الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا، أو بِشَرْطِ التبقِيَةِ، لَمْ يَصِحَّ،
ــ
جِذاذُ الثَّمَرَةِ إذا اشْتَراها في شَجَرِها؛ لأنَّ نَقْلَ المَبِيعِ وتَفْرِيغَ مِلْكِ البائِعِ منه على المُشْتَرِي، كنَقْلِ الطَّعامِ المَبِيعِ من دارِ البائِعِ. ويُفارِقُ الكيلَ والوَزْنَ، فإنَّهما على البائِعِ؛ لأنَّهُما من مُؤنَةِ تَسْلِيم المَبِيعِ إلى المُشْتَرِي، والتَّسْلِيمُ على البائِعِ، وههُنا حَصَلَ التَّسْلِيمُ بالتَّخْلِيَةِ بدونِ القَطْعِ، بدَلِيلِ جَوازِ التَّصَرُّفِ فيها. وهذا مَذْهَبُ أبي حَنِيفَةَ، والشّافِعِيِّ، ولا نَعلَمُ فيه خِلافًا.
1713 - مسألة: (فإن باعَهُ مُطْلَقًا، أو بشَرْطِ التبقِيَةِ، لم يَصِحَّ)
إذا باعَ الثَّمَرَةَ قبلَ بُدُوِّ (1) صَلاحِها، أو الزَّرْعَ قبلَ اشْتِدادِ حَبِّهِ، بشَرْطِ التبقِيَةِ، لم يَصِحَّ إجْمَاعًا، وقد ذَكَرْنَاهُ. وكذلك إذا باعَها ولمِ يَشْتَرطْ تَبْقِيَةً ولا قَطْعًا. وبه قال مالِك، والشّافِعِيُّ. وأجازَهُ أبو حَنِيفةَ؛ لَأنَّ إطْلَاقَ العَقْدِ يَقْتَضِي القَطْعَ، فَحُمِلَ عليه، كما لو اشْتَرَطَه، قالُوا: ومَعْنَى النَّهْي أنْ يَبيعَها مُدْرِكَةً قبلَ إدْرَاكِها، بدَلِيلِ قَوْلِه في الحَدِيثِ: «أرَأيتَ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأخُذُ أحَدُكُمْ مال أخِيهِ؟» (1) فلَفْظَةُ المَنْعِ تَدُلُّ على أنَّ العَقْدَ يَتَناوَلُ مَعْنى هو مَقْصُودٌ في الحالِ، حتى يُتَصَوَّرَ المَنْعُ. ولَنا، النَّهْيُ المُطْلَقُ عن بَيعِ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، فيَدْخُلُ فيه مَحَلُّ النّزاعِ، واسْتِدْلالُهم بسِياقِ الحَدِيثِ يَدُلُّ على هَدمِ قاعِدَتِهم التي قَرَّرُوها، في أنّ إطْلاقَ العَقْدِ يَقْتَضِي القَطْعَ، ويُقَرِّرُ ما قُلْنا، من أنَّ إطْلَاقَ العَقْدِ يَقْتَضِي التبقِيَةَ، فيَصِيرُ العَقْدُ المُطْلَقُ كالذي شُرِطَ فيه التبقِيَةُ، يَتَناوَلُهما النَّهْي جَمِيعًا، ويَصِحُّ تَعْلِيلُهما بالعِلَّةِ التي عَللَ بها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من مَنْعِ الثَّمَرَةِ وهَلاكِها.
فصل: وبَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها من غيرِ شَرْطِ القَطْعِ على ثَلاثَةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، أنْ يَبِيعَها مُنْفَرِدَةً لغَيرِ مالِكِ الأصْلِ، فلا يَصِحُّ. وهذا الذي ذَكَرْناه، وبَيَّنَّا بُطلانَه. الثاني، أنْ يَبِيعَها مع الأصلِ، فيَجُوزُ بالإِجْماعِ؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ باعَ نَخْلًا بَعْدَ أنْ تُؤبَّرَ، فَثَمَرَتُها للذي باعَهَا، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ (2) المُبْتَاعُ» . مُتَّفَقٌ عليه (3). ولأنَّه إذا باعَها مع الأصْلِ حَصَلَتْ تَبَعًا في البَيعِ، فلم يَضُرَّ احْتِمالُ الغَرَرِ فيها، كما
(1) تقدم تخريجه في صفحة 172.
(2)
في الأصل: «يشترطها» .
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 304.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
احْتُمِلَتِ الجَهالةُ في بَيعِ اللَّبَنِ في الضَّرْعِ مع بَيعِ الشَّاةِ، وأساساتِ الحِيطانِ. الثالِثُ، أنْ يَبِيعَها مُفْرَدَةً لمالِكِ الأصلِ، نحوَ أنْ تكونَ للبائِعِ، ولم يَشْتَرِطْها المُبْتَاعُ، فيَبِيعَها له بعد ذلك، أو يُوصِيَ لرَجُل بثَمَرَةِ نَخْلَةٍ فيَبِيعَها لوَرَثَةِ المُوصِي، ففيه وَجْهانِ؛ أحدُهما، يَصِحُّ. وهو المَشْهُورُ عن مالِك، وأحَدُ الوَجْهَينِ لأصحابِ الشّافِعِيّ؛ لأنَّه يَجْتَمِعُ الأصلُ والثَّمَرَةُ للمُشْتَرِي، أشْبَهَ ما لو اشْتَرَاهُما معًا. ولأنه إذا باعَها لمالِكِ الأصْلِ، حَصَلَ التَّسْلِيمُ إلى المُشْتَرِي على الكَمالِ؛ لكَوْنِه مالِكًا لأصُولِها، فَصَحَّ، كبَيعِها مع أصْلِها. والثاني، لا يَصِحُّ. وهو الوَجْهُ الثانِي لأصْحابِ الشّافِعِيِّ؛ لأنَّ العَقْدَ تَنَاوَلَ الثمرَةَ خاصَّة، والغَرَرَ فيما تَنَاوَلَه العَقْدُ أصْلًا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، كما لو كانتِ الأصُولُ لأجنَبِي، ولأنها تَدْخل في عموم النَّهْي، بخِلافِ ما إذا باعَهُما معًا، فإنّه مُسْتَثنى بالخَبَرِ المَذْكُورِ، ولأنَّ الغَرَرَ فيما يَتَنَاوَلُه العَقْدُ أصْلًا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، ولا يَمْنَعُ إذا تَناوَلَه تبعًا، فإنَّه يَجُوزُ في التابع من الغَرَرِ هما لا يَجُوزُ في المَتْبُوعِ، كاللَّبَنِ في الضَّرْعِ، والحمْلِ مع الشّاةِ، وغيرِهما. وإنْ باعَهُ الثَّمَرَةَ بشَرْطِ القَطعِ في الحالِ، صَحَّ، وَجْهًا واحِدًا، ولا يَلْزَمُ المُشْتَرِيَ الوَفاءُ بالشَّرْطِ، لأنَّ الأصلَ له.