البائِعَ والمُشْتَرِيَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: ولا أعْلَمُ أحَدًا يَعْدِلُ عن القَوْلِ به. وهو قولُ مالِك، وأهْلِ المَدِينَةِ، وأهْلِ البَصْرَةِ، وأصحَابِ الحَدِيثِ، وأصْحابِ الرَّأي. فإنْ باعَهُ بشَرْطِ القَطْعِ، أو باعَ الثَّمَرَةَ قبل بُدُوِّ صَلاحِها بشَرْطِ القَطْعِ، صَحَّ بالإجْماعِ، لأنَّ المَنْعَ إنَّما كان خَوْفًا من
(1) تقدم تخريجه في 11/ 130.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَلَفِ الثَّمرَةِ وحُدُوثِ العاهَةِ عليها قبلَ أخْذِها؛ لِما رَوَى أنَسٌ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بَيعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ (1)، قال:«أرَأيتَ إذا مَنَع اللهُ الثَّمَرَةَ بِمَ يَأخُذُ أحَدُكُم مال أخِيهِ؟» . رَواهُ البُخَارِيُّ (2). وهذا مَأمُونٌ فيما يُقْطَعُ، فصَحَّ بَيعُه، كما لو بَدَا صَلَاحُه.
فصل: وإذا اشْتَرَى رَجُلٌ نِصْفَ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، أو نِصْفَ الزَّرْعِ قبلَ اشْتِدادِ حَبِّه مُشاعًا، لم يَجُزْ، سَواءٌ اشْتَرَاها من رَجُل، أو من أكثرَ منه، وسَواء شَرَطَ القَطْعَ أو لم يَشْرُطْه؛ لأنه لا يُمْكِنُه قَطْعُه إلَّا بقَطْعِ ما لا يَمْلِكُه، فلم يَصِحَّ اشْتِراطُه.
(1) في م: «تزهو» .
(2)
في: باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. . . .، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 101.
كما أخرجه مسلم، في: باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1190. والنسائي، في: باب شراء الثمار قبل أن يبدو صلاحها. . . .، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 232. والإمام مالك، في: باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، من كتاب البيوع. الموطأ 2/ 618.